الموقع ما يزال قيد التجربة
ليلة صاحب الأمر
سلامٌ هي حتّى مطلع الفجر
اقرأ في الملف
استهلال دعاء الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في ليلة القدر
ليلة القدر: شرفها لا تكاد تبلغه دراية السيّد علي خان المدني الشيرازي
ليلة القدر والصدّيقة الكبرى عليها السلام الشيخ محمد فاضل المسعودي-إيران
ليلة القدر: بابٌ عظيم لمعرفة الإمام الحجّة عليه السلام العلامة الشيخ محمد السند
مقاصد ليلة القدر وفضائل إحيائها العلامة المحقق الشيخ حسين الخونساري
استهلال
دعاءُ الإمام الحَسن المُجتبى عليه السّلام في ليلة القدر
يَا بَاطِناً فِي ظُهُورِهِ، وَيَا ظَاهِراً فِي بُطُونِهِ، يَا بَاطِناً لَيْسَ يَخْفَى، وَيَا ظَاهِراً لَيْسَ يُرَى. يَا مَوْصُوفاً لَا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ (بِكَيْنُونِيَّتِهِ) مَوْصُوفٌ وَلَا حَدٌّ مَحْدُودٌ، يَا غَائِباً غَيْرَ مَفْقُودٍ، وَيَا شَاهِداً غَيْرَ مَشْهُودٍ، يُطْلَبُ فَيُصَابُ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. لَا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ، وَلَا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلَا بِحَيْثٍ.
أَنْتَ نُورُ النُّورِ، وَرَبُّ الْأَرْبَابِ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الْأُمُورِ. سُبْحَانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. سُبْحَانَ مَنْ هُوَ هَكَذَا وَلَا هَكَذَا غَيْرُهُ.
ثُمَّ تَدْعُو بِمَا تُرِيد.
(السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال)
ليلة القدر
شرفُها لا تكاد تَبلغُه دراية
ــــــــــــــــــــــــــ السيّد علي خان المدني الشيرازي رحمه الله ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدعاء الرابع والأربعون من أدعية (الصحيفة السجّاديّة)، هو دعاء الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام، عند دخول شهر رمضان المبارك. وقد ورد في إحدى فقراته قوله صلوات الله عليه: «ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيه عَلَى لَيَالِي أَلْفِ شَهْرٍ، وسَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾، سَلامٌ دَائِمُ الْبَرَكَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِه..».
يتناول هذا المقال، المقتطف من الجزئين الأوّل والرابع من (رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين عليه السلام) للسيّد على خان المدني الشيرازي (ت: 1120 للهجرة) تفسير آيات سورة (القدر)، وشرحاً للفقرة المشار إليها من الدعاء.
* قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾: الضمير في أنزلناه: للقرآن، نَوَّهَ بشأنه بإضماره من غير ذِكر، شهادةً له بغاية شُهرته ونباهته المُغْنية عن التصريح، حتّى كأنّه حاضرٌ في جميع الأذهان، كما عظَّمه بإسناد إنزاله إلى نون العظمة المنبئ عن كمال العناية به، وفخّم الوقت الذي أُنزل فيه بقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾، لما فيه من الدّلالة على أنّ علوّ قدرها خارجٌ عن دائرة دراية الخلق؛ لا يدريها إلّا علّامُ الغيوب.
والمراد إنزاله كلّه فيها إلى السّماء الدنيا على السَّفَرة أو إلى اللوح المحفوظ، ثمّ نزل به الرّوح الأمين إلى النبيّ، صلّى الله عليه وآله، نجوماً في مدّة ثلاث وعشرين سنة.
* قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾، والمعنى: أيّ شيءٍ أعلمكَ ما ليلةُ القدر؟ تعجيباً للسّامع من شأنها في الفخامة والشّرف ببيان خروجها عن دائرة علوم المخلوقين، على معنى أنّ عِظم شأنها ومدى شرفها لا تكاد تبلغه درايةُ أحدٍ ولا وَهْمُه.
* قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾: أظهر ليلة القدر هنا أيضاً ولم يُضمرها تأكيداً للتّفخيم، وتحقيقاً للتّعظيم، والجملةُ استئنافٌ مَسوقٌ لبيان فضلها وشرفها؛ وقع جواباً عن استفهامٍ نشأ عمّا قبله، كأنّه قيل: ما هي؟ أي: أيُّ شيءٍ هي في حالتها وصِفتها؟ فبَيّنَ فضلَها وشرفَها.
* قوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾: أي تتنزّل، فحُذفت إحدى التائين تخفيفاً، على حدّ قوله تعالى: ﴿..نَارًا تَلَظَّى﴾ الليل:14، والجملة استئنافٌ مبيّنٌ لمناط فضلها على تلك المدّة المتطاولة، كما روي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ لِأَنَّها ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾».
والروح: قيل هو الوحي، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا..﴾ الشورى:52، أي تنزل الملائكة ومعهم الوحي بالمقادير.
وقيل: هو روح القُدس وهو جبرئيل.
وقيل: هو خلقٌ أعظم من الملائكة، رواه أبو جعفر الصفّار في (بصائر الدرجات) بسنده عن أبي بصير، قال: «كنت مع أبي عبد الله الصادق عليه السّلام، فذكر شيئاً من أمر الإمام إذا وُلد، قال: (..وَاسْتَوْجَبَ زِيادَةَ [زيارة] الرّوحِ في لَيْلَةِ القَدْرِ)، فقلت: جعلتُ فداك أليس الروح جبرئيل؟ فقال: (جَبْرَئيلُ مِنَ المَلائِكَةِ، والرُّوحُ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنَ المَلائِكَةِ..)».
والظرف من قوله: ﴿..بِإِذْنِ رَبِّهِمْ..﴾ متعلّقٌ بتنزّل، أو مستقرّ متعلّق بمحذوف هو حال من مفعوله، أي ملتبسين، ﴿..بِإِذْنِ رَبِّهِمْ..﴾: أي بأمره، كما قال: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ..﴾ مريم:64، وقيل: بعلم ربّهم، كما قال: ﴿..أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ..﴾ النساء:166.
وقوله: ﴿..مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾، أي من أجل كلّ أمرٍ قضاه الله، عزّ وجلّ، من رزقٍ، وأجَلٍ، ونحو ذلك لتلك السنة إلى مثلها من العام القابل، كقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ الدخان:4.
وقيل: من أجل كلِّ مهمّ؛ بعضهم للرّكوع، وبعضهم للسّجود، وبعضهم للتسليم.
وروي: إنّهم لا يلقون مؤمناً ولا مؤمنة إلا سلَّموا عليه.
قال بعضهم: وعلى هذا فلعلّ للطاعة في الأرض خاصيّة في هذه اللَّيلة، فالملائكة يطلبونها أيضاً طمعاً في مزيد الثواب، كما أنّ الرجل يذهب إلى مكّة لتصير طاعاته أكثر ثواباً.
معنى «القدر» و«السلام» في ليلته
* قوله عليه السلام في دعاء دخول شهر رمضان: «وسَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ»:
قال أكثر العلماء: «القدر بمعنى التقدير». وقال عليّ بن إبراهيم في (تفسيره): «معنى ليلة القدر: إنّ الله يقدّر فيها الآجال والأرزاق وكلّ أمر يحدث من موتٍ، أو حياةٍ، أو خطبٍ، أو جدبٍ، أو خيرٍ، أو شرٍّ، كما قال الله: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، إلى سنة».
