..بين الرّجاء
والغرور
أيّها العزيز، كن على حَذَرٍ، لكي لا تخلطَ بين الرجاء والغرور.
فقد تكون مغترّاً (بالله تعالى) وتحسبُ نفسَك من أهل الرجاء. إنّ من السهل التمييز
بين الحالين من حيث منشأ كلٍّ منهما.
***
* انظر إلى هذه الحال
التي فيك، والتي تخالُ نفسك معها بأنّك من أهل الرجاء؛ فهي:
- إمّا أن تكون ناشئة عن التهاون في أوامر الحقّ سبحانه،
والتقليل من شأنها.
- وإمّا أن تكون ناجمة عن الاعتقاد بسعة رحمة الله وعظَمة
ذاته المقدّسة.
* وإذا صَعُب عليك التمييز
بينهما أيضاً، أمكنك التمييز من خلال الآثار:
- فإذا استحضرَ القلبُ عظَمة الله سبحانه، وإذا كان قلبُ
المؤمن ملتفِتاً إلى رحمة ذاته المقدّسة وعطاياه، لقام القلبُ بواجب العبوديّة والطاعة.
لأنّ تعظيم العظيم المُنعِم وعبادتَه من الأمور الفطريّة التي لا خلافَ فيها. وإذا
لم تكن معتمداً على أعمالك في أداء واجبات العبودية، وفي بذل الجُهد والجدّ في الطاعة
والعبادة، ولم تحسب لها حساباً، وكنتَ آملاً رحمة الله وفضله وعطاءه، ووجدت نفسك مستحقاً
للّوم والذمّ والسّخط والغضب بسبب أعمالك، ولم تعتمد إلاّ على رحمة الجواد المطلق،
فأنتَ من أهل الرجاء. فاشكرِ اللهَ تبارك وتعالى، واطلب من ذاته المقدّسة أن يثبّت
ذلك في قلبك، ويمنحك مقاماً أعلى منه.
- أما إذا كنت، لا سمَحَ الله، متهاوناً في أوامر الحقّ تعالى،
ومستحقِراً ومستهيناً بتعاليمه، فاعلم أنّه الغرورُ الحاصلُ في قلبك، وأنه من مكائد
الشيطان، ومن نفسك الأمّارة بالسوء. فلو آمنتَ بسعة رحمةِ الله وعظَمته، لظَهَرَ أثرُ
ذلك فيك. إنّ المدّعي الذي يخالف عملُه دعواه يكذِّب نفسَه بنفسه. والشواهدُ على هذا
في الأحاديث المعتبرة كثيرة.