الذّكر بعد الصّلاة
أفضلُه تسبيح الزّهراء عليها السّلام
_____المحقِّق الحلّيّ قدّس سرّه_____
أفضل التّعقيب وفقاً لما ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام هو تسبيح الزّهراء عليها السّلام، وكذلك التّسبيحات
الأربع ثلاثين مرّة، هذا ما تحدَّث عنه المحقِّق الحلّيّ في الجزء الثّاني من كتابه
(المعتبَر في شرح النّافع المُختصَر).
[من مندوبات الصّلاة] التّعقيب، سواء كان ممّا ورد به الأثر أو غيره ممّا يختار
الإنسان لدينِه ودنياه، لكنَّ ما ورد به الأثر أفضل ".."
روى أنَسٌ قال: جاءت أمُّ سليمان إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله فقالت: يا رسولَ
الله، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال: اِحمدي الله عشراً، وسبِّحي اللهَ
عشراً، ثمّ اسألي ما شئتِ. [وفي الاستلادل على جواز الدّعاء بما لم يرِد به
الأثر أنّ] أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وآله كانوا يدعون بما لم يتعلَّموه ولم يُنكره [صلّى الله عليه وآله]، والتّابعون
بعده كذلك ولم يَتناكروه.
وقال النّبيّ صلّى الله عليه وآله لرجلٍ: ما تقول في صلاتِك؟ قال: أشهدُ ثمّ أسألُ اللهَ الجنّة وأعوذُ
به من النّار، وصوَّبه [رسول الله صلّى الله عليه وآله].
ومن طريق الأصحاب روايات، منها ما رواه زرارة، عن أبي جعفر [الباقر] عليه السّلام: قال: «الدُّعاء بعد الفريضة
أفضل من الصَّلاة تَنَفُّلاً»، وعن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله [الصّادق]
عليه السّلام قال: «التّعقيبُ أبلغ في طَلَبِ الرِّزق من الضَّرب في البلاد».
قال الرّاوي: يعني بالتّعقيب الدُّعاء عقيب الصّلوات، والأذكار المنقولة في
ذلك كثيرة أفضلها تسبيح الزّهراء عليها السّلام، وإنَّما نُسِبَ إليها لأنَّها السّبب في تشريعه. روى صالح بن عقبة، عن أبي
جعفر عليه السّلام قال: «ما عُبِدَ اللهُ بشيءٍ أفضل من تسبيح الزّهراء عليها السّلام، ولو كان شيءٌ أفضل
منه لَنَحلَهُ رسول الله صلّى الله عليه وآله فاطمة عليها السّلام»، وكان يقول: «تسبيح فاطمة عليها السّلام في كلِّ يومٍ دُبر كلّ صلاةٍ أحبُّ
إليَّ من صلاة ألف ركعة في كلِّ يومٍ».
وروى محمّد بن عذافر قال: «دخلتُ مع أبي على أبي عبد الله عليه السّلام، فسأله
عن تسبيح فاطمة عليها السّلام، فقال: اللهُ أكبر، حتّى عدَّ أربعاً وثلاثين
مرّة، ثمّ قال: الحمدُ لله، حتّى بلغ سبعاً وستِّين، ثمَّ قال: سبحان الله،
حتّى بَلغ مائة، يُحصيها مائة بيده جملةً واحدة».
وروى أبو بصير قال: «يبدأ بالتّكبير أربعاً وثلاثين، ثمّ بالحمد ثلاثاً وثلاثين،
ثمّ بالتّسبيح ثلاثاً وثلاثين». ومثله رَووه عن كعب بن عجرد قال: «قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله: معقِّبات لا يَخيب [لا يحسب] قائلُهُنَّ دُبرَ كلّ صلاة مكتوبة:
ثلاثاً وثلاثون تسبيحة، وثلاثاً وثلاثون تحميدة، وأربعاً وثلاثون تكبيرة».
[ورُوي أنّ نفراً من الفقراء جاؤوا] إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله،
وقالوا: ذهب أهلُ [الدّثور] من الأموال بالدّرجات العُلى والنّعيم المُقيم، يُصلُّون
كما نصلِّي، ويَصومون كما نصوم، ولهم فضولُ أموال يحجُّون بها ويَعتمرون ويَتصدَّقون،
فقال: أَلا أُحدِّثكُم بحديثٍ إنْ أخذتُم به أدركتُم مَن سَبَقَكُم، ولمْ يُدرككُم
أحدٌ بعدكُم، وكنتُم خير مَن أنتُم بين ظهرانِيهم إلَّا مَن عَمِلَهُ بمثلِه؟ تُسبِّحون
وتَحمدون وتُكبِّرون خلف كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، [تقولون]: سبحانَ الله
والحمدُ لله ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبر، حتّى يكون منهنّ كلّهنّ ثلاثاً وثلاثين.
وروى أبو بصير قال: «قال أبو عبد الله عليه السّلام: إنَّ رسول الله عليه
السّلام قال لأصحابه: أرأيتُم لو جمعتُم ما عندكم من الثّياب والآنية ووضعتُم بعضَه
على بعضٍ، تَرَوْنَه يبلغ السَّماء؟ قالوا: لا يا رسول الله، فقال: يقول أحدُكم
إذا فَرغ من صلاته: سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ ثلاثين
مرّة، وهنَّ يَدفَعْنَ الهدمَ، والغَرَقَ، والحرقَ، والتَّردِّي في البئر، وأكل السّبع،
ومِيتةَ السّوء، والبليّة الّتي تنزل من السّماء على العبد في ذلك اليوم..».
وعن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «مَن سبَّح تسبيح الزَّهراء عليها السّلام قبل أن يَثني رجلَيه من
صلاة الفريضة غَفَرَ اللهُ له، ويبدأ بالتّكبير».