الموقع ما يزال قيد التجربة
مراقبات شهر شعبان*
هو في الشّهور، كَآلِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله في العِباد
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ
من لوازم الإيمان اليَقظة وعلامتُها المراقبة، وهي «قرارٌ بالتزام قانون الله تعالى: الشِّرعة والمنهاج» تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقينِ به تعالى، وحبِّه سبحانه.
في المناجاة الشّعبانيّة: «وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفَلُ عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ. إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً، يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ».
وأبرزُ كُتُب المراقبات: كتاب «إقبال الأعمال» لسيّد العلماء المراقبين، السّيّد ابن طاوس، و«المراقبات» للفقيه الكبير الشّيخ الملَكيّ التّبريزيّ، وفي هَديهما: هذا الباب.
من فضائل شهر شعبان
ها قد انقضى شهرُ رجب المبارك لِنحطّ الرّحال في شهر شعبان. ودّعْنا شهرَ أمير المؤمنين عليه السّلام لِنَستقبل شهرَ المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله. وفضائلُ شهر شعبان كثيرةٌ جدّاً إلى حدّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان يولِيه عنايةً خاصّة، ويَحثّ المسلمين على الاهتمام به، والمزيد من أعمال البرّ فيه.
* وفضائلُ شهر شعبان، لخّصَها الفقيه الشّيخ إبراهيم الكفعميّ العامليّ (ت: 905 للهجرة)، في أرجوزةٍ له سمّاها (منهج السّلامة في ما يتأكّد صيامه)، ذكرَها في (المصباح)، ووَردت فيها هذه الأبيات:
وصومُ شَعبانَ عظيمُ الفضلِ |
خصوصاً النّصف، فخُذ ما أُملي |
لأنّ في لَيلتِه قد وُلِدا |
القائمُ المَهديُّ مِصباحُ الهُدَى |
مَن يَدْعُ فيها مالكَ النّواصي |
أُجيبَ إلّا أنْ يكونَ عاصي |
قِيل: وفيها تُقسَم الآمالُ |
كذلكَ الأرزاقُ والآجالُ |
وثالثٌ منه تَراه مولِدا |
لابنِ عليٍّ، أَعني الحُسينَ السَّيِّدا |
فَصُمْهُ وادْعُ بالدُّعا فيه |
تنالُ من ربِّك مَا تَعنيه |
أجرُهما لا يقدرُ الأملاكْ |
أن يَحصروه، أو لَه إدراكْ |
مع العلماء
يؤكّد العلماء الأبرار أنّ شهر شعبان محطةٌ كبرى في الطّريق إلى الله، ومنزلٌ مميّزٌ لا بدّ من النّزول فيه والتّزوّد من بركاته لِمَن أراد الوصول.
* تحدّث العارفُ الكبير آية الله الشّيخ الملَكيّ التّبريزيّ رحمة الله عليه عن أهميّة شهر شعبان، فقال:
«وهذا المنزل من منازل العمر للسّالك إلى الله تعالى ".." وفيه ليلة من ليالي القدر، وقد وُلد فيها مولودٌ وَعد اللهُ بالانتصار على يدَيه لكلّ مظلومٍ من أوليائه وأنبيائه وأصفيائه ".." وكفى في شأن شهر شعبان أنّه شهر رسول الله صلّى الله عليه وآله..».
يا أهـلَ يَـثْرب!
عن الإمام الصّادق عليه السّلام، «أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، كان إذا رأى هلالَ شهر شعبان أمَر مُنادياً أن ينادي في المدينة: يا أهلَ يثرب إنّي رسولُ رسولِ الله إليكم: ألا إنّ شعبان شَهري، فرَحِمَ الله مَن أعانَني على شهري».
بعد أن أورد السّيّد ابن طاوس رضوان الله عليه هذه الرّواية المُشار إليها، تكلّمَ حول أهميّة الشّهر، وحول هذه الدّعوة المباركة، فقال: «واعلم أنّ شهر شعبان شهرٌ عظيم الشّأن ".." وكفاه شرفاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، اختاره لنفسه الشّريفة بصريح مقاله، ودعا لمَن أعانه على صيامه، فمَن شاء أن يدخل تحت ظلّ هذه الدّعوة المقبولة، والرّحمة الموصولة، "فَلْيُساعد" رسول الله صلّى الله عليه وآله على شهره، ويكون ممّن شرّفه لسانُ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله».
