منازل
الآخرة
حول
الموت.. وعالم ما بعد الموت
______ إعداد: «شعائر» ______
الكتاب: منازل الآخرة ـ حول الموت..
وعالم ما بعد الموت
المؤلّف: المحدّث الجليل الشيخ عبّاس
القمّي رحمه الله
ترجمة وتقديم: الشيخ حسين الكوراني
الناشر: دار الكتاب الإسلامي ـ قمّ
المقدّسة 1411 هـ / 1991 م
مع
الكتاب والكاتب
وُلد الشيخ عبّاس القمي رحمه الله
عام 1294 للهجرة في مدينة قمّ المقدّسة، فابتدأ هناك حياته العلميّة حتّى سنة 1316
للهجرة، حيث توجّه تلقاء العاصمة العلميّة الكبرى -النجف الأشرف- مثوى أمير
المؤمنين عليه السّلام، فكانت له ارتقاءات رفيعة.. وخلال تلك الفترة تشرّف بأداء
فريضة الحجّ وزيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله، وزيارة قبور أئمّة البقيع
عليهم السّلام. ثمّ عاد ولكن من طريق بلدة قمّ مجدّداً عهدَه بزيارة مرقد السيّدة
فاطمة المعصومة ابنة الإمام موسى الكاظم عليه السّلام. وكانت له صلةٌ متواصلة
وتعاهد متعاقب مع مواسم الحجّ وزيارات المراقد النيّرة لآل البيت عليهم السّلام في
العراق وإيران والحجاز.. حتّى وافاه الأجل في مدينة النجف الأشرف سنة 1359 للهجرة،
في الثالث والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام، وله من العمر خمسٌ وستّون سنة، فصلّى
على جثمانه المرجع الدينيّ السيّد أبو الحسن الأصفهانيّ، ودُفن في الصحن الغرويّ
الشريف عند رجلَي شيخه الميرزا النوري طيّب الله ثراهما.
وأمّا مقامه العلميّ، فنكتفي بهذه
النُّبَذ القليلة مِن ذكره على لسان أقلام العلماء الأفاضل:
• الشيخ
آقا بزرك الطهراني: «عالمٌ محدِّث، ومؤرّخٌ فاضل.. رأيتُه مصداق رجلِ العلم
الفاضل، وكان يتحلّى بصفاتٍ تُحبُّبه إلى عارفيه؛ فهو حَسَن الأخلاق، جمّ التواضع،
سليم الذات، شريف النفس، يضمّ إلى غزارة الفضل تُقيً شديداً، وإلى الورع زهداً
بالغاً». (طبقات أعلام الشيعة ـ نقباء البشر في القرن الرابع عشر: 3 / 998 ـ 999 )
•السيّد محسن الأمين: «عالمٌ فاضل صالح، محدّثٌ
واعظ، عابد زاهد». (أعيان الشيعة: 7/425)، ووصفه أيضاً بقوله: «الثقة العدل الورع
الزاهد العابد». (أعيان الشيعة 3/492)
•الشيخ عبد الحسين الأميني: «هو من نوابغ
الحديث والتأليف في القرن الحاضر، وأياديه المشكورة على الأمّة لا تَخفى». (الغدير:
1/157)
•خير الدين الزركلي: «باحثٌ إماميّ، من العلماء
بالتراجم والتاريخ». (الأعلام 3/265)
وفي حدود الأربعين من عمره انشغل
الشيخ عبّاس القميّ بتأليف كتابه (الفوائد الرضوية)، وهو كتاب رجاليّ يترجم فيه
للعلماء.. ولمّا وصل بحسب ترتيب الحروف إلى اسمه قال ما ترجمته: «حيث إنّ هذا
الكتاب الشريف في بيان أحوال العلماء، لم أرَ من المناسب أن أُدرج ترجمتي فيه؛
فأنا أحقرُ وأقلّ مِن أن أكون في عِدادِهم.. لهذا أعرضتُ عن ذكر ترجمتي، وأكتفي
بذِكر مؤلّفاتي».
ثمّ ذكر مؤلّفاته، وأبرزُ
محاورها: عناياته العلميّة الإيمانيّة بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل البيت
عليهم السّلام، واهتماماته الواضحة بتراجم الرجال، وتركيزه على سلوك طريق
العبوديّة من خلال الدعوات والزيارات. وقد بلغت 66 مؤلّفاً عدا الرسائل والمختصرات
التي ضاع أكثرها، أمّا أهمّها وأشهرها فهي:
الأنوار البهيّة في تواريخ الحجج
الإلهيّة، الباقيات الصالحات، تحفة الأحباب، سفينة البحار، كحل البصر في سيرة سيّد
البشر، الكُنى والألقاب، مفاتيح الجِنان، منتهى الآمال، نفثة المصدور فيما يتجدّد
به حزن يوم العاشور، نَفَس المهموم في مصيبة سيّدنا الحسين المظلوم، هديّة
الأحباب، هداية الأنام إلى وقائع الأيّام، هديّة الزائرين وبهجة الناظرين، منازل
الآخرة... وغيرها كثير.
وقد صرّح الشيخ القمّي أعلى اللهُ
مقامه أنّ تاريخ انتهائه من (منازل الآخرة) هو يوم ولادة الإمام الحسن المجتبى
عليه السّلام ـ منتصف شهر رمضان / عام 1347 للهجرة. ولدى استعراض هذا الكتاب
الجليل تبرز جليّاً سعة اطّلاع المحدّث القمّي، فقد انتخب الروايات المتناثرة من
شتّى المصادر، والتي لا يجمعها عادةً بابٌ واحد، فبوّبها؛ ليقدّم للقارئ رسالةً
عمليّةً عن الآخرة، تسهّل له سُبلَ خير الزاد للحياة الطيّبة ـ كما عبّر مترجم
الكتاب ـ.
وكان للكتاب قصّة، ننقلها عن
مؤلّفه المحدّث القمّي رضوان الله عليه، حيث قال: «عندما ألّفتُ كتاب (منازل
الآخرة) وطبعته، ووصل إلى مدينة «قمّ»، وقع الكتاب في يد الشيخ عبدالرزّاق، الذي
كان يبيّن بعض الأحكام الشرعيّة كلَّ يوم في دار حرم السيّدة المعصومة عليها
السلام، وكان المرحوم والدي من مُريدي هذا الشيخ والمعجبين به، وكان يحضر مجلسه
يوميّاً. وقد بدأ الشيخ عبدالرّزاق هذا يفتح كتاب (منازل الآخرة) ويقرأ منه
للمستمعين.. وذات يوم جاء والدي إلى البيت فقال لي: شيخ عبّاس، يا ليت أنّك تستطيع
أن تصعد المنبر فتقرأ لنا من الكتاب الذي قرأ لنا منه الشيخ! وأردتُ ـ عدّة مرّات
أن أقول لأبي: إنّ ذلك الكتاب هو مِن مؤلّفاتي، لكنّي ـ في كلّ مرّة ـ كنتُ أمتنع
عن ذلك، فلم أقُل له شيئاً، وأخيراً اكتفيت بالقول: تكرّم يا أبه بالدعاء لي ليوفّقني
الله لذلك».
الكتاب
يحوم الكتاب حول الموت، وما بعد
الموت، من عوالم هي حقائق كبرى يتغاضى عنها عموم الناس، ويغفل عنها حتّى الكثير من
المتديّنين، لذا كان من الضروريّ التذكير بها من قِبل الذاكرين. كتب الشيخ حسين الكوراني
في مقدّمة كتاب (منازل الآخرة):
«وكتاب (منازل الآخرة) ليس من الكتب التي
تُقرأ مرّةً واحدةً فتُترك، كما أنّه ليس من المصادر التي يرجع إليها الباحث بين
الحين والآخر فحسب، بل هو رسالةٌ عمليّةٌ للآخرة، ينبغي أن يُطبّق كلُّ واحدٍ منّا
ما ورد فيه، فيأخذ مثلاً: ما يهوّن سكرات الموت، ويعمل على تطبيق ذلك والالتزام
به؛ بهدف أن يشمله اللُّطفُ الإلهي، فتهون عليه سكرات الموت.. وهكذا في سائر
المنازل والمحطّات.
إنّه كتابٌ جديرٌ بأن يكون أنيسَ
المؤمن الدائم، يستريح إليه كلّما هدّه التركاض وأثقَلَت كواهلَه منعطفاتُ الطريق
ووعثاء السفر، وهزّه الشوق والحنين إلى جوار الله تعالى في الحياة الباقية.
أجل ـ أيُّها الإخوة ـ فالكتاب
يحمل موضوعاً حياتيّاً واقعيّاً، يَعِظُ للموت قبل حلوله، ويمهّد للإنسان الدخول
إلى عالَمٍ آخر وهو مستعدّ ومتوقّع، بل ومتهيّئ وقد أعدّ عُدّتَه لسفرٍ حقيقيّ في
عالمٍ آخر لابدّ أن يكون قادماً عليه في يومٍ ما، وراحلاً نحوه في أجلٍ ما.
وإلى ذلك، فالكتاب يحمل أُسلوباً
شائقاً جميلاً ممتعاً، ومؤثّراً في الروح والقلب والضمير والنفس، فيخرج منه على
حالٍ أخرى من التقوى والبصيرة والحذر والخشية والزهد والنورانيّة والهداية، والشوق
إلى العبادات والطاعات، والميل إلى الأخلاق وحسن المعاشرة، والرغبة في كلِّ خير،
والامتعاض من كلّ شرّ».
الفصول
من محاسن الكتاب ذلك التسلسل في
أبوابه، مرتَّباً على نحو منازل مُعَنوَنةً تحت فصول:
الفصل الأوّل (المنزل الأوّل):
الموت - العقبات، وما يهوّن السكرات!
الفصل الثاني (المنزل الثاني):
القبر - العقبات، والمُنْجِيات.
الفصل الثالث (المنزل الثالث):
البرزخ - