خصائصُ وصفات المجتمع الوهّابيّ - السّعوديّ
بحثٌ اجتماعيّ للدّكتور أنور عبد الله
ـــــ إعداد: أسرة التّحرير ـــــ
الكتاب: خصائصُ وصفات المجتمع الوهّابيّ – السّعوديّ (بحثٌ سوسيولوجي – أنتروبولوجي)
المؤلّف: د. أنور عبد الله
النّاشر: مكتبة الشّرق، باريس 2005م
لا يبالغُ الدّكتور أنور عبد الله في نقد المجتمع السّعوديّ، وتفنيدِ آفاته
النّفسيّة، والاجتماعيّة، والسّياسيّة، جرّاء تحكّم الوهّابيّة في كلَّ مفاصلِ الحياة،
وخَنْقِها الإبداعَ وقَمْعِها الحريّاتِ... فهل يستطيعُ ذلك المجتمعُ الصّمود، أم أنّه
يحملُ في داخله بذورَ الانفجار؟
أسباب صمود التّجربة
السّعوديّة - الوهّابيّة
يمهّد المؤلّف لكتابه بمقدّمة طويلة ومهمّة، يعرض فيها إشكاليّةً
من خلال طرح السّؤال حول سرّ نجاح الوهّابيّة - السّعوديّة خلال ثلاث أحقاب
تاريخيّة، خلافاً للمثل المشهور: «التّاريخ لا يكرّر نفسَه». فهذه التّجربة «الدّينيّة»
السّياسيّة الرّجعيّة انطلقت من منطقة «نَجْد» لتشملَ بعض أجزاء الجزيرة العربيّة،
ثمّ تنكمش بسرعة وتسقط منهارة، ثمّ لا تلبث أن تعود بعد فترةٍ قصيرة، لتستلم
السّلطة وتدير المجتمع والإنسان حسبَ رغبتها وإرادتها دون رقيب... فلماذا شذّت
الأسرة السّعوديّة - الوهّابيّة عن القاعدة العامّة في مسار تاريخنا، وكرّرت نفسَها
ثلاث مرّات؟! هل هذا عائدٌ إلى تزّمتها الدّينيّ والقَبَليّ، أم هناك عوامل
اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة وسياسيّة داخل المجتمع، في الجزيرة العربيّة،
وتحديداً في منطقة نَجْد؟
وقبل أن يغوص المؤلّف في المجتمع السّعوديّ عامّة،
والنّجديّ منه خاصّة، في فصول كتابه الثّلاثة، يرى أنّ نجاح التّجربة السّعوديّة -
الوهّابيّة في فَرْض هيمَنتِها يعود إلى أربعة عوامل، هي:
1 – جَدليّة الصّحراء: إنّ منطقة نَجْد هي المعقل الأساسيّ للبَداوة، وعلى مرّ
العصور انطلقت منها موجاتٌ بشريّةٌ جائعةٌ وغازية، وفي العصر الحديث كان الهجوم
على الكويت عام 1921م، وعلى العراق بين عامَي 1923 و1925م.
2 – غيابُ مؤسّسات الدّولة: خَلَتْ هذه المنطقة من أبسط صوَر الدّولة وملامحها، ما
جعلَ منطقَ البداوة يُهيمن على الحياة، فسمحَ بتَغَلغُل الوهّابيّة المنسجمة مع
عقليّة البدويّ.
3 – دور مشايخ الوهّابيّة: كان مشايخ الوهّابيّة الفئةَ المتعلّمةَ آنذاك في نجد،
فقاموا بتعليم الصّبية مبادىء القراءة والكتابة، وتسهيل الأمور المُتعلّقة
بالأحوال الشخصيّة، وهذه الفئة الاجتماعيّة هي التي شكَّلتْ دوماً البذرة
الأساسيّة القويّة لعودة التّجربة الوهّابيّة من جديد.