شهر شعبان في الرّوايات
* وفي النّصوص ما يدلّ على أنّ شهر شعبان أفضل من شهر رجب، فقد رُوي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله تذاكرَ أصحابُه عنده فضائل شعبان، فقال: «شهرٌ شريف، وهو شهري، وحَمَلَة العرش تعظّمُه، وتعرفُ حقَّه ".." وهو شهرٌ العملُ فيه مضاعف: الحسنةُ بسبعين، والسّيّئة محطوطة، والذّنبُ مغفور..».
* ورُوي عنه صلّى الله عليه وآله: «كَم من سعيدٍ في شهر شعبان.. وكَم من شَقِيٍّ هنالك. أَلَا أُنبئُكم بمَثَل محمّد وآله؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: محمّدٌ في عباد الله كَشهر رمضان في الشّهور، وآلُ محمّدٍ في عبادِ الله كشَهر شعبان في الشّهور، وعليّ بن أبي طالب عليه السّلام في آل محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، كأفضل أيّام شعبان ولياليه، وهو ليلة نصفه ويومُه، وسائر المؤمنين في آل محمّد - أي بالنّسبة إليهم عليهم السّلام - كشهر رجب في شهر شعبان، وهم - أي سائر المؤمنين - درجاتٌ عند الله وطبقات، فأجَدُّهم في طاعة الله أقربُهم شَبَهاً بآل محمّد صلّى الله عليه وآله..».
ويدلّ النّصّ بوضوح على أنّ شهر شعبان أفضل من شهر رجب، فكيف ينبغي أن نتعامل مع دعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكيف ستكون استجابتنا لِقوله صلّى الله عليه وآله: «رَحِم الله مَن أعانَني على شهري»؟
* من أهمّ مناسبات شهر شعبان:
1- ولادة الإمام الحسين صلوات الله عليه في اليوم الثّالث.
2- ولادة الإمام زين العابدين عليه السّلام في اليوم الخامس.
3- ولادة الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشّريف في اليوم الخامس عشر.
* أبرز أعمال شهر شعبان:
1- إحياء ليلة النّصف منه. عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّها بمنزلة ليلة القدر، فيها تُكتَبُ الآجال، وتُقسم الأرزاق.
2- قراءة المناجاة الشّعبانيّة المرويّة عن أمير المؤمنين عليه السّلام، وفي وصايا العلماء ما يُوحي بأنّها من أجَلِّ أعمال هذا الشّهر المبارك.
3- قراءة الصّلوات المرويّة عن الإمام زين العابدين عليه السّلام، ظهيرةَ أيّام شهر شعبان، وأوّلها: «أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ..».
4- الصّوم. لا سيّما اليوم الأوّل، و الأيّام الثّلاثة الأخيرة، ويومَي الاثنين والخميس، وفي النّبويّ الشّريف أنّ الملائكة تستغفر لصَائمي يوم الخميس.
5- الصّلاة، ومنها صلوات اللّيلة الأولى، وصلاة يوم الخميس.
6- الإكثار من قول «أللّهُمّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد».
7- التّهليل بصيغة محدّدة، والاستغفار، وله صِيَغ متعدّدة.
8- الصّدَقة، وفي الرّواية عن الإمام الصّادق عليه السّلام، أنّها والاستغفار من أفضل أعمال شهر شعبان.
9- الالتفات إلى أهميّة اليوم الثّالث، وهو يوم ميلاد سيّد الشّهداء عليه السّلام. يُستحبُّ صيامه، وقراءة دعاء: «أللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هذا اليَوْمِ..»، وأيضاً قراءة دعائه عليه السّلام في العاشر من محرّم، يومَ كُوثِر: «أللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي المَكانِ..».
10- الأسبوع الأخير من الشّهر، وتدارُك ما فات وفق البرنامج الذي حدّده الإمام الرّضا صلوات الله عليه، وملاحظة أن آخر ليلة فيه، هي اللّيلة الأولى من شهر رمضان المبارك.
المراقبات المُشتركة لِشهر شعبان
عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «هذا غرّة شعبان، وشُعَبُ خيراته: الصّلاة، والصّوم، والزّكاة، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، وبرُّ الوالدين والقرابات، والجيران، وإصلاحُ ذات البَيْن، والصّدقة على الفقراء والمساكين..».