وهذا المعنى هو المرويّ عن أبي جعفر (الباقر) عليه السّلام، قال: «يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْءٍ - يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ - خَيْرٍ وشَرٍّ، وطَاعَةٍ ومَعْصِيَةٍ، ومَوْلُودٍ، وأَجَلٍ، أَوْ رِزْقٍ، فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وقُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ، وللهِ، عَزَّ وجَلَّ، فِيه الْمَشِيئَةُ..».
والمراد إظهار تلك المقادير للملائكة والنبيّ والأئمّة، عليهم السّلام، في تلك اللَّيلة، وإلا فالمقادير من الأزل إلى الأبد ثابتةٌ في اللوح المحفوظ.
وقيل: القدر بمعنى الشّرف والخطر؛ يعني ليلة الشرف والعظَمة من قولهم: «لفلان قدْرٌ عند الناس»، أي منزلة وخطر. كما يناسبه قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، ثمّ هذا الشرف إمّا أن يرجع إلى الفاعل، أي مَن أتى فيها بالطاعة صار ذا قدرٍ وشرف. وإمّا أن يرجع إلى الفعل، لأنّ الطاعة فيها أكثر ثواباً وقبولاً.
* قوله عليه السلام: «سَلامٌ دَائِمُ الْبَرَكَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ»، اتّباعٌ لقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾.
قال النيسابوري: «ومعنى سلام: هي أنّ هذه اللَّيلة ما هي إلّا سلامة وخير، فأمّا سائر الليالي فيكون فيها بلاءٌ وسلامة، أو ما هي إلّا سلامٌ لكَثرة سلام الملائكة على المؤمنين».
وقال أبو مسلم: «يعني هذه اللَّيلة سالمة... عن تسلُّط الشيطان ونخسه».
وقال عليّ بن إبراهيم: «تحيّة يُحيَّى بها الإمام إلى أن يطلُعَ الفجر».
وفي خبرٍ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «هو سَلامُ المَلائكَةِ والرُّوحِ عَلى الرَّسولِ وَالإِمامِ، مِنْ أَوَّلِ ما يَهْبِطونَ إِلى مَطْلَعِ الفَجْرِ».
* و«الدّائِم»: الممتدّ زمانه والثابت والمتتابع، يقال: دام المطر: إذا تتابع نزوله.
* و«البَرَكَة»: كَثرة الخير ونماؤه، وفيه تلميحٌ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ الدخان:3-4، فالبركة ثابتة متتابعة في هذه الليلة بدوام السلام إلى أن يطلع الفجر، فإنّ المبارك ما به نماءُ الخير وكثرته.
* وقوله: «عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه» متعلَّق بتنزّل لقوله بعده: «بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِه» ومن زعم أنّه متعلَّق بسلام فقد أخطأ أو تعسّف.
* وقوله: «بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِه» متعلَّق بتنزّل أيضاً، أي تنزّل الملائكة والروح على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه، كما قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ..﴾ الشعراء:193-194.
* و«الباء»: قيل: للمصاحبة. قال الراغب: «يقال: نزل الملك بكذا وتنزّل به، ولا يقال: نزل الله بكذا ولا تنزّل به».
والمراد بـ«مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه»: إمام الزمان، و«بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِه»: ما قضى وأبرم وأمضى وحتمَ ولم يكن فيه تقديم وتأخير ولا تبديل وتغيير، يدلّ على ذلك ما رُوي عن الصّادق عليه السلام، قال «.. يَنْزِلُ فيها – أي في ليلة القدر - ما يَكونُ مِنَ السَّنَةِ إِلى السَّنَةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ مَوْلودٍ.... إِنَّ النّاسَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ في صَلاةٍ وَدُعاءٍ وَمَسْأَلَةٍ، وَصاحِبُ هَذا الأَمْرِ في شُغُلٍ، تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ إِلَيْهِ بِأُمورِ السَّنَةِ مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ إِلى طُلوعِها مِنْ كُلِّ أَمْرٍ..».
وعنه عليه السلام: «.. إِذا كانَتْ لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضانَ يُكْتَبُ فيها الآجالُ، وَتُقَسَّمُ الأَرْزاقُ، وَتَخْرُجُ صِكاكُ الحاجِّ، وَيَطَّلِعُ اللهُ عَلى خَلْقِهِ، فَلا يَبْقى مُؤْمِنٌ إِلّا غَفَرَ لَهُ، إِلّا شارِبُ مُسْكِرٍ، فَإِذا كانَتْ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ أَمْضاهُ، ثُمَّ أَنْهاهُ. قال الراوي: إلى مَن جُعلت فداك؟ فقال عليه السلام: إِلى صاحِبِكُمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ ما يَكونُ في تِلْكَ السَّنَةِ».
وأيضاً عنه عليه السلام: «التَّقْدِيرُ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، والإِبْرَامُ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وعِشْرِينَ، والإِمْضَاءُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ».
سببُ إخفاء ليلة القدر
الأوّل: ظاهرُ القرآن الكريم، وصريح الأخبار عن أهل البيت، عليهم السّلام، وصريح أقوال علمائنا استمرارُ وجود ليلة القدر في كلّ عامٍ إلى آخر الدهر.
الثاني: اختُلف في تعيين ليلة القدر أيّ ليلة هي، وجمهور المسلمين على أنّها في شهر رمضان، وعليه إجماعُ الإماميّة - كما هو صريح عبارة الدّعاء - ثمّ اختُلف في تعيينها من لياليه على ثلاثة وأربعين قولاً، والصحيح أنّها في العشر الأواخر كما في الرواية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «.. لَيْلَةُ القَدْرِ، وَهِيَ في كُلِّ سَنَةٍ، في شَهْرِ رَمَضانَ، في العَشْرِ الأَواخِرِ..».
وسُئل الصادق عليه السلام عنها، فقال: «.. الْتَمِسْهَا فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وعِشْرِينَ، أَوْ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ».
وعن سفيان بن السّمط، أنه سأل الإمام الصادق عليه السلام: «اللّيالي التي يُرجى فيها من شهر رمضان؟
فقال عليه السلام: تِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرينَ، وَثَلاثٍ وَعِشْرينَ.
فقال سفيان: فإنْ أخذت الإنسانُ الفَترة أو علَّة – أي النّوم أو المرض - ما المعتمد عليه من ذلك؟
فقال عليه السلام: ثَلاثٍ وَعِشْرينَ».
وشذّ قومٌ فقالوا: هي في مجموع السّنة، لا تخصّ شهر رمضان ولا غيره، وهو مختار أبي حنيفة.
الثالث: أجمعوا على أنّ الحكمة في إخفاء ليلة القدر كالحِكمة في إخفاء الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، واسم الله الأعظم في الأسماء الحُسنى، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة، حتّى يجتهد المكلَّف في الطاعة ويُحيي مَن يريدُها اللَّيالي الكثيرة طلباً لموافقتها، فتكثر عبادتُه، وأن لا يتّكل الناسُ عند إظهارها على إصابة الفضل فيها، فيفرّطوا في غيرها، والله أعلم.
