موجود ملكوتيّ، إلهيّ، جبروتيّ

موجود ملكوتيّ، إلهيّ، جبروتيّ

01/04/2011

الإمام الخمينيّ قدّس سرّه: الصدِّيقة الكبرى عليها السلام: حقيقة الإنسان الكامل

إعداد: محمّد العبد الله

الإنجاز العقائدي والأخلاقي القرآني الأصيل الجامع الذي وُفِّق له «عبد الله المسدَّد» الإمام الخمينيّ قدّس سرّه في ميادين الجهاد الأكبر، هو أعظم بكثير من جميع إنجازاته في ميادين الجهاد الأصغر، على الرغم من أنّ هذه الإنجازات هزّت الدنيا، وما تزال تتوالى فصولاً.
 إنّه بحقٍّ -وفرادةِ جدارة- مُجدِّد الإسلام العظيم في هذا القرن.
تقدّم «شعائر» في ما يلي نصوصاً مختارة، من مَعْلَمٍ بارزٍ في الخطاب الخميني العقائدي، هو الحديث عن الصدِّيقة الكبرى الزهراء عليها السلام.

هكذا تحدّث الإمام الخمينيّ عن الصدِّيقة الكبرى عليها السلام: «حقيقة الإنسان الكامل، موجود ملكوتي، إلهي، جبروتي..».
وبالرجوع إلى ما أجمع عليه المسلمون من أنّ عظمة مقام الصدِّيقة الكبرى في قلب عظمة مقام سيّد النبيّين، يتّضح أنّ حديث الإمام هذا ليس إلّا تظهيراً لهذا الإجماع، وعنوانه العامّ ثلاثة أمور:
1- أن يجري الحديث عن الزهراء عليها السلام، في عداد كبار أولياء الله تعالى.
2- أنّ عظمتها عليها السلام، محمّديّة بامتياز. فهي من سادة أهل البيت، وأهل الكساء عليهم السلام.
3- أن تُفهم الروايات النبويّة حول مقاماتها المعنويّة عليها السلام، بما يتناسب مع المبدأ القرآنيّ: ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلّا وحيٌ يوحى﴾ النجم:3-4. فلا يجوز تفسير أيّ رواية نبويّة بما يحمّلها معاني «العطف الأبويّ المحض» فيُفقد هذه النصوص دلالاتها النبويّة الإلهيّة.
مثال ذلك: التعامل مع الحديث الشريف «فاطمة أمّ أبيها» باعتباره منحصراً بشكره صلّى الله عليه وآله لها عليها السلام على ما غمرته به من حنان، بعد وفاة أمّها أم المؤمنين السيّدة خديجة الكبرى عليها السلام!
فإذا تنبّهنا إلى المقارنة بين مصطلح «أمّ أبيها» ومصطلح «أمّ المؤمنين» أمكننا أن نعرف بعض عظيم دلالات «أمّ أبيها» والحديث شجون.
وتتعدّد الدلالات وتثرى، إذا تنبّهنا إلى الأبعاد المستقبليّة في «الحديث الشريف»، وأنّه صلّى الله عليه وآله كان يُحدّد المسار للأجيال القادمة، وهذه كتب المسلمين تحفل بإخباره صلّى الله عليه وآله «بما يكون» إلى يوم القيامة.

**


إنّ مقارنة متأنّية بين ما أجمع عليه المسلمون في الثوابت والأسس التي تجب مراعاتها لدى الحديث عن الصدِّيقة الكبرى عليها السلام، وبين اللّغة التي يتحدّث بها الكثيرون، وما يتصوّرونه من «مقامات» للزهراء عليها السلام، تثير العجب والأسى لكون هذه اللّغة وهذه «المراتب» لا تتناسب مع  أدنى مقامات مَن يرضى اللهُ لرضاها.
في ضوء ما تقدّم، تمسّ الحاجة إلى التدبّر في حديث الإمام الخمينيّ على أعتاب الصدِّيقة الكبرى الزهراء، لنختبر مدى معرفتنا بها عليها صلوات الرحمان، فنشكر الله تعالى إنْ وجدنا أنّنا نعرفها عليها السلام حقّ المعرفة، أو نحاول تصحيح هذه المعرفة إنْ شابها الخَلَل.

**


في استقبال ذكرى مولد الزهراء عليها السلام، يقول الإمام:
غداً يوم ولادة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ويوم المرأة.
إنّ جميع الأبعاد الكماليّة المُتصوَّرة للمرأة، والمُتصوَّرة للإنسان قد تجلّت في فاطمة الزهراء سلام الله عليها. إنّها لم تكن امرأة عاديّة. بل كانت امرأة روحانيّة. امرأة ملكوتيّة. إنساناً بتمام معنى الإنسان. بكلّ الأبعاد الإنسانيّة. حقيقة المرأة الكاملة. حقيقة الإنسان الكامل. إنّها ليست امرأة عاديّة. بل موجود مَلَكُوتي قد ظهر في العالم في صورة إنسان. موجود إلهي جبروتي ظهر بصورة امرأة.
غداً يوم المرأة.
كلّ الحقائق الكماليّة التي تتصوّر في الإنسان وفي المرأة تتجلّى في هذه المرأة.
جميع خواصّ الأنبياء موجودة فيها.
إمرأة لو كانت رجلاً لكانت نبيّاً. لو كانت رجلاً لكانت مكان رسول الله.
بتربية رسول الله صلّى الله عليه وآله (...) وصلت إلى مرتبة تقصر عنها أيدي الجميع.
المعنويّات. التجلّيات الملكوتيّة. التجلّيات الإلهيّة. التجلّيات الجبروتيّة. التجلّيات المُلكيّة والناسوتيّة، كلّها مجتمعة في هذا الموجود.
للمرأة والرجل أبعاد مختلفة. هذا الشكل الصوري الطبيعي أسفل مراتب الإنسان.. أسفل مراتب الرجل، وأسفل مراتب المرأة.
ومن هذه المرتبة النازلة والسفلى تبدأ الحركة باتّجاه الكمال، فالإنسان موجود متحرِّك من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغَيْب، وحتّى إلى الفناء في الأُلوهيّة، وهذه المعاني متحقّقة بالنسبة إلى الصدِّيقة الطاهرة (...).
بتربية رسول الله صلّى الله عليه وآله (...) وصلت إلى مرتبة تقصر عنها أيدي الجميع..

**


.. وما عرف الزهراء إلّا الله ورسوله والأوصياء

طلبت السيّدة فاطمة الطباطبائي زوجة المرحوم السيّد أحمد الخميني من الإمام الخميني أن يكتب لها حول مقام مولاتنا السيّدة فاطمة الزهراء عليها السَّلام، فكتب عليه الرحمة والرضوان:

«إبنتي العزيزة فاطمة..
تريدين من عجوز بائس، خالي الوفاض من المعارف والمعالم الإلهيّة، ما لا يستطيع العرفاء الكبار والفلاسفة العظام الاقتراب منه.
وماذا يستطيع المرء أن يقول أو يدرك حول شخصيّة تتمتّع بآلاف الأبعاد الإلهيّة، يعجز عن تبيان كلٍّ منها القلم واللّسان؟!
إنّه ليس بوسع أحد أن يعرف شخصيّة الزهراء المرضيّة والصدِّيقة الطاهرة عليها السلام، سوى الذين ارتقوا مدارج الأبعاد الإلهيّة حتّى ذروتها، وهو ما لم يبلغه سوى أُولي العزم من الأنبياء والخُلّص من الأولياء، كالمعصومين عليهم صلوات الله.

ليس بوسع أحد أن يعرف شخصيّة الزهراء عليها السلام، سوى الذين ارتقوا مدارج الأبعاد الإلهيّة حتّى ذروتها، وهو ما لم يبلغه سوى أُولي العزم من الأنبياء والخُلّص من الأولياء، كالمعصومين عليهم صلوات الله.
كيف لي ولقلمي ولغةِ البشر، الحديث عن سيّدة كانت تَسْتنزِل جبرائيل، كمثل أبيها، بقدرة ما فوق الملكوت.

إنّها ظاهرة من مرتبة الغيب الأحديّة، ومُتجلّية حتّى آخر نقطة شهوديّة، ودائرة من أدنى مرتبة الشهود إلى مرتبة إعلاء الغيب (المتيّم) كحال الخلّص الأولياء عليهم سلام الله، ويُخطئ مَن يدَّعي معرفة مقامها المقدَّس من العرفاء أو الفلاسفة أو العلماء. وكيف يُمكن إماطة اللّثام عن منزلتها الرفيعة، وقد كان رسول الإسلام يتعامل معها في حال حياته معاملة الكامل المطلق!!.
إنّك تطلبين منّي أن أتحدّث وأكتب عن هذه السيّدة العظيمة، فكيف لي ولقلمي ولغةِ البشر، الحديث عن سيّدة كانت تستنزل جبرائيل، كمثل أبيها، بقدرة ما فوق الملكوت، من غيب عالم الملكوت إلى عالم المُلك، وتجعل ما في الغيب ظاهراً في الشهادة! فدعيني إذاً أجتاز هذا الوادي المريع، وأقول بأنّ فاطمة عليها السلام، والتي هي هكذا في المراحل الإلهيّة الغيبيّة، قد ظهرت في عالم الشهادة وتجسَّدت كأبيها وبعلها في صورة بشر ظاهر، لتؤدّي دورها ورسالتها في شؤون عالم المُلك كافّة من تعليم وتعلُّم، ونشر للثقافة الإسلاميّة، ومعارضة للطواغيت، وجدٍّ من أجل قيام حكومة العدل، وإحقاق حقوق البشريّة، ودحض وتفنيد الدعاوى الشيطانيّة..».

**

 من كلمة بمناسبة يوم المرأة

«كان لدينا في صدر الإسلام كوخ ضمّ بين أطرافه أربعة أو خمسة أشخاص، إنّه كوخ فاطمة عليها السلام، وكان أشدّ بساطة حتّى من هذه الأكواخ، ولكن ما هي بركاته؟ لقد بلغت بركات هذا الكوخ ذي الأفراد المعدودين، درجة من العظمة غطّت نورانيّة العالَم، وليس من السهل على الإنسان أن يُحيط بتلك البركات. إنّ سَكَنة هذا الكوخ البسيط اتَّسموا من الناحية المعنويّة بمنزلة سامية لم تبلغها حتّى يد الملكوتيّين، وعمّت آثارها التربويّة بحيث إنّ كلّ ما تنعم به بلاد المسلمين -وبلدنا خاصّة- هو من بركات آثارهم تلك».

**


من حديث في جمع من النساء

«امرأة هي مفخرة بيت النبوّة، وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز. امرأة تُماثل فضائلُها فضائلَ الرسول الأكرم، والعترة الطاهرة غير المتناهية.
امرأة لا يفي حقّها من الثناء كلُّ من يعرفها، مهما كانت نظرته ومهما ذكر، لأنّ الأحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوّة هي على قدر أفهام المخاطَبين واستيعابهم، ومن غير الممكن صبّ البحر في جرّة، ومهما تحدّث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولا يُضاهي منزلتها. إذاً، فمِن الأَوْلى أن نمرّ سريعاً من هذا الوادي العجيب».

****

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

04/04/2011

  إصدارت

إصدارت

  إصدارات

إصدارات

نفحات