احذر الغُلوّ، واحذر التّقصير في حقّ المعصومين
عليهم السّلام
الغُلاة شَرٌّ من الّذين
أشركوا
ـــــ العلّامة المجلسيّ قدّس سرّه ـــــ
في (الكافي)
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر عليه السّلام: «يَا مَعْشَرَ
الشِّيعَةِ، شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ، كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى، يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ
الْغَالِي، ويَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي. فَقَالَ لَه رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ
لَه سَعْدٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْغَالِي؟
قَالَ: قَوْمٌ
يَقُولُونَ فِينَا مَا لَا نَقُولُه فِي أَنْفُسِنَا، فَلَيْسَ أُولَئِكَ مِنَّا ولَسْنَا
مِنْهُمْ. قَالَ: فَمَا التَّالِي؟
قَالَ: الْمُرْتَادُ
يُرِيدُ الْخَيْرَ، يُبَلِّغُه الْخَيْرَ يُؤْجَرُ عَلَيْه..».
النّصّ الآتي،
هو مُختصر مقدّمة بحثٍ مُطّولٍ ورد في الجزء الخامس والعشرين من (بحار الأنوار)
للعلّامة المجلسيّ، حول معنى الغلوّ في المعصومين عليهم السّلام.
رُوي عن
الإمام الصّادق عليه السّلام: «اِحْذَروا
عَلى شَبابِكُمُ الغُلاةَ، لا يُفْسِدوهُمْ، فَإنَّ الغُلاةَ شرُّ خَلْقِ الله، يُصَغِّرونَ
عَظَمَةَ اللهِ، وَيَدَّعونَ الرُّبوبِيَّةَ لِعبادِ اللهِ، وَاللهِ إنَّ الغُلاةَ
لَشَرٌّ مِنَ اليَهودِ وَالنَّصارى وَالمَجوسِ وَالّذين أَشْرَكوا.
ثمّ قال عليه السّلام:
إِلَيْنا يَرْجِعُ الغالي فَلا نَقْبَلُهُ، وَبِنا يَلْحَقُ المُقَصِّرُ فَنَقْبَلُهُ.
فقيل له: كيف ذلك
يا ابن رسول الله؟
قال: الغالي
قَدِ اعْتادَ تَرْكَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَالصِّيامِ وَالحَجِّ، فَلا يَقْدِرُ عَلى
تَرْكِ عادَتِهِ، وَعَلى الرُّجوعِ إِلى طاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَداً، وَإنَّ
المُقَصِّرَ إِذا عَرَفَ عَمِلَ وَأَطاعَ». ".."
اِعلم أنَّ الغلوَّ
في النّبيّ والأئمّة عليهم السّلام إنّما يكون:
1- بالقول بِأُلوهيّتهم.
2- أو بكَونهم
شركاءَ لله تعالى في المعبوديّة أو في الخَلق والرِّزق.
3- أو أنَّ الله
تعالى حلَّ فيهم أو اتَّحد بهم.
4- أو أنّهم يعلمون
الغَيب بغير وحيٍ أو إلهامٍ من الله تعالى.
5- أو بالقول في
الأئمّة عليهم السّلام أنّهم كانوا أنبياء.
6- أو القول بِتَناسُخِ
أرواح بعضهم إلى بعض.
7- أو القول
بأنَّ معرفتهم تُغني عن جميع الطّاعات، ولا تكليفَ معها بترك المعاصي.
والقولُ بكلٍّ
منها إلحادٌ وكفرٌ وخروجٌ عن الدِّين، كما دلّت عليه الأدلّة العقليّة، والآيات، والأخبار
السّالفة، وغيرها.
وقد عرفتَ أنَّ
الأئمّة عليهم السّلام تبرَّؤوا منهم
[من القائلين
بما تقدّم]، وحكموا بكفرهم وأمروا بقتلهم،
وإنْ قَرَعَ سَمْعَكَ شيءٌ من الأخبار المُوهِمة لشيءٍ من ذلك، فهي إمّا مُؤَوّلة،
أو هي من مفتريات الغُلاة.
ولكنْ أفرط بعض
المُتكلِّمين والمُحدِّثين في الغلوّ لقصورهم عن معرفة الأئمّة عليهم السّلام، وعَجزِهم عن
إدراك غرائب أحوالهم وعجائبِ شؤونهم، فقَدَحوا في كثيرٍ من الرّواة الثّقات لنَقلِهم
بعضَ غرائبِ المعجزات ".." مع أنّه قد ورد
في أخبار كثيرة: «لا تَقولوا فِينا رَبّاً، وقُولوا ما شِئتُم ولنْ تَبلُغوا»،
ووَرد: «أَمْرُنا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لا يَحْتَمِلُهُ إلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ،
أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ للإيمان»
".." وغير ذلك.. [انظر: الأصول من الكافي:
ج 1، ص 401 فما بعد، دار الكتب الإسلاميّة، طهران]
فلا بدّ للمؤمن
المُتديِّن أن لا يبادر إلى ردِّ ما ورد عنهم من فضائلهم، ومعجزاتهم، ومعالي أمورهم،
إلَّا إذا ثبت خلافُه بضرورة الدِّين، أو بقواطِع البراهين، أو بالآيات المُحكمة، أو
بالأخبار المُتواترة. ".."