تواجدك في ساحات الجهاد جدير بتحصين صومك ليجعله الصوم الحقيقي، المنطلق من حصن الإرادة المستعصي على دوائر جذب الشيطان وشباكه بهارج الدنيا.
وأخيراً طرقنا باب شوال، دخلنا منزله، نتجوّل في أرجائه، ونتفكر في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار.
قيل: شوال ، شهر شالت فيه الذنوب، وزالت، ببركة ضيافة الرحمن، وجوائز العيد.
أيها العزيز، إذا دعوت عزيزاً لضيافتك، هل ترضى أن يخرج من ساحة كرمك صفر اليدين خالي الوفاض.
فكيف إذا كنت إنما دعوته لتكرمه، وتجزل له العطاء.
وهب أنك وجدت في تصرفه معك خللاً، ألا تحرص على جبر هذا الخلل، وتغضّ الطرف عنه، عملاً بمبدإحُسن الضيافة وأنت صاحب البيت.
فكيف يا ترى بضيافة أكرم الأكرمين المطلق، الخالق الأرأف، والأرحم.
حاش لله أن نخرج من ضيافته كما دخلنا، لا استحقاقاً منا، بل تفضلاً منه وكرماً، وهو يعطي من سأله ومن لم يسأله، بل يعطي من لم يعرفه تحنناً منه ورحمة.
أيها العزيز: يحق لك أن تظن بأن حصيلتك من شهر رمضان، من ضيافة الرحمن، مميزة، وعيديتك لا تضاهى، خاصةً إذا كنت بذلت جهدك ما استطعت.
المؤمنين الذين ليسوا في ساحات الجهاد، أن يأملوا ويطمعوا، فكيف بك أنت وحب الله تعالى للذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص، يضيف إلى أمَلِك آمالاً.
وتواجدك في ساحات الجهاد جدير بتحصين صومك ليجعله الصوم الحقيقي، المنطلق من حصن الإرادة المستعصي على دوائر جذب الشيطان وشباكه بهارج الدنيا.
حاشا كرم الكريم أن ينسلخ عن شهر رمضان، إلا وقد انسلخنا من ذنوبنا.
بلى، حتى نحن أصحاب المعاصي، ولاشرط!
أما أن يعلو القلب انكسار، فهو البشارة بفيض إحسان متميز، فشتان بين الرضا، وبين المجالسة، ألا ترى في تعبير" عند المنكسرة قلوبهم" هذه الرسالة.
لم يشرع الصوم إلا ليلحق المقصرون، وليبلغ العِباد المشاكسون الذين فاتتهم القافلة.
وحاشا كرم الكريم أن يكون زادك أيها المجاهد إلا خير الزاد.
ماذا أنت الآن فاعل ، وهل ستحرص على جوائز العيد، وتحافظ عليها، أم أنك لا سمح الله ستقامر بها، وتبددها.
كلنا أمام هذا الإمتحان، ولكن امتحانك مميز، كما هي جوائزك مميزة، أنت بعد شهر رمضان غيرك قبله، وفيه، كيوم براءتك لحظة بدء رحلة الحياة.
وما راءٍ كمن سمعا.. فتلطف بدعوة لمن لم يحسن حتى السمع، وإن ظن أنه يحسن صنعاً.
ومن يمدد له الكريم بسبب، فهو كريم.
ودمت مؤيداً.
والحمد لله رب العالمين.