خَطْــبٌ دهَـى الإسـلامَ دامي المَشْهَــدِ |
نشــرَ التفجُّعَ والأســى فـــي الأكْبُـدِ |
لا الصبـرُ سَهْــلٌ فــي مواسمِهِ، ولا |
يُجْـــدي ثَبَــاتُ النَّاصِـــحِ المُتَجَلِّــدِ |
تمضي القـرونُ ولا يَـزُولُ لـهُ صَــدَىً |
يُــدمي الضَّميـرَ برَجْعِــهِ المُتَــــردِّدِ |
فإذا بشَــلاَّلِ الــدَّمِ المُنْســابِ مــنْ |
جُــرْحِ الحسيـنِ يَمُــرُّ وَهْـجَ تَوَجُّـــدِ |
ويعيــشُ في عُمْــرِ الخيــالِ قصيـدةً |
عَصْمــاءَ تَعْبَــقُ بالفــــدى والسُّـؤْدَدِ |
تلكَ المـــلاحمُ لا نـــزالُ نُعيـــدُها |
إيمـــانَ تضحيــةٍ ونَهْــجَ تَجَــــدُّدِ |
حيثُ الشهادةُ والمُـــرُوءةُ والفــــدى |
مُثُـــلٌ بمعنـــاها البصائــرُ تهتــدي |
ولَئِــنْ طَوَى السِّبــْطُ الشَّهيـدُ بكَرْبَـلا |
صَرْحَ التَسَلُّــطِ فـي الزمــانِ الأبْعَـــدِ |
فلقَـــدْ أُعِيدَ يزيـــدُ ثانيـــةً على |
خَيْلٍ مُطَهَّمَـــةٍ، يــروحُ ويغتـــدي |
يخْتَــالُ، يَجْهَـــرُ بالفسادِ مُنَصِّبـــاً |
في الأرضِ شُرْعَــــةَ ظالــمٍ مُتَفـَرِّدِ |
فالعيشُ مُـــرٌّ، والبُطُــونُ تَضَـوَّرَتْ |
جُوعاً وشكوى مـــنْ نُضــوبِ المَوْرِدِ |
وجهادُنا -عَـَـرقُ الجِباهِ- يَغِــــلُّـهُ |
جَشَــــعُ الفَسَادِ المُطْبِـقِ المُتَوَطِّــدِ |
والسَّائسونَ أمورَنـــا انكفَــأُوا إلَـــى |
جَمــْعِ المَغَانِــمِ والنَّعيمِ الأرْغَــــدِ |
أكلُوا مَبَاهِجَنا التي انقلبَــــتْ أســـىً |
وتخطَّفُوا مــنْ عمــرِنا حُلُمَ الغَـــدِ |
والعُرْبُ في الزمــنِ الــرَّديءِ تَفَرَّقُـوا |
وعداتُهُــمْ ماضُـــونَ نَحْــوَ تَوَحُّـدِ |
فارْبَــدَّ وَجْـــهُ القُــدْسِ يشكُو غُرْبَةً |
قادتْــهُ نَحْوَ مصيــــرِهِ المُتَهَـــوِّدِ |
والمسجدُ الأقصــى المُسَوَّرُ بالعِــدى |
يشكـو أذى المُسْتَـوطنِ المُتَشَـــــدِّدِ |
ورُوَاقُــهُ المهجُورُ يـروي باكــــياً |
مأســـاةَ شَعْــبٍ مُنْهَـــكٍ ومُشَـرَّدِ |
نَثَـــرُوهُ في مَنْفَــى الشَّتَاتِ وأنْفَــذُوا |
فيـــهِ غَــرِيـزَةَ قاتــــلٍ مُتَعَمِّـدِ |
ودَعَـــوهُ منْ وَهْـمِ السَّلامِ إلى الرَّدى |
وإلى دُجَـــى سِجْـنٍ وغُرْبَــةِ مبْعَـدِ |
وعلى العراقِ طَغَــى الغُزاةُ وعَرْبَــدُوا |
والعُـــــرْبُ بَينَ مُصَفِّـقٍ ومُؤَيِّــدِ |
وطَلَوا بلَــــونِ القَـارِ عَارَ وُجُوهِهِـمْ |
منْ لَعْنَــــةِ التَّاريخِ والفِعْـلِ الــرَّدي |
فبكى الحسينُ، وقَــــدْ رأى عَتَبَاتِــهِ |
لَبِسَتْ مُسُـــوحَ الحُزْنِ بَعْـدَ العَسْجَــدِ |
ورَثَى لرؤيــةِ أُمَّــةٍ جَوْعَى علـــى |
بَحْـــرٍ مـنَ الذَّهَبِ النَّفِيسِ الأســـْوَدِ |
تَــرْنُــو إلى جَــلاَّدِهَا بتَذَلُّــــلٍ |
وتُبيـحُ ثَرْوَتَهـــا ِلَغَـــازٍ مُعْتَـــدِ |
فعَلَيكَ يا كَبْشَ الفِـــدَاءِ المُرْتَجَــــى |
لخَلاصِنا مـــنْ ظُلْمِ كُــــلِّ مُسَـوَّدِ |
أنْـــدَى السَّلامِ يَمــُرُّ في الطَّـفِّ التي |
منْ جُرْحِهـــا الدَّامِي الكَرَامَةُ تَبْتَــدي |
وعلى ثَرَاهــا نَنْحَنـــِي بتَهَيُّــــبٍ |
كُرْمَــــى لعِزَّةِ أهلِ بَيْـــتِ مُحَمَّـدِ |