الموقع ما يزال قيد التجربة
إقرأ في الملف
كيف تحدّث سيّد النّبيّين عن الإمام الحسين والتّسعة من بنيه وعن أدعيتهم عليهم السلام
كيف تداول العلماء هذا الحديث
ملاحظات عامة حول المتن والسَّـنَـد
دراسة السند
أُبيّ بن كعب؟: سمّاه الرسول «سيِّد الأنصار»
أدعية الإمام الحسين والأئمة من بنيه عليهم السلام برواية الكفعمي
مُلْحق: حول دعاء «أللّهمّ عَظُُمَ البلاء..»
تحقيق: الشيخ حسين كوراني
استهلال
أَلْتَمِسُ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّه، وثَبَاتَ الْقَدَمِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَيْك
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّه وابْنَ حُجَّتِه. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا قَتِيلَ اللَّه وابْنَ قَتِيلِه. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّه وابْنَ ثَارِه. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَتْرَ اللَّه الْمَوْتُورَ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ.
أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ، واقْشَعَرَّتْ لَه أَظِلَّةُ الْعَرْشِ، وبَكَى لَه جَمِيعُ الْخَلَائِقِ، وبَكَتْ لَه السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والأَرَضُونَ السّبْعُ ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ ومَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ والنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا ومَا يُرَى ومَا لَا يُرَى.
أَنَا عَبْدُ اللَّه ومَوْلَاكَ وفِي طَاعَتِكَ والْوَافِدُ إِلَيْكَ أَلْتَمِسُ كَمَالَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّه وثَبَاتَ الْقَدَمِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَيْكَ والسَّبِيلَ الَّذِي لَا يُخْتَلَجُ دُونَكَ مِنَ الدُّخُولِ فِي كَفَالَتِكَ الَّتِي أُمِرْتَ بِهَا.
مَنْ أَرَادَ اللَّه بَدَأَ بِكُمْ. بِكُمْ يُبَيِّنُ اللَّه الْكَذِبَ، وبِكُمْ يُبَاعِدُ اللَّه الزَّمَانَ الْكَلِبَ، وبِكُمْ فَتَحَ اللَّه وبِكُمْ يَخْتِمُ اللَّه، وبِكُمْ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وبِكُمْ يُثْبِتُ، وبِكُمْ يَفُكُّ الذُّلَّ مِنْ رِقَابِنَا، وبِكُمْ يُدْرِكُ اللَّه تِرَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ يُطْلَبُ بِهَا، وبِكُمْ تُنْبِتُ الأَرْضُ أَشْجَارَهَا، وبِكُمْ تُخْرِجُ الأَشْجَارُ أَثْمَارَهَا، وبِكُمْ تُنْزِلُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا ورِزْقَهَا، و بِكُمْ يَكْشِفُ اللَّه الْكَرْبَ، وبِكُمْ يُنَزِّلُ اللَّه الْغَيْثَ وبِكُمْ (تَسبِّح) الأَرْضُ الَّتِي تَحْمِلُ أَبْدَانَكُمْ وتَسْتَقِرُّ جِبَالُهَا عَنْ مَرَاسِيهَا.
إِرَادَةُ الرَّبِّ فِي مَقَادِيرِ أُمُورِه تَهْبِطُ إِلَيْكُمْ وتَصْدُرُ مِنْ بُيُوتِكُمْ، والصَّادِرُ ".." مَّا فَصَلَ مِنْ أَحْكَامِ الْعِبَادِ.
لُعِنَتْ أُمَّةٌ قَتَلَتْكُمْ وأُمَّةٌ خَالَفَتْكُمْ وأُمَّةٌ جَحَدَتْ وَلَايَتَكُمْ وأُمَّةٌ ظَاهَرَتْ عَلَيْكُمْ وأُمَّةٌ شَهِدَتْ ولَمْ تُسْتَشْهَدْ.
الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاهُمْ وبِئْسَ وِرْدُ الْوَارِدِينَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ والْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ وصَلَّى اللَّه عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه أَنَا إِلَى اللَّه مِمَّنْ خَالَفَكَ بَرِيءٌ. أَنَا إِلَى اللَّه مِمَّنْ خَالَفَكَ بَرِيءٌ. أَنَا إِلَى اللَّه مِمَّنْ خَالَفَكَ بَرِيءٌ..".
"الكافي" مصححاًً على "من لايحضره الفقيه"
هذا الملف
ينتشر بين المؤمنين على نطاق واسع، القول المأثور «إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النّجاة» إلّا أنّ الكثيرين لا يعرفون:
1- أنّ هذا المعنى بصياغة قريبة من اللّفظ المتقدِّم، قد ورد في رواية طويلة تتضمّن أسماء الإمام الحسين والأئمّة التّسعة من ذرّيّته سلام الله تعالى عليهم أجمعين بالإضافة إلى الدّعاء الخاصّ بكلٍّ منهم وبعض خصائصه.
2- وأنّ هذه الرّواية الطّويلة قد حدّث بها سيّد الشّهداء نفسه عليه السّلام، عن جدّه المصطفى سيّد النّبيّين صلّى الله عليه وآله.
3- وأنّ التّأمّل في هذه الرّواية وأمثالها، يفتح آفاق المؤمن على بعيد مرامي «من زار الحسين عليه السّلام عارفاً بحقّه» ليكتشف – المؤمن- بعض ملامح الجناية العظمى المتمثّلة بتغييب أبواب عديدة من الحديث الشّريف لأنّ «جرعة» الغيب فيها مركّزة جدّاً.
4- قدّمت»شعائر» ثلاث ملفّات سابقة في شهري «محرّم وشعبان» حول سيرة الإمام الحسين عليه السّلام قبل كربلاء، جرى التّركيز فيها على سيرته عليه السّلام في حديث الملائكة وحديث النّبيّين، خصوصاً سيّدهم صلّى الله عليه وآله، مع التّوسّع في روايات الملَك «فطرس»، وكان الهدف من هذا كلّه هو تقديم نماذج هي القليل من كثير مغيّب، وقد رصدت «شعائر» بذهول ردّة فعل بعض «النّخَب!» خصوصاً إزاء قصّة الملك «فطرس». ذلكم هو بعض آثار عدوان «الغزو الثّقافيّ» على العالم الإسلاميّ.
5- لذلك جاء هذا الملّف في سياق ما سبق، ليقدّم نموذجاً – آخر- جزئيّاً عن «تغييب الغيب» وقليلاً من كثيرٍ مستشرٍ انسجاماً مع «روح العصر»!
الحسين بن عليّ في السّماء، أكبر منه في الأرض
وإنّه لَمكتوبٌ عن يمين عرش الله عز ّوجلّ: مصباح هدَى، وسفينة نجاة
------- الشّيخ حسين كوراني-------
· عند وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله كان الإمام الحسين عليه السّلام في حوالي السّابعة من عمره الشّريف (قيل: ستّ سنين وستّة أشهر وعشرة أيّام) ولم أجد ما يدلّ على تاريخ تلقّيه عليه السّلام هذه الرّواية عن جدّه النّبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
· تكمن أهمّيّة هذه الملاحظة في أنّ هذه العظمة للإمام الحسين – أو لإمام زمانه بعد أمير المؤمنين السّبط الأكبر عليهم السّلام- التي تحدّث عنها سيّد النّبيّين كان ظرفها الزّمنيّ «طفولة» الحسنين عليهما السّلام، إلّا أنّهما كانا أكبر سنّاً بكثير من نبيّ الله عيسى على نبيّنا وآله وعليه السّلام حين قال – بإذن الله تعالى- ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ مريم: 30.
· العصمة إذاً، أكبر من الزّمن، واستحضار هذه الحقيقة هو علامة الإيمان بالغيب.
· ما أمسّ الحاجة إلى هذا اليقين في عصر طغيان التّفكير المادّيّ حتّى في بعض ساحات التّديّن الخاصّة.
· على أساس هذه المنطلقات – ولتقويتها- تقدّم شعائر- هذا البحث في روايةٍ أبرز من الرّوايات المغيّبة –لأنّها غيبيّة!، مع قراءة وافيةٍ في السّند، وإضاءات على بعض فقرات المتن.
روى الشّيخ الأجلّ الصّدوق في (عيون أخبار الرّضا عليه السّلام) ج1/56:
حدّثنا أبو الحسن عليّ بن ثابت الدّوالينيّ رضي الله عنه بمدينة السّلام سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة قال : حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفي قال : حدثنا علي بن عاصم عن محمد بن علي بن موسى (الإمام الجواد عليه السّلام) عن أبيه (الرّضا عليه السّلام) عليّ بن موسى عن أبيه (الكاظم عليه السّلام) موسى بن جعفر عن أبيه (الصّادق عليه السّلام) جعفر بن محمد عن أبيه (الباقر عليه السّلام) محمّد بن عليّ عن أبيه (السّجّاد عليه السلام) عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ أبي طالب عليهم السّلام قال:
دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعنده أبيّ بن كعب فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله:
مرحبا بك يا أبا عبد الله، يا زين السّماوات والأرضين.
قال له أُبَيّ: وكيف يكون يا رسول الله صلّى الله عليه وآله زينَ السّماوات والأرضين أحدٌ غيرَك ؟
قال: «يا أُبَيّ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، إنّ الحسين بن عليّ في السّماء أكبر منه في الأرض، وإنّه لمكتوبٌ عن يمين عرش الله عزّ وجلّ: مصباح هدى وسفينة نجاة، وإمام خيرٍ ويُمْنٍ وعِزٍّ وفخر وعِلْمٍ وذُخْر، وإنّ الله عزّ وجلّ ركَّب في صلبه نطفة طيِّبةً مباركةً زكيّة، ولقد لُقِّنَ دعواتٍ ما يدعو بهنَّ مخلوقٌ إلّا حشره الله عزّ وجلّ معه، وكان شفيعَه في آخرته، وفرّج الله كربَه، وقضى بها دَينه، ويسَّر أمرَه، وأوْضح سبيلَه وقوّاه على عدوِّه، ولم يهتك ستره.
فقال له أُبَيّ بن كعب: وما هذه الدّعوات يا رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد:
«اللّهمّ إنّي أسئلك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكّان سمواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر فأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي من أمري يسرا» فإنّ الله عزّ وجلّ يسهّل أمرك ويشرح صدرك ويلقنّك شهادة أن لا إله إلّا عند خروج نفسك.
