هذا
وشيعتهُ هم الفائزون يومَ القيامة
﴿..أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾
ـــــ
الإمام كاشف الغطاء قدّس سرّه
ـــــ
مصطلح (الشّيعة) يدّلُ على
معانٍ شتّى في اللّغة والأدب والشّرع. لكنّه، اصطلاحاً، يدلّ على طائفةٍ من
المسلمين، ناصَرتْ أميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالب، عليه السّلام، ووالتَه ديناً
ودُنيا.
قال
آية الله الشّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء في كتابه (أصل الشّيعة وأصولها): «إنّ أوّل
من وضع بذرة التّشيّع في حقل الإسلام هو نفسُ صاحب الشّريعة الإسلاميّة صلّى الله
عليه وآله، يعني أنّ بذرة التّشيّع وُضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جَنب، وسواءً
بسواء، ولم يَزَل غارسُها يَتعاهدُها بالسّقي والعناية حتّى نمتْ وأزهرتْ في
حياته، ثمّ أثمرتْ بعد وفاته.
وشاهدي على ذلك، نفسُ
أحاديثه الشّريفة، لا من طُرق الشّيعة ورواة الإماميّة حتّى يقال إنّهم ساقطون لأنّهم
يقولون (بالرّجعة)، أو أنّ راويَهم (يجرّ إلى قرصه)، بل من نفس أحاديث علماء السُّنة
وأعلامهم، ومن طُرقهم الوثيقة التي لا يظنّ ذو مُسْكةٍ [أي
ذو رأي وعقل] فيها الكذب والوضع، فمنها:
1) ما رواه السّيوطيّ
في كتاب (الدّرّ المنثور) في تفسير قوله تعالى: ﴿..أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ
الْبَرِيَّةِ﴾ البيّنة:7.
قال:
(أخرج
ابنُ عساكر، عن جابر بن عبد الله قال: كنّا عند النّبيّ، صلّى الله عليه [وآله]
وسلّم، فأقبل عليّ [عليه السّلام]،
فقال النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: وّالذي نَفْسي بِيَدِهِ، إِنَّ هذا
وَشيعَتَهُ لَهُمُ الفائِزونَ يَوْمَ القِيامَةِ.
ونزلتْ:
﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ
الْبَرِيَّةِ﴾، فكان أصحابُ النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، إذا أقبل عليّ [عليه
السّلام] قالوا: جاء خيرُ البَرِيّة...
وأخرج
ابن عديّ، عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ..﴾، قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لعليّ [عليه
السّلام]: هُوَ أَنْتَ وَشيعَتُكَ يَوْمَ القِيامَةِ
راضينَ مَرْضِيّينَ.
وأخرج
ابن مردويه، عن عليّ [عليه السّلام]،
قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: أَلَم تَسمع قولَ الله: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾،
أَنْتَ وَشيعَتُكَ، وَمَوْعِدي وَمَوْعِدُكُمِ الحَوْضَ، إِذا جاءَتِ [جَثَت] الأُمَمُ
للحِسابِ تُدْعَون غُرّاً مُحَجَّلينَ).
2)
وفي (نهاية) ابن الأثير ما نصّه في مادّة (قَمَحَ): (وفي حديث عليّ [عليه السّلام]،
قال له النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: ستَقْدَمُ على اللهِ أَنْتَ وَشيعَتُكَ
راضين مَرْضِيِّينَ، وَيَقْدَمُ عَلَيْهِ عَدُوُّكَ غِضاباً مُقمَحينَ؛ ثمّ
جمع يده إلى عنقه ليريَهم كيف الإقماح). [الإِقماح:
رفعُ الرّأْس وغَضُّ البصر].
3)
وأورد الزّمخشري في (ربيع الأبرار) أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وآله، قال: «يا
عَلِيُّ! إِذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ، أَخَذْتُ بِحُجْزَةِ اللهِ تَعالى، وَأَخَذْتَ
أَنْتَ بِحُجْزَتي، وَأَخَذَ وُلْدُكَ بِحُجْزَتِكَ، وَأَخَذَ شيعَةُ وُلْدِكَ بِحُجْزَتِهِمْ،
فَتُرى أَيْنَ يُؤْمَرُ بِنا؟». [أَصل الحُجْزة
موضع شدّ الإِزار، ثم قيل للإِزار حُجْزة، وبحُجْزة الله تعالى في الحديث، أَي بسببٍ
منه تعالى]
ولو
أراد المتتبّع لكُتب الحديث، مثل: (مسند الإمام أحمد بن حنبل)، و(خصائص النّسائيّ)
وأمثالهما، أن يجمع أضعاف هذا القدر، لكان سهلاً عليه». (مختصَر)
«ش ي ع: الشّين، والياء، والعَين، أصلان يدلّ الأوّل على مُعاضدة
ومُساعفة، والآخر على بثٍّ وإشادة.
الْأَوَّلُ:
قَوْلُهُمْ شَيَّعَ فُلَانٌ فُلَانًا عِنْدَ شُخُوصِهِ. وَيُقَالُ آتِيكَ غَدًا
أَوْ شَيْعَهُ، أَيِ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ، كَأَنَّ الثَّانِيَ مُشَيِّعٌ
لِلْأَوَّلِ فِي الْمُضِيِّ. وَيَقُولُ نَاسٌ: إِنَّ الشَّيْعَ الْمِقْدَارُ، فِي
قَوْلِهِمْ: أَقَامَ شَهْرًا أَوْ شَيْعَهُ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُشَيِّعَ
هُوَ الَّذِي يُسَاعِدُ الْآخَرَ وَيُقَارِنُهُ. وَالشِّيعَةُ: الْأَعْوَانُ
وَالْأَنْصَارُ.
الْآخَرُ:
شَاعَ الْحَدِيثُ.
(عن
معجم مقاييس اللّغة، لأحمد بن فارس)