تاريخ
ثمانيةُ
نفرٍ إمامُهم ضبّ
«المعلّى بن محمّد البصريّ، عن بسطام بن مرّة، عن إسحاق بن
حسّان، عن الهيثم بن واقد، عن عليّ بن الحسن العبديّ، عن ابن طريف عن ابن نباتة، قال:
أمرَنا أميرُ المؤمنين عليه السلام بالمسير
إلى المدائن من الكوفة، فَسِرنا يوم الأحد، وتخلّف عمرو بن حريث في سبعة نفرٍ، فخرجوا
إلى مكانٍ بالحِيرة يسمَّى الخورنق، فقالوا: نتنزّه فإذا كان يوم الأربعاء خرجنا فلَحقنا
عليّاً قبل أن يجمع [أي قبل صلاة الجمعة].
فبينا هم يتغدّون إذ خرج عليهم ضبٌّ [الضّبَ: صنفٌ من
القوارض بحَجم الأرنب] فصادوه، فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفّه، فقالوا: بايعوا هذا أمير
المؤمنين! فبايعه السَّبعة وعمرو ثامنهم، وارتَحَلوا ليلة الأربعاء فقَدموا المدائن
يوم الجمعة وأميرُ المؤمنين يخطبُ ولم يفارق بعضُهم بعضاً، كانوا جميعا حتّى نزلوا
على باب المسجد.
فلمّا دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
يا أيّها النّاس، إنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله أسرَّ إليَّ ألفَ حديثٍ،
في كلِّ حديثٍ ألفُ باب، لكلِّ باب ألفُ مفتاح، وإنِّي سمعتُ الله يقول: ﴿يومَ نَدْعو كلّ أناسٍ بإمامِهِم..﴾ الإسراء:71، وإنِّي أُقسم لكُم بالله لَيُبعثنَّ يومَ القيامة ثمانيةُ
نفرٍ بإمامهم وهو ضَبّ، ولو شئتُ أن أسمِّيهم فعلتُ. قال: فلو رأيتَ عمرو بن حريث سقط كما تسقط السّعفة وجيباً».
(بحار
الأنوار، العلّامة المجلسيّ)
بلدان
جَمْكَران
«جمكران» قريةٌ تقع على
مسافة خمسة كيلومترات من مدينة قمّ المقدّسة، وفيها «مسجد جمكران» المعروف بأنّه
بُني بأمرٍ خاصٍّ من الإمام المهديّ عجّل الله فرجه
الشّريف، وبالقرب من المسجد جبلٌ معروف يقع فيه
مقامٌ للخضر عليه السلام.
جاء في
المصادر التّاريخيّة أنّ منطقة «جمكران» كانت -منذ القرن الأوّل- بمنزلة ملاذٍ
آمنٍ لكثيرٍ من الموالين لآل بيت رسول الله صلّى الله
عليه وآله، أو للهاربين من بطش الأمويّين، ذلك أنّ
العرب الأشعريّين وهم من خواصّ شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، نَزحوا من الكوفة
نجاةً بأنفُسهم من بطش الحجّاج الثّقفيّ، فقدموا إلى إيران واستوطنوا منطقة «جمكران»،
ومن أعلامهم المدفونين بمدينة قمّ «زكريّا بن آدم الأشعريّ».
كما أنّ
جماعةً من بني أسد ناصروا بني المغيرة في حربهم ضدّ الحجّاج، نزحوا من العراق في
النّصف الثّاني من القرن الأوّل واستوطنوا جمكران، ويُقال إنّ الخطّاب الأسديّ هو
الّذي بنى أوّل مسجدٍ في تلك النّاحية، كان ذلك في القرن الهجري الأوّل.
كذلك، تخفّى
التّابعيّ سعيد بن جبير، وهو من حواريّي أمير المؤمنين عليه السلام مدّةً من
الزّمن في جمكران، قبل أن يُقبض عليه ويُقتل بأمرٍ من الحجّاج.