نورُ المؤمن
يَزْهَرُ لأهل السّماء، كما النجوم لأَهل الأرض
_____ إعداد: «شعائر» _____
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «أَرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ فِي نُورِ اللهِ الْأَعْظَمِ: مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ
شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ. وَمَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ
مُصِيبَةٌ، قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. وَمَنْ إِذَا أَصَابَ
خَيْراً، قَالَ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَمَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِيئَةً،
قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ».
يُستفاد من الروايات والأخبار الشريفة أن للمؤمن نوراً يُعرف
به في الدنيا والآخرة، وتتفاوت أنوار المؤمنين - شدّة وضعفاً - على قدر كمالاتهم
وطاعاتهم ومنزلتهم عند الله تعالى. عن الإمام الصّادق عليه السلام أنه قال: «إِنَّ
الْمُؤْمِنَ لَيَزْهَرُ نُورُه لأَهْلِ السَّمَاءِ، كَمَا تَزْهَرُ نُجُومُ السَّمَاءِ
لأَهْلِ الأَرْضِ».
وقال عليه السلام مخاطباً أصحابه وأولياءه: «إِنَّ
لَكُمْ لَنُوراً تُعْرَفُونَ بِه فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ
أَخَاه قَبَّلَهُ فِي مَوْضِعِ النُّورِ مِنْ جَبْهَتِه».
وحول منشأ هذا النور، رُوي عن الإمام الكاظم عليه السلام أنه
قال لبعض أصحابه: «يَا سُلَيْمانُ، اتَّقِ فَرَاسَةَ
المُؤْمِن، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ ".."
إِنَّ اللهَ خَلَقَ المُؤْمِنينَ مِنْ نُورِهِ، وَصَبَغَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَأَخَذَ
مِيثَاقَهُم لَنَا بِالولايَةِ، والمُؤْمِنُ أَخو المُؤْمِنِ لِأَبِيه وأُمِّهِ، أَبُوهُ
النُّورُ وأمُّهُ الرَّحْمَة، وإنَّمَا يَنْظُرُ بِذَلِكَ النُّورِ الَّذي خُلِقَ
مِنْهُ».
وفي رواية عن الإمام
الباقر عليه السلام أنّ نور المؤمن من نور الإمام المعصوم. قال عليه السلام في
تفسير قوله تعالى: ﴿فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا..﴾:
«النُّورُ، وَاللهِ، الأَئِمَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، صلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ
وَسَلَّمَ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وهُمْ، وَاللهِ، نُورُ اللهِ الَّذِي أَنْزَلَ،
وهُمْ، واللهِ، نُورُ اللهِ فِي السَّمَاوَاتِ وفِي الأَرْضِ، والله لَنُورُ الإِمَامِ
فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ، وهُمْ
وَاللهِ، يُنَوِّرُونَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ».
وفي طائفة من الروايات عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ما
يُفيد بأن هذا النور قابلٌ للازدياد إلى حيث: «تَقُولُ النَّارُ للمُؤْمِنِ يَوْمَ
القِيامَةِ: جُزْ يا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نورُكَ لَهَبِي».
وقال صلّى الله عليه وآله: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ
اللهِ كَانَ لَهُ نُورَاً يَومَ القِيامَةِ».
وعنه صلّى الله عليه وآله: «مَنْ قَرَأَ هَذِه الآيَةَ -
الآية الأخيرة من سورة الكهف - عِنْدَ مَنَامِهِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ إِلَى المَسْجِدِ
الحَرامِ، حَشْوُ ذَلِكَ النّورِ مَلائِكَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِح».
ومن مورثات النور
أيضاً – كما في الروايات – (الخَلوةُ بالله تعالى ومناجاتُه في جوف اللّيل)، و(تلاوةُ
القرآن الكريم)، و(شهادةُ صدقٍ يُحيي بها حقَّ امرئ مسلم)، وكذا (الامتناع عن ظُلم
العباد) فإن المُقسِطَ يُحشر في النور يوم القيامة.
قال
العلماء
«قوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ
كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ..﴾ الأنعام:122:
هذا النور قابل للقوّة والضعف كسائر الأنوار، فكلّما ارتفع حجابٌ ازداد النور، فيقوى
الإيمان ويتكامل إلى أن ينبسط النور فينشرح صدره، ويطّلع على حقائق الأشياء، وتُجلى
له الغيوب، ويعرف كلّ شيءٍ في موضعه، فيظهر له صدقُ الأنبياء، عليهم السلام، في جميع
ما أخبروا عنه إجمالاً وتفصيلاً على حسب نوره، وبمقدار انشراح صدره، وينبعث من قلبه
داعيةُ العمل بكلّ مأمور والاجتناب عن كلّ محظور، فيُضاف إلى نور معرفته أنوار الأخلاق
الفاضلة والملَكات الحميدة...».
(مرآة
العقول، المجلسيّ الأوّل)