إعداد: مازن حمّودي
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال لوكيله: «إذهبْ فأعطِ من عيالنا الفطرة أجمعِهم، ولا تَدَعْ منهم أحداً، فإنّك إنْ تركتَ منهم أحداً تخوَّفتُ عليه الفَوْت، قلتُ: وما الفَوْت؟ قال عليه السلام: الموت».
«زكاةالفطرة واجبة إجماعاً من المسلمين، ومن فوائدها أنَّها تدفع الموت في تلك السنة عمَّن أُدِّيَت عنه، ومنها أنّها تُوجِب قَبول الصوم».
ما يلي، وقفة مع زكاة الفطرة وبعض أحكامها، مع موجز حول فقه القلب في باب الزَّكاة.
جاء في (العروة الوثقى): زكاة الفطرة واجبة إجماعاً من المسلمين، ومن فوائدها أنَّها تدفع الموت في تلك السنة عمَّن أُدِّيَت عنه، ومنها أنّها تُوجِب قَبول الصوم، ".." وعن الصادق عليه السلام: «إنَّ مِن تمام الصوم إعطاء الزكاة، كما أنَّ الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله مِن تمام الصلاة، لأنّه مَن صام ولم يُؤدِّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمِّداً، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله، إنَّ الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة، وقال: ﴿قد أفلح من تزكَّى * وذكر اسم ربه فصلَّى﴾ الأعلى:14-15». والمُراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة كما يُستفاد من بعض الأخبار المُفسِّرة للآية.
والفِطرة إمّا بمعنى الخِلْقة؛ فزكاة الفطرة أيْ زكاة البدن من حيث إنَّها تحفظه عن الموت، أو تطهِّره عن الأوساخ، وإمّا بمعنى الدِّين، أيْ زكاة الإسلام والدِّين، وإمّا بمعنى الإفطار لِكَوْن وجوبها يوم الفِطر.
من أحكامها
1- تجب على الغنيّ وهو الذي يملك قُوت سنةٍ له ولِعِياله. ويكفي أن يَملك قُوت سنة حتّى يجب عليه إخراجها ولو كان عليه دَين، لا سيّما إذا لم يكن مُعجَّلاً.
2- المقدار الواجب إخراجه حوالي 3 كلغ، من مادّة غذائية، أو ثمنها.
3- يجب على المكلَّف إخراجُها عن نفسه وعن كلِّ مَن يَعولُه.
4- يُعتبَر فيها نيّة القُربة كما في زكاة المال، فهي من العبادات ولذا لا تصحُّ من الكافر.
5- وقتها من طلوع فجر يوم العيد إلى الزَّوال، والأحوط لِمَن يُصلّي صلاة العيد أن يدفعها قبل الصلاة.
**
قال الشيخ النراقي رحمه الله في (جامع السعادات):
إعلم أنّه كما في المال زكاة فكذلك للبَدَن زكاة، وهو نقصُه لِيَزيد الخير والبركة لصاحبه. وهذا النَّقص إمَّا أن يكون اختياراً، بأن يُصرف في الطاعة ويُمنع عن المعصية، أو اضطِراراً، بأن يُصاب بِمَرض وآفة. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً لأصحابه : «ملعونٌ كلُّ مالٍ لا يُزَكّى، ملعون كلّ جسدٍ لا يُزَكّى، ولو في كلِّ أربعين يوماً مرّة. قيل له: يا رسول الله، أمّا زكاة المال فقد عرفناها، فما زكاة الأجساد؟ قال صلّى الله عليه وآله: أن يُصاب بآفَة. فتغيَّرت وجوه الذين سمعوا منه ذلك، فلمّا رآهم قد تغيَّرت ألوانهم، قال: هل تدرون ما عنيتُ بقولي؟ فقالوا: لا يا رسول الله! قال: إنَّ الرجل يُخدَش الخَدْشة، ويُنْكَب النَّكبة، ويَعثُر العثرة، ويَمرض المرضة، ويُشاك الشوكة، وما أشبه».
وقال صلّى الله عليه وآله: «لكلِّ شيءٍ زكاة، وزكاة الأبدان الصيام».
وقال الصادق عليه السلام: «على كلِّ جزء من أجزائك زكاة واجبة لله عزَّ وجلَّ، بل على كلِّ منبت شعر من شعرك، بل على كلِّ لحظة من لحاظك زكاة. فزكاة العين: النظرة بالعِبرة والغضّ عن الشهوات وما يُضاهيها. وزكاة الأُذُن: إستماع العلم والحكمة والقرآن، وفوائدِ الدِّين من الموعظة والنصيحة وما فيه نجاتُك، وبالإعراض عمّا هو ضدّه من الكذب والغِيبة وأشباههما. وزكاة اللّسان: النُّصح للمسلمين، والتّيقُّظ للغافلين، وكثرة التسبيح والذِّكر وغيرها. وزكاة اليد: البَذْل والعطاء والسَّخاء بما أَنعم الله عليك به، وتحريكها بكتابة العِلم ومنافع يَنتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى، والقبض عن الشرّ، وزكاة الرِّجل: السَّعي في حقوق الله، من زيارة الصالحين، ومجالس الذِّكر، وإصلاح الناس، وصِلَة الأرحام، والجهاد، وما فيه صلاحُ قلبك وسلامة دِينك».