أوّل قتال بين المسلمين بعد النبيّ صلّى الله عليه
وآله
في (أنساب الأشراف)
للبلاذري أنّ الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط - والي عثمان على الكوفة - شرب فسكِر
فصلَّى بالناس الغداة ركعتين ثمّ التفت فقال: أزيدكم؟
فقالوا: لا، قد قضينا
صلاتنا، ثمّ دخل عليه بعد ذلك أبو زينب، وجندب بن زهير الأزدي، وهو سكران، فانتزعا
خاتمه من يده وهو لا يشعر سكراً.
ورُوي أنّه حين صلَّى
لم يرم حتّى قاء، فخرج في أمره إلى عثمان أربعة نفر: أبو زينب، وجندب بن زهير،
وأبو حبيبة الغفاري، والصعب بن جثّامة، فأخبروا عثمان خبره، فقال عبد الرحمن بن
عوف: ما له أجُنّ؟ قالوا: لا، ولكنّه سكِر.
فأوعدهم عثمان
وتهدّدهم وقال لجندب: أنت رأيتَ أخي [هو أخوه لأمّه] يشرب الخمر؟ قال: معاذ الله،
ولكنّي أشهد أنّي رأيته سكران يقلسُها [أي يقيئها] من جوفه، وأنا أخذت خاتمه من
يده وهو سكران لا يعقل.
فأتى الشهودُ عائشة
فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان وأنّ عثمان زَبَرَهم، فنادت عائشة: إنّ عثمان
أبطلَ الحدود وتوعّدَ الشهود.
ويقال إنّ عثمان ضربَ
بعض الشهود أسواطاً، فأتوا عليّاً عليه السلام فشكوا ذلك إليه، فأتى عثمانَ فقال:
عطَّلت الحدودَ وضربت قوماً شهدوا على أخيك فقلبتَ الحُكم...
قال عثمان: فما ترى؟
قال عليه السلام: «أَرى أَنْ تَعْزِلَهُ وَلا تُوَلّيَهُ شَيْئاً مِنْ أُمورِ
المُسْلِمينَ، وَأَنْ تَسْأَلَ عَنِ الشُّهودِ فَإِنْ لَمْ يَكونوا أَهْلَ ظِنَّةٍ
وَلا عَداوَةٍ أَقَمْتَ عَلى صاحِبِكَ الحَدَّ».
ويقال إنّ عائشة أغلظتْ
لعثمان وأغلظَ لها، وقال: وما أنتِ وهذا؟ إنّما أُمِرْتِ أن تَقَرّي في بيتك، فقال
قوم مثل قوله، وقال آخرون: ومَن أولى بذلك منها؟
فاضطربوا بالنعال،
وكان ذلك أوّل قتالٍ بين المسلمين بعد النبيّ صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم.
السّماوة
السّماوة مدينة عراقيّة تقع جنوب العراق
على ضفاف نهر الفرات، هي مركز محافظة المثنّى، تبعد عن بغداد مسافة 280كلم. عدد
سكّانها أكثر من 250 ألف نسمة.
يتألّف
القسم القديم من المدينة من عدّة مناطق وأسواق مثل سوق المسقوف وعكد اليهود. تحيط بمدينة
السماوة مساحة كبيرة من مزارع النخيل التي اشتهرت بها. تقع قرب المدينة بحيرة ملحيّة
تدعى بحيرة ساوة، تعيش فيها أنواع من الأسماك مع كثرة ملوحتها، طولها 5كلم، وعرضها
أكثر من كلم، ومساحتها 12كلم2؛ وعن هذه البحيرة ورد في (بحار الأنوار)
حول ولادة النبيّ صلّى الله عليه وآله: «وأصبحت الأصنام كلّها صبيحة وُلد النّبيّ
صلّى الله عليه وآله ليس منها صنمٌ إلّا وهو منكبٌّ على وجهه، وارتجس في تلك اللّيلة
إيوان كسرى، وسقطت منه أربعة عشر شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السّماوة».
وفي المصادر المتقدّمة أنّ السَّماوَةُ:
ماءٌ بالبَادِية. وباديةُ السّماوة: الّتي هي بين الكوفة والشّام. وأَسْمَى الرّجلُ:
إِذَا أَتَى السَّماوة أَو أَخذ ناحِيَتَها.
سمّيت السماوة لأنّها أرض مستوية لا حجر
بها. وَكَانَتْ أُمُّ النّعمانِ بن المنذر سُمِّيَتْ بِهَا، فَكَانَ اسْمُها ماءَ
السَّمَاوَةِ فسمَّتْها العَرَبُ ماءَ السَّماءِ. وَفِي الحَدِيثِ المنسوب للنبيّ
صلّى اللهُ عليه وآله عنِ السيّدة هاجَرَ عليها السلام: تلْكَ أُمُّكُمْ يَا
بَني ماءِ السَّماء؛ قَالَ: يُرِيدُ صلّى اللهُ عليه وآله العَرَب لأَنَّهُمْ
يَعِيشُونَ بماءِ المَطَرِ ويَتْبَعُون مَساقِطَ المَطَرِ.
(مصادر)