زاد الصائم
الصدقة وليلة القدر
عن عليّ بن الحسين عليهما السلام: كانَ إذا دخلَ شهرُ رمضانَ تَصدَّق في كلِّ يومٍ بدِرهم، فيقول: «لَعَلِّي أُصِيبُ ليلةَ القدر».
(إقبال الأعمال، السيّد ابن طاوس)
الصدّيقة الكُبرى الزهراء عليها السلام
مَن عرفَها حقّ معرفتها، فقد أدركَ ليلة القدر
_____ الشيخ محمّد فاضل المسعودي- إيران _____
روى فرات بن إبراهيم الكوفي المتوفّى سنة 352 للهجرة – وهو أحد أعلام الغَيبة الصغرى - (في (تفسيره) عن الإمام الصّادق عليه السلام، قوله: «..فَمَنْ عَرَفَ فاطِمَةَ حَقَّ مَعْرفَتِها فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ القَدْرِ؛ وَإنَّما سُمِّيَتْ فاطِمَةَ لِأَنَّ الخَلْقَ فُطِمُوا عَن مَعْرِفَتِها..».
أورد هذه الرواية الشيخ محمد فاضل المسعودي في كتابه (الأسرار الفاطميّة) مبيّناً بعض ما ذكره العلماء من أوجُه الشبه بين ليلة القدر والصدّيقة الزهراء عليها السلام، ومنه هذا المختصر.
«شعائر»
في فاطمة الزهراء عليها السلام سرٌّ مستودَع*، وأيضاً في ليلة القدر سرٌّ عظيمٌ لا يعرفه إلّا المقرّبون الذين امتَحن الله قلوبَهم للإيمان والتقوى. فليلةُ القدر رفعها الباري، عزّ وجلّ، وجعلَها خيراً من ألف شهر، وفيها تشويقٌ لذيذٌ لمعرفة ذلكم السرّ المكنون في أعماقها؛ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ القدر:2، حيث خاطب الله، تعالى، المؤمنين في ضمائرهم لكي يحرّك فيهم أمواجَ المعرفة عبر وسائل العلم والوعي، ولتنفتح لهم أسرارُ ليلة القدر بالتمعّن والتدقيق فيها، على أنّ معرفة ليلة القدر تفوق الإدراك البشريّ العاديّ؛ أي أنّها تفوق إدراك سائر الناس من السواد الأعظم، فإنّه لا بدّ أن يكون فيها سرٌّ عظيم. وهذا السرّ تقتضي معرفته استيعاباً كاملاً لمعنى ليلة القدر، والغاية التي نزلت ليلةُ القدر من أجلها، ولأجل تحقيقها في الأرض.
وعلى هذا الأساس، لا بدّ من معرفة الأساس الذي بُني عليه الحديث: «..فَمَنْ عَرَفَ فاطِمَةَ حَقَّ مَعْرفَتِها فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ القَدْرِ؛ وَإنَّما سُمِّيَتْ فاطِمَةَ لِأَنَّ الخَلْقَ فُطِمُوا عَن مَعْرِفَتِها..»، فإنّه لا بدّ من وجود الترابط في هذا الموضوع المهمّ؛ ففاطمة فيها سِرٌّ مستودَع، وكذلك ليلة القدر فيها سرٌّ مكنون، فمَن عرف فاطمةَ والسرَّ المستودعَ فيها عرفَ سرّ ليلة القدر وعظمتَها، فليلة القدر عظيمة كعظَمة فاطمة، عليها السلام، لذا كانت مجهولةً في إثباتها ودقّتها من حيث الزمان المختصّ بليالي شهر رمضان.
على أنّ مَن عرف فاطمة فقد أدرك ليلة القدر، لأنّ معرفة فاطمة عليها السلام تجعلنا نُدرك الإسلام، ونستوعب أهميّة ليلة القدر من خلال هذه المعرفة؛ ولقد طرح الكثير من العلماء أوجهاً للشَّبه بين ليلة القدر وفاطمة عليها السلام، منها:
مستودَع أنوار الله
* ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كلّ القرآن الكريم: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ البقرة:2، لا يأتيه الباطل من بين يديه، وفيه كلّ شيء، وتبيان كلّ شيء، وسعادةُ الدارين.
وكذلك الحوراء الإنسيّة فاطمة الزكيّة، فإنّ قلبها المُقدّس ظرفٌ مكانيّ وروحانيّ للقرآن الكريم والمصحف الشريف، وإنّها كانت مُحدَّثة تحدّثها الملائكة، فهي وعاء للإمامة وللمصحف الشريف.
الفرقان بين الحقّ والباطل
* وفي ليلة القدر يُفرَقُ كلُّ أمرٍ أحكمَه الله خلال السنة، فيفرق ما يحدث فيها من الأمور الحتميّة وغيرها، وينزل بها روح القُدس على وليّ العصر والزمان وحجّة الله على الخلق الذي بيُمنه رُزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، وأنّ الإيمان بليلة القدر فارقٌ بين المؤمن والكافر.
كذلك هو الإيمان بفاطمة الزهراء الطيّبة الطاهرة المطهّرة يفرُق بين الحقّ والباطل، والخير والشرّ، والمؤمن والكافر، وقد ارتدّ الناس في العمل وفي الولاية بعد رحيل رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلّا ثلاثة أو خمسة أو سبعة، وفيهم سيّدة النساء عليها السلام، فهم على حقّ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فأغرّهم وأضلّهم فكانوا أئمّةَ الضلال.
معراجُ الأنبياء، وتكامُل النبوّات
* وفي ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى الله، سبحانه، فيُزاد في علمهم اللدنّي والربّاني ويكسبوا من الفيض الأقدس الإلهي. كذلك ولاية فاطمة المعصومة النقيّة التقيّة، فهي مرقاةٌ لوصولهم إلى النبوّة ومقام الرسالة والعظَمة والشموخ الإنساني والروحاني، فما تكاملت النبوّة لنبيٍّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها وذلك في عالم ﴿..أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ..﴾ الأعراف:172، أو في عالم الذرّ، أو عالم الأنوار، أو الأرواح، أو النشأة الإنسانية التي وراء نشأتنا الدنيويّة، وهذه إنّما هي صورة لتلك، كما عند بعض الأعلام.
ففاطمة الزهراء عليها السلام قطبُ الأولياء والعُرفاء، ومعراجُ الأنبياء والأوصياء، قلبها خُزانة الأسرار، ووجودُها ملتقى الأنوار، فهي حلقةُ الوصل بين أنوار النبوّة وأنوار الإمامة، فأبوها محمّدٌ رسول الله، صلّى الله عليه وآله، وزوجها عليٌّ عليه السلام وصيّه وخليفته، إمامُ المتّقين وأمير المؤمنين، وأبناؤها عليهم السلام أئمّة الحقّ والرشاد، وأركان التوحيد وساسة العباد.