لقد جمع أميرُ المؤمنين عليه صلوات الرّحمن، في هذا الجانب من النّص كلّ ما ينبغي أن نوليه اهتمامنا في شهر شعبان، وفي طليعتِها:
1) الصّلاة: شهر شعبان فترة زمنيّة باستطاعة المؤمن أن يتزوَّد فيها ومنها بما لا يُمكنه عادةً الحصول عليه، ومن ذلك الخشوع في الصّلاة وحضور القلب فيها، وهو هدفٌ للمؤمن عزيزُ المنال.
ولكلِّ ليلة من ليالي شعبان عدّة صلوات بعضها طويل «ثقيل»، وبعضُها «خفيف»، ويُمكن للمؤمن اختيار ما يناسب وقته وظروفه، إلّا أنّه لا ينبغي للمؤمن الذي واظب لسنين على مثل هذه المستحبّات، أن يظلّ معرضاً عن الصّلوات الطّويلة.
2) الصّوم: مطلوبٌ منّا أن نتدرّب في شهر شعبان ليكون صومُنا في شهر الله تعالى، من نوع ٍخاص، صوماً عن المعاصي والذّنوب. وقد وردت عدّة روايات في صوم شهر شعبان منها:
* عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «شَعبانُ شَهْري، وَرَمضانُ شَهرُ اللهِ، فَمَنْ صامَ يَوماً مِنْ شَهرِي كُنتُ شَفِيعَهُ يومَ القِيامةِ، وَمَنْ صَامَ يومينِ مِنْ شَهري غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقدّمَ مِنْ ذَنبِهِ، وَمَن صَامَ ثَلاثةَ أيام مِنْ شَهرِي قِيلَ لَهُ (طَهُرْتَ مِن ذُنوبِك) استأنِفِ العمَل».
* عن الإمام زين العابدين عليه السّلام: «...أُقْسِمُ بِمَنْ نَفْسِي بِيدِهِ لَقَدْ سَمِعتُ أبي الحُسَينَ عليه السّلام يقولُ: سَمِعْتُ أمِيرَ المُؤمِنينَ عليه السّلام يقولُ: مَنْ صَامَ شَعْبانَ حُبّاً لِرَسولِ الله صلّى الله عليه وآله وتَقَرُّباً إلى اللهِ، أحَبَّهُ اللهُ وقَرَّبَهُ إلى كَرامَتِه يوْمَ القِيامَةِ، وأوْجَبَ لَه الجَنَّةَ».
* عن الإمام الصّادق عليه السّلام لبعض أصحابه: «حُثَّ مَنْ فِي ناحِيتِك على صَوْمِ شَعْبان».
3) الصّدقة على الفقراء والمساكين: هناك شأنٌ خاصٌّ للصّدقة في شهرَي رجب وشعبان، وقد أورد السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة، عن داود بن كثير الرّقيّ، أنّه سأل الإمام الصّادق عليه السّلام عن أفضل ما يفعله المؤمن في شهر شعبان، فقال عليه السّلام: «..الصّدقة والاستغفار، ومَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فِي شَعْبانَ رَبّاها اللهُ كَما يُرَبّي أحَدُكُم فَصِيلَهُ [الفصيل: وَلد النّاقة] حتّى يوافِي يوْمَ القِيامَةِ وقَد صارَ مِثْلَ [جَبَل] أُحُد».
4) الاستغفار: سُئِلَ الإمام الرّضا عليه السّلام عن «أفضل الدّعاء» في شهر شعبان، فقال عليه السّلام: «الاستغفار. إنّ مَن استغفر في شعبان كلّ يوم سبعين مرّة، كان كَمَن استغفر في غيره من الشّهور سبعين ألف مرّة».
وقد وردت في الرّوايات صِيَغٌ مختلفة للاستغفار في شهر شعبان، وهي:
أ) أستغفرُ الله.
ب) (أستغفرُ اللهَ وأسألُه التّوبَة) سبعين مرّة يوميّاً.
ت) (أستغفرُ اللهَ الذي لا إلهَ إلّا هو الرّحمنُ الرّحيمُ الحيُّ القَيُّوم وأَتوبُ إليه) سبعين مرّة يوميّاً.
5) الصّلاة على النّبيّ محمّد وآله صلّى الله عليه وآله: من الأعمال العامّة في شهر شعبان، الإكثار من الصّلاة على النّبيّ وآله صلّى الله عليه وآله، فقد رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «وأكثِروا في شعبان من الصّلاة على نبيّكم وأهلِه».
