عظمة «دعاء الاحتجاب» للنّبي الأعظم صلّى الله عليه وآله
وسلّم
مَن دعا به على صفائح الحديد لَذابَ
____ السيّد محمّد الأصفهاني* ____
كثيرٌ مِنا ما يتحصّن بالأدعية والقرآن الكريم لتكون له
حصنًا مِن كلّ الأشياء التي لا نقوى عليها من عالَم الغيب أو من عالمنا الواقعي،
ومن هَذه الأدعية «دعاء الاحتجاب» للنّبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهُو
دعاء يقيك من الحسد ويُذهِب عنك الخوف والهمّ، ويوفّقك في كلّ عملٍ تنويه.
كان
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يستعين بهذا الدعاء على الكثير من
الأمور الآنف ذكرُها. كما عُرف عنه بأنّه كان كثيرًا ما يُردّد هذا الدعاء وغيره
من الأدعية التي يتضرّع بها إلى الله سبحانه وتعالى. والدعاء ينقله سيّد العارفين
عليّ بن طاوس الحسيني (بسنده) في كتابه (مهج الدعوات ومنهج العبادات)، فيقول: «...مَن
دعا بِهذه الأسماء على صفائحَ من حديدٍ لَذابَ الحديدُ بإذن الله عزّ وجلّ،
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: والّذي بَعَثَني بِالحقِّ نبيّاً، لو أنّ
رجلاً بَلغ بِه الجوعُ والعطشُ شدّةً ثمّ دعا بهذه الأسماء لَسَكَن عنه الجوعُ
والعطشُ، والّذي بَعَثَني بِالحقِّ نبيّاً، لو أنّ رجلاً دعا بهذه الأسماء على جبلٍ
بَينه وبَينَ المَوضعِ الذي يُريدُه لَنَفذَ الجبلُ كما يريده حتّى يَسلكَه، والّذي
بَعَثَني بِالحقِّ نبيّاً، لو دعا بهذا الدُّعاء على المجنونِ لَأفاقَ من جنونِه،
وإنْ دعا بهذا الدعاء عند أمرأةٍ قد عسرعليها الولادة لَسهَّل الله لها ذلك عليها.
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: لو دعا بهذا الدعاء رجلٌ وهو في مدينةٍ،
والمدينةُ تحترق ومنزلُه في وسطها لنجا منزلُه ولم يَحترق، ولو أنّ رجلاً دعا بهذا
الدعاء أربعين ليلةً من ليالي الجمعة لغفر الله عزّ وجلّ له كلّ ذنبٍ بينه وبين
الله تعالى ".."، والّذي بَعَثَني بِالحقِّ نبيّاً، ما دَعا بهذا الدُّعاء
مَغمومٌ إلّا صرف الله الكريم عنه غمَّه في الدنيا والآخرة بِرحمتِه، والّذي بَعَثَني
بِالحقِّ نبيّاً، ما دعا بهذا الدُّعاء أحدٌ عند سُلطانٍ جائرٍ قبل أنْ يَدخُلَ
عليه ويَنظره إلّا جعلَ اللهُ هذا السلطان طَوعاً له، وكُفِي شَرّه إنْ شاء الله،
تعالى وهذا هو الدعاء:
(بِسْمِ
الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ يَا مَنِ احْتَجَبَ
بِشُعَاعِ نُورِهِ عَنْ نَوَاظِرِ خَلْقِهِ، يَا مَنْ تَسَربَلَ بِالْجَلَالِ والْعَظَمَةِ
واشْتَهَرَ بِالتَّجَبُّرِ فِي قُدْسِهِ، يَا مَنْ تَعَالَى بِالْجَلَالِ والْكِبْرِيَاءِ
فِي تَفَرُّدِ مَجْدِهِ، يَا مَن انقَادَتِ الْأمُورُ بِأزِمَّتِهَا طَوْعاً لِأمرِهِ،
يَا مَنْ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ والْأرَضُونَ مُجِيبَاتٍ لِدَعوَتِهِ، يَا مَنْ
زَيَّنَ السَّمَاءَ بِالنُّجُومِ الطَّالِعَةِ وجَعَلَهَا هَادِيَةً لِخَلْقِهِ،
يَا مَنْ أنَارَ الْقَمَر الْمُنِيرَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ
بِلُطْفِهِ، يَا مَنْ أنَارَ الشَّمْسَ الْمُنِيرَةَ وجَعَلَهَا مَعَاشاً
لِخَلْقِهِ، وجَعَلَهَا مُفَرِّقَةً بَيْنَ اللَّيْلِ والنَّهَارِ بِعَظَمَتِهِ،
يَا مَنِ اسْتَوْجَبَ الشُّكْرَ بِنَشْرِ سَحَائِبِ نِعَمِهِ.
أسألُكَ
بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ومُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ،
وَبِكُلِّ اِسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أوِ اسْتَأثَرْتَ بِهِ فِي
عِلـْمِ الْغَيْبِ عِنْـدَكَ، وبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ أَنزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ
أَوْ أَثْبَتَّهُ فِي قُلُوبِ الصَّافِّينَ الْحَافِّينَ حَوْلَ عَرْشِكَ،
فَتَرَاجَعَتِ الْقُلُوبُ إِلَى الصُّدُورِ عَنِ الْبَيَانِ بِإِخْلَاصِ
الْوَحْدَانِيَّةِ وتَحْقِيقِ الْفَرْدَانِيَّةِ، مُقِرَّةً لَكَ
بِالْعُبُودِيَّةِ وأَنَّكَ أَنتَ اللهُ أَنتَ اللهُ أَنتَ اللهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا أنتَ. وأسألُكَ بِالْأسْمَاءِ الَّتِي تَجَلَّيْتَ بِهَا لِلْكَلِيمِ عَلَى
الْجَبَلِ الْعَظِيمِ، فَلَمَّا بَدَا شُعَاعُ نُورِ الْحُجُبِ مِنْ بَهَاءِ
الْعَظَمَةِ خَرَّتِ الْجِبَالُ مُتَدَكْدِكَةً لِعَظَمَتِكَ، وَجَلَالِكَ، وهَيْبَتِكَ،
وخَوْفاً مِنْ سَطْوَتِكَ رَاهِبَةً مِنْكَ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا أنتَ، فَلَا
إِلَهَ إِلَّا أنتَ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا أنتَ. وأسأَلُكَ بِالاسمِ الَّذِي
فَتَقْتَ بِهِ رَتْقَ عَظِيمِ جُفُونِ عُيُونِ النَّاظِرِينَ الَّذِي بِهِ
تَدْبِيرُ حِكْمَتِكَ وشَوَاهِدُ حُجَجِ أَنبِيَائِكَ، يَعْرِفُونَكَ بِفِطَنِ
الْقُلُوبِ وأنتَ فِي غَوَامِضِ مُسرّات سَرِيرَاتِ الْغُيُوبِ، أَسأَلُكَ
بِعِزَّةِ ذَلِكَ الاِسْمِ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَن
تَصْرِفَ عَنِّي وعَن أهلِ حُزانتي وجَميعِ المؤمِنينَ والمؤمِناتِ جَمِيعَ
الْآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ، وَالْأَعرَاضِ، وَالْأَمْرَاضِ، وَالْخَطَايَا،
وَالذُّنُوبَ، وَالشَّكَّ، وَالشِّرْكَ، وَالْكُفْرَ، وَالشِّقَاقَ، وَالنِّفَاقَ،
والضَّلَالَةَ، وَالْجَهْلَ، والْمَقْتَ، وَالْغَضَبَ، والْعُسْرَ، وَالضِّيقَ، وفَسَادَ
الضَّمِيرِ، وَحُلُولَ النَّقِمَةِ، وشَمَاتَةَ الْأَعدَاءِ، وغَلَبَةَ الرِّجَالِ،
إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ، لَطِيفٌ لِمَا تَشَاءُ ولا حَول ولا قُوّةَ إلّا بالله
العليِّ العظيم)».
الإمام الخميني يقرأ دعاء الاحتجاب
«عند
رجوع الإمام الخميني قدّس سرّه من باريس إلى طهران، كان يُحتمل استهداف الطائرة من
قِبل عملاء النظام البهلوي، ولذا كان الإمام وهو في الطائرة يقرأ دعاء الاحتجاب،
فلا أنسى ذلك السكون والطمأنينة في الإمام طوال السَّفر، حتَّى نزوله إلى مطار
مهرآباد».
السيّد الكشميري ودعاء الاحتجاب
ويُنقل
أنَّ المرحوم السيّد عبد الكريم الكشميري كان يقول: «بأنَّ والدي قال لي: إذا تركتَ
قراءة دعاء الاحتجاب ستكون من العاقّين لي، وكان هو يقرأه أحياناً سبع مرات في
اليوم. والأفضل قبل قراءة هذا الدعاء دفع صدقة للفقراء ولو كان قليلاً».
__________________________________________________
*
من تلامذة الإمام الخميني قدّس سرّه والنص من كتابه (مفاتيح السّماء)