هذا
الملفّ
الدّعاء
للمعصوم: من أولويّات
خصائص المؤمن أن يكونَ دعاؤُه لرسول الله صلّى الله عليه وآله، وأهلِ بيته
المعصومين، ولإمامِ زمانه بالخصوص أكثرَ من دعائه لنفسه، ليلتزم بذلك ما بلَّغه
المصطفى الحبيب عن الله تعالى: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتّى أَكونَ أَحَبَّ
إلَيهِ من نَفْسِه، وتَكونَ عِترَتي أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ عِترَتِه».
وعلى هذا
الأساس ينبغي أن نفهم تأكيد العلماء أنّ الدّعاء للإمام، والصّدَقة عنه عليه
السّلام - وسائر الأعمال المُستحبّة مثلهما - مُقدّمٌ على النّفس في كلّ حال.
قال
السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:
«فكُن في موالاته،
والوفاء له، وتعلُّق الخاطر به، على قَدْرِ مُرادِ الله جَلَّ جَلالُه،
ومُرادِ رسوله صلّى الله عليه وآله، ومُراد آبائه عليهم السّلام ومُراده عليه
السّلام منك، وقَدِّمْ حَوائِجَهُ
على حَوائِجِكَ عند صلاة الحاجات كما ذكرناه في كتاب (المُهمّات
والتّتمّات)، والصّدقة عنه قبل الصّدقة عنك، وعمّن يعزّ عليك، والدّعاء
له قبل الدّعاء لك، وقدِّمْه في كلّ خير يكون وفاءً له ومُقْتضياً
لإقبالِه عليك، وإحسانِه إليك، فاعرضْ حاجتَك عليه [كلّ اثنَين وخميس] من كلّ
أسبوع، لما يجب له من أدب الخضوع، وقُلْ عند خطابه، بعد السّلام عليه، بما ذكرناه
في أواخر الأجزاء من كتاب (المُهمّات) من الزّيارة التي أوّلها (سَلامُ اللهِ
الكامل):
﴿..يَا
أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ
فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾
يوسف:88».
وسَيأتي في
مطاوي هذا الباب «الدّعاء» أنّ عدداً من الأئمّة كانوا يدعون للإمام المهديّ،
عليهم جميعاً صلوات الرّحمن، الأمر الذي يُعطي بُعداً آخر نوعيّاً لموضوع الدّعاء
له عليه السّلام.
ويَنبغي
التّنبّه جيّداً إلى أنّ جوهر الدّعاء للمعصوم هو توسّلٌ إلى الله تعالى بالمعصوم،
لأنّ المُحتاج، حقيقةً، إلى هذا الدّعاء وإلى نتائج استجابته هو الدّاعي. لذلك
أمكن القول إنّ جميع موارد الدّعاء للمعصوم هي بمعنى «وتقبّلْ شَفاعَتَهُ في
أُمَّتِهِ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ»، أي لتتّسع دائرة مَن تُشفِّعه فيهم، فيرتفع
فينا منسوبُ الأمل بشمول الشّفاعة لنا.
*
على أبواب عصر الظّهور
مهما كان
الظّهور قريباً أو بعيداً، فإنّ هذا العصر هو من أبواب الظّهور المُرتقَب والمضمون
بضمانِ الله تعالى ورسوله صلّى الله
عليه وآله، وضمانِ أهل البيت
عليهم السّلام، وتَمسّ الحاجة في كلّ عصر - خاصّةً في عصر الانتصارات المُؤزَّرة،
القرن الخامس عشر الهجريّ الذي هو بتعريف عبد الله المُسّدد الإمام الخمينيّ قدّس سرّه «قرن تحطيم الأصنام الكبيرة» -تَمسّ الحاجة
إلى تمتين المُؤمن علاقته بوليِّ الله الأعظم، آخر أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله.
من هنا
ارتأَتْ «شعائر» أن تُقدّمَ إلى المؤمنين تَتبُّعاً وافياً لأدعية زمن الغَيْبَة
التي تندرج تحت عنوان «الدُّعاء للإمام المهديّ عجّل الله
تعالى فرجه الشّريف»، وقد اقتبَسنا ذلك من كتاب (آداب عصر
الغَيبة) للشّيخ حسين كوراني، الذي راجع المادّة، وأضاف بعض التّوضيحات، وأعاد
تقديم الأدعية في عُنْوانَيْن:
الأوّل: من أدعية الأئمّة للإمام المهديّ عليه
السّلام.
الثّاني: أدعية لمعرفته، عليه السّلام، وتعجيل
الفَرَج.
تحت هذَين
العُنوانَيْنِ جَرى تقديم أربعة عشر دُعاءً من أدعية الغَيْبَة، وتجدر الإشارة إلى
أنّ مصادر هذه الأدعية، كلّها، قد وردت في الكتاب المذكور.
«شعائر»