إعداد: أسرة التحرير
بين يديك شذرات مختارة، تقدِّمها «شعائر» من كتاب (الخزائن-عربي وفارسي) للعالم الجليل الشيخ أحمد النراقي، مؤلِّف (معراج السعادة)، وهو من الكتب التي أوصى الإمام الخميني بقراءتها والعناية بها، وقد حقّق كتاب (الخزائن) العالم الشهير المعاصر الشيخ حسن زاده آملي.
يُشبه كتاب الخزائن ما اصطُلح عليه باسم (الكشكول)، ويتضمّن الكنوز من المسائل العلميّة الدقيقة، والفرائد.
* كلامٌ لبعضهم في التواضع
ونِعمَ ما قيل: «مَن أثبتَ لنفسه تواضعاً، فهو المُتكبِّر حقَّاً، لأنّ التواضع لا يكون إلّا عن رِفعة، فمتى أثبتَّ لنفسك تواضعاً، فقد أَثبتَّ لها رِفْعةً أنت تتواضع معها، فأنت من المتكبِّرين».
* دخول القرامطة مكّة
في سنة 310 [هجريّة] دخل القرامطة مكّة في أيام الموسم [الحج]، وأخذوا الحجر الأسود، وقتلوا خلقاً كثيراً، وبقيَ الحجر عندهم عشرين سنة، وممّن قتلوه عليُّ بن بابويه، وكان يطوف، فما قطع طوافه، فضربوه بالسيوف فوقع على الأرض، وأنشد:
ترى المُحبِّين صرعى في ديارهمُ كَفِتْيَة الكهف لا يدرون كم لبثوا.
* للمجنون العامري «مجنون ليلى»
ألا يا حماماتِ العراق أَعِنََّني على شَجني وابكِينَ مثلَ بكائيا
سقى الله أطلالاً بناحية الحمى وإن كنَّ قد أبدين للناسِ ما بِيا
خليليَّ إنّي قد أرِقتُ ونِمتما لِبَرْقِ يمانٍ فاجلسا عَلِّلانيا ".."
وإنْ متُّ من داء الصبابة بلِّغا نتيجة ضوء الشمس عنّي سلاميا ".."
أُحبُّ من الأسماء ما وافق اسمَها وأَشبَهَهُ أو كان منه مدانيا
أُصلِّي فما أدري إذا ما ذَكَرْتُها أثِنْتَيْنِ صلَّيْتُ الضُّحى أم ثمانيا
إذا ما تمنّى الناسُ رَوْحاً وراحةً تمنَّيت أن ألقاكَ يا ليلُ خاليا
أيا ليلُ لو أشكو الذي قد أصابني إلى راهبٍ في دَيْره لَرَثى (لِيا)
أيا ليلُ لو أشكو الذي قد أصابني إلى جبلٍ صَعبِ الذُّرى لانحنى ليا
**
* تبصرة
إعلم أنّ الإنسان مسافر، ومنازله ستّة، وقد قطع منها ثلاثة، وتبقَّى ثلاثة، فالتي قطعها:
أوّلها: كتْمُ العدم إلى صُلْبِ الأب، وترائب الأم، كما قال الله تعالى: ﴿يخرج من بين الصُّلب والتَّرائب﴾ الطارق:7.
وثانيها: رَحِم الأم.
وثالثها: رحم الأم إلى فضاء الدنيا. قال عزَّ من قائل: ﴿..وحمله وفصاله ثلاثون شهراً..﴾ الأحقاف:15.
* وأمّا المنازل الثلاث التي لم يقطعها فأوَّلها القبر. قال صلّى الله عليه وآله: «.. القبر أوّل منازِل الآخرة، وآخر منزل من منازِل الدنيا».
*وثانيها: فضاء المحشر. قال سبحانه: ﴿وعُرضوا على ربِّك صفَّا..ً﴾ الكهف:48.
* وثالثها: الجنّة والنار. قال تعالى: ﴿.. فريقٌ في الجنَّة وفريق في السَّعير﴾ الشورى:7.
ونحن الآن في قَطع مرحلة المنزل الرابع، وهو أصعب المنازل، وأكثرها مَشقَّةً، وأشدّها خوفاً، أحاط فيه بالشوارع والأطراف اللُّصوص، وقُطَّاعُ الطَّريق، و(يعزُّ) فيه الرفيق والشفيق.
ومدّة قطع هذه المرحلة مدّة عمرنا، فأيَّامنا فراسخ، وساعاتنا أميال، وأنفاسُنا خُطوات، فَكَم من رجلٍ بقي له فراسخ، وآخر بقي له أميال، وآخر بقي له خُطوات.
نعوذ بالله من الموت على غير عُدَّة.
(الشيخ أحمد النراقي- الخزائن).