4 – دور القبائل البدويّة: استطاعت الوهّابيّة - السّعوديّة استقطابَ البَدو في نَجد
تحت شعار «الجهاد»، حتّى أصبحوا قوّةً ضاربةً ومُخيفةً للأعداء، في الدّاخل
والخارج.
فصولُ الكتاب
عالج الدّكتور أنور عبد الله أحوالَ المجتمع السّعوديّ -
الوهّابيّ في ثلاثة فصول، مدرِجاً تحتَ كلّ فصل عناوينَ متعدّدة، مفصّلاً الحديث
حولَها، ومستشهداً بأَمثِلة حيّة؛ نختصرُ مضامينَها على الشّكل التّالي:
* الفصل الأوّل: خصائصُ
المجتمع الوهّابيّ- السّعوديّ (مجتمعُ الإجبار والإكراه)، ويتضمّن:
1- مجتمعُ الفتوى: المجتمعُ السّعوديُّ مجتمعُ الفتوى بامتياز، وهذه
الفتاوى هي مَدخَلٌ لعبور بوّابة الوهّابيّة بأمان، ولذلك يُمطرُ رجال الدّين
الوهّابيّون السّكّانَ بأكثر من ألف فتوى سنويّاً.
2- مجتمعُ اللّاءات: تتحكّم بالمجتمع السّعوديّ كتلةٌ من التّحريمات
واللّاءات الوهّابيّة لتَشُلَّ قدرةَ المواطن على الإبداع والتّفكير السّليم.
3- مجتمعُ الغَصب: إنّ قادةَ المؤسّسة الدّينيّة الوهّابيّة يُدركون أنّ
جميعَ ما يصدرُ عنهم من فتاوى وإرشادات، لا يُمكن ترجمتُها على أرض الواقع إلّا
باتّباع «الغَصب» اليوميّ لإجبار عامّة النّاس على الامتثال للأوامر والنّواهي
الصّادرة عنهم.
4- مجتمعُ النّصيحة (مجتمعٌ قاصر): يتعاملُ الوهّابيّون مع أفراد مجتمعِهم على أنّهم
قاصرون، ويجب عليهم الرّجوع، في كلّ شاردة وَواردة، إلى المؤسّسة الدّينيّة
الوهّابيّة، ما جعلَ طاقةَ الإبداع تَخبو عندَهم، وعزّزَ شعورَهم بالنّقص اتّجاه
القضايا العالميّة الكبرى.
5- مجتمعُ الصّمت والسّكوت والسّكون: يمثِّلُ الشّعار الوهّابيّ: «لا للحُزن، لا للفرَح، لا
للتّجَمهُر، لا للتّظاهر، لا للجَدل» أكثر العناوين الدّينيّة - السّياسيّة
تطبيقاً على أرض الواقع.
6- مجتمعُ التّفكُّك: ظاهراً، يتجلّى المجتمع السّعوديّ بأنّه مجتمعٌ متماسك،
إلّا أنّه يحملُ في باطنِه عواملَ الانفجار لانتفاءِ المساواة بين المواطنين، حيث
يُعامَلُ الشّيعةُ، مثلاً، بأنّهم كفّار لا يحلّ الزّواج منهم، أو الأكل من
ذبائحهم، ويُحرَمون من حقوق كثيرة داخلَ بلدِهم.
7- مجتمعُ الإنسان المسَيَّر: تشترك الوهّابيّة مع الجَبريّة، في القَول: إنّ الإنسان
مُسَيَّرٌ، وإنّ سلطتَهم مستمدّةٌ من الله تعالى، بهدف ترويض المجتمع، وتمريرِ
مخطّطاتهم السّياسيّة.
8- مجتمعُ الطّاعة: لم تتوقّف الوهّابيّةُ عندَ حدود الطّاعة السّياسيّة،
بل ألزمت المجتمعَ بالطّاعة المطلَقة على الصُّعد كافّة، فسَلخت الإنسانَ من
إنسانيّته، وجعلَته كآلةٍ صمّاءَ تُدارُ بالتّيّار الوهّابيّ.
9- مجتمعُ الاتّكاليّة الجَوفاء: إذا كان الاتّكالُ على الله تعالى بالعَمل، فإنّ
الوهّابيّةَ عمدت إلى ترويجِ الاتّكالِ الأجوَف، بهدف شَلِّ قُدُرات الإنسان
الإبداعيّة، التي بها يصنعُ الحضارة ويسايرُ التَّطوّر.
10- مجتمعُ الرّقابة الشّموليّة: يخضعُ المجتمعُ السّعوديُّ إلى رقابةٍ ذات رأسَين:
دينيّ ومدَنيّ. ومن أمثلة الرّقابة الدّينيّة المثيرة: رَقابةُ الشّمّ، حيث يشمُّ
المطاوعة النّاسَ للتّأكُّد من عدم تناول الخمور؛ ورقابة الأسماء: أسماء المواليد،
وأسماء المحلّات، والشّوارع إلخ... وأخطرُ رقابة هي تلك التي تنطلق من نَجْد،
وتعيقُ كلَّ تقدّمٍ وتطوّر.
* الفصل الثّاني: مجتمع الظّواهر:
وتحتَه العناوينُ التّالية:
1- ظاهرةُ الجِنّ: تكثرُ في المجتمع الوهّابيّ ظاهرةُ الاهتمام بعالَم
الجنّ، ولا سيّما بين النّساء، ويتساءلُ الكاتب: لماذا لم يخرج الجنُّ وسطَ
الأميرات السّعوديّات؟ سببُ ذلك شعورُ عامّة النّساء بالقَهر والحرمان والكَبت،
بعكسِ الأميرات، ما يدفعُهنّ إلى تصوّر عوالمَ متخيّلة، واللّجوء إلى المشعوذين
الرّجال. ولا تؤثّر تلك الظّاهرة في مجتمعات المناطق الشّرقيّة والجنوبيّة
للمملكة، للتّفكير الدّينيّ المغاير للوهّابيّة القامعة.
2- ظاهرةُ الفتنة: يُقحِمُ الوهّابيّون كلمةَ فتنة أو بِدعة عندَ استشعارِهم
بكلّ ثورةٍ أو تَجديد.
3– ظاهرةُ الزّواج مع نيّة الطّلاق غير المُعلَنَة: تروِّجُ لهذا الصّنف من الزّواج، «مكاتبُ الخطوبة» في
المملكة، فتقعُ الفتيات ضحايا «الخاطبة» الغشّاشة، واستغلالِ كثيرٍ من الرّجال
لهذه الظّاهرة عبر زواجٍ لا يدومُ أكثرَ من أسابيع قليلة.
4- ظاهرةُ التّعصُّب الأعمى: تُوصَم الوهّابيّة بتَعصُّبها، وهو ما ينعكسُ على
المجتمع كُرهاً وبُغضاً للآخر، إلى جانب تشدُّدها في أمورِ الدّين، بخلاف روح
الشّريحة السّمحاء.
5- ظاهرةُ الخوف: تشيرُ الدّراسات إلى إحساس النّاس بعدمِ الأمان من
المستقبل، والخوفِ الجاثمِ على صدورِهم في كثيرٍ من الأَصعدة.
* الفصل الثّالث: خلاصة التّجربة
الوهّابيّة - السّعوديّة: وتحته هذه العناوين الفرعيّة:
خَلْقُ مجتمع العوالم الأربعة (الأمراء، ومشايخ
الوهّابيّة، وعامّة الشّعب، والعَمالة الأجنبيّة) - السّعي لشراء حضارة - التّطوُّر المُشَوَّه - فُقدان
الهويّة التّاريخيّة - تُركي حمد والعَولمة.