خِيَرةُ الله من خلقِه
المعصوم
أفضل من الملائكة
ــــــــــــــــــــــ المحقّق
الحلّي* قدّس سرّه ــــــــــــــــــــــ
الأنبياء
أفضل من الملائكة وكذلك الأئمّةُ عليهم السلام، بوجوه:
الوجه
الأول: طاعة البشر أشقُّ من طاعة الملَك، فيكون
أكثر ثواباً.
أمّا
الأولى فلأنّ الإنسان ينازع شهواته إلى الملاذّ المحرّمة، ويدافع نفراته عن
الأوامر اللازمة، فيحصل مصادمة طبيعية تستلزم المشقّة لا محالة.
وأمّا
الثانية فلقوله صلّى الله عليه وآله: «أفضلُ العبادات أحمَزُها» أي أشقّها،
لكن غير المعصوم لا ينفكّ عن مواقعة مأثم، فيقصر عن مساواة الملَك، ويبقى المعصوم
من البشر راجحاً عليه. [سئل رسول الله صلَّى
الله عليه وآله وسلَّم: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: أحمزُها]
الوجه
الثاني: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى
آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ آل
عمران:33، وتقريرُ هذا الاستدلال من وجهين:
أحدهما:
أنّ آدم ونوحاً أفضل العوالم، عدا مَن جمعتهم الآية، فيكونان أفضل من الملائكة،
وكلّ مَن قال بذلك قال إنّ الباقي من الأنبياء أفضل.
والثاني:
أنّ آل إبراهيم وآل عمران عبارة عن ذريّتهما أجمع، فإذا علمنا خروج مَن عدا
المعصومين منهم، تعيّن إرادة الباقي.
الوجه
الثالث: النقل المأثور عن أهل البيت عليه السلام،
بالنصّ الصريح على ذلك.
[انظر:
(البحار: ج 6، ص267): باب تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء وعلى جميع الخلق،
وفيه:
*
(عيون أخبار الرضا عليه السلام): بإسناد التميميّ عن الرضا عن آبائه عليهم السلام،
قال: «قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنتَ يا عليّ ووُلدك خِيَرةُ
الله من خلقِه».
*
وفيه أيضاً، بهذا الإسناد عنه عليه السلام: «قال عليٌّ عليه السلام: نحنُ، أهلَ
البيت، لا يُقاسُ بنا أحدٌ، فينا نَزلَ القرآنُ وفينا مَعدِنُ الرّسالة».
*
(الخصال): «.. عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّه قال في وصيّةٍ له: يا
عليّ، إنّ اللهَ عزّ وجلّ أشرفَ على الدّنيا فاختارَني منها على رِجالِ العالَمِين،
ثمّ اطّلعَ الثانيةَ فاختارَكَ على رجالِ العالَمِين بعدي، ثمّ اطّلع الثالثةَ فاختارَ
الأئمّةَ من وُلدِكَ على رجالِ العالَمِين بعدك، ثمّ اطّلعَ الرابعةَ فاختارَ
فاطمةَ على نساءِ العالَمِين»]
[و]
يجبُ الإقرار بإمامة الاثني عشر على أهل كلّ زمان، ولا يجوز جَحدُ أحدهم، والإخلالُ
بذلك مُخرِج للمكلّف عن كونه مؤمناً... ويدلّ على ذلك النقل المتواتر عن أهل البيت
عليهم السلام: «إنَّ مَن أَنكَرَ واحِداً مِن الأحياءِ فقد أَنكَرَ الأموات».
وما
رَووه عن النبيّ عليه السلام، أنّه قال: «يا عليّ، أنتَ والأئمّة من وُلدِك بَعدي
حُجَجُ الله على خَلقَه، مَن أَنكَرَ واحداً منكُم فقد أَنكَرَني».
_________________________
* (المحقق الحلّي، جعفر بن الحسن المتوفّى
676 هـ، المَسلك في أصول الدين)