إعداد: عبد الله النابلسي
﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ﴾ آل عمران:17.
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «خيرُ وقتٍ دعوتُم اللهَ عزَّ وجلَّ فيه الأسحار»، ثمّ تلا هذه الآية في قول يعقوب عليه السلام لِبَنِيه: ﴿..سَوف أَسْتَغْفِرُ لكُُم ربِّي..﴾ وقال: «أَخَّرَهم إلى وقت السَّحَر».
دعاء البهاء: عن أيوب بن يقطين أنَّه كتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله أن يصحِّح له هذا الدعاء [دعاء البهاء]، فكتب إليه: «نعم، هو دعاء أبي جعفر عليه السلام بالأسحار في شهر رمضان، قال أبي: قال أبو جعفر عليه السلام: لو يَعلم النَّاس مِن عِظَم هذه المسائل عند الله، وسرعة إجابتِه لصاحبِها، لاقتتلوا عليه ولو بالسُّيوف، واللهُ يختصُّ برحمته من يشاء».
وقال أبو جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام: «لو حلفْتُ لبَرَرْتُ أنَّ اسم الله الأعظم قد دخل فيها، فإذا دعوتم فاجتهدوا في الدعاء فإنّه من مَكنُون العلم، واكتُموه إلَّا من أهله، وليس من أهله المنافقون والمكذِّبون والجاحِدون، وهو دعاء المباهلة، تقول: أللّهمَّ إنّي أسألك من بهائك بأبهاه وكلُّ بهائك بهيّ، أللّهمَّ إنّي أسألك ببهائك كلِّه..».
**
دعاء أبي حمزة الثُّمالي
خير أوراد الأسحار، دعاء السَّحر لسيِّد الساجدين الإمام زين العابدين عليه السلام، علَّمه لأبي حمزة الثُّمالي (أبو حمزة الثُّمالي بضم الثاء المثلّثة، ثابت بن دينار، أبو صفيّة، عربيٌّ أزديّ، من أصحاب السجّاد والباقر عليهما السلام). قال عنه الرضا عليه السلام: «أبو حمزة الثُّمالي في زمانه كَلُقمان في زمانه»، مات سنة خمسين ومائة.
وقد تربّت على هذا الدعاء الذي عُرف باسمه، أجيال المُتهجِّدين ومواكب المتعبِّدين عبر الأجيال. يقول الإمام الخميني قدّس سرّه: «أنا وأنت لا نستطيع أن نقرأ دعاء السَّحَر دفعةً واحدة، فلنقرأ كلَّ مرّة منه بعض فقراته».
عن أبي حمزة الثُّمالي أنّه قال: كان عليّ بن الحسين سيّد العابدين صلوات الله عليه يصلّي عامّة ليله في شهر رمضان، فإذا كان السَّحَر دعا بهذا الدعاء: «إلهي لا تؤدِّبني بعقوبتك، ولا تمكُر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا ربِّ ولا يُوجد إلَّا من عندك، ومِن أين لي النَّجاة ولا تُستطاع إلَّا بك..».
**
دعاء إدريس عليه السلام
قال الشيخ الطوسي رحمه الله في (المصباح): وتدعو أيضاً في السَّحَر بدعاء إدريس عليه السلام، ورأيت في إسناد هذا الدعاء أنّه الذي رفعه الله جلَّ جلالُه به إليه، وأنّه من أفضل الدعاء، وأوّله: «سُبْحَانَكَ لا إِلَه إلاَّ أَنْتَ، يا ربَّ كُلِّ شَيْءٍ وَوَارِثَهُ، يَا إِلَهَ الآلِهَةِ الرَّفيعَ في جَلالِهُ، يا اللهُ المَحْمُودُ في كُلِّ فِعالِهِ..» .
وروى الشيخ الكفعمي في (البلد الأمين): «لمّا بَعَثَ الله إدريس عليه السلام إلى قومه علّمه هذه الأسماء، وأوحى إليه أنْ قلهنّ سرّاً في نفسك ولا تُبْدِهنَّ للقوم فيدعوني بهنّ، قال وبهنّ دعا فرفعه الله مكاناً عليّاً، ثمّ علّمهن اللهُ تعالى موسى، ثمّ علّمهن الله تعالى محمّداً صلّى الله عليه وآله، وبهنّ دعا في غزوة الأحزاب..».
**
من دعاء الإمام الكاظم عليه السلام في الأسحار: «هذا مقامُ مَن حسناتُه نعمةٌ منك، وشكرُه ضعيف، وذنبُه عظيم، وليس له إلّا دفعُك ورحمتُك، فإنّك قلتَ في كتابك المُنزَل على نبيّك المُرسَلِ صلّى الله عليه وآله: ﴿كانوا قليلاً من اللّيل ما يَهجَعون * وبالأَسْحارِ هم يستغفرون﴾ طالَ هجوعي، وقلَّ قيامي، وهذا السَّحَر، وأنا أستغفرُك لذنبي استغفارَ مَن لا يَجِدُ لنفسه ضَرّاً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً..».