قال له أُبَيّ: يا رسول الله فما هذه النّطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟
قال: مَثَلُ هذه النّطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان يكون من اتّبعه رشيداً ومن ضلّ عنه هويّاً {غَوِيّاً}» قال: فما اسمه وما دعاؤه ؟
قال: اسمه عليّ، ودعاؤه:
«يا دائم يا ديموم، يا حيُّ يا قيّوم، يا كاشفَ الغمّ، ويا فارج الهمّ، ويا باعثَ الرُّسُل، ويا صادقَ الوعد» من دعا بهذا الدّعاء حشره الله عزّ وجلّ مع عليّ بن الحسين وكان قائده إلى الجنّة.
فقال له أُبَيّ: يا رسول الله فهل له من خلف ووصيّ؟
قال: نعم له مواريث السّماوات والأرض.
قال: ما معنى مواريث السّماوات والأرض يا رسول الله؟
قال: القضاء بالحقّ والحُكم بالدّيانة، وتأويلُ الأحكام، وبيانُ ما يكون.
قال: فما اسمه؟
قال: اسمه محمّد وإنّ الملائكة لتستأنس به في السّماوات، ويقول في دعائه:
«أللّهمّ إن كان لي عندك رضوان وودّ فاغفر لي ولمن تبعني من اخواني وشيعتي وطيّب ما في صلبي».
فركّب الله عزَّ وجلّ في صلبه نطفةً طيِّبةً مباركةً زكيّة، وأخبرني جبرئيل عليه السّلام، أنّ الله عزّ وجلّ طيَّبَ هذه النّطفة، وسمّاها عنده جعفراً وجعله هادياً مهديّاً راضياً مرضيّاً يدعو ربّه فيقول في دعائه:
«يا دانٍ غيرَ مُتَوانٍ، يا أرحمَ الرّاحمين،إجعل لشيعتي من النّار وِقاءَ، ولهم عندك رضاً، واغفِرْ ذنوبَهم، ويسِّر أمورَهم، واقض ديونهم، واستر عوراتِهم، وهب لهم الكبائرَ التي بينك وبينهم، يا من لا يخاف الضَّيْمَ ولا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، إجعل لي من كلِّ غَمٍّ فَرَجاً». من دعا بهذا الدّعاء حشره الله تعالى أبيض الوجه مع جعفر بن محمّد إلى الجنّة.
يا أُبَيّ، إنّ الله تبارك وتعالى ركّبَ على هذه النّطفة نطفةً زكيَّةً مباركةً طيّبةً أنزل عليها الرّحمة وسمّاها عنده موسى.
قال له أُبَيّ: يا رسول الله كأنّهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون، ويصف بعضهم بعضاً؟
قال: وصَفَهم لي جبرئيل عن ربّ العالمين جلّ جلاله قال: فهل لموسى من دعوةٍ يدعو{بها} سوى دعاء آبائه؟
قال: نعم يقول في دعائه:
«يا خالقَ الخلق، وباسط الرِّزق، وفالقَ الحبِّ والنّوى، وباريءَ النَّسَم، ومحييَ الموتى، ومميتَ الأحياء، ودائمَ الثَّباتِ ومُخْرِجَ النَّبات، إفعلْ بي ما أنت أهله» من دعا بهذا الدّعاء قضى الله تعالى حوائجَه، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر.
وإنّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفةً مباركةً زكيّةً رَضِيّةً مَرْضيّةً وسمّاها عنده عليّاً، يكون لله تعالى في خلقه رّضِيّاً في عِلمه وحُكمِه، ويجعله حجّة لشيعته يحتجّون به يوم القيامة وله دعاء يدعو به:
«أللّهمّ أعطني الهدى وثبِّتني عليه، واحشرني عليه آمناً أمْنَ مَنْ لا خَوْف عليه ولا حزن ولا جزع إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة».
وإنّ الله عزّ وجلّ ركّب في صُلبه نطفةً مباركةً طيّبةً زكيّةً رَضِيّةً مِرْضِيَةً وسمّاها محمّد بنَ عليّ، فهو شفيع شيعتِه، ووارث عِلمِ جدِّه، له علامةٌ بيّنةٌ وحجّة ظاهرةٌ، إذا وُلد يقول: « لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقول في دعائه:
«يا مَن لا شبيهَ له ولا مِثال، أنت الله الذي لا إله إلّا أنت، ولا خالقَ [إلّا أنت] تُفني المخلوقين وتبقى أنت حلمت عمّن عصاك والمغفرة رضاك» من دعا بهذا الدّعاء كان محمّد بن عليّ شفيعَه يوم القيامة.
وإنّ الله تعالى ركَّب في صُلبه نطفةً لا باغِيَةً ولا طاغية بارّةً مباركةً طيِّبةً طاهرةً سمّاها عنده عليَّ بن محمّد فألبسَها السّكينة والوقار، وأودعها العلوم وكلَّ سرٍّ مكتوم، [و] مَن لَقِيَه وفي صدره شيءٌ أنبأه به، وحذّره من عدوِّه ويقول في دعائه:
«يا نورُ يا برهان، يا منيرُ يا مُبين، يا ربّ اكفني شرّ الشّرور وآفات الدّهور وأسألك النّجاة يوم ينفخ في الصّور». من دعا بهذا الدّعاء كان عليّ بن محمّد شفيعَه وقائده إلى الجنّة.
وإنّ الله تبارك وتعالى ركَّب في صُلبه نطفةً وسمّاها عنده الحسن: فجعله نوراً في بلاده، وخليفةً في أرضه، وعِزّاً لأمّة جدّه، وهادياً لشيعته، وشفيعاً لهم عند ربّه، ونَقِمةً على من خالفه، وحجّة لمن والاه، وبرهاناً لمن اتّخذه إماماً. يقول في دعائه:
«يا عزيز العزّ في عِزّه ما أعزّ عزيز[اً] العزّ في عِزّه. يا عزيزُ أَعِزّني بعزّك وأيِّدني بنصرك، وأَبعِد عنّي همزاتِ الشّياطين، وادفع عنّى بدفعك، وامنع عنّى بمنعِك، واجعلني من خيار خَلْقِك. يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد». من دعا بهذا الدّعاء حشره الله عزّ وجلّ معه، ونجّاه من النّار ولو وجبت عليه.
وإنّ الله تبارك وتعالى ركّب في صُلب الحسن نطفة مباركةً زكيّةً طيِّبةً طاهرةً مطهّرةً يرضى بها كلّ مؤمنٍ ممّن قد أخذ الله تعالى ميثاقه في الولاية، ويكْفُر بها كلّ جاحدٍ، فهو امامُ تَقِيٌّ نَقِيٌّ سارٌّ مَرْضِىٌّ هادٍ مهديٌّ يحكم بالعدل ويأمر به، يصدّق اللهَ تعالى ويصدِّقه الله تعالى في قوله، يخرج من «تِهامَة» حين تظهر الدّلائل والعلامات، وله كنوز لا ذهبٌ ولا فضّة إلا خيولٌ مطهّمة (تامّة الحُسن، معظَّمة) ورجالٌ مسوَّمة (معلَّمة)، يجمع الله تعالى له من أقاصي البلاد على عدّةِ أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفةٌ مختومةٌ فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحُلاهم وكُناهم، كَدّادون مُجِدّون في طاعته.
فقال له أُبَيّ: وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟
قال: له عَلَمٌ إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العَلَم من نفسه، وأنطقه الله تعالى فناداه العلم: أُخرُج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله، وهما رايتان وعلامتان، وله سيفٌ مُغْمَد، فإذا حان وقت خروجه اختلع ذلك السّيف من غِمده وأنطقه الله عزّ وجلّ فناداه السّيف: أُخرُج يا وليّ الله فلا يحلُّ لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثَقِفَهم، ويقيم حدود الله، ويحكم بحكم الله. يخرج جبرئيل عليه السّلام عن يمينه وميكائيل عن يساره وسوف تذكرون ما أقول لكم ولو بعد حين وأفوّض إمري إلى الله تعالى عزّ وجلّ.
يا أُبَيّ، طوبى لمن لَقِيَه، وطوبى لمن أحبّه وطوبى لمن قال به، ينجِيهم الله به من الهلكة، وبالإقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمّة يفتح الله لهم الجنّة، مَثَلُهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه ولا يتغيّر أبداً، ومثلهم في السّماء كمثل القمر المنير لا يطفىء نوره أبداً.
قال أبي: يا رسول الله كيف {جاءك} بيان حال هؤلاء الأئمّة عن الله عزّ وجلّ قال: إنّ الله عزّ وجلّ أنزل عليّ {اثني عشر خاتماً و} اثني عشر صحيفة، اسم كلّ إمامٍ على خاتمه، وصفتُه في صحيفته.
عيون أخبار الرّضا عليه السّلام ج1/56 مصحّحاً على ما في (كمال الدّين) للصّدوق، و(المصباح) للكفعمي
إضافة برواية «الرّاوندي»
بعد أن أورد «الرّاونديّ» في (قصص الأنبياء) (ص363) الحديث المتقدّم عن «ابن بابويه» أي الشّيخ الصّدوق- ذكر مباشرة ما يلي: ودعاؤه:
«أللّهمّ عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانقطع الرّجاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض ومَنعت السّماء، وأنت المستعان وإليك المشتكى، وعليك التّوكّل في الشّدّة والرّخاء، فصلّ على محمّد وآل محمّد «..» أولي الأمر الذين فرضت طاعتهم وعرّفتنا بذلك منزلتهم، ففرّج عنا بحقّهم فرَجاً عاجلاً قريبا كلمح البصر أو هو أقرب».
أضاف الرّاونديّ: ومن دعائه:
«يا من إذا تضايقت الأمور فتح لنا باباً لم تذهب إليه الأوهام، فصلّ على محمّد وآلِ محمّد، وافتح لأموري المتضايقة باباً لم يذهب إليه وهمٌ، يا أرحم الرّاحمين».