وعنه صلّى الله عليه وآله: «أكثِروا من الصّلاةِ عليّ فإنّ الصّلاةَ عليّ نورٌ في القبرِ، ونورٌ على الصّراطِ، ونورٌ في الجنّة».
6) ألف مرّة (لا إلّا إله الله) = عبادة ألف سنة وأكثر: هذا التّهليل من جملة الأعمال العامّة التي يُؤتى بها في أيّ وقت من شهر شعبان، فقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن قال في شعبان ألف مرّة: (لا إِلهَ إِلّا اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلّا إِياهُ، مُخْلِصينَ لَهُ الدّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، كتبَ اللهُ له عبادةَ ألف سنة، ومحى عنه ذَنْبَ ألف سنة ".." وكُتب عندَ الله صِدِّيقاً».
7) المناجاة الشّعبانيّة: من الأعمال العامّة لشهر شعبان قراءة «المناجاة الشّعبانيّة» المرويّة عن أمير المؤمنين عليه السّلام، وهذه المناجاة التي يُدعى بها في كلّ يوم من هذا الشّهر المبارك، بل في كلّ أيّام العمر مطلقاً، هي غاية في الأهميّة، وقد ورد حولها أنّ الأئمّة جميعاً عليهم السّلام، كانوا يُناجون الله تعالى بها في شهر شعبان، فلا تَأْبَه بحملة مَن ضَرَبتهُم لَوْثة الغزو الثّقافيّ فصاروا يتذرّعون بأمورٍ ظاهرُها عِلم وباطنُها جَهل، والتزمْ رأيَ مرجعِ تقليدِك، وما لا تعرف فتواه وثبوت استحبابه فَأْتِ به برجاء المطلوبيّة، ولا يفتنْك المَحجوبون أو الغافلون.
قال العارف الجليل آية الله الملَكيّ التّبريزيّ قدّس سرّه: «إنّ هذه المناجاة مناجاةٌ جليلةُ ونعمةٌ عظيمة من بركات آل محمّدٍ عليهم السّلام يَعرف قدر عَظَمتها مَن كان له قلبٌ أو ألقى السّمع وهو شهيد».
ويؤكّد الإمام الخمينيّ قدّس سرّه أنّ «المناجاة الشّعبانيّة من أعظم المعارف الإلهيّة..». (مفاتيح الجنان، أعمال شهر شعبان العامّة)
8) دعاء الصّلوات عند الزّوال: قال الشّيخ الطّوسيّ عليه الرّحمة: «كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يدعو عند كلّ زوال من أيّامٍ شعبان، وفي ليلة النّصف منه، ويصلّي على النّبيّ صلّى الله عليه وآله بهذه الصّلوات: «أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ..»، إلى آخر الدّعاء. (مفاتيح الجنان، أعمال شهر شعبان العامّة)
9) الخميس من شعبان
لكلّ يوم خميس من شعبان أهمّية خاصّة، فعن مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: تتزيَّنُ السّماواتُ في كلّ خميسٍ من شعبان، فتقولُ الملائكة: إلَهنا اغفِرْ (لصائميه)، وأَجِبْ دعاءَهم، فمَن صلّى فيه ركعتَين، يقرأ في كلّ ركعة (فاتحة الكتاب) مرّة و(قل هو الله أحد) مائة مرّة، فإذا سلّم صلّى على النّبيّ صلّى الله عليه وآله مائة مرّة، قضى الله له كلّ حاجةٍ من أمر دينِه ودنياه..». وليوم الاثنين أيضاً أهميّة مشابهة، وقد ورد في النّبويّ الشّريف التّرغيب في صيامه ويوم الخميس.
المراقبات الخاصّة بأيّام شهر شعبان، ولَياليه
اللّيلة الأولى، ويومُها: وَرَد الحثُّ على التّصدّي لرؤية هلال شعبان وهلال العيد بشكلٍ خاصّ. قال العلّامة الحلّيّ في (التّذكرة): « يُستَحبُّ التّرائي للهلال ليلة الثّلاثين من شعبان ورمضان، وتطلُّبُه، ليَحتاطوا بذلك لصيامهم، ويسْلموا من الاختلاف».
وللّيلة الأولى من شعبان، عدّة صلوات ذكرها السّيّد في (الإقبال)، منها صلاة مئة ركعة مرويّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات ثواب عظيم، في كلّ ركعة (الحمد) مرّة، و(التّوحيد) مرّة، وبعد الفراغ منها يقرأ (الحمد) خمسين مرّة. ورد في ثوابها عن النّبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله: «..والّذي بَعَثَني بالحقِّ نبيّاً أنَّه إذا صلَّى هذه الصَّلاة وصامَ العبدُ، دَفَعَ اللهُ تعالى عنهُ شَرَّ أهلِ السَّماءِ وشَرَّ أهلِ الأرضِ وشَرَّ الشَّياطين والسَّلاطين ".." ويَرفعُ عنهُ عذابَ القبرِ ".." ويَمُرُّ على الصِّراطِ كالبَرقِ..».
* واليوم الأوّل من شعبان، يفضلُ صيامه كثيراً.
اليوم الثّالث: قال الشّيخ الطّوسيّ عليه الرّحمة: «خرج إلى القاسم بن العلاء الهمدانيّ وكيل أبي محمّد [الإمام العسكريّ] عليه السّلام أنَّ مولانا الحسين عليه السّلام وُلد يوم الخميس لثلاثٍ خَلَوْن من شعبان، فصُمْهُ وادعُ فيه بهذا الدُّعاء: أللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هذا اليَوْمِ الموعودِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَوِلادَتِهِ..».
أضاف الشّيخ الطّوسيّ: «ثمّ تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين عليه السّلام، وهو آخرُ دعاءٍ دعا به عليه السّلام يوم كُوثر: أللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي المَكانِ عَظِيمُ الجَبَروتِ شَدِيدُ المِحال..». وقد ورد عن الإمام الصّادق عليه السّلام تأكيده أنّ هذا الدّعاء من أدعية اليوم الثّالث، يومِ ولادة الإمام الحسين عليه السّلام. (مفاتيح الجنان، أعمال شعبان الخاصّة)
اليوم الرّابع: يومُ ولادة سيّدنا ومولانا أبي الفضل العبّاس عليه السّلام، فمَن كانت له إلى اللهِ حاجة فليَصُم يوم الرّابع من شعبان لأنّه في حدّ ذاته قد وَرد الحثُّ على صيامه، فكيف إذا صامه المؤمن بنيّة إهداء هذا الثّواب إلى أبي الفضل العبّاس عليه السّلام، وطَلب حاجتِه من الله تعالى ببركة باب الحوائج؟ وكيف إذا ضمّ المؤمنُ إلى صيامه عن روح أبي الفضل عدّة آلاف من «أللَّهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمَّدٍ» هديّةً إلى روح أمِّ البنين، أمِّ أبي الفضل عليه السّلام؟ فلنُجرِّب هذا النّذر، ونطلب من الله تعالى حاجتَنا ونحن نَقِفُ ببابِ الكريم ابن الكرام، حاملِ راية كربلاء، وساقي العُطاشى عليه السّلام.
اللّيالي البيض: عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «أُعطيَتْ هذه الأمّة ثلاثة أشهرٍ لم يُعطَها أحدٌ من الأُممِ، رَجب وشَعبان وشهر رَمضان، وثلاثَ ليالٍ لمْ يُعطَ أحدٌ مثلها، ليلةَ ثلاث عشرة وليلةَ أربع عشرة وليلة خمس عشرة مِن كلّ شهر..».
ليلة النّصف من شعبان، ويومها: هي ليلةُ ميلاد مولانا صاحب العصر والزّمان أرواحنا فداه، وهي جليلةُ القدر، عظيمةُ المَنزلة، ويومُها مثلُها، وهما أفضل أوقات شعبان على الإطلاق. وقد بلَغ قدرُها إلى حدّ أنّها من اللّيالي القلائل التي وَرد الحثُّ الكبير على إحيائها، وتؤكّد الرّوايات أنّنا أمام ليلةٍ لا تفوقُها ليلةٌ سوى ليلة القدر، بل إنَّ هناك قاسماً مشتركاً بينهما، وهو أنَّ الأمور تُقدَّر في ليلة القدر، وتُقدَّر أيضاً في ليلة النّصف من شعبان.
* عن رسول الله صلّى الله عليه وآله:
1- «إنَّ لله خِياراً من كلِّ ما خَلَقه، فأمّا خِيارُه من اللّيالي فَلَيالي الجُمَع، وليلةُ النّصف من شعبان، وليلةُ القدر، ولَيْلتا العيدَين».
2- «عليُّ بن أبي طالب في آل محمَّدٍ كَأفضلِ أيّام شعبان ولياليه، وهو ليلةُ نصفِه ويومُه».
3- «مَن أَحيَا ليلةَ العيد وليلةَ النّصف من شعبان، لم يَمُتْ قلبُه يومَ تَموتُ القلوب».
ويُبيِّن لنا السّيّد ابن طاوس أنّ النّعمة الإلهيّة الجليلة، نعمة الإمام المهديّ، هي إحدى بركات المصطفى الحبيب وكراماته صلّى الله عليه وآله، فلقد وَعد اللهُ عزَّ وجلَّ رسولَه المصطفى صلّى الله عليه وآله أن يُظهر دِينَه على الدّين كلّه، ويتحقّق هذا الوعدُ لِرسول الله صلّى الله عليه وآله على يد وصيِّه المهديّ صلوات الله عليه.
ويؤكّد آيةُ الله الملكيّ التّبريزيّ ضرورةَ «أنْ يَعمل الإنسانُ في هذه اللّيلة عَملَ مودِّعٍ للدُّنيا».
وقد وردت في هذه اللّيلة عدّة أعمال، أهمّها إحياؤها حتّى الصّباح «بالصّلاة والدّعاء»، وفق تعبير الشّيخ المفيد رضوان الله عليه. ومن أبرز أعمالها أيضاً:
1- زيارة سيّد الشّهداء عليه السّلام، وعدّها الشّيخ الطّوسيّ «أفضل الأعمال في هذه اللّيلة».
2- قراءة دعاء: «أللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا هذِهِ وَمَوْلُودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِهَا..».
3- عدّة صلوات، منها: ركعتان بكيفيّة محدّدة، تليها أذكار، وقراءة دعاء: «يا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجَأُ الْعِبادِ فِي الْمُهِمّاتِ..». وصلاة مئة ركعة، وردّ أنّها تُوجِب غفران مئة موبِقة موجِبة للنّار. وصلاة جعفر الطّيّار، وصلاة اللّيل بكيفيّة خاصّة.
4- مائة مرّة التّسبيحات الأربعة. وقراءة «دعاء كُميل».
5- دعاء رسول الله صلّى الله عليه وآله في سجوده ليلة النّصف من شعبان: «سَجَدَ لَكَ سَوادي وَخَيالي، وَآمَنَ بِكَ فُؤادي..». (مفاتيح الجنان، أعمال شعبان الخاصّة)
ويوم النّصف من شعبان، غاية في الفضيلة، وقد ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله الحثّ على الاهتمام به.
الجمعة الأخيرة من شعبان: عن أبي الصَّلْت - من أصحاب الإمام الرِّضا عليه السّلام - قال: «دخلتُ على الرِّضا عليه السّلام في آخر جمعة من شعبان، فقال: يا أبا الصَّلْت، إنّ شعبان قد مضى أكثرُه، وهذا آخر جمعة فيه، فتَدَارك، في ما بقي منه، تقصيرَك في ما مضى منه.
1- وعليك بالإقبال على ما يَعنيك وتَرْكِ ما لا يعنيك. 2- وأكثِر من الدُّعاء، 3- والاستغفار، 4- وتلاوةِ القرآن. 5- وتُبْ إلى الله من ذنوبك، ليُقبلَ شهرُ الله إليك وأنت مخلصٌ لله عزَّ وجلَّ. 6- ولا تدعنَّ أمانةً في عُنُقك إلَّا أدَّيتَها. 7- ولا في قلبك حقداً على مؤمنٍ إلَّا نزعتَه. 8- ولا ذنباً أنت مرتكبُه إلَّا أقلعتَ عنه. 9- واتَّقِ الله. 10- وتوكَّل عليه في سرِّ أمرِك وعلانيتِه، ﴿..وَمَن يَتَوكَّل عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه إنّ اللهَ بالغُ أمرِه قَد جعلَ اللهُ لكلّ شيءٍ قَدْراً﴾. 11- وأَكثِر مِن أنْ تقول في ما بقي من هذا الشّهر: "أللّهمّ إنْ لم تكُن قد غفرْتَ لنا في ما مضى من شعبان، فاغفِر لنا في ما بقيَ منه"، فإنَّ الله تبارك وتعالى يعتقُ في هذا الشّهر رقاباً من النّار لِحُرمة شهر رمضان».
* هذه المادّة مختصرة من كتاب (مناهل الرّجاء – أعمال شهر شعبان) للشّيخ حسين كوراني
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.