صاحب الأمر

صاحب الأمر

28/05/2014

نورُ اللهِ الَّذي لا يَخْبُو


نورُ اللهِ الَّذي لا يَخْبُو

وجهُ الاستفادة من وجود الإمامعليه السّلام في غَيبته*

ــ إعداد: «شعائر» ــ

لا شكَّ في أنّ غيبةَ إمام العصر والزّمان صلوات الله عليه خسارةٌ كبيرةٌ للأُمّة وللعالَم، وأنّ البشريّة قد حُرمت من قسمٍ كبيرٍ من البركات المُتَوَقِّفة على حُضوره، ولكنّ قسماً منها لا يتوقّفُ على ذلك، فإنّه، صلواتُ الله عليه، كالشّمس لا يُمكن للغَيبة أن تمنعَ تأثيرَ أشعّتِها في قلوبِ المؤمنين النّقيّة، كما تنفذُ أشعّةُ الشّمس في باطن الأرض، وتُغذّي الجواهرَ النّفيسة وتُنمِّيها، ولا تستطيعُ الصّخورُ ولا طبقاتُ الأرض أن تمنعَ استفادتَها من أشعّتها.

وكما أنّ الاستفادة من الألطاف الخاصّة الإلهيّة لها طريقان:

الأوّل: الجهادُ في الله، بتصفية النّفس من الكدورات المانعة من انعكاس نور عنايته.

والثّاني: الاضطرار، فإنّه يرفعُ الحجابَ بين الفِطرة ومبدأ الفيض عزّ وجلّ: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ..﴾ النّمل:62، فكذلك الاستفادةُ من الإمام عليه السّلام، الّذي هو الواسطةُ للفيض الإلهيّ، تتيسَّر بطريقَين:

الأوّل: التّزكية فكراً وخُلُقاً وعملاً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت:69، «..أَمَا تَعْلَم أنَّ أَمْرَنا هَذا لا يُنالُ إلَّا بالوَرَع».

الثّاني: الاضطرارُ والانقطاعُ عن الأسباب المادّيّة. وكَم من المضطرّين الّذين تقطَّعت بهم السُّبُل، توسّلوا إلى الله تعالى بِغَوْثِ الوَرى واستَغاثوا به، فاستجابَ اللهُ لهم.

ختاماً، نعترف بالقصور والتّقصير في ساحة الإمام المقدّسة، فهو الّذي أتمّ اللهُ به نورَه، وبوجوده كلمتَه، وهو الّذي كمالُ الدِّين بالإمامة وكمالُ الإمامة به، وقد ورد في الدّعاء له في ليلة ميلاده: «أللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا هَذِهِ وَمَوْلُودِها، وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها، الَّتِي قَرَنْتَ إِلى فَضْلِها فَضْلاً، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ، نُورُكَ المُتَأَلِّقُ، وَضِياؤُكَ المُشْرِقُ، وَالعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْياءِ الدّيْجُورِ، الغائِبُ المَسْتُورُ، جَلَّ مَوْلِدُهُ وَكَرُمَ مَحْتِدُهُ، وَالمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ، وَاللهُ ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إذا آنَ مِيعادُهُ، وَالمَلائِكَةُ أَمْدادُهُ، سَيْفُ الله الَّذِي لا يَنْبُو، وَنُورُهُ الَّذِي لا يَخْبُو، وَذُو الحِلْمِ الَّذِي لا يَصْبُو..».

[طَخْياءِ الدّيْجُورِ: الطّخياء: الظّلمة الشّديدة. الدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، ووصفوا به فقالوا: ليلٌ دَيْجُورٌ وليلة دَيْجُورٌ]

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا..﴾ يونس:5، وفي وجوده عليه السّلام جُمِعَ الشّمسُ والقمر، وشتّانَ ما بين شمسِ سماء الدّنيا وقمرها، وشَمسِ سماء الملأ الأعلى وقمرِها.

والفارقُ بينهما أن الشّمس والقمرَ ضياءٌ ونور، ولكنّ المهديَّ نورُ الله المتألِّق، وضياءُ اللهِ المُشرق، وظهورُه تأويلُ قولِه تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا.. ﴾ الزُّمر:69، فإذا كان البصرُ مُنقطعاً عن إحساسِ جِرم  الشّمس [أو جَرم الشّمس، بفتح الجيم، وهو حَرُّها] الّتي جَعلَها اللهُ ضياءً، فكيف لا تكون البصيرةُ مُنقطعةً عن إدراك حقيقة الشّمس المُضيئةِ بضياءِ الله تعالى.

لقد جفَّ القلمُ عن تحرير القدرة الإلهيّة المُدَّخرة في وجود مَن هو سيفُ الله الّذي لا ينبو، وكلَّ البيانُ عن تقرير العلم الّذي أشرق [به] اللهُ على قلب مَن هو نورُ الله الذي لا يَخبو.

 

* (منهاج الصّالحين، الشّيخ وحيد الخراسانيّ، ج 1/ ص 499)

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

29/05/2014

دوريّات

نفحات