مضاعفةُ الأعمال
* وليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر؛ فيضاعف فيها العمل والثواب: الواحدُ بألف؛ فالتسبيح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكلّ عملٍ الواحدُ منه بألف، فكذلك محبّة الزهراء وولايتها تُوجِب مضاعفة الأعمال، فإنّ تسبيحها (34 مرّة الله أكبر، و33 مرّة الحمد لله، و33 مرّة سبحان الله) بعد كلّ صلاة، واجبة أو نافلة، يجعل كلّ ركعة بألف ركعة، كما ورد في الخبر الشريف. فمودّتها هي الإكسير الأعظم، يجعل من كان معدنه من الحديد ذهباً، والناس معادنُ كمعادن الذهب والفضّة، فمَن والاها وأحبّها وأطاعها وأطاع أبنائها الأطهار، وعادى عدوّها وأعداء ذرّيّتها، فإنّه يكون كالذهب المصفَّى وباقي الناس كلّهم التراب، وأنّ الله يضاعف الأعمال بحبَّها كما تضاعَف في ليلة القدر.
«المباركة»، و«الليلة المباركة»
* وليلة القدر ليلة مباركة ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ..﴾ الدخان:3، والبركة بمعنى النماء والزيادة والخير المستمرّ، والمستقرّ الدائم والثابت، وما يأتي من قِبله الخيرُ الكثير. ومن ألقاب فاطمة الزهراء عليها السلام أنّها «المباركة»، ففيها كلّ بركات السماوات والأرض، فهي الكوثر في الدنيا والآخرة، وهي المنهل العذب والمَعين الصافي لكلّ مَن أراد البركة، فما أدراك ما فاطمة، خيرُ مَن في الوجود بعد أبيها وبعلها.
وهي الكوثر، والكوثرُ الخيرُ الكثير: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، ومنها ذرّيّة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله، واستمرارُ نسله المبارك إلى يوم القيامة. وجاء في وصف النّبيّ صلّى الله عليه وآله، «إنّما نسلُه من مُباركةٍ لها بيتٌ في الجنّة، لا صخَبَ فيه ولا نصَب». والعبادةُ في ليلة القدر تكون منشأً للفيوضات الإلهية، والكمالات الربّانيّة والفيوضات القدسيّة، والبركات السماوية، كذلك التوسّل بفاطمة الزهراء عليها السلام، فهي عليها السلام منشأ البركات والخيرات.
الكوكبُ الدرّيّ
* ونزل القرآنُ الكريم وهو النور والفرقان والبيان والتبيان في ليلة القدر، فليلةُ القدر ليلة نزول النور الإلهيّ، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي نورُ الله، وهي الكوكب الدرّيّ، كما جاء ذلك في تفسير آية النور في قوله تعالى: ﴿ اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ..﴾ النور:35.
عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن جعفر، قال: «سألت أبا الحسن - الإمام الكاظم عليه السلام- عن قول الله عزّ وجلّ ﴿..كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..﴾، قال: المِشْكاةُ فاطِمَةُ، وَالمِصْباحُ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ. ﴿..كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ..﴾ قال: كانَتْ فاطِمَةُ كَوْكَباً دُرِّيّاً مِنْ نِساءِ العالَمينَ. ﴿..يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ..﴾ الشَّجَرَةُ المُبارَكَةُ: إِبْراهيمُ، ﴿..لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ..﴾ لا يَهودِيَّةٍ وَلا نَصْرانِيَّةٍ، ﴿..يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ..﴾ قال: يَكادُ العِلْمُ أَنْ يَنْطِقَ، ﴿..وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، قال: يَهْدي اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِوِلايَتِنا مَنْ يَشاءُ». (المناقب لابن المغازلي: ص 293)
* عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها: «اعْلَمْ يا أَبا الحَسَنِ، أَنَّ اللهَ، تَعالى، خَلَقَ نوري وَكانَ يُسَبِّحُ اللهَ جَلَّ جَلالُهُ..».
خفاءُ منزلتها
* وليلة القدر قد جهلها الناس من حيث اللّيالي ومن حيث القدْر والمنزلة، فقطعوا وفُطموا عن معرفتها، كذلك البضعة الأحمديّة والجزء المحمديّ، فهي مجهولة القدر: «وَإنَّما سُمِّيَتْ فاطِمَةَ لِأَنَّ الخَلْقَ فُطِمُوا عَن مَعْرِفَتِها» كما جهل قدرها أولئك (الذين) أحرقوا بابها وكسروا ضلعَها وأسقطوا جنينها وغصبوا فدكها وحقّها، ولم ينصروها، فخفيَ على الناس مقامُها وقدرُها، وحتّى قبرها الشريف وتاريخ وفاتها، ليكون شاهداً في التاريخ على مظلوميّتها وشهادتها ومظلوميّة زوجها (اللّهمّ العنْ أوّلَ ظالمٍ ظلمَ حقَّ محمّدٍ وآل محمّدٍ، وآخِرَ تابعٍ له على ذلك).
عن مجاهد: «خرج النبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو آخذٌ بيد فاطمة، فقال: مَنْ عَرَفَ هَذِهِ فَقَدْ عَرَفَها، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْها فَهِيَ فاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبي وَهِي روحي الّتي بَيْنَ جَنْبَيَّ، مَنْ آذاها فَقَدْ آذاني وَمَنْ آذاني فَقَدْ آذى اللهَ، وَمَنْ آذى اللهَ لَعَنَهُ اللهُ مِلْءَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ».
ومن طُرق العامّة، [ينابيع المودّة للقندوزي الحَنفي؛ ومقتل الحسين عليه السلام لابن موفق؛ وغيرهما] عن نصر بن مزاحم، عن زياد بن المنذر، عن زادان، عن سلمان، قال: «قال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: يا سَلْمانُ، مَنْ أَحَبَّ فاطِمَةَ ابْنَتي فَهُوَ في الجَنَّةِ مَعي، وَمَنْ أَبْغَضَها فهو في النّار.
يا سَلْمانُ، حُبُّ فاطِمَةَ يَنْفَعُ في مِئَةٍ مِنَ المَواطِنِ، أَيْسَرُ تِلْكَ المَواطِنِ المَوْتُ وَالقَبْرُ وَالميزانُ وَالمَحْشَرُ وَالصِّراطُ وَالمُحاسَبَةُ؛ فَمَنْ رَضِيَتْ عَنْهُ ابْنَتِي فاطِمَةُ رَضِيتُ عَنْهُ، وَمَنْ رَضِيتُ عَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ غَضِبَتْ عَلَيْهِ غَضِبْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ غَضِبْتُ عَلَيْهِ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ.
يا سَلْمانُ، وَيْلٌ لِمَنْ يَظْلِمُها وَيَظْلِمُ بَعْلَها (أَميرَ المُؤْمِنينَ عَلِيّاً)، وَوَيْلٌ لِمَنَ يَظْلُمُ ذُرِّيَّتَها وَشيعَتَها».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إشارة إلى الدعاء المروي عن الإمام المهديّ عليه السلام: «اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ فاطِمَةَ وَأَبيها، وَبَعْلِها وَبَنيها، وَالسِّرِّ المُسْتَوْدَعِ فيها..». وقد خصّص المؤلّف المسعودي فصلاً من كتابه للحديث عن المعاني المحتملة للسرّ المستودع عند الصدّيقة الكبرى صلوات الله عليها.
زاد الصائم
تلاوة القرآن في ليلة القدر
قَالَ الإمام الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْعَنْكَبُوتِ وَالرُّومِ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ وَاللهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَا أَسْتَثْنِي فِيهِ أَبَداً، وَلَا أَخَافُ أَنْ يَكْتُبَ اللهُ عَلَيَّ فِي يَمِينِي إِثْماً، وَإِنَّ لِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِنَ اللهِ مَكَاناً».
