الطائفيّة المذمومة

الطائفيّة المذمومة

04/04/2011

نقيض التزام الحق، ومقاومة الظلم

المحرر الثقافي

تلتقي كلّ الأديان السماويّة والطروحات الزمنيّة عند التزام الحق، والدعوة إليه، ونصرة المظلوم ضدّ الظالم إقامةً للعدل، وإحقاقاً للحق.
والطائفيّة نقيض الحق.
الطائفيّة هي التزام المُتَطَيَّف جماعته كيفما كانوا، فطائفته دائماً على حق، بل هي الحق!
وأسوأ منه أن يتَّخذ شخص -أو جماعةٌ- الطائفيّة ستاراً لتحقيق أهدافٍ لا تريدها طائفته، ولا تنسجم مع هويّتها وتاريخها، عبر اختلاق عداوات وهميّة. تُسمّى هذه: محاولة توريط الطائفة بوهم الطائفيّة.
وكما هو الحال في سائر المفاهيم الاجتماعيّة المشابهة، فإنّ الطائفيّة ذات وجهين: طائفيّة محمودة، وطائفيّة بغيضة.
والمعيار في التفريق بينهما هو التزام الحق، والوقوف مع مَن يكون مع الحق، سواءً أكان من قومه، وجماعته، وطائفته، أم لم يكن.
مَن تحزَّب لطائفته، وتطيّف وهي على حق، فطائفيّته محمودة.
سُئل عليّ بن الحسين عليهما السلام عن العصبيّة، فقال: «العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شِرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين. وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبيّة أن يعين الرجل قومه على الظلم».
والعصبيّة مفهوم أشمل من الطائفيّة، وقد يعبَّر عنه بـ «الحَمِيَّة» كما يأتي، وهو مفهومٌ يعمّ القبليّة، والحزبيّة، والعنصريّة، والتعصُّب للمكان من قرية أو وطن وغيرهما، وللزمان، وكلّ ما يُتعصَّب له.
ينطبق مفهوم العصبيّة إذاً على الطائفيّة، فهي تعصّب للطائفة.
وقد اعتنى الفقهاء بتظهير أحكام العصبيّة. أورد المرجع الديني الراحل، الشيخ محمّد أمين زين الدين، في رسالته العمليّة (كلمة التقوى) ما يلي:
«يحرم على الإنسان أن يتعصّب على غير حق. عن الإمام الصادق، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: "من تّعَصَّبَ أو تُعِصِّبَ له فقد خلع رِبْقَةَ الإيمان من عُنُقه"، والمراد بمن تُعصِّب له أن يَتعصّب له بعض الناس في غير الحق فيرضى بفعله، ويُقِرَّ له بذلك في أعماله، فيكون شريكاً له في التعصُّب، وشريكاً له في الإثم ..».
بناءً عليه فإنّ المذموم من الطائفية، ليس مجرّد التعصب الطائفي، بل إنّ رضا الشخص بتعصّب يصدر من الغير  يجعله شريكاً في التعصب، إلى حدّ أنّه بذلك يخرج من الإسلام، فهذا معنى «خلع رِبْقَةَ الإسلام». الرِّبْقَة: حبْلُ الإسلام وعهده.
يريد الدين أن يكون الإنسان إنساناً سويّاً عاقلاً، ملتزماً للحق، وذلك يتوقّف على «الإنصاف».
جاء في حديث «جنود العقل والجهل» المعروف والمروي في (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام: «..والإنصافُ وضدّه الحميّة».
قال  العلّامة المازندرني شارح (الكافي): «الإنصاف هو العدل والتَّسْوِيَة، يقال: فلانٌ أنصف الناس من نفسه إذا رضي لهم ما رضي لنفسه، وكَرِه لهم ما كره لنفسه، وحَكَم على نفسه لو كان الحق لهم. وعن الصادق عليه السلام: سيّد الأعمال ثلاثة -وعدَّ منها- إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى لك بشيء إلّا رضيتَ لهم مثله. ومنه الإنصاف في المعاملة، وهو أن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلّا مثل ما يعطيه، ولا يناله من المضارّ ما يناله منه، وهو من أكمل فضايل العقل، لأنّ العاقل يعلم أنّ مَن أنصف زاده الله تعالى عزّاًََ في الدنيا والآخرة، وهو في ظلِّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه.
".." والحَمِيَّة هي الأَنَفَة، يعني استنكاف الرجل من دخول العار عليه وهي سبب لحميّته وحمايته، وغايتها أن يدفع عن قومه ظلماً وجَوْراً، وإن أدَّى دفعُه إلى ظلمِ وجَوْرٍ أشنع.
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه الله تعالى يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة».

**

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

04/04/2011

  إصدارت

إصدارت

  إصدارات

إصدارات

نفحات