المال في سيرة عليّ عليه السلام

المال في سيرة عليّ عليه السلام

31/05/2011

رواية «ابن دَأْب» من أعلام القرن الثاني الهجري

إعداد: جعفر سويد

«عيسى بن دَأْب» كان معاصراً لموسى الهادي العباسي (ت 170 هجريّة)، من أكثر أهل عصره أدباً وعلماً ومعرفة بأخبار الناس وأيّامهم. ذكر المسعودي في (مروج الذهب) بعض أخباره، ثمّ قال: «ولابن دأب مع الهادي أخبارٌ حِسان يطول ذكرها، ويتّسع علينا شرحها». وفي كتاب (الإختصاص) المنسوب إلى الشيخ المفيد خبرٌ طويل من هذه الأخبار الحسان، يتضمّن اختصاص أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام، بسبعين خصلة لم تجتمع لغيره.
تقدّم «شعائر» في ما يلي ما ورد في هذه الخصال حول سيرة عليّ عليه السلام في المال.


* قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، ما عملت في ليلتك؟
 قال: ولمَ يا رسول الله؟ قال: نزلت فيك أربعة معالي.
 قال: بأبي أنت وأمّي كانت معي أربعة دراهم فتصدّقت بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سرّاً، وبدرهم علانية، قال: فإنّ الله أنزل فيك ﴿الذين ينفقون أموالهم باللّيل والنهار سرّاً وعلانية فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ البقرة:274.
ثمّ قال له: فهل عملت شيئاً غير هذا، فإنّ الله قد أنزل عليّ سبع عشرة آية يتلو بعضها بعضاً من قوله: ﴿إنّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً﴾ إلى قوله: ﴿إنّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً﴾ الإنسان:5-22.

هَوانُ المال عند عليٍّ عليه السلام

(مِن) هوان ما ظفر به من الدنيا عليه، أنّه قال: «أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة»، ثمّ ترك التفضيل لنفسه وولده على أحد من أهل الإسلام.
«دخلت عليه أخته أمّ هاني بنت أبي طالب فدفع إليها عشرين درهماً، فسألت أمّ هاني مولاتها العجميّة، فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقالت: عشرين درهماً، فانصرفت مسخطة، فقال لها: إنصرفي رحمك الله، ما وجدنا في كتاب الله فضلاً لإسماعيل على إسحاق».
* «وبُعث إليه من البصرة من غَوْص البحر بتحفة لا يُدرى ما قيمتها، فقالت له ابنته أمّ كلثوم: يا أمير المؤمنين، أتجمَّلُ به ويكون في عنقي؟ فقال: يا أبا رافع أَدخِلْه إلى بيت المال ليس إلى ذلك سبيل، حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلّا ولها مثل ذلك».

القسمة بالسويّة

*«قام خطيباً بالمدينة حين وَلِيَ، فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار، يا معشر قريش، إعلموا والله أنّي لا أرزؤكُم من فيْئِكم شيئاً ما قام لي عِذق بيثرب، (..) ولأسوِّيَنَّ بين الأسود والأحمر.
فقام إليه عقيل بن أبي طالب فقال: لتجعلني وأسوداً من سودان المدينة واحداً؟!
فقال له: اجلس رحمك الله تعالى، أما كان ههنا من يتكلّم غيرك؟ وما فضْلك عليهم إلّا بسابقة أو تقوى».
*«ولَّى بيت مال المدينة عمّار بن ياسر وأبا الهيثم ابن التيهان فكتب: العربي والقرشي والأنصاري والعجمي وكلَّ من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم [سواء]، فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود فقال: كم تعطي هذا؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كم أخذت أنت؟ قال: ثلاثة دنانير، وكذلك أخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير، فلمّا عرف الناس أنّه لا فضل لبعضهم على بعض إلّا بالتقوى عند الله، أتى طلحة والزبير عمّار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فقالا: يا أبا اليقظان استأذن لنا على صاحبك.
قال: وعلى صاحبي إذن؟ قد أخذ بيد أجيره وأخذ مكتله ومسحاته، وذهب يعمل في نخلة في بئر الملك. (وكانت بئر ينبع سُمِّيت «بئر الملك»، فاستخرجها عليّ بن أبي طالب عليه السلام وغرس عليها النخل) فهذا من عدله في الرعيّة وقسمه بالسويّة».
*قال ابن دأَْب: «يحدِّث الناس أنّه كان يطعم الخبز واللّحم، ويأكل الشعير والزيت، ويختم طعامه مخافة أن يُزاد فيه، وسمع مِقْلَىً في بيته فنهض وهو يقول: في ذِمَّة عليّ بن أبي طالب مِقْلَى الكَراكِر [جمع كركرة: صوت القلْي]، قال: ففزع عياله، وقالوا: يا أمير المؤمنين إنّها امرأتك فلانة نُحِرت جَزُورٌ في حيِّها، فأُخذ لها نصيبٌ منها، فأهدى أهلها إليها، قال: فكلوا هنيئاً مريئاً، وإنّما خاف أن يكون هديّة من بعض الرعيّة، وقبولُ الهديَّة لوالي المسلمين خيانةٌ للمسلمين».

الفرق بين الإمام والمأموم

«استعدى زياد بن شدَّاد الحارثي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله على أخيه عبيد الله بن شدّاد فقال: يا أمير المؤمنين ذهب أخي في العبادة، وامتنع أن يساكنني في داري، ولبس أدنى ما يكون من اللِّباس. قال [أخوه]: يا أمير المؤمنين تزيّنتُ بزينتك، ولبستُ لباسك.
قال: ليس لك ذلك، إنّ إمام المسلمين إذا ولِيَ أمورهم، لبس لباس أدنى فقيرهم، لئلا يتبَّيغ [يَهيج ويطغى] بالفقير فقرُه فيقتله، فلأعلمنَّ ما لبستَ إلّا من أحسن زِيِّ قوْمك، ﴿وأمّا بنعمة ربّك فحدِّث﴾ فالعمل بالنعمة أحبُّ إليّ من الحديث بها».


خصائص علويّة

عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله لعليّ بن أبي طالب:
«يا عليّ، أنت صاحبُ حوضي، وصاحب لوائي، ومُنجز عِداتي، وحبيب قلبي،
ووارث علمي، وأنت مستودَع مواريث الأنبياء، وأنت أمين الله في أرضه،
 وأنت حُجّة الله على بريّته، وأنت ركن الإيمان، وأنت مصباح الدجى،
 وأنت منار الهدى، وأنت العَلم المرفوع لأهل الدنيا، مَن تبعك نجا،
 ومَن تخلّف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح، وأنت الصراط المستقيم،
 وأنت قائد الغُرِّ المُحجَّلين، وأنت يَعسوب المؤمنين، وأنت مولى مَن أنا مولاه،
 وأنا مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة، لا يُحبّك إلّا طـاهر الولادة، ولا يُبغضك إلّا خبيث الولادة،
 وما عرج بي ربّي عزّ وجلّ إلى السماء قطّ وكلّمني ربّي إلّا قال لي:
 يا محمّد، أَقرىء عليّاً منّي السلام، وعرِّفْه أنّه إمام أوليائي، ونور أهل طاعتي،
 فهنيئاً لك -يا عليّ- على هذه الكرامة
».






اخبار مرتبطة

  إصدارات : دوريات

إصدارات : دوريات

02/06/2011

  إصدارات : كتب أجنبية

إصدارات : كتب أجنبية

02/06/2011

  إصدارات : كتب عربية

إصدارات : كتب عربية

02/06/2011

نفحات