· وقفةٌ مع هذه الإضافة
اللّافت في إلحاق هذين الدّعاءين - اللّذَين أوردهما القطب الرّاونديّ بعد الحديث محلّ البحث- عدّة أمور:
1- أنّ الدّعاءين لم يردا في نصَّي العيون والكمال، ولا في أي مصدرٍ نقل عن الشّيخ الصّدوق أو عمن نقل عنه.
2- إنّ الحديث الطّويل- محلّ البحث- قد تضمّن دعاءً لكلّ إمامٍ ورد اسمه فيه، إلّا أنّه لم يورد دعاءً خاصاً بالإمام المهديّ عليه السّلام.
3- إنّ الكفعميّ قد أورد دعاءً للإمام المهديّ عليه السّلام – كما يأتي- لكنّه مغايرٌ كليّاً لهذين الدّعاءين اللّذَين أوردهما القطب الرّاوندي.
4- لم يكن القطب الرّاونديّ بصدد الحديث عن الإمام المهديّ عليه السّلام في الفصل الذي أورد فيه الحديث الطّويل المذكور، ولا بصدد الحديث عن الأدعية، بل كان قبل فصلٍ طويلٍ بصدد الحديث عن «مغازي» رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ ساق الحديث إلى أجواء وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، ووصاياه في أهل البيت عليهم السّلام، فوصل إلى هذا الحديث المتضمّن لعظمة سيّد الشّهداء والتّسعة من ذرِّيّته عليهم السّلام، وعندما انتهى منه أورد هذين الدّعاءين.
5- إنّ «الضّمير» في قول «الرّاونديّ»: «ودعاؤه» لم يأت في سياق الحديث عن «مرجع الضّمير» أي الإمام المهديّ عليه السّلام فالعبارة التي قبل قوله «ودعاؤه» هي: «اسم كلّ إمامٍ على خاتمه، وصفتُه في صحيفته».
6- إنّ الدّعاء الأوّل «عظم البلاء» من الأدعية المشهورة جدّاً، ولصيغته المتداولة تتمّة رواها السّيّد ابن طاوس في(جمال الأسبوع، ص181) و«ابن المشهديّ» في (المزار، ص591) وعن ابن طاوس: الحرّ العامليّ في (الوسائل، ج8/185، وأورده الشّيخ بهاء الدّين العامليّ في (جامع عبّاس) (فارسيّ) ص186.
كيف تداول العلماء هذا الحديث
رواه الشّيخ الصّدوق في «عيون أخبار الرّضا عليه السّلام» كما تقدّم قبل قليل، ورواه الصّدوق أيضاً في (كمال الدّين وتمام النّعمة) ص 264، بالسّند التّالي: «حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام قال: حدّثنا محمّد بن الفضل النّحويّ قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ قال: حدّثنا عليّ ابن عاصم، عن محمّد بن عليّ بن موسى..».
يلاحظ أنّ سند (كمال الدّين) يختلف عن سند (العيون) بزيادة اسم «محمّد بن الفضل النّحويّ».
ولا يكاد يخلو مصدر من الكتب الأمّ المشهورة من هذا الحديث أو بعضه وفي ما يلي ثبتٌ ببعض هذه المصادر بحسب التّسلسل الزّمنيّ.
· وأورد هذا الحديث عن الشّيخ الصّدوق:
1- الطّبرسيّ (ت: 548 هجرية) في إعلام الورى بأعلام الهدى ج2/185 (عن كمال الدّين).
2- والقطب الرّاونديّ (ت:573) في (قصص الأنبياء، ص 359 عن كمال الدّين). وأورده مختصراً في (الخرائج والجرائح، ج2/550-551)
3- وعليّ بن يونس النّباطيّ البيّاضيّ العامليّ (ت: 877) في (الصّراط المستقيم، ص155) قال: «وأسند الشّيخ أبو جعفر ابن بابويه إلى الجواد إلى آبائه أب أب إلى الحسين عليه السّلام قال: ..».
4- والفيض الكاشانيّ (ت:1091) في (الوافي ج2/464)، إلّا أنّه اكتفى بإيراد ما يرتبط بالإمام المهديّ عليه السّلام، من هذه الرّواية، فقال: «وروى الشّيخ الصّدوق رحمه اللَّه في كتاب إكمال الدّين بإسناده إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث أُبَيِّ بن كَعب الوارد في فضائل الأئمّة وصفاتهم واحداً بعد واحد». ثمّ أورد آخر فقرة وهي حول الإمام المهديّ عليه السّلام.
5- والسّيّد هاشم البحرانيّ (ت:1107) في «غاية المرام وحجّة الخصام في تعيين الإمام عن طريق الخاص والعام»، (ص150 وص169وص264) قال: إبراهيم بن محمّد الحموينيّ هذا قال: روى الشّيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام.. ثمّ أورد هذالحديث.
6- والحموينيّ (شيخ الإسلام أبو إسحاق الحموينيّ) المولود عام (644) والمتوفّى سنة (730) أو 722) في (فرائد السّمطين في فضائل المرتضى والبتول والحسنين)- الحديث: (447) في الباب: (35) في تقريض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابنه الحسين والأئمّة من ولده، وفيه أيضاً بيان الدّعاء الذي كان يختصّ بكل واحد منهم بحسب الدّؤوب على قراءته، ثمّ بيان بعض العلامات للمهديّ المنتظَر (عجّل الله تعالى فرجه) ".." قال: «وروى الشّيخ الجليل أبو جعفر ابن بابوَيه قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام، حدّثنا محمّد بن الفضل [النّحويّ] حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ، حدّثنا عليّ بن عاصم، عن محمّد بن عليّ بن موسى». (فرائد السّمطين- نسخة موقع شبكة الإمامين الحسنين للفكر والتّراث الإسلاميّ ص156-160).
· وحيث قد طبع كتاب فرائد السّمطين باسم «الجوينيّ» والمعروف أنّه للحموينيّ، فقد مسّت الحاجة إلى توضيح أنّ «الحموينيّ» هو «الجوينيّ». جاء في (ينابيع المودّة،ج1ص78): أخرج الحموينيّ في كتابه (فرائد السّمطين): «رأيت بخطّ جدّي شيخ الإسلام أبى عبد الله محمّد حموينه بن محمّد الجوينيّ، حدّثنا الحسن بن أحمد السّمرقنديّ، عن عليّ بن أحمد البخاريّ، عن أبي بكر محمّد بن إبراهيم البخاريّ، عن الإمام أبي بكر إسحاق الكلاباديّ البخاريّ، عن عبد الله بن محمّد، عن محمّد ابن عبيد الله، عن محمّد بن عثمان البصريّ، عن محمّد بن الفضل، عن محمّد بن سعد أبي طيبة، عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «معرفة آل محمّد براءةٌ من النّار، وحبّ آل محمّد جوازٌ على الصّراط، والولاية لآل محمّد أمانٌ من العذاب». وهذا الحديث مذكور في جواهر العقدين، ومسطور في كتاب الشّفاء لكن بغير إسناد».(انتهى)
7- و قد أورد الشّيخ الكفعميّ في «المصباح» ص305، خصوص الأدعية الواردة في هذا الحديث الشّريف، فقال: «ولنختم هذه الأدعية بأدعية تنسب إلى الحسين عليه السّلام والى التّسعة من ولده عليهم السّلام نقلتها من حديث طويل بإسناد صحيح إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله الأوّل للحسين عليه السّلام ودعاؤه أن يقول بعد صلاة الفريضة «اللّهمّ إني أسئلك بكلماتك ومعاقد عرشك..» ثمّ اقتصر على إيراد الأدعية، ولم يذكر السّند الذي شهد بصحّته.
8- وأورد المجلسيّ (ت:1111)- هذا الحديث في ثلاث موارد في بحار الأنوار ج36/204 عن «كمال الدّين» و«العيون» وأورد في السّند «محمّد بن الفضل النّحويّ» و ج52/309، وج91/184عن «العيون» فقط ولم يذكر «محمّد بن الفضل النّحويّ»، وتأتي الحاجة إلى هذه الملاحظة.
9- وعن الحموينيّ عن الشّيخ الصّدوق، المرجع الفقيه الرّاحل السّيّد الميلانيّ، قال: «وأخرج الحموينيّ بسنده عن عليّ بن عاصم عن محمّد بن عليّ بن موسى عن آبائه عن الحسين عليهم السّلام قال: «دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعنده أُبيّ بن كعب فقال لي رسول الله: «مرحباً بك يا أبا عبد الله يا زين السّماوات والأرض»، قال أبيّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السّماوات والأرض أحد غيرك؟ فقال ثمّ أورد من هذه الرّواية ما يرتبط بالإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشّريف (الميلانيّ، قادتنا كيف نعرفهم، ج4/432).
· والمرجع الرّاحل السّيّد المرعشيّ أيضاً عن الحموينيّ عن الشّيخ الصّدوق، قال المرعشيّ: (ومنها ما رواه القوم: منهم العلّامة الحموينيّ في (فرائد السّمطين، ص 42 مخطوط) روى بإسناده عن أبي الحسن أحمد بن ثابت الدّوالينيّ بمدينة السّلام...).(السّيّد المرعشيّ- شرح إحقاق الحقّ ج13/62).
ملاحظات عامّة حول السّند
· الأولى: اختلاف السّند في كمال الدّين (في موردين) عن السّند في عيون الأخبار، وينحصر الاختلاف بذكر «محمّد بن الفضل النّحويّ» في (كمال الدّين) (أو إكمال) فيما لم يذكره الشّيخ الصّدوق في (العيون).
· الثّانية: «أنّ الصّدوق بنصّ النّجاشيّ ورد بغداد في سنة 355 فكيف حدّثه فيها هذا الرّجل سنة 352؟».
قال السّيّد الخوئيّ: «تحديد ورود الشّيخ الصّدوق بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ينافي ما ذكره الشّيخ الصّدوق في العيون من كونه ببغداد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، فقد قال فيه: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن ثابت الدّوالينيّ (رضي الله عنه) بمدينة السّلام سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. العيون: الجزء 1، الباب 6 في النّصوص على الرّضا عليه السّلام بالإمامة. وقال في ذاك الجزء، الباب 11: ما جاء عن الرّضا عليه السّلام من الأخبار في التّوحيد، الحديث 26: حدّثنا محمّد ابن بكران النّقّاش (رضي الله عنه) بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
أضاف السّيّد الخوئيّ: وصريح هاتين الرّوايتين، أنّ ورود الشّيخ الصّدوق بغداد كان قبل الزّمان الذي ذكره النّجاشيّ، والله العالم». السّيّد الخوئيّ- معجم رجال الحديث ج17/350
· ويمكن أن يجاب بما تبنّاه محقّق «شرح اللّمعة الدّمشقيّة ج9/270، حيث قال: «سافر شيخنا المعظّم قدّس سرّه إلى بغداد ".." مرّتين، الأولى: سنة 352 فحدّث فيها وسمع عنه الشّيوخ وسمع عنهم، وأفاد واستفاد. الثّانية: سنة 355 بعد منصَرفه من الحجّ».
وقريبٌ من هذا الجواب ما ذكره السّيّد عرفانيان، (محقّق قصص الأنبياء للقطب الرّوانديّ هامش ص 362) فقال: «الصّدوق على ما هو المعروف كان رحّالةً جوّالة فبالإمكان أنّ وروده بغداد كان متكرّراً».
· وبالرّجوع إلى عبارة النّجاشيّ نجد أنّه قال: «محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ، أبو جعفر: نزيل الرّي، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطّائفة بخراسان، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطّائفة وهو حدّث السنّ، وله كتب كثيرة، منها..».(الخوئيّ- المعجم 17/340) وهي لا تدلّ على أنّها المرّة الأولى أو الأخيرة، فلا تنافي بين ورودها سنة 352 وسنة 355، فإن قيل: إنّ سياق كلام النّجاشيّ عن سماع الشّيوخ منه وكونه حدّث السنّ يدل على أنّ وروده بغداد كان الأوّل، فإنّ الجواب: ليست العبارة نصاً في هذا المعنى، بل يمكن القول – في ضوء تفسير السّيّد الخوئيّ لحداثة سنّ الشّيخ الصّدوق بأنّه أصغر من الشّيوخ الطّاعنين في السّنّ- إنّ كلام النّجاشيّ نصّ في المرّة الأولى التي سمع فيها شيوخ الطّائفة في بغداد من الشّيخ الصّدوق وليست نصاً في المرّة الأولى التي ورد الشّيخ فيها بغداد دون قيد سماع الشّيوخ منه.
ملاحظات عامة حول المتن
1- أورد السّيّد ابن طاوس في «مُهج الدّعوات» ص18 دعاء الإمام الصّادق الوارد في هذه الرّواية، ونصّ على أنّه حرز الإمام الباقر عليهما السّلام. قال في «المهج»: حرز آخر للباقر (عليه السّلام) «بسم الله الرّحمن الرّحيم يا دان غير متوان يا أرحم الرّاحمين اجعل لشيعتي من النّار وقاء لهم ولهم عندك رضا واغفر ذنوبهم ويسّر أمورهم واقضِ ديونهم واستر عوراتهم وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم يا من لا يخاف الضّيم ولا تأخذه سنة ولا نوم اجعل لي من كلّ غمّ فرجاً ومخرجاً».
2- أورد الشّيخ الكفعميّ في (المصباح، ص304) جميع الأدعية الواردة في هذا الحديث، وبالتّسلسل نفسه وقد ورد فيها دعاء الإمامين الباقر والصّادق عليهما السّلام كما هما في الرّواية، أي لم ينسب دعاء الإمام الصّادق إلى الباقر عليهما السّلام كما فعل السّيّد في المهج. وتجدر الإشارة إلى أنّ الشّيخ الكفعميّ صرّح بصحّة سند الرّواية التي روى الأدعية منها فقال: «ولْنختم هذه الأدعية بأدعيةٍ تنسب إلى الحسين عليه السّلام وإلى التّسعة من ولده عليهم السّلام نقلتها من حديث طويل بإسناد صحيح إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله». ثمّ أورد الأدعية الواردة في رواية الشّيخ الصّدوق عليهما الرّحمة.
3- تختلف بعض ألفاظ نصّ هذا الحديث في (عيون أخبار الرّضا)، في موارد عديدة عمّا أورده الشّيخ الصّدوق نفسه في (كمال الدّين)، فكان لا بدّ من المقارنة بين النّصَّين، وعندما لم ترفع هذه المقارنة الالتباس تمّ الرّجوع إلى المصادر الأخرى الأقدم التي روت عن أحد الكتابين، وقد تمّ التّنبيه على ذلك داخل النّصّ بوضع التّصحيح بين مزدوجين.
تقييم هذا الحديث، قبل دراسة السّند
سأعتمد في تقييم هذا الحديث الشّريف – وقبل دراسة السّند- تجميع القرائن أو رصد «تراكم الإحتمالات» من خلال:
أ- تظهير ما تبنّاه بعض كبار العلماء من أنّ «مراسيل الشّيخ الصّدوق كمسانيده».
ب- ثمّ من خصائص الحديث نفسه.
ت- وبعض الرّواة، و«أبيّ بن كعب» الذي كان مخاطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وليس من الرّواة.
وتفصيل ذلك كما يلي:
الشّيخ الصّدوق قدس سره:عظمته وجلالة قدره
· قال السّيّد الخوئيّ: «وإنّي لواثقٌ بأنّ اشتهار محمّد بن عليّ بن الحسين بالصّدوق، إنّما نشأ من اختصاصه بهذه الفضيلة (ولادته بدعوة صاحب الأمر عليه السّلام) التي امتاز بها عن سائر أقرأنّه وأمثاله، ولا ينبغي الشّكّ في أنّ ما ذكره النّجاشيّ والشّيخ من الثّناء عليه والاعتناء بشأنه مغنٍ عن التّوثيق صريحاً، فإن ما ذكراه أرقى وأرفع من القول بأنّه ثقة. وعلى الجملة فعظمة الشّيخ أبي جعفر محمّد ابن عليّ بن الحسين من الاستفاضة بمرتبة لا يعتريها ريب». معجم رجال الحديث ج17/346
مراسيله كمراسيل ابن أبي عمير
قال الشّيخ البهائيّ في شرح الفقيه - عند قول المصنّف (أي الصّدوق): «وقال الصّادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): «كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر»- ما لفظه: هذا الحديث كتاليه من مراسيل المؤلف رحمه الله، وهي كثيرةٌ في هذا الكتاب تزيد على ثلث الأحاديث الموردة فيه، وينبغي أن لا يقصر الاعتماد عليها من الاعتماد على مسانيده من حيث تشريكُه بين النّوعين في كونه ممّا يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أنّه حجّةٌ بينه وبين ربّه سبحانه.
بل ذهب جماعة من الأصوليّين إلى ترجيح مرسل العدل على مسانيده، محتجّين بأنّ قول العدل: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): كذا، يُشعِر بإذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال: حدّثني فلان، عن فلان، أنّه قال (صلّى الله عليه وآله): كذا، وقد جعل أصحابنا قدّس الله أرواحهم مراسيل ابن أبي عمير كمسانيده في الاعتماد عليها، لما علموا من عادته أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة فجعل مراسيل المؤلّف طاب ثراه كمراسيل ابن أبي عمير نظراً إلى ما قدّره في صدر الكتاب، جارٍ على نهج الصّواب». (الشّيخ البهائيّ- الحاشية على كتاب من لا يحضره الفقيه. ص36).
* « وقال الإمام الحجّة السّيّد بحر العلوم رحمه الله: «أبو جعفر شيخ مشايخ الشّيعة، وركن من أركان الشّريعة رئيس المحدّثين، والصّدوق في ما يرويه عن الأئمّة الصّادقين - عليهم السّلام - ولد بدعاء صاحب الامر والعصر - عليه السّلام - ونال بذلك عظيم الفضل والفخر، ووصفه الإمام -عليه السّلام - في التّوقيع الخارج من النّاحية المقدّسة بأنّه: فقيه خير مبارك ينفع الله به. فعمّت بركته الأنام وانتفع به الخاصّ والعامّ، وبقيت آثاره ومصنّفاته مدى الأيّام، وعمّ الانتفاع بفقهه وحديثه: فقهاء الأصحاب ومن لا يحضره الفقيه من العوامّ.
ذكره علماء الفنّ وقالوا: شيخنا وفقيهنا ووجه الطّائفة بخراسان. جليل القدر بصير بالفقه والرّجال، ناقد للاخبار، حَفَظة، لم ير في القمّيّين مثله في حفظه ووسعة علمه وكثرة تصانيفه».
إلى أن قال السّيّد بحر العلوم: «".." كتاب من لا يحضره الفقيه".." أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار والاعتبار كالشّمس في رابعة النّهار، وأحاديثه معدودةٌ في الصّحاح من غير خلاف ولا توقفٍ من أحد، حتّى أن الفاضل المحقّق الشّيخ حسن ابن الشّهيد الثّاني رحمه الله - مع ما علم من طريقته في تصحيح الحديث - يعدّ حديثه من الصّحيح عنده وعند الكلّ..». (السّيّد بحر العلوم- الفوائد الرّجاليّة، ج3/300).
1- * قال المحدّث الطّبَرْسِيّ في (المستدرك ج5/502): «قال المحقّق الشّيخ سليمان البحرانيّ في «البُلْغة» في جملة كلامٍ له في اعتبار روايات الفقيه: بل رأيت جمعاً من الأصحاب يصفون مراسيله بالصّحّة، ويقولون إنّها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي عمير، منهم: العلّامة في المختلف، والشّهيد في شرح الإرشاد، والسّيّد المحقّق الدّاماد، قدس الله أرواحهم. انتهى.
وكان المحدّث قبل نقل كلام المحقّق البحرانيّ هذا قد أورد كلام المحقّق الدّاماد كما يلي: قال المحقّق الدّاماد في (الرّواشح) في ردِّ من استدلّ على حجيّة المرسَل مطلقاً: بأنّه لو لم يكن الوسط السّاقط عدلاً عند المرسِل لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم ".." وإنّما يتمّ ذلك إذا كان الإرسال بالاسقاط رأساً والإسناد جزماً، كما لو قال المرسِل: قال النّبيّ (صلّى الله عليه وآله)، أو قال الإمام (عليه السّلام) ذلك، وذلك مثل قول الصّدوق عروة الإسلام رضي الله عنه في (الفقيه): قال (عليه السّلام) الماء يطهِّر ولا يطهَّر، إذ مفاده الجزم أو الظّنّ بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولاً في ظنِّه، وإلا كان الحكم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته وعدالته..».
· ولا تخفى أهميّة هذه القاعدة «مراسيل الصّدوق كمسانيده» فهي تؤسّس لنتيجتين مهمّتين جدّاً:
· الأولى: تصحيح أسانيد الشّيخ الصّدوق ومراسيله في كتاب (من لا يحضره الفقيه) استناداً إلى ما جاء في أوائل الكتاب، حيث يقول رحمه الله: «ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته وأعتقد فيه أنّه حجّة في ما بيني وبين ربي - تقدّس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعوّل وإليها المرجع
· الثّانية: تصحيح أسانيد الشّيخ الصّدوق ومراسيله في كلّ كتابٍ توفّرت القرائن القويّة على اعتماده في تأليفه هذا المنهج الذي اعتمده في تأليف (من لا يحضره الفقيه)، خصوصاً مثل كتبه (التّوحيد) و(عيون أخبار الرّضا) و(كمال الدّين) التي ينطبق عليها بشكل واضح الحرص على إيراد ما يعتقد في ما بينه وبين الله تعالى أنّه حجّة، فإن هذه الخصوصية يمكن الجزم بها في منهجيّة كتاب (التّوحيد) لأنّه عقائديٌ يرتبط بتوحيد الله تعالى، وهي كذلك واضحةّ ويمكن الجزم بها في كتاب (عيون أخبار الرّضا عليه السّلام)، و(كمال الدّين).
· أمّا في (العيون) فبدلالة لفظ (عيون أخبار) بالإضافة إلى فرادة إمكانيّة تواصله مع بيئة هي منجم روايات الإمام الرّضا في مرحلة إقامته عليه السّلام في خراسان.
· وأمّا في (كمال الدّين) فللبُعد العقائديّ والهمّ الذي حمله الشّيخ الصّدوق الذي كان الدّافع في تأليفه كما ورد في أوّل الكتاب، ولحساسيّة الموضوع التّأسيسيّة للمستقبل كما يتّضح من أمر الإمام عليه السّلام الشّيخ في المنام بالكتابة في غيبة الأنبياء لردّ الشّبهات عن غيبة الإمام عليه السّلام.
· وينبغي التّنبّه إلى أنّ الجمع بين خصوصيّة ولادة الشّيخ الصّدوق بدعاء الإمام المهديّ عليه السّلام، وبين موقع مؤلّفات الشّيخ الوفيرة والمركزيّة في حفظ عقائد المؤمنين عبر قرون يراكم احتمالات أنّ الشّيخ الصّدوق كان يلحظ هذا البعد التّأسيسيّ في مؤلّفاته، فيرفع بالتّالي من منسوب الحرص على إيراد ما يعتقد بينه وبين الله تعالى أنّه حجّة في جميع كتبه، ولا أقلّ من مرعاته لذلك في مثل (التّوحيد) و(العيون) و(الكمال)، وليس فقط في (الفقيه).
* فإذا لاحظنا ما تقدّم، من «تراكم احتمالات الوثاقة والاعتبار» في روايات الشّيخ الصّدوق – عموماً أو في مثل الكتب الثّلاثة المتقدمة، وجئنا إلى هذا الحديث الذي هو محلّ البحث، نجد أموراً أربعة- ترفع تراكم الاحتمالات إلى درجة عالية جدّاً وهي:
أ- أنّ هذا الحديث الشّريف الطّويل المتضمّن لأسماء الإمام الحسين عليه السّلام، والتّسعة من بنيه عليهم السّلام، وأدعيتهم وبعض خصائصهم، هو حديثٌ عقائدي بامتياز، يشمله القدر المتيقن من دائرة حرص الشّيخ الصّدوق على إيراد ما يعتقد في ما بينه وبين الله تعالى أنّه حجّة.
ب- أنّ «أبيّ بن كعب» الذي كان حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله موجّهاً إليه كما حدّث الإمام الحسين عليه السّلام، كان من «حملة الأسرار» النّبويّة – كما يتّضح من ترجمته.
ت- أنّ «عليّ بن عاصم» هو أيضاً من «حملة الأسرار»، أمكننا- قبل أن ندرس سند الحديث بالتّفصيل وبالمنهجيّة الاستنباطيّة، أن نذعن بأنّ هذا الحديث الشّريف على درجة عاليةٍ من الاعتبار.
· وسيأتي – في ما يلي، بحوله تعالى - مزيد أيضاً حول «أبيّ بن كعب» في ترجمته الملحقة بالسّند لأنّه لم يرد فيه، وحول «عليّ بن عاصم» في دراسة السّند.
ث- أنّ الشّيخ الكفعميّ قد أورد خصوص أدعية الأئمّة عليهم السّلام الواردة في هذا الحديث الشّريف، وصرّح بأنّه أخذها من حديثٍ صحيح إلّا أنّه لم يذكر هل هو هذا الحديث أو غيره، وسيأتي ما ذكره الكفعميّ بتمامه.
***
دراسة السّند
قال الشّيخ الصّدوق في «عيون أخبار الرّضا عليه السّلام»:
حدّثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدّوالينيّ رضي الله عنه بمدينة السّلام سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ قال: حدّثنا عليّ بن عاصم، عن محمّد بن عليّ بن موسى.."
وقال في (كمال الدين): «حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام قال: حدّثنا محمّد بن الفضل النّحويّ قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ قال: حدّثنا عليّ بن عاصم، عن محمّد بن عليّ بن موسى».
والفرق بين الصّيغتين للسّند هو زيادة محمّد بن الفضل النّحويّ في الثّانية )الكمال(، وتتمّ هنا دراسة السّند بحسب هذه الصّيغة.
1- الدّواليبيّ، (الدّوالينيّ، الدّولانيّ، الدّوانيّ، الدُّنابي، الرّوابيني)
أ- الأشهر في المصادر والأكثر أنّ شهرته الدّواليبيّ (بالباء الموحدة بعد الياء المثناة)، والأشهر في اسمه والأكثر تداولاً عليّ بن ثابت، واللّافت أنّ اسمه وشُهرته في (عيون أخبار الرّضا) غيرهما في «كمال الدّين»، ففي «العيون» «أبو الحسن عليّ بن ثابت الدّوالينيّ» بالنّون وليس بالباء، وفي (الكمال) «أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ» بالباء. والقدر المشترك بينهما «أبو الحسن ابن ثابت رضي الله عنه، بمدينة السّلام»، وهذا القدر كافٍ في إثبات وثاقة من أخذ الشّيخ الصّدوق عنه هذا الحديث- حتّى مع فرض أهما شخصان- خصوصاً وأنّه ترضّى عليه، والتّرضّي أبلغ دلالةً من التّرحّم وإن كان الرّاجح كفاية حتّى التّرحّم من مثل الصّدوق قدّس سرّه الشّريف خصوصاً على أحد مشايخه.
ب- قال السّيّد الخوئيّ: «أحمد بن ثابت الدّواليبيّ: أبو الحسن من مشايخ الصّدوق - قدّس سرّه - حدّثه بمدينة السّلام». كمال الدّين: الجزء 1، باب مضيّ موسى عليه السّلام». (السّيّد الخوئيّ- معجم رجال الحديث ج2/65).
· وقال السّيّد الخوئيّ: «عليّ بن ثابت: الدّوالينيّ أبو الحسن، من مشايخ الصّدوق ترضى عليه. (العيون: الجزء 1، الباب 6، في النّصوص على الرّضا عليه السّلام بالإمامة في جملة الأئمّة الاثني عشر عليهم السّلام) الحديث 29 (معجم رجال الحديث ج12/310).
· ولم أعرف وجه استنتاج مؤلّف (المفيد من المعجم) مجهوليّة «الدّواليبيّ» حيث قال: «أحمد بن ثابت الدّواليبيّ: أبو الحسن من مشايخ الصّدوق، كمال الدّين - مجهول».
ت- قال النّمازيّ: «عليّ بن ثابت الدّوالينيّ أبو الحسن: لم يذكروه. روى عنه الصّدوق مترضِّياً عليه في سنة 352». (العيون ج 1 / 59)، و عن كمال الدّين (مستدركات رجال الحديث 314، الرقم: 9744).
ث- الظّاهر أن أكثر موارد الإختلاف في ضبط الشّهرة في المصادر ناتجٌ عن التّصحيف وما وجدته من ألفاظ مختلفة لشهرة ابن ثابت هو (1-الدّواليبيّ، 2- الدّوالينيّ، 3- الدولاني، 4- الدّواني، 5- الرّوابينيّ، 6- الدُّنابي). الأولى في (العيون) والثّانية في (الكمال) كما مرّ، والثّالثة نقلها البهبوديّ محقّق البحار(هامش البحار 52/309) عن بعض نسخ (الكمال) والرّابعة ذكرها محقّق (قصص الأنبياء) (هامش قصص الأنبياء للرّاونديّ ص362) والخامسة وردت في (قاموس الرّجال) للتّستريّ ج9/473 وورد لفظ الشّهرة «الرّوابينيّ» أيضاً في مقدّمة (علل الشّرائع) للسّيّد محمّد صادق بحر العلوم ص12. والسّادسة أوردها أيضاً «البهبوديّ» محقّق (البحار)(هامش البحار 52/309)
ومن الواضح أنّ تعدّد ألفاظ الشّهرة هذا إلى هذا الحدّ – وإن كان لا يؤثّر سلباً على السّند لما عرفت من أنّ القدر المشترك بين جميع الأسانيد هو – ابن ثابت الذي حدّث الشّيخ الصّدوق بدار السّلام وترضّى عليه الشّيخ- إلّا أنّه يستدعي مزيد تتبّع خصوصاً وأنّ لفظ الشّهرة الأخير «الدّنابي» يبعد أن يكون تصحيف «الدّوالينيّ، أو الدّواليبيّ، إضافةً إلى أنّ «البهبوديّ» محقّق البحار (هامش البحار 52/309) قال: «الرّجل هو أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عليّ بن ثابت الأزجيّ الدّنابيّ بالضّمّ. على ما في القاموس وكان محدّثاً سمع عنه الصّدوق بمدينة السّلام سنة 352 هذا الحديث رواه في (العيون) ج 1 ص 59 - 64 بتمامه ونقل عنه المصنّف ما يناسب هذا الباب من آخر الحديث، ورواه في كمال الدّين ج 1 ص 380 - 384 من طبعة الإسلاميّة وفيه: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّولانيّ بمدينة السّلام قال: حدّثنا محمّد بن الفضل النّحويّ قال حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الخ. فالدّواليبيّ والدّوالينيّ، والدّولانيّ كلّها مصحّف عن الدّنابيّ. انتهى.
وبالرّجوع إلى المصدر الذي نقل منه ما تقدّم، نجد أنّه قد جاء في القاموس المحيط للفيروز آبادي ج1/67: «وأحمد بن محمّد بن عليّ بن ثابت الأزجيّ الدّنابيّ، بالضّمّ: محدّث «. وهو كما ترى لا يتضمّن أي قرينة على أن هذا الذي ذكره «الفيروز آبادي» هو شيخ الشّيخ الصّدوق، ثمّ إنّ «القيسيّ، الدّمشقيّ» في (توضيح المشتبه)(ج4/75) قال: «أحمد بن عليّ بن ثابت الأزجيّ الدّنبائيّ، روى عن الأرمويّ، مات سنة إحدى وستّ مئة».
أضاف القيسيّ الدّمشقيّ: «قلت: صوابه: الدُّنْبَاني، بنون بعد الألف من غير همز، لأنّه نسب إلى جدّه، فهو أحمد بن عليّ بن ثابت بن أحمد بن الدّنبان، كذا نسبه ابن نقطة وغيره». انتهى.
وقال الزّبيديّ في (تاج العروس) (ج1/487): «والحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ محمّد بنِ عليّ بنِ ثابتٍ الأَزَجِيُّ بنِ أَحْمَدَ بنِ دُنْبَانَ كعُثْمَانَ الدُّنْبَائِيُّ بالضَّمِّ مُحدّث من بابِ الأَزَجِ رَوَى عن الأُرْمَوِيِّ ومات سنة 601».
**
2- محمّد بن الفضل النّحويّ:
لم يرد اسمه في السّند بحسب (عيون أخبار الرّضا عليه السّلام)، إلا أنّه ورد في نسخة (كمال الدّين).
قال النّمازيّ في (مستدركات علم رجال الحديث286): - محمّد بن الفضل النّحويّ: لم يذكروه. روى الصّدوق في (الإكمال) باب 24 ح 11 عن أحمد بن ثابت الدّولانيّ، عنه، عن محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد، حديثاً شريفاً مفصّلاً في النّصوص على الأئمّة الاثني عشر صلوات الله عليهم وفضائلهم وأدعيتهم..».
· وقال النّمازيّ أيضاً (ص267): (أحمد بن ثابت الدّواليبيّ أبو الحسن: حدّث للصدوق بمدينة السّلام عن محمّد بن الفضل النّحويّ، عن محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ، عن عليّ بن عاصم، عن مولانا الجواد (صلوات الله عليهم) وأسمائهم وأدعيتهم، وهذا يدلّ على حسنهم وكمالهم.
· قال الحاكم الحسكانيّ: (شواهد التّنزيل ج2/394) «أخبرنا أحمد بن الوليد بن أحمد بقراءتي عليه من أصله، قال: أخبرني أبي أبو العبّاس الواعظ حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل النّحويّ ببغداد ; في جانب الرّصافة ; إملاءً سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا البصريّ حدّثنا الهيثم بن عبد الله الرماني، قال: حدّثني عليّ بن موسى الرّضا حدّثني أبي موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال: لمّا مرض الحسن والحسين عادهما رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال لي: يا (أ) با الحسن لو نذرت على ولديك لله نذراً أرجو أن ينفعهما الله به...» ثمّ أورد حديثاً طويلاً جاء في آخره: « فهبط جبرئيل وقال: يا محمّد إن الله يقرأ عليك السّلام ويقول: قد استجبت دعاءك فيهم وشكرت لهم ورضيت عنهم واقرأ ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الإنسان: 5] -إلى قوله: - ﴿إن إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾[الإنسان: 22]. أضاف الحاكم الحسكانيّ: «والحديث اختصرته في مواضع».(انتهى).
وبملاحظة تاريخ إملائه هذا الحديث على أبي العبّاس الواعظ ببغداد وهو (سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة) وتاريخ نقل الدّواليبيّ عنه للشّيخ الصّدوق سنة (سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة) يتّضح أنّ «محمّد بن الفضل النّحويّ» كان – على فرض صحّة النّقل- يتحدّث بفضائل أهل البيت عليهم السّلام قبل إحدى وعشرين سنة من نقل الدّواليبيّ عنه.
3- محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ
ينبغي التّفريق بين راويَيْن بهذا الإسم «محمّد بن عبد الصّمد».
أحدهما هو الذي يروي عنه الصّدوق هذا الحديث بواسطتين- بحسب (الكمال)، وبواسطة واحدة بحسب (العيون) بناء على عدم السّقط في السّند.
والثّاني هو – كما قال المحدّث النّوريّ (المستدرك ج3/66): «الشّيخ الجليل محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد». في (الآمل): عالمٌ، فاضل، جليل القدر. وقال عماد الدّين الطّبريّ في (بشارة المصطفى): «حدّثنا لفظاً الشّيخ العالم محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد التّميميّ بنيشابور في شوّال سنة أربع عشرة وخمسمائة، عن أبيه عليّ بن عبد الصّمد، عن أبيه عبد الصّمد بن محمّد التّميميّ..» ثمّ ساق أخباراً كثيرة بهذا النّسق، وعنه، عن أبيه، عن جدّه عبد الصّمد.
وفي حين تستفيض المعلومات حول الثّاني وأنّه من مشايخ ابن شهراشوب (أنظر: السّيّد الخوئيّ- معجم رجال الحديث17/ 356 وبحوثٌ في علم الأصول- تقريرات بحث الشّهيد الصدر للسّيّد محمود الهاشميّ ج7/250) لا نكاد نجد شيئاً عن الثّاني – الذي ورد في سند هذا الحديث المتضمّن لأسماء الإمام الحسين والتّسعة من بنيه وأدعيتهم، وبعض خصائصهم عليهم الصّلاة والسّلام- بل ينحصر التّعريف به بأنّه من رواة هذا الحديث.
4-عليّ بن عاصم
· أبو غالب الزّراريّ- رسالة في آل أعين ص9: وكان عليّ بن عاصم شيخ الشّيعة في وقته. مات في حبس المعتضد، وكان حمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه، فحبس من بينهم في المطامير فمات على سبيل ماء، وأطلق الباقون وكان يسعى به رجل يعرف بابن أبى الدّوابّ (الدّواهي. خ) وله قصّة طويلة.
* وفي هامش الرّسالة-المصدر: روى الصّدوق في (عيون أخبار الرّضا عليه السّلام ص 59 باب 6 خبر 29) باسناده عن عليّ بن عاصم عن محمّد بن عليّ بن موسى عليه السّلام عن أبيه عن آبائه الحديث، وروى في كتابه (الاكمال باب 45 التوقيعات ص 481) باسناده عن عليّ بن عاصم الكوفيّ توقيعا عن صاحب الزّمان عجل الله فرجه الشّريف. وذكرناه في من حدّث بأخبار النّاحية المقدّسة من طبقات أصحابه، وأيضاً فيمن تشرف بزيارته عليه السّلام من وكلائه وقد ذكرنا مدحه في (اخبار الرّواة).
· «يقال له العاصميّ»: اشتهر في كتب الرّجال في تراجم عددٍ من أقارب «عليّ بن عاصم» من الرّواة تعبير «يقال له العاصميّ» والمراد تعريف للرّاوي من أقاربه بانتسابه إليه.
قال «أبو غالب الزّراريّ- (رسالة في آل أعين) ص81: أبو عبد الله أحمد بن محمّد العاصميّ، وسمى العاصميّ لأنّه كان ابن أخت عليّ بن عاصم رحمه الله
· وقال في ص93: أحمد بن محمّد بن أحمد بن طلحة أبو عبد الله وهو ابن أخي أبى الحسن عليّ بن عاصم المحدّث، يقال له العاصميّ
· وقد وردت عبارة (يقال له العاصميّ) في مصادر رجاليّة بارزة منها: رجال النّجاشيّ ص93 ورجال الطّوسيّ ص416 والفهرست للشّيخ الطّوسيّ ص73 وخلاصة الأقوال للعلّامة الحلّيّ ص65 ورجال ابن داوود الحلّيّ ص42.
· وتجدر الملاحظة أنّه قد ورد في أكثر هذه المصادر وصف عليّ بن عاصم بـ«المحدّث»، وتظهر أهمّيّة هذه الصّفة – وعبارة يقال له العاصميّ- عند التّأمّل في رأي من لم تثبت عنده وثاقة عليّ بن عاصم.
* عليّ بن عاصم يروي توقيع صاحب الزّمان عليه السّلام: قال الفيض الكاشانيّ: (الوافي ج2/404): «وروى الصّدوق في كتاب الغيبة ".." بإسناده عن عليّ بن عاصم الكوفيّ قال: خرج في توقيعات صاحب الزّمان عليه السّلام: «ملعون ملعون من سمّاني في محفل من النّاس».
* عليّ بن عاصم ممّن رأوا الإمام المهديّ عليه السّلام: أورد الحرّ العامليّ في (هداية الأمّة إلى أحكام الأئمّة ج8/562) اسم «عليّ بن عاصم» بين أسماء الذين شاهدوا الإمام المهديّ عليه السّلام، قال الشّيخ الحرّ: وأمّا الذين شاهدوا المهديّ عليه السّلام، فروى الشّيخ بإسناده عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ أنّه ذكر عدد (كذا) من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزّمان عليه السّلام، ورآه من الوكلاء ببغداد".." إلى أن قال: «ومن الكوفة: العاصميّ".." إلى قول الحرّ العامليّ: «أقول: الكلينيّ يروي عن العطَّار وعن العاصميّ وغير هما من المذكورين. وروى هذا الخبر الصّدوق أيضاً في كتاب إكمال الدّين، وذكر أنّ ممّن ورد عليهم التّوقيعات منه عليه السّلام: عليّ بن عاصم الكوفيّ».
· قال السّيّد الخوئيّ- معجم رجال الحديث ج13/70: 8232 - عليّ بن عاصم: ".." وصفه الشّيخ بالمحدّث، (وقال) في أحمد بن محمّد ابن عاصم، وقال: « إنّه ابن أخت عليّ بن عاصم المحدّث». وقال الشّيخ يوسف البحرانيّ في كشكوله: الجزء 1، ص 180: «".." وكان عليّ ابن عاصم شيخ الشّيعة في وقته، ومات في حبس المعتضد». (انتهى). أقول: لا ريب في جلالة الرّجل إلا أنّه لم تثبت وثاقته. ثمّ أنّه تخيّل بعضهم اتّحاد عليّ بن عاصم هذا مع عليّ بن عاصم بن صهيب الذي حكاه الميرزا في الوسيط عن التّقريب والذّهبيّ، وهذا خيال فاسد، فإنّ ذاك على ما ذكراه مات سنة (201)، وهذا روى عن الجواد عليه السّلام، وبقي إلى زمان الغيبة على ما عرفت». (انتهى).
· ولم أعرف وجه عدم ثبوت وثاقة «شيخ الشّيعة في وقته»، ومن «لا ريب في جلالة قدره». إلا أنّ السّيّد الخوئيّ رحمه الله أعلم بما قال.
التّقييم النّهائيّ للسّند
أ- اتّضح قبل دراسة رجال السّند، أنّ الحديث معتبر بل في غاية الإعتبار، وذلك بناءً على أنّ «مراسيل الشّيخ الصّدوق كمسانيده» فكيف بمثل هذا الحديث العقائديّ المسند، والمعتضد بالمؤيّدات القويّة التي منها أنّ الشّيخ الكفعميّ يصرح بصحّة سند الحديث الذي أخذ منه أدعية الأئمّة عليهم التي هي بعينها الواردة في هذا الحديث.
ب- واتّضح من دراسة السّند ما يلي:
1- أنّ الدّواليبيّ من شيوخ الشّيخ الصّدوق.
2- وأنّ «محمّد بن الفضل النّحويّ» – على فرض وروده في رجال السّند في الأصل- إماميٌّ يروي عنه الدّواليبيّ الشّيخ الصّدوق.
3- وأنّ «محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ» مجهولٌ لا يتوفّر حوله ما يعرف عدا أنّه يروي عن «شيخ الشّيعة في وقته» هذا الحديث الذي يكشف أنّ «عليّ بن عاصم» من حملة أسرار أهل البيت عليهم السّلام، ولذلك فقد حدّثه الإمام الجواد عليه السّلام بهذا الحديث عن أبيه الرّضا عن أبيه الكاظم عن أبيه الصّادق عن أبيه الباقر عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه سيّد الشهداء عليه السّلام.
والنّتيجة النّهائيّة: في السّند -إذاً- نقطتا ضعفٍ هما مجهوليّة ابن الفضل النّحويّ، ومجهوليّة محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ، إلّا أنّ ضعف السّند بهما ينجبر –بناء على الصّحيح من جبر ضعف السّند بالمتن والقرائن الدّاخليّة- بقوّة متن الحديث، وقوّة القرائن التي تحفّ بالحديث كما تمّ توضيحه في ما تقدم تحت عنوان «قبل دراسة السّند» وعنوان «دراسة السّند».
من هو أُبيّ بن كعب؟
سمّاه الرّسول «سيِّد الأنصار» فلم يمُت أُبيّ حتّى قالوا: «سيِّد المسلمين»
من أبرز القرائن الدّاخليّة في تقييم هذا الحديث معرفة «أبيّ بن كعب» الذي ينقل الإمام الحسين عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله قد حدّثه بهذا الحديث المركزيّ المستقبليّ، وللتّعريف به كانت هذه الوقفة مع ترجمته رضوان الله تعالى عليه.
إنّه الصّحابيّ الجليل «سيّد المسلمين» «وأقرأ الصّحابة» كما اشتهر بين الصّحابة، من «حملة أسرار» النّبيّ صلّى الله عليه وآله في فضائل أهل البيت عليهم السّلام، في عداد سلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار بن ياسر وسياقهم.
ولمعرفة مقام هذا الصّحابيّ المتميّز «أبَيّ بن كعب» ينبغي التّنبّه لأمرين:
الأوّل: أنّ أشدّ ألوان الأذى لرسول الله صلّى الله عليه وآله من «قريش»- بعد عجزها عن القضاء على الإسلام في المهد- كان في العمل على منع أهل البيت عليهم السّلام من قيادة أمور الأمّة بعد وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وآله.
الثّاني: أنّ النّبيّ صلّى الله عليّ وآله أمضى عمره الشّريف يعمل في خطّين: تثبيت توحيد الله تعالى وعبادته سبحانه، وتثبيت المبدأ الذي يضمن استمرار رسالة التّوحيد من بعده صلّى الله عليه وآله، وهو مبدأ ولاية أهل البيت عليهم السّلام الذي ركّز عليه القرآن الكريم باعتباره أصلاً يتوقّف عليه إسلام المسلم وإيمان المؤمن، لتأتي الخطط النّبويّة الإعجازيّة في سياقه وتوكيداً لهذا الأصل القرآنيّ «المودّة في القربى».
وقد بذل صلّى الله عليه وآله غاية الجهد في تثبيت هذا المبدأ والأصل وذلك في خطين: عامٍّ مع عموم المسلمين وبشتّى المناسبات وفي جميع المراحل والمنعطفات، وخاصٍّ مع صحابة محدّدين يعرف النّبيّ الأعظم بما آتاه الله تعالى ثباتهم واستقامتهم من بعده صلّى الله عليه وآله، ولذلك كان صلّى الله عليه وآله يحملهم رسائله إلى الأجيال بما يضمن سلامة العقيدة والشّريعة.
في هذا الخطّ الخاصّ – بل الخاصّ جدّاً- يقع هذا الحديث النّبويّ الشّريف مع الصّحابيّ المشهود له بالسّبق بين أقرانه من الصّحابة. ذلكم ما يتجلّى بكل وضوح من خلال نظرة متأنّيةٍ في سيرته من خلال تراجمه الوفيرة جدّاً في أمّهات المصادر، وأختار منها ما يلي:
1- قال الإمام كاشف الغطاء في (أصل الشّيعة ص 23): أبيّ بن كعب: ابن قيس بن عبيد بن زيد بن النّجّار، الصّحابيّ الجليل. كان سيّد القراء، وكاتباً للوحي. شهد بدراً والعقبة وبايع رسول الله صلّى الله عليه وآله، ممدوحاً ومثنى عليه عند أصحابنا، وكان رحمه الله تعالى من المخلصين الموالين لأهل البيت عليهم السّلام، وقيل: كان من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر تقدّمه وجلوسه في مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله. توفّي في زمن عمر أو عثمان بالمدينة المنوّرة على ما قيل..».
2- وقال السّيّد الأمين في (أعيان الشّيعة) ج 2 ص 455:
كُنيته: في الاستيعاب والاصابة وتاريخ ابن عساكر: أنّه يكنى أبا المنذر وأبا الطّفيل ويدلّ على تكنيته بأبي المنذر وأبي الطّفيل ما رواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب:
أ- بسنده إلى أبي موسى قال جاء أُبيّ بن كعب إلى عمر ".." فقال: يا ابن الخطّاب، فقال: عمر يا أبا الطّفيل.
ب- وبسنده عن أُبي قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يا أبا المنذر أي آية معك في كتاب الله تعالى أعظم؟ فقلت: الله لا إله إلّا هو الحيّ القيوم فضرب صدري وقال ليهنك العلم أبا المنذر..».
3- اقوال العلماء فيه : ذكره الشّيخ الطّوسيّ في رجاله في أصحاب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلم وقال شهد العقبة مع السّبعين وكان يكتب الوحي آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بينه وبين سعد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وشهد بدراً والعقبة الثّانية وبايع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيها.
وذكره العلّامة في القسم الأوّل من الخلاصة. وفي تعليقه البهبهاني على «منهج المقال»: في المجالس ما يظهر منه جلالته وأخلاصه لأهل البيت عليهم السّلام. والظّاهر ان مراده بالمجالس «مجالس المؤمنين» ففيها ما تعريبه: في (الكامل البهائي) أنّ أُبَيَّ بن كعب قال: مررت عشية يوم السقيفة بحلقة الأنصار فسألوني من اين اتيت قلت من عند أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقالوا على أيّ حالٍ تركتهم قلت ما يكون حال قوم لم يزل بيتهم محط قدم جبرائيل ومنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الى اليوم وقد زال ذلك عنهم اليوم وخرج حكمهم من ايديهم ثمّ بكى أُبَيّ وبكى الحاضرون. قال السّيّد الأمين: زيارته لأهل البيت في ذلك الوقت، واجتماعه معهم وعدم اجتماعه مع الناس، وتوجُّعه لهم أكبر دليلٍ على إخلاصه في حبّهم.
تابعَ السّيّد الأمين: وفي (الدّرجات الرفيعة): ".." كان يسمّى سيِّد القرّاء"..". وفي «الاستيعاب»:
1- شهد اُبَيّ العقبة الثّانية وبايع النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فيها، ثمّ شهد بدراً وكان أحد فقهاء الصّحابة واقرأهم لكتاب الله عزّ وجلّ. روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أَقْرَأُ أمّتي أُبَيّ، "..".
2- وروى بسنده عن أُبَيّ قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أُمِرْتُ أن أقرأ عليك القرآن. قلت: يا رسول الله سمّاني لك ربّك؟ فقال: نعم، فقرأ عليّ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتّاء جميعاً.
3- وروى فيه بسنده أنّه صلّى الله عليه وآله وسلم دعا أُبَيّاً فقال: «إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك» قال الله سمّاني لك؟ قال: نعم فجعل أُبَيّ يبكي.
4- وبسنده أنّه لما نزلت ﴿لم يكن الذين كفروا﴾ البيّنة:1 قال جبرائيل للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: إنّ ربّك يأمرك أن تُقرئها أُبَيّاً. قال أُبَيّ: أوَذُكِرْتُ ثمّ يا رسول الله؟ قال: نعم، فبكى أُبَيّ.
5- قال (في الإستيعاب): وروينا عن عمر من وجوه أنّه قال أقضانا عليّ، وأَقرؤنا أُبَيّ، وإنّا لنترك أشياء من قراءة أُبَيّ.
6- قال: وكان أُبيّ بن كعب ممن كتب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الوحي قبل زيد بن ثابت ومعه أيضاً.
7- ثمّ قال: ذكر محمّد بن سعد عن الواقديّ عن أشياخه: أوّل من كتب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم مَقْدمَه المدينة أُبَيُّ بن كعب، وهو أوّل من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان. إلى أن قال (في الإستيعاب): «وكان الكاتب لعهوده إذا عهد وصلحه إذا صالح عليّ بن أبي طالب ".."».
أضاف السّيّد الأمين في (الأعيان): وفي (تهذيب التهذيب، في ترجمة أبيّ بن كعب): سيّد القرّاء ".." سمّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم «سيِّد الأنصار» فلم يمت حتّى قالوا: «سيِّد المسلمين».
«ترجمة أُبَيّ بن كعب- مركز المصطفى صلّى الله عليه وآله- مكتبة أهل البيت عليهم السّلام»
***
يتّضح ممّا تقدّم إجماع العلماء - الذين ترجموا لهذا الصّحابيّ الجليل بل «الظّاهرة»- على جلالة قدره، وأنّه من خواصّ أصحاب سيّد النّبيّين، وهذا بدوره يؤكّد ما مرّ عن رسائل إلى الأجيال حمّلها النّبيّ لبعض خواصّ الخواصّ من أصحابه صلّى الله عليه وآله وسلم. ومنها هذا الحديث الشّريف.
**
أدعية الإمام الحسين والأئمّة من بنيه عليهم السّلام
اختارها الكفعميّ من حديث بسندٍ صحيح
أورد الشّيخ الكفعميّ في (المصباح) أكثرالأدعية الواردة في هذا الحديث الطّويل، وصرّح بأنّه ينقلها من حديثٍ طويل صحيح دون مزيد توضيح، والأدعية بحسب رواية الصّدوق والكفعميّ متطابقةٌ إلى حدٍّ بعيد، بل غالب الاختلاف فيها زيادات في ختام الدّعاء، وبيان فضله، إلّا أنَّ الملفت أنّ الكفعميّ أورد دعاءً للإمام المهديّ عليه السّلام، والحال أنّ الحديث الذي يرويه الصّدوق لم يرد فيه دعاءٌ له عليه السّلام.
مايلي نصّ ما ورد في مصباح الشّيخ الكفعميّ قدّس سرّه.
قال الشّيخ الكفعميّ في (المصباح) (ص305) :
ولْنَخْتِم هذه الأدعية (من أدعية المعصومين) بأدعيةٍ تنسب إلى الحسين عليه السّلام وإلى التّسعة من وُلده عليهم السّلام، نقلتها من حديث طويل بإسناد صحيح إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله:
* الأوّل للحسين عليه السّلام، ودعاؤه أن يقول بعد صلاة الفريضة:
اللّهمّ إنّي أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكّان سماواتك وأرضك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسرٌ، فأسألك أن تصلّيَ على محمّد وآل محمّد وأنْ تجعل لي من عسري يسراً.
* الثّاني للسجاد عليه السّلام:
يا دائم يا دَيْموم. يا حيُّ يا قيّوم. يا كاشفَ الغمّ، يا فارجَ الهمّ، ويا باعثَ الرُّسُل، ويا صادقَ الوعد. صلِّ على محمّد وآل محمّد، وافعلْ بي ما أنت أهلُه.
* الثّالث للباقر عليه السّلام:
اللّهمّ إن كان لي عندك رضوانٌ ووُدٌّ فاغفرْ لي ولمن اتّبعني من إخواني وشيعتي، وطيِّب لي ما في صُلبي برحمتك يا أرحم الرّاحمين وصلّى الله على محمّد وآل محمّد.
* والرّابع للصّادق عليه السّلام:
يا ديّان غيرُ مَتَوانٍ، يا أرحمَ الرّاحمين، اجعل لشيعتي من النّار وِقاءً، وعندك رضىً، واغفر ذنوبهم، ويسّر أمورهم، واقْض ديونهم، واستُر عوراتِهم، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم. يا من لا يخاف الضّيم ولا تأخذه سنة ولا نوم اجعل لي من كلِّ غمٍّ فرَجاً ومخرجاً.
* الخامس للكاظم عليه السّلام:
يا خالق الخلق، وباسط الرّزق، وفالق الحبّ، وبارئ النَّسَم، ومحيي الموتى، ومميت الأحياء، ودائم الثّبَات، ومُخرج النّبَاتِ افعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، فإنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة.
* السّادس للرّضا عليه السّلام:
اللّهمّ اعطني الهدى وثبّتني عليه [واحشرني عليه] آمِناً أمن من لا خوف عليه ولا حُزنَ ولا جزع، إنَّك أهلُ التّقوى وأهل المغفرة.
* السّابع للجواد عليه السّلام:
يا من لا شبيه له ولا مِثال، أنت الله لا إله إلّا أنت، ولا خالقَ إلّا أنت، تُفنى المخلوقين وتبقى أنت، حَلُمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك.
* الثّامن للهادي عليه السّلام:
يا نورُ يا برهانُ يا مبين يا متين. يا ربِّ اكفني شرّ الشّرور وآفاتِ الدّهور وأسئلك النّجاة يوم ينفخ في الصّور.
* التّاسع للعسكريّ عليه السّلام:
يا عزيزُ العِزّ في عِزّه يا عزيزُ أعزَّني بعزّك، وأيِّدني بنصرك، واطرد عنّي همزاتِ الشّياطين (ما أعزّ عزَ مَنِ العِزًّ في عزّ[ه]) وادفع عنّي بدفعك، وامنع عنّي بمنعك، واجعلني من خيار خلقك. يا واحد يا أحد، يا فردُ يا صمَد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
* العاشر للمهديّ عليه السّلام:
يا نورَ النّور يا مدبِّرَ الأمور. يا باعثَ من في القبور. صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعل لي ولشيعتي من الضّيق فرجاً، ومن الهمّ مَخرجاً، وأوسع لنا المَنهج، وأَطْلِقْ لنا من عندك ما يفرِّج، وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم.
المصباح -الشّيخ الكفعميّ ص305
مُلْحق: حول دعاء «أللّهمّ عَظُُمَ البلاء..»
في سياق أدعية الأئمّة العشرة، الإمام الحسين والتّسعة من بنيه عليهم السلام، روى القطب الراوندي (ت:573) في قصص الأنبياء،363 دعاءين للإمام المهديّ عليه السلام، أحدهما هو الدعاء المعروف: «أللهمّ عَظُمً البلاء، وبرح الخفاء» وآخر ما أورده «القُطب» هو قوله عليه السلام: «أو هو أقرب»، إلَّا أنَّ عدداً من العلماء الأعلام أوردوا له تتمّة، إليك بعضها في ما يلي:
أورد تتمّة الدعاء عددٌ من الأعلام منهم:
1- محمد بن جعفر المشهدي، في كتابه (المزار- ص589) بعد زيارة للإمام المهديّ عليه السلام، بعنوان: القول عند نزول السرداب:...إلى أن قال المشهديّ: ثم تصلي صلاة الزيارة اثنتي عشرة ركعة ويستحب ان يدعو بهذا الدعاء بعد صلاة الزيارة، فهو مرويٌّ عنه عليه السلام:
«اللهم عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض ومَنعت السماء، واليك يا ربّ المشتكى، وعليك المُعَوّل في الشدّة و الرّخاء. أللهمّ صلّ على محمّدٍ وآله الذين فرضْتَ علينا طاعتَهم، وعرّفْتَنا بذلك مَنْزِلتَهم، ففرِّج عنا بحقهم فرجاً عاجلاً كلمح البصر أو هو أقرب من ذلك. يا محمّد يا عليّ، يا عليُّ يا محمّد، انصراني فإنكما ناصراي، واكفياني فإنّكما كافياي، يا مولاي يا صاحب الزمان، الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني».
**
وقد وردت فقرات آخر هذا الدعاء في جمال الأسبوع للسيد ابن طاوس ص181، كما يلي:
«يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمد اكفياني فإنّكما كافياي. يا محمد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد انصراني فإنكما ناصراي يا محمد يا علي يا علي يا محمد احفظاني فإنكما حافظاي يا مولاي يا صاحب الزمان - ثلاث مرات - الغوث الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني الأمان الأمان الأمان».
وأورده الشهيد الأول (ت: 786) في (المزار) ص210، فقال:
ويستحب ان تدعو بهذا الدعاء بعد صلاة الزيارة فهو مرويٌّ عنه عليه السلام :
وأورد الدعاء إلى قوله عليه السلام:
«يا محمّد يا عليّ، يا عليُّ يا محمّد انصراني فإنكما ناصراي واكفياني فإنكما كافياي. يا مولاي ياصاحب الزمان الغوث الغوث (الغوث) أدركني أدركني أدركني».
**
وأورد الكفعميّ (ت:905) في (المصباح) ص 176 للكفعمي هذا الدعاء بتمامه كما يلي:
«ومن ذلك دعاءٌ علّمه صاحب الامر عليه السلام لرجلٍ محبوس فخلُص:
ثمّ أورد الدعاء قريباً مما تقدّم إلى قوله: يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافياي وانصراني فإنكما ناصراي يا مولانا يا صاحب الزمان الأمان الأمان الأمان الغوث الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني الساعة الساعة الساعة العجل العجل العجل يا ارحم الراحمين بمحمد واله الطاهرين».
**
وأورد الحر العاملي (ت:1104)، في (الوسائل) هذا الدّعاء بعد صلاة الحُجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، فقال: ثم تدعو عقبهما فتقول:
«..وأورد الدّعاء إلى قوله عليه السلام: يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافياني، يا محمد يا عليّ، يا عليّ يا محمد انصراني فإنكما ناصراني، يا محمد يا علي يا علي يا محمد، احفظاني فإنكما حافظاني، يا مولاي يا صاحب الزمان ثلاث مرات، الغوث الغوث، أدركني أدركني، الأمان الأمان».
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.