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) أَلْفَ مَرَّةٍ، لَأَصْبَحَ شَدِيدَ الْيَقِينِ بِالاعْتِرَافِ بِمَا يَخْتَصُّ فِينَا».
(مصباح المتهجّد، الشيخ الطوسي)
أعوذُ بجَلال وجهِك الكريم
عن أبي عبد الله الإمام الصّادق عليه السلام، قالَ لبعض أصحابه:
«تقولُ في العَشر الأواخرِ من شهر رمضان، في كلّ ليلة:
أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِه، ولَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْه».
(الكافي، الكليني)
ليلة القدر
بابٌ عظيم لمعرفة الإمام الحجّة عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــ العلامة الشيخ محمّد السند ــــــــــــــــــــــــــ
مثلما أنّ هناك صِلةً بين شهر رمضان وليلةِ القدر، كذلك ثمّة عروة وثقى بينهما وبين حقيقة الإمام المعصوم عليه السلام.
وكما أنّ شهر رجب وشهر شعبان يُمهِّدان لشهر رمضان، فكذلك شهر رمضان يُمهّد لليلة القدر. وليلةُ القدر بدورها تُمهّد لنزول الروح والملائكة الذي هو نزولٌ لحقيقة القرآن، والروح إنّما ينزلُ بكلّ أمرٍ على مَن يَصطفيه اللهُ من عباده في كلّ عام، وهو الإمام.
وتعظيمُ شهر رمضان إنّما هو لما فيه من ليلة القدر، وعظَمةُ ليلةِ القدر إنّما هي لما فيها من نزول الروح ونزول القرآن، وهو إنّما ينزل على مَن يشاء اللهُ من عباده، أي مَنْ اصطُفي لذلك.
هذه المقالة للعلامة الشيخ محمّد السند – من كتاب الإمامة الإلهيّة - تتوقّف عند هذه المعاني والدلالات العظيمة في العلاقة بين «ليلة القدر» ومعرفة الإمام المعصوم عليه السلام.
شهرُ رمضان بيئة نوريّة لليلة القدر، وليلةُ القدر بيئة أشدّ نوراً لنزول الروح، ونزولُ الروح أشدّ نوراً بأضعاف عند مَن يتنزّل عليه الروح.
فالانشدادُ إلى شهر رمضان انشدادٌ إلى ليلة القدر، والانشدادُ إلى ليلة القدر انشدادٌ إلى الإمام الذي يتنزّل عليه الروح. وإدراكُ ليلة القدر هو بمعرفة حقيقة القَدْر؛ وهي نزول الروح على مَن يشاء الله من عباده المصطفَين بكلّ أمرٍ يقدّره من حوادث السنة. فمعرفةُ ليلة القدر معرفةٌ لحقيقة النبوّة والإمامة، وإدراكُها هو بهذه المعرفة.
روى الكلينيّ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «.. فَضْلُ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ بِجُمْلَةِ ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ..﴾ وبِتَفْسِيرِهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِثْلَه فِي الإِيمَانِ بِهَا، كَفَضْلِ الإِنْسَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ. وإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهَا - عَنِ الْجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا لِكَمَالِ عَذَابِ الآخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّه لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ - مَا يَدْفَعُ بِالْمُجَاهِدِينَ عَنِ الْقَاعِدِينَ..».
شهرُ رمضان بيئةُ ليلة القدر
إنّ الناظر في خصائص شهر رمضان وما أُحيط به من هالة معنوية وزخَم روحيّ كبير وتركيز مكثّف يستنتج أنّ ذلك كلّه تمهيدٌ لليلة القدر، وأنّ ذلك لا يقتصر على شهر رمضان، بل يبدأ من شهر رجب ومن بعده شهر شعبان إلى أن يبلغَ شهرَ رمضان، شهرَ الله الذي عُظِّم من الله عزّ وجلّ، حيث نُسب إليه تعالى وجُعلت فيه ليلة القدر. وكذلك كونه شهر ضيافة الله عزّ وجلّ، وأنّه أُنزل فيه القرآن العظيم، حيث قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...﴾ البقرة:185.
وكلّ هذا التعظيم حلَقاتٌ مترابطة لِتصلَ إلى ما في شهر رمضان من أوج العظَمة؛ وهي ليلة القدر، حيث إنّ فضائل شهر رمضان في جانب، وفضائل ليلة القدر في جانب آخر. فإنّ كلّ ما حُفَّ به شهر رجب الأصبّ الذي تُصَبّ فيه الرحمة صبّاً، وشهر شعبان الذي تتشعّب فيه طُرق الخير، كلّ ذلك قد تضاعف أضعافاً في خصائص شهر رمضان، وتضاعف ما في شهر رمضان من خصائص إلى ثلاثين ألف ضِعف في ليلة القدر.
فليلةُ القدر هي أَوجُ عظَمة الضيافة الإلهية والحفاوة الربّانية. أي أنّ منتهى نصيب حظِّ العباد إدراكُ ليلة القدر، إلاّ أنّ هذا الإدراك للّيلة العظيمة ليس بمجرّد الكمّ الكبير من العبادات والأدعية والابتهال والتنفّل؛ فإنّ كلّ ذلك إعدادٌ ضروريّ لما وراءه من إدراكٍ آخر لحقيقة ليلة القدر، وهو معرفة هذه الليلة، ومعرفتُها تكون بمعرفة حقيقتها المتّصلة بحقيقة الإمام والإمامة.
فمن ثمّ كان شهرُ رمضان شهرَ الله الأغرّ، وشهرَ معرفة الإمام خليفةِ الله في أرضه. وكما أنّ شهر رمضان نَفْخٌ بالحياة للدِّين القويم، فإنّ ليلة القدر هي القلبُ النابضُ في هذا الشهر؛ لما لها من صِلة بالإمام وبِتَنزُّل الروح الأعظم عليه.
فشهر رمضان مدخلٌ لمعرفة ليلة القدر، وليلةُ القدر مدخلٌ لمعرفة الإمام والارتباط به والانشداد إليه، ولأجل ذلك جُعل شهر رمضان سيّدَ الشهور كما جاء في روايات الفريقين، وجُعلت ليلة القدر قلبَ شهر رمضان كما ورد في الحديث.
وقد جُعل شهر رمضان أعظم حُرمةً من الأشهر الحُرُم الأربعة، وهذه العظَمة لشهر رمضان إنّما هي لما فيه من تلك الليلة العظيمة، فهو كالجسم وهي كالرّوح له، مع أنّ شهر رمضان هو كالرّوح للأشهر الحُرُم الأربعة التي منها شهر رجب. وكلّ ذلك يرسم مدى العظَمة التي تحتلّها ليلة القدر، وقد بيّن سبحانه الغاية من الصيام في شهر رمضان في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة:183.
والصيامُ على درجات، كما كان في الشرائع السابقة، فلا يقتصر على الإمساك البدنيّ، بل يرتبط بالدرجات الاعتقادية؛ كالإمساك عن الكَذِب على الله ورسوله. فهو صيامٌ على مستوى الجانب البدنيّ، وصيامٌ للجَوانح، وصيامٌ على مستوى الحالات النفسيّة والخواطر، وهناك صيامٌ على مستوى حالات القلب وخواطره.
إذاً، شهرُ رمضان بيئةٌ عظيمةٌ لليلة القدر، وقد وُصف هذا الشهر بأنه أفضلُ الشهور، وكذا أيّامه ولياليه وساعاته، هكذا في خطبة النبيّ صلّى الله عليه وآله، التي رواها الصّدوق بسَند معتبَر عن الإمام الرضا عليه السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام:
«... إنَّهُ قَد أقبَلَ إلَيكُم شَهرُ اللهِ بِالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمَغفِرَةِ، شَهرٌ هُوَ عِندَ اللهِ أفضَلُ الشُّهورِ، وَأَيّامُهُ أفضَلُ الأَيّامِ، ولَياليهِ أفضَلُ اللَّيالي، وساعاتُهُ أفضَلُ السّاعاتِ.
هُوَ شَهرٌ دُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللهِ، وجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِ اللهِ، أنفاسُكُم فيهِ تَسبيحٌ، ونَومُكُم فيهِ عِبادَةٌ، وعَمَلُكُم فيهِ مَقبولٌ، ودُعاؤُكُم فيهِ مُستَجابٌ... ومَن تَلا فيهِ آيَةً مِنَ القُرآنِ كانَ لَهُ مِثلُ أجرِ مَن خَتَمَ القُرآنَ في غَيرِهِ مِنَ الشُّهورِ.
أيُّهَا النّاسُ، إنَّ أبوابَ الجِنانِ في هذا الشَّهرِ مُفَتَّحَةٌ، فَسَلُوا رَبَّكُم ألّا يُغلِقَها عَلَيكُم، وأبوابَ النّيرانِ مُغَلَّقَةٌ، فَسَلوا رَبَّكُم ألّا يَفتَحَها عَلَيكُم، وَالشَّياطينَ مَغلولَةٌ، فَسَلُوا رَبَّكُم ألّا يُسَلِّطَها عَلَيكُم..«.
أوصاف ليلة القدر
إلاّ أنّ كلّ هذه الأوصاف لشهر رمضان هي دون الأوصاف التي وُصفت بها ليلة القدر؛ فإنّ تلك الأوصاف قد ذُكرت لليلة القدر بنحوٍ مضاعَفٍ أضعافاً، وكأنّ الشهر توطئةٌ وإعدادٌ للولوج في تلك الليلة، حتّى أنّ أغلب أدعية ذلك الشهر المأثورة تركّز على الدعاء والطلب لإدراك تلك الليلة، ولِطَلب حُسن ما يُقضى ويُقدَّر من الأمر المحتوم، وما يُفرَقُ من الأمر الحكيم - في تلك الليلة - من القضاء الذي لا يُردّ ولا يُبدَّل.
ومن الأوصاف التي ذُكرت لليلة القَدر:
* أنّها أوّلُ السنة المعنويّة بلحاظ لوح القضاء والقدر. فقد روى الكُلينيّ، عن رفاعة، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ أَوَّلُ السَّنَةِ، وهِيَ آخِرُهَا».
وروى الشيخ الطوسي في (التهذيب) بعدّة أسانيد إلى مولانا الصّادق عليه السلام أنّه قال: «إِذَا سَلِمَ شَهْرُ رَمَضَانَ سَلِمَتِ السَّنَةُ، وَقَال: رَأْسُ السَّنَةِ شَهْرُ رَمَضَانَ».
وروى الكُلينيّ بسنده إلى أبي عبد الله الصّادق عليه السلام، قال: «.. فَغُرَّةُ الشُّهُورِ شَهْرُ اللهِ عَزَّ ذِكْرُه، وهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وقَلْبُ شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ..».
وقال السيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال)، بعد ذكر جملة من الروايات المتضمّنة لهذا المضمون: «واعلم أنّي وجدتُ الروايات مختلِفات، هل أنّ أوّل السنة محرّم أو شهر رمضان؟
لكنّني رأيتُ مِن عملِ مَن أدركتُه من علماء أصحابنا المعتبَرين، وكثيراً من تصانيف علمائهم الماضين، أنّ أوّل السنة شهرُ رمضان على التّعيين، ولعلّ شهر الصيام أوّلُ العام في عبادات الإسلام، والمحرّم أوّل السنة في غير ذلك من التواريخ ومهامّ الأنام، لأنّه جلّ جلالُه عظّمَ شهرَ رمضان، فقال جلّ جلالُه: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...﴾ البقرة:185.
فلسانُ حال هذا التعظيم كالشّاهد لشهر رمضان بالتّقديم، ولأنّه لم يَجرِ لشَهرٍ من شهور السنة ذِكرٌ باسمه في القرآن وتعظيمُ أمره إلّا لهذا الشهر؛ شهرِ الصيام. وهذا الاختصاص بذِكره كأنه يُنبّه - واللهُ أعلم - على تقديم أمره؛ ولأنّه إذا كان أوّل السنة شهر الصّيام، وفيه ما قد اختُصّ به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور والأيام، فكأنّ الإنسان قد استقبل أوّل السنة؛ ولأنّ فيه ليلةَ القدر التي يُكتب فيها مقدارُ الآجال وإطلاقُ الآمال، وذلك مُنَبِّهٌ على أنّ شهر الصيام أوّلُ السنة».
* ومنها (أي من أوصاف ليلة القدر): أنّها يُفرَق فيها كلّ أمرٍ حكيم، وأنّها مباركة ببَركة خاصّة مضاعَفة تمتاز عن بركة شهر رمضان كلِّه، حيث قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم﴾ الدخان:3-4. وكذا قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر﴾.
* ومنها: أنّها موصوفة بالسّلامة، حيث قال سبحانه: ﴿سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، مع أنّ شهر رمضان تُغَلُّ فيه الشياطين، وتُفتح فيه أبوابُ السّماء وأبوابُ الجنان، وتُغلَّق أبوابُ النيران، إلاّ أنّ هذه الخصائص تَزداد وتقوى في ليلة القدر.
* ومنها: يُضاعَفُ العملُ فيها ثلاثينَ ألف ضِعف، كما قال تعالى: ﴿.. خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾.
إلى غير ذلك من الخصائص التي امتازت بها ليلة القدر، إلاّ أنّ كلّ ذلك هو تمهيد وتوطئة وإعداد لأكبر امتياز وخاصّية امتازت بها ليلة القدر، وهي نزول القرآن الكريم والروح والملائكة فيها، في كلّ عام.
ورُوي في (مجمع البيان) عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، قال: «إنَّ الشّيطانَ لا يخرجُ في هذه اللّيلةِ حَتّى يُضِيءَ فَجْرُها، وَلا يَستطيعُ فيها أن ينالَ أحداً بخَبَلٍ، أو داءٍ، أو ضَرْبٍ من ضُروبِ الفَساد، ولا يَنْفُذُ فيه سِحْرُ سَاحِرٍ».
زاد الصائم
من آداب ليلة القدر
يُستحبُّ في ليلة القدر الغسلُ مرّتين؛ من أوّل اللَّيل وآخره، ويُستحبّ كَثرةُ الدعاء فيها، وإحياؤها بالعبادة. وكان الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام إذا كان ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، أخذ في الدّعاء، حتّى يزول اللَّيل، فإذا زالَ اللَّيلُ، صلَّى.
وسُئل الصّادق عليه السّلام عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال: «لَو رُفِعَتْ لَيلَةُ القَدْرِ، لَرُفِعَ القُرآنُ». ويُستحبّ فيها الاستعاذةُ من قضاء السّوء.
(الحرّ العاملي، هداية الأمة، مختصَر)
ثواب إحياء ليلة القدر الكبرى
رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَصَلَّى فِيهِا مِئَةَ رَكْعَةٍ، وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ مَعِيشَتَهُ فِي الدُّنْيَا، وَكَفَاهُ أَمْرَ مَنْ يُعَادِيهِ، وَأَعَاذَهُ مِنَ الْحَرْقِ وَالْهَدْمِ وَالسَّرَقِ، وَمِنْ شَرِّ السِّبَاعِ، وَدَفَعَ عَنْهُ هَوْلَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَنُورُهُ يَتَلَأْلَأُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ، وَيُعْطَى كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، وَيُكْتَبُ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَجَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ، وَأَمَانٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَيُجْعَلُ فِيهَا مِنْ رُفَقَاءِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً».
وعن الإمام الكاظم عليه السلام: «مَنِ اغْتَسَلَ لَيلَةَ القَدْرِ وَأَحْياهَا إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ».
(الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين)
ليلةُ الشّرف الأعظَم
مقاصدُها الإلهيّة وفضائلُ إحيائها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ العلامة المحقّق الشيخ حسين الخونساري رحمه الله ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُضيء هذه المقالة من ملفّ العدد على المنزلة الفريدة لليلة القدر التي شاء اللهُ تعالى أن يهديَنا إليها بالوحي المُنزَل على قلب النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله. كما يبيّن صاحب النصّ وهو العلامة المحقّق الشيخ حسين الخونساري (ت: 1099 للهجرة) منزلة هذه اللّيلة العظيمة كما وردت في روايات الأئمّة المعصومين عليهم السلام.
نشير إلى أن هذا النصّ جرى اختيارُه من كتاب العلامة الخونساري (مشارق الشموس في شرح دروس الشهيد الأوّل).
«شعائر»
يستحبّ إحياءُ ليلة القدر بإحياء الثلاث الفُرادى المشهورة، لمزيد الاهتمام بإحياء ليلة القدر مع إبهامها، ودلالة القرائن على دخولها في الثلاث، خصوصاً إحدى وثلاثاً من العشر الأخير من جملة الثلاث، لغلَبة الظنّ بكونها أحديهما.
واعلم أنّ ليلة القدر ليلة شريفة مُعظّمة في الشّرع؛ قال الله عزّ وجلّ: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ القدر:3.
وقال عزّ من قائل: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ الدخان:3-4.
والأخبارُ فيها بالغةٌ حدّ التواتر، وإنّما سمِّيت بذلك لتقدير الأمور فيها، أو لشَرفها، أو لضِيق الأرض فيها على الملائكة لأجل كَثْرتِهم في نزولهم إليها.
قيل: ولعلّ الله تعالى إنّما ذكر لفظ القدْر في السورة ثلاث مرّات لهذا السبب، وهي باقية لم تُرفَع بالإجماع.
* ورووا عن أبي ذرّ، قال: «قلت يا رسول الله، ليلةُ القدر رُفعت مع الأنبياء، أو هي باقية إلى يوم القيامة؟
فقال: باقِيَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ.
قلت: في رمضان أو في غيره؟
فقال: في رَمَضانَ.
قلت: في عشر الأوّل أو الثاني أو الأخير؟
قال: في العَشْرِ الأَخيرِ».
والأخبار من طرق الخاصّة أكثر من أن تُحصى. منها ما رُوي عن الصادق عليه السلام، أنّه قال: «لَيْلَةُ القَدْرِ تَكونُ في كُلِّ عامٍ، لَوْ رُفِعَتْ لَيْلةُ القَدْرِ لَرُفِعَ القُرْآنُ».
ثمّ إنّ أكثر أهل العلم على أنّها في شهر رمضان. ويدلّ عليه قوله جلّ اسمه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى للنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدَى والفُرْقَان﴾ البقرة:185.
وقال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ القدر:1.
وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ..﴾ الدخان:3.
فلمّا أخبر، جلّ شأنه، عن شهر رمضان بأنّه أُنزل فيه القرآن، وكذا عن ليلة القدر، فقد أخبر عن وقوع ليلة القدر فيه...
* وفي (الكافي) عن حسّان بن مهران، في الصّحيح عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «سألتُه عن ليلة القدر، فقال: التَمِسْها لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرينَ، أَوْ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ».
* وعن ابن أبي حمزة، قال: «كنتُ عند أبي عبد الله (الصّادق) عليه السلام، فقال له أبو بصير: جُعلت فداك، الليلة التي يُرجى فيها ما يرجى؟
فقال: في لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرينَ أو ثَلاثٍ وَعِشْرينَ.
قال: فإن لم أَقْوَ على كلتَيهما؟
فقال: ما أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ فيما تَطْلُبُ.
قلت: فربّما رأينا الهلالَ عندنا وجاءنا مَن يُخبرنا بخلاف ذلك من أرضٍ أُخرى؟
فقال: ما أَيْسَرَ أَرْبَعَ لَيالٍ تَطْلُبُها فِيهَا.
قلت: جُعلت فداك، ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجُهَنِيّ؟
فقال: إِنَّ ذَلِكَ لَيُقالُ.
قلت: جُعلت فداك، إنّ سليمان بن خالد روى في تسعة عشرة يُكتَب وفد الحاجّ.
فقال: إِلَيَّ يا أَبا مُحَمَّدٍ؛ وَفْدُ الحاجِّ يُكْتَبُ في لَيْلَةِ القَدْرِ، وَالبَلايا وَالمَنايا وَالأَرْزاقُ وَما يَكونُ إِلى مِثْلِها في قابِلٍ، فَاطْلُبْها في لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلاثٍ وَعِشْرِينَ، وَصَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُما مائَةَ رَكْعَةٍ، وَأَحْيهِما إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلى النّورِ، وَاغْتَسِلْ فيهما.
قال، قلتُ: فإنْ لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟
قال: فَصَلِّ وَأَنْتَ جالِسٌ.
قلت: فإنْ لم أستطع؟
قال: فَعَلى فِراشِكَ، وَلا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ مِنَ النَّوْمِ، إِنَّ أَبْوابَ السَّماءِ تُفْتَحُ في رَمَضانَ، وَتُصَفَّدُ الشَّياطينُ، وَتُقْبَلُ أَعْمالُ المُؤْمِنينَ، نِعْمَ الشَّهْرُ رَمَضانُ، كانَ يُسَمَّى عَلَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ المَرْزوقَ».
[وفد الحاجّ هم القادمون إلى مكّة للحجّ، والمنايا: جمع المَنيّة وهي الموت، والنّور: كناية عن انفجار الصبح، والصّفد: القيد والشدّ والإيثاق].
* وعن زرارة في الموثّق، قال: «قال أبو عبد الله عليه السلام: التَّقْديرُ في لَيْلَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ، والإبرامُ في لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرينَ، والإمضاءُ في لَيْلَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ».
* وعن ربيع المسلميّ وزياد بن أبي الحلال، ذكراه عن رجلٍ، عن أبي عبد الله الصّادق عليه السلام، قال: «في لَيْلَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ التَّقْديرُ، وَفي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرينَ القَضاءُ، وفي لَيْلَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ إِبْرامُ ما يَكونُ في السَّنَةِ إِلى مِثْلِها، وَللهِ، جَلَّ ثَناؤُهُ، أَنْ يَفْعَلَ ما يَشاءُ في خَلْقِهِ».
* وعن إسحاق بن عمّار، قال: «سمعتُه – أي الإمام الصادق عليه السلام - يقول وناسٌ يسألونه يقولون: الأرزاق تُقسم ليلة النصف من شعبان؟
قال، فقال: لا وَاللهِ، ما ذاكَ إلّا في لَيْلَةِ تِسْعَ عَشَرةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ، وَإِحْدى وَعِشْرينَ، وَثَلاثٍ وَعِشْرينَ، فَإِنَّ فِي لَيلَةِ تِسْعَ عَشَرةَ يَلْتَقي الجَمْعانِ، وفي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرينَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ، وفي لَيْلَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ يُمْضي ما أَرادَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ الّتي قالَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿..خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
قال، قلتُ: ما معنى قولُه يلتقي الجمعان؟
قال: يَجْمَعُ اللهُ فِيهَا مَا أَرادَ مِنْ تَقْديمِهِ وَتَأْخيرِهِ وَإِرادَتِهِ وَقَضائِهِ.
قال، قلت: فما معنى قوله: يُمضيه في ثلاث وعشرين؟
قال: إنَّهُ يُفْرَقُ في لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرينَ إِمْضاؤُهُ، وَيَكونُ لَهُ فيهِ البَداءُ، فَإِذا كانَتْ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ أَمْضاهُ، فَيَكونُ مِنَ المَحْتومِ الّذي لا يَبْدو لَهُ فيهِ تَبارَك وَتَعالى».
* وروى الشيخ رحمه الله في (التهذيب)، عن محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهما عليهما السلام، في عدد الأغسال المسنونة، إلى أن قال: «ولَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ تُرْجى فيها لَيْلَةُ القَدْرِ».
* وعن زرارة في الموثّق... عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «سألتُه عن ليلة القدر.
قال: هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرينَ، أو ثَلاثٍ وَعِشْرينَ.
قلت: أليسَ إنَما هي ليلة؟
قال: بَلَى.
قلت: فأخبرني بها.
فقال: وَما عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ خَيْراً في لَيْلَتَيْنِ؟».
* وفي (التهذيب) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «إنّ الجُهَنِيّ أَتَى النّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: يا رسولَ الله، إنّ لي إبِلاً وغَنَماً وغِلمَةً وعَمَلَةً، فأُحبُّ أن تأمرَ بليلةٍ أدخلُ فيها فأشهدُ الصّلاة، وذلك في شهرِ رمضانَ. فدَعاهُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فسَارَّهُ في أُذُنه، فكانَ الجُهنيّ إذا كان ليلةُ ثلاث وعشرين دخلَ بإبلِه وغنمِه وأهلِه إلى مكانِه».
وقال في (الفقيه): «اسمُ الجُهَنيّ عبدُ الله بن أنيس الأنصاريّ».
* وروى في (الفقيه) عن سفيان بن السّمط، قال: «قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: اللّيالي التي تُرجى فيها من شهر رمضان؟
فقال: تِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرينَ، وَثَلاثٍ وَعِشْرينَ.
قلت: فإن أخذَت إنساناً الفترة أو علّة، ما المُعتمد عليه من ذلك؟
فقال: ثَلاثٍ وَعِشْرينَ».
علامةُ ليلة القَدر
وأمّا علامةُ ليلة القدر، فروى في (الكافي) عن محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهما عليهما السلام، قال: «سألتُه عن علامة ليلة القدر، فقال: عَلامَتُها أَنْ يَطيبَ رِيحُها، وَإِنْ كانَتْ في بَرْدٍ دَفِئَتْ، وَإِنْ كانَتْ في حَرٍّ بَرَدَتْ فَطابَتْ».
* قال: «وسُئل عن ليلة القدر، فقال: تَنَزَّلُ فيها الْمَلَائِكَةُ وَالكَتَبَةُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فَيَكْتُبونَ ما يَكونُ في أَمْرِ السَّنَةِ وَما يُصيبُ العِبادَ، وَأَمْرُهُ عِنْدَهُ مَوْقوفٌ لَهُ، وَفيهِ المَشِيَّةُ [المَشيئَة]، فَيُقَدِّمُ مِنْهُ مَا يَشاءُ، وَيُؤَخِّرُ مِنْهُ ما يَشاءُ، وَيَمْحُو ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».
والدفءُ السّخونة: وقال الجمهور علامتها ما رواه أبو ذرّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله، قال: «إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ في صَبيحَتِها بَيْضاءَ مِثْلَ الطَّسْتِ».
* ورُوي أيضاً عنه صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: «هِيَ لَيْلَةٌ طَلْقَةٌ لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ»، وهي تُوافق روايتنا.
* ويستحبّ أيضاً قراءة سورتَي (العنكبوت) و(الروم) في ليلة الثلاث وعشرين. روى الشيخ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «مَنْ قَرَأَ سورَتَيِ العَنْكَبوتِ وَالرّومِ في شَهْرِ رَمَضانَ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ، فَهُوَ، وَاللهِ، يا أَبا مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لا أَسْتَثْني فيهِ أَبَداً، وَلا أَخافُ أنْ يَكْتُبَ اللهُ عَلَيَّ في يَميني إِثْماً، وَإِنَّ لَهاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِنَ اللهِ مَكاناً».
* ويستحبّ أيضاً الاعتكاف في العشر الأواخر لِما روي في (الكافي) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إذا كانَ العَشْرُ الأواخِرُ اعْتَكَفَ في المَسْجِدِ، وَضُرِبَتْ لَهُ قبّةٌ مِنْ شَعَرٍ، وَشَمَّرَ الميزرَ، [المِئْزرَ] وَطَوى فِراشَهُ..».
* وقال في (الفقيه): «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اعْتِكافُ عَشْرٍ في شَهْرِ رَمَضانَ تَعْدِلُ حِجَّتَيْنَ وَعُمْرَتَيْنِ».
* ويستحبّ أيضاً المواظبة على النوافل المختصّة به بدعواتها المأثورة.
زاد الصائم
..فَاجْعَلنِي مَرحُومَاً
عن الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ، قال: «دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله، في آخر جُمعةٍ من شهر رمضان، فلمّا بَصُر بي، قال لي:
يا جابِرُ، هَذا آخرُ جُمُعَةٍ من شهرِ رمضانَ فَودِّعْهُ، وَقُل: (اللّهُمّ لا تَجعَلْهُ آخِرَ العَهدِ من صِيامِنا إيّاه، فإنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلنِي مَرحُومَاً وَلا تَجْعَلنِي مَحْرومَاً)، فإنّه من قالَ ذلك ظفرَ بإحدى الحُسنَيين، إمّا ببلوغِ شهرِ رمضانَ من قابِل، وإمّا بغُفرانِ الله ورحمتِه».
(فضائل الأشهر الثلاثة، الشيخ الصدوق)
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.