إعداد: أكرم زيدان
* هو الشيخ حبيب، بن الحاج محمد، بن الحاج حسن، بن إبراهيم، من أجلّة العلماء العامليّين، بلغ الذُرى في تحصيله العلمي عند كبار العلماء في عصره، ونال درجة الإجتهاد.
* انتُدب لمهمّات تبليغيّة في مواجهة حملات التبشير في جنوب العراق، وكانت له مشاركة في مسعى إقامة الحكومة العربيّة في سوريا ولبنان بعد الحرب العالميّة الأولى.
* في رسالة بعثها المرجع السيد أبو الحسن الأصفهاني إلى «وجوه قانا ونواحيها»، يصف الشيخ حبيب المهاجر بأنّه: «سيفٌ من سيوف الإسلام، ورُكنٌ من أركانه العظام، وأنّه من أكابر المجتهدين الأعلام..».
* أقام الشطر الأكبر من حياته إلى حين وفاته في «بعلبك» ومنطقتها، عالماً عاملاً لرفع الحرمان عن أبنائها.
وُلد الشيخ حبيب المهاجر سنة (1304 هجريّة/1886م) ميلاديّة في قرية «حَنَاويه» المحاذية لمدينة صور على ساحل جبل عامل، في عائلة عُرفت هناك أيضاً بآل "سقسوق"، أمّا اشتهاره بالشيخ حبيب آل إبراهيم فنسبة إلى جدّه الأعلى، وأمّا شهرة المهاجر التي عُرف بها وبَنوه من بعده حتى اليوم، فلأنّه هاجر من موطنه بجبل عامل إلى بعلبك، فأقام فيها مُبلّغاً وداعياً
تلقّى دروسه الأولى في قرية «عين بعال» المجاورة لقريته، على يد الشيخ محمد حسن مروّة، فقرأ عليه القرآن الكريم وختَمَه، ثم تعلّم الخطّ على يد الشيخ إبراهيم خاتون، والتحق بعدها بدرس اللغة العربيّة، إلى أن انقطع عن الدراسة قسراً بسبب ضمور الحركة العلميّة في منطقته، والتي كان أسّس لها الفقيه الشيخ محمّد علي عز الدين في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، وأيضاً بسبب بُعد المسافة عمّن كان من العلماء في سائر الحواضر العامليّة مثل بنت جبيل، وشقراء وغيرهما. واستمرّ هذا الانقطاع لسنوات يتحدّث عنها الشيخ بألم بالغ فيقول: «فانصرفت لذلك عن الاشتغال، وانقطع عليّ النظر في ذلك الهدى، وأَشْغَلَني الزمان بفارغ، وأجهدني بغير نافعٍ سنواتٍ معدودات..».
الدراسة في النجف الأشرف
كان قد بلغ الرابعة والعشرين من عمره حينما قرّر التوجّه إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الدينيّة، وكان ذلك سنة (1328هجرية/1910 م)، فأقبل على التحصيل بشوق كبير حيث يقول: «ولمّا اطمأنّ بي المقام، أدرجتُ إلى العلم إدراج الواله، شغفاً بمطالع السعادة من أبراجه، ومشارق الرضوان من آفاقه، غير مُتلكّئٍ عن رُشدٍ استبان لي طريقُه، ولا وانٍ عن الوثبة إلى هدى انكشف لي سبيله..»، فدرس المقدّمات الفقهيّة والأصوليّة في المرحلة المسمّاة بـ «السطوح»، عند كلٍّ من الشيخ عبد الكريم شرارة، والسيد شريف شرف الدين، والشيخ محمود مغنيّة، وكلّهم من جبل عامل. وحضر دروس المرحلة المتقدّمة المسمّاة بـ «بحث الخارج» عند الشيخ فتح الله الغروي، المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني، كما حضر أبحاث السيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ محمد رضا آل ياسين. وفي مرحلة لاحقة، تابع بحثه عند الشيخ عليّ الجواهري والشيخ أحمد كاشف الغطاء.
العودة إلى جبل عامل
بسبب الظروف الناتجة من اندلاع الحرب العالميّة الأولى، عاد الشيخ حبيب المهاجر إلى قريته في جبل عامل في شهر (ذي الحجّة 1332 هجريّة/ كانون الثاني 1915ميلاديّة)، منقطعاً عن تحصيله لخمس سنوات، يقول في سبب تركه النجف: «وفي سنة ثلاثين تقريباً [1330 هجريّة]، استعرت نار الحرب بين الدولة العثمانيّة وإيطاليا والدول البلقانيّة، فحصل من ذلك تكديرٌ عامٌ واستياء شامل ".." ثمّ تلا ذلك الحرب الطاحنة الكبرى، وقد انتهى إلينا خبر ذلك بنشر العثماني إعلان الحرب ".." فلم أرَ لي حينئذٍ بُدّاً من الرجوع إلى وطني..».
ولكنّ هذه السنوات التي انقطع فيها الشيخ عن النجف، كانت حافلةً بالنسبة إليه بالنشاط السياسي والاجتماعي، وقد نشر في مذكّراته صوراً معبّرة عن واقع تلك المرحلة، فوصف امتداد خط الجبهة الفاصل بين العثمانيّين والحلفاء لا سيما الانكليز، ذاكراً معاناة الناس الذين كانوا يُؤخذون سخرةً للعمل في مصالح الجيش التركي، وكيف أنّ عاقبة الفارّين كانت التنكيل والقتل، ومن المشاهد المؤلمة التي نقلها في مذكّراته، حادثة إعدامٍ في بنت جبيل لشابٍّ من آل فضل الله فرّ من الجيش بسبب الجوع: «..فالتقطوه، وكان من قرية عيناثا.. وحُمل إلى بنت جبيل حيث نقطة العسكر. حدّثني بعضهم أنه نُصب له المِصلب وعُلّق به وهو يُهلِّل ويُكبِّر، فانقطع به القنّب أعني الحبل المُتّخذ له، ثم عُلّق ثانية وهو يقرأ الشهادة ويذكر الأئمّة سلام الله عليهم واحداً بعد واحد، إلى أن بلغ أظنّه إلى الهادي عليه السلام وارتخى كتفُه رحمه الله». ويروي الشيخ أيضاً في مذكّراته لقاءه وجمعاً من علماء جبل عامل، من بينهم السيد عبد الحسين شرف الدين بالأمير فيصل ابن الشريف حسين وتأييدهم إقامة الحكومة العربية، طالبين الإستقلال عن وصاية المُحتلّين.
وفي مكان آخر يظهر وعيُه المتقدّم لمخطّطات الفرنسيّين وتدخّلهم في البلاد السوريّة، لا سيّما في بيروت وجبل لبنان، من خلال مشاريعهم الإنسانية ظاهراً، ويقول: «.. وتقرّبوا الى الشعب بكلّ ما تهواه النفس وترتاح اليه الخواطر، وزيّنوا أنفسهم بنظره ".." حتى كان لبنان أصابع فرنسا المتحرّكة لها بما أرادت من ضروب السياسة ".." وبَنَت [فرنسا] المدارس واستولت على أفكار كثيرٍ من الناشئة، بتعليمهم ما يُحدث الخلل في دينهم، ويوجب النفرة من دولتهم، بقالب المُناصحة والمحبّة للشعب، سمٌّ بلون العسل ".." فلم تمضِ على ذلك مقدارٌ من السنين ويسير من الزمان، حتى أصبح جمعٌ من أجلّاء الرجال وزعماء البلاد المتخرّجين من أمثال تلك المدارس، وجُلُّهم من بيروت والشام بحركة شديدة لتمزيق الجامعة الإسلاميّة، ورفع سلطة الأتراك عن البلاد العربيّة ".." وكان لكثيرٍ من أولئك الرجال التفاتٌ تامٌّ نحو فرنسا، وبعضٌ آخر نحو الإنكليز..».
في خضمّ هذه «المعمعة» يقرّر الشيخ حبيب -وسط دهشة مَن حوله- التخلي عن كلّ نشاطٍ سياسيّ والعودة مجدّداً إلى النجف الأشرف، ناجياً بنفسه من «الفِتن القادمة» على حدّ تعبيره.
التبليغ
في رحلته الثانية إلى العراق، انقطع مدّة ثلاث سنوات للدراسة الفقهيّة العاليّة عند اثنين من أشهر فقهاء النجف الأشرف في حينه؛ وهما -كما مرّ- الشيخ أحمد كاشف الغطاء، والشيخ علي الجواهري، ثمّ انتُدب من أكبر المراجع في ذلك الزمن، السيد أبو الحسن الأصفهاني قدّس سرّه للتبليغ في مدينة «الكوت» حيث أقام فيها مدّة خمس سنوات. وكان الإحتلال البريطاني قد جثم على صدر العراقيّين بعد انتصار محور «الحلفاء» في الحرب العالميّة الأولى، واقتسام تركة الدولة العثمانيّة من قبل بريطانيا وفرنسا، وجاء هؤلاء بأدواتهم المختلفة لتثبيت نفوذهم على المستوى البعيد، ومنها فِرَق التبشير بالدين المسيحي، مستغلّين ظروف الفقر والحاجة عند الناس. وقد ركّز البريطانيون جهدهم في منطقة جنوب العراق، فبنوا في مدينة «العمارة» مستشفى حديثاً يقدّم الخدمات الطبّية مجّاناً، وأسّسوا مكتبة عامّة، ومطبعة لنشر الكتب التي تخدم أهدافهم، واستطاعوا بعد سنتين من العمل الدؤوب، أن يصلوا إلى غايات متقدّمة في مساعيهم، ما دفع بعلماء النجف وعلى رأسهم السيد الأصفهاني إلى التحرّك لتدارك الموقف، بالرغم من وجود المحتلّ البريطاني والسلطة الملكيّة الخاضعة له، فأُوكل للشيخ حبيب الانتقال إلى «العمارة» والتعامل مع الواقع القائم بما يلزم، فقرّر قُدّس سرُّه أن يواجه خُطط التبشيريّين بما يُقابلها، وبادر في وقت قريب إلى بناء مستشفى يقدّم خدماته بموازاة مستشفى المبشِّرين، أعقب ذلك بإصداره فتوى تحرّم التعامل مع مستشفاهم، ثمّ أسّس مطبعة، وأصدر مجلّة «الهدى»، وأنشأ عدداً من المدارس باسم «الهدى» أيضاً، ومكتبة عامّة، وألّف عدداً من الكتب للردّ على كتبٍ نشرها أعوان المحتلّين.
ويتناقل أهل «العمارة» أنّ الملك فيصل الأوّل عندما زار مدينتهم بعد تتويجه ملكاً على العراق، قال: «أنا ملك العراق عدا جنوبه، فالشيخ حبيب هو ملك الجنوب».
وقد أفاد الشيخ من عمله التبليغي ذاك خير استفادة حينما عاد إلى جبل عامل سنة 1932م، حيث انتدبه السيد أبو الحسن الأصفاني أيضاً للإقامة في بعلبك بعد مساعٍ من أهلها، فانتقل إليها، وأسس فيها مدارس «الهدى» كالتي أنشأها في العمارة، وكان عددها اثنتي عشرة مدرسة في سائر أنحاء منطقة البقاع، ومنحت هذه المدارس أبناء المنطقة الذين حُرموا من التعليم لعقودٍ طويلة أوّل فرصةً للدراسة. وقد لَقِي رضوان الله عليه في هذا السبيل كيداً من بعض رجال السياسة والإقطاعيّين المحليّين الذين رأوا في نشر العلم بين عامّة الناس ما يُهدِّد امتيازاتهم.
وعلى المستوى الإجتماعي، عمل على جمع شمل أبناء المنطقة في مقابل النزعات الضيّقة التي لا تُنتج غير التفرقة والخلافات، كذلك جال -طوال السنوات الثلاث والثلاثين التي قضاها في بعلبك- في كلّ الحواضر البقاعيّة وصولاً إلى عمق الأراضي السوريّة، فامتدت زياراته من مشغرة جنوباً إلى حلب شمالاً. وكان له تواصل مباشر مع العلويّين، خصوصاً في محافظة اللاذقية، فتلقّوا مبادرته نحوهم بالترحاب، وألّف لأجلهم كتابه (سبيل المؤمنين)، ودعاهم إلى تأسيس جمعيّة لتنظيم العمل الديني والإجتماعي، فتأسّست «الجمعية الخيريّة الإسلاميّة الجعفريّة» وأثمرت مساعيه تجاههم صدورَ مرسوم من الدولة السورية يُقرُّ بأنّ المعروفين بالعلويّين هم مسلمون جعفريّون، كذلك اختير تسعةٌ من أبنائهم للتوجّه إلى النجف الأشرف والدراسة فيها ليكونوا مبلّغين في مناطقهم.
الحرب العالميّة الأولى
عاش الشيخ حبيب المهاجر ظروف الحرب العالمية الأولى وانعكاسها على أبناء جبل عامل، وروى في مذكّراته بعض مشاهد البؤس التي تسبّب بها قهر المحاربين، والمجاعة التي أفرزها انقطاع المؤن، وزاد في حدّتها اجتياح الجراد لكثيرٍ من المناطق. يقول في كتابه (حديث النِعَم) واصفاً بعض تلك المصائب: «..زحفت فيالق الجراد الكثيرة، كالغمام المتراكم بعضُه فوق بعض، آخر فصل الربيع سنة ثلاث وثلاثين [1333 هجريّة]، فأتت على غلّات الناس ومزروعاتها، ولم يسلم سوى ما كبُر وقارب الحصاد من الشعير والحنطة، ثم باض في الأرض ومضى بعد أن تركها جرداء، ولم تمضِ على ذلك إلا أسابيع يسيرة، حتى خرجت فروخه وانتشرت في الأرض، تقرض بمناجلها ما نما من أوراق الشجر ومزارع الصيف، فلم تُبق شيئاً..».
وفي صورة تمثِّل حال الناس في تلك المجاعة يقول: «فظائع المجاعة لا تُحصى، وغرائبها لا تُستقصى، باع كثيرٌ من الناس جميع ما عندهم، حتى انتهوا إلى سحب أخشاب بيوتهم، وبيع أحجار دورهم ".." فهَلك مَن هلك وبقي مَن بقي..».
مؤلّفاته
يمكن تقسيم مؤلّفات الشيخ المهاجر -على ما قسّمه حفيده العلّامة الشيخ جعفر المهاجر- إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: مؤلّفات فترة إقامته في «العمارة»، وجميعها مخصّصة للمجادلة عن الإسلام في مقابل ما ينشره المبشّرون وهي ستّة كتب: (المحاضرات العماريّة)، (منهج الحقّ)، (محمّد الشفيع صلّى الله عليه وآله)، (قُل جاء الحقّ)، (الكلِم الطيّب)، (الانتصار).
- القسم الثاني: مؤلّفات وضعها في لبنان خدمةً لعمله التبليغي، وهي جميعها تقدّم المعارف الدينية الميسّرة للقارئين، بما فيها الكتب المدرسيّة المعتمدة في المدارس التي أسّسها، وهي ستة كتب: (الصراط المستقيم)، (سبيل المؤمنين)، (في ذكرى الحسين عليه السلام)، (أنا مؤمن)، (الإيمان)، (المطالب المهمّة).
- القسم الثالث: مؤلّفان موجّهان إلى المعنيّين بموضوعهما هما: (الحقائق في الجوامع والفوارق)، وهو عبارة عن مجلّدين، وقد عرض فيه المؤلّف لنقاط الاختلاف والاتفاق الفقهيّة بين مذاهب المسلمين. وكتاب (اليتيمة في الكتب الحديثة والقديمة)، يعرّف بمجموعة من الكُتب المختارة.
هذا بالإضافة إلى كتابَي: (الجواب النفيس على أسئلة باريس) و(حديث النِعم) الذي خصّصه لترجمة نفسه ونفرٍ من العلماء من معاصريه، إضافةً إلى قصيدتين مطوّلتين نظمهما في مناسبتَي المولد النبويّ الشريف وعيد الغدير.
كما أصدر أيّام إقامته في بعلبك كتاباً شهريّاً بعنوان (الإسلام في معارفه وفنونه)، ذكره الشيخ الطهراني في (الذريعة)، والسيّد جواد شبّر في كتابه (أدب الطّف).
من شعره
من قصيدته في مولد النبيّ صلّى الله عليه وآله:
يا أيُّها المرسلُ المختارُ قد سلست لك المعارفُ وانقادت لك الحكمُ
قد صاغك الله من مكنونِ جوهرِه فاحكم فأنت لَعَمْري الشاهدُ الحَكمُ
نفسٌ تعالت عن الأدناس وارتفعت عن الفضول وخُلقٌ كلُّه كرمُ
ويقول في موضع آخر من القصيدة:
ما أحمدُ إنْ تسلني عن حقيقته إلا خلاصةُ خلقِ الله كلِّهِمُ
براه خالقُه نوراً وشِرعتُه ملجاً ومنهاجُه منجاً ومُعتصَمُ
ودينُه الحقُّ دينُ الله لا عِوَجٌ فيه ولا مِريَةٌ كلّا ولا سَقَمُ.
ومن قصيدته في يوم الغدير:
سُوَرٌ من القرآن أُحكِم آيُها ومن الضلالِ الجهلُ بالقرآنِ
نزلت بحيدر فاستمع لخطابها فلحيدر أمرٌ عظيمٌ الشانِ
أَوَليسَ نفسُ عليٍّ نفسَ نبيِّه صدعت به الآياتُ من عِمرانِ.
كرامة حصلت بدعاء (الطائر الرومي)
في القسم الأخير من كتابه (حديث النِعم) ينقل الشيخ المهاجر عن السيد حسن آل صدر الدين العاملي الشهير، بالواسطة عن جدّ والده السيّد صالح أنّه قال: اجتمعنا للمؤامرة في أمر الجزّار [والي العثمانيّين على عكّا] وإعمال حيلة بالراحة منه، فأجمع رأينا على أن ندسّ إليه السمّ، ثمّ بينما أنا جالس في منزلي.. وإذا بالباب يُطرق، فظننتُ أنّ الطارق مُستفتٍ في مسألة، فأرسلتُ ولدي السيد أبو المكارم -وكان مجتهداً- فما رجع، وطُرق الباب ثانياً، فخرجت فوجدت رجالاً أُرسلوا للقبض عليّ من قِبل الجزّار .. فأُدخلت السجن وكان مُظلماً، فوجدت فيه ستّة غيري من العلماء، واشتدّ علينا الأمر لعدم معرفة أوقات الصلاة، فاجتمعنا على أنْ ندعو الله بالفرج، فدعونا بدعاء (الطائر الرومي) فانفلق السجن وخرجنا منه..».
الإجازات والشهادات العلميّة
أجازه الشيخ محمد رضا آل ياسين برواية الكتب الأربعة وعلومها، ووَصفه شيخ الشريعة الغروي بـ «خبير أمّهات المباحث الأصليّة والفرعيّة، ومدارك الأحكام الشرعيّة»، أمّا المرجع السيد أبو الحسن الأصفهاني فاعتبره ركناً من أركان الإسلام ومن أكابر المجتهدين الأعلام.
وكتب الشيخ علي الكوراني في مقدّمته على كتاب (نقد كتاب حياة محمد) للسيد عبد الحسين نورالدين العاملي، عن إعجاب المرجع الراحل السيد البروجردي بالشيخ المهاجر، الذي زاره في قم المقدّسة وقدّم له الكتاب المذكور، فأمر السيد البروجردي بطباعته. ويذكر الشيخ الكوراني أنّ الشيخ المهاجر كان يمضي شطراً من سنته في بلدة الشياح بضاحية بيروت الجنوبيّة حيث وُفِّق لتربية جيلٍ من المؤمنين.
بدوره أجاز الشيخ المهاجر، المرجعَ الراحل السيد المرعشي الذي كان في عصره من أبرز شيوخ الرواية. كتب المرحوم الشيخ حبيب قدس سره: «..فقد استجازني السيد الإمام، العلامة السيد أبو المعالي، شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي دام فضله، في رواية ما رويتُه عن مشايخي طاب ثراهم، بواسطة الإمامين الرئيسين؛ السيد حسن الصدر، وشيخ الشريعة الأصفهاني، فأجزتُه أن يروي عنّي كلّ ما رويتُه عنهم من الكتب الأربعة؛ (التهذيب)، و(الاستبصار)، و(الكافي)، و(من لا يحضره الفقيه)، وغيرها ممّا روَوه من ذلك، كما أنّي أجزته أن يروي عنّي كُتُبي ومؤلفاتي جميعها..».
وفاته ومدفنُه
قضى الشيخ حبيب المهاجر سنواته الأخيرة في بعلبك متنقّلاً بين بيته ومسجده المجاور، حتى وافاه الأجل إثر نوبة قلبية بتاريخ (12 شباط 1965 ميلادية/ 1385 هجريّة)، ونُقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف بوصيّة منه رحمه الله تعالى، حيث دُفن في الغرفة السادسة إلى يمين الداخل إلى الصحن الحيدريّ من الجهة الجنوبيّة.
* هذه السيرة بمعظمها مستقاة من الكتاب الذي صدر عن المؤتمر التكريمي للذكرى الثلاثين لرحيل الشيخ المهاجر، والذي نظّمته «المستشاريّة الثقافيّة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة» في لبنان سنة 1996م، ويتضمّن الكتاب بعض مؤلّفات الشيخ قدّس سرّه، وموجزاً عن حياته بقلم حفيده العلّامة الشيخ جعفر المهاجر.