حديثُ الإمام الصادق عليه السلام عن جبل عامل:
«بلدةٌ بأعمال الشّقيف أرنون..»
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ
عندَ تعدادِه للأسباب الدّاعية إلى تأليفِ كتابِه المعروف والقَيِّم، (أمل الآمل في علماء جبل عامل) قال الشيخ الحرّ العامليّ، محمّد بن الحسن (ت: 1104 للهجرة) ما لفظُه:
«سابعُها: ما وجدتُه بخطِّ بعضِ علمائنا، ونقلَ أنَّه وَجَده بخطِّ الشّيهد الأوَّل، نقلاً من خطِّ ابن بابويه عن الإمام الصّادق عليه السلام، أنّه سُئل كيف يكونُ حالُ النَّاس في حال قيامِ القائم عليه السلام، وفي حال غيبتِه، ومَنْ أولياؤه وشيعتُه من المصابين منهم، المُمتَثِلين أمرَ أئمَّتهم، والمُقتَفِين لآثارِهم، والآخذين بأقوالهم؟
قال عليه السلام: بلدةٌ بالشّام.
قِيل: يا ابنَ رسول الله، إنَّ أعمالَ الشّام متَّسعة؟
قال عليه السلام: بلدةٌ بأعمال الشّقيف أرنون، وبيوتٌ وربوعٌ تُعرَف بسواحلِ البحار، وأوطئةِ الجبال.
قِيلَ: يا ابنَ رسول الله، هؤلاء شيعتُكم؟
قال عليه السلام: هؤلاء شيعتُنا حقّاً، وهم أنصارُنا وإخوانُنا، والمواسون لِغَريبِنا والحافظون لسرِّنا، واللَّيِّنةُ قلوبُهم لنا، والقاسيةُ قلوبُهم على أعدائنا، وهم كَسُكَّان السّفينة في حالِ غيبتِنا، تمحلُ البلادُ دونَ بلادِهم [البلدُ الماحل، هو الذي ينقَطع فيه المطر وييبسُ فيه العُشب]، ولا يُصابون بالصَّواعق، يأمرون بالمعروفِ وينهَون عن المنكر، ويَعرفون حقوقَ الله، ويُساوون بين إخوانِهم، أولئك المرحومون المغفورُ لحَيِّهم وميِّتِهم، وذَكَرِهم وأُنثاهم، ولأسوَدِهم وأبيَضِهم، وحُرِّهم وعَبْدِهم، وإنَّ فيهم رجالاً ينتظرون، واللهُ يحبُّ المنتظِرين».
ثمّ علَّقَ الحرُّ العامليّ رضوان الله عليه بالقول: «فهذا الحديث، وإنْ لم أَجِده في كتابٍ معتمَد، لكنّه لم يتضمَّن حكماً شرعيّاً، وهو مؤيِّدٌ للوجوه السَّابقة [الوجوه الستّ السابقة في دواعي تأليف الكتاب]، وهي مؤيِّدةٌ له، وقرائنُ على ثبوتِ مضمونِه.
ولا يَخفى أنَّ المغفور لهم [أي العلماء المترجَم لهم في كتابه] كلّهم، هم أصحاب الصّفات المذكورة فيهم، وهم بعضهم أو أكثرهم، وأنَّ المدحَ والذّمّ من المقامات الخطابيّة، يحسنُ فيها المبالغةُ والبناءُ على الأغلب، وله نظائرُ كثيرة».
____________________________
* نقلاً عن موقع (مركز الفقيه العاملي لإحياء التّراث) الإلكتروني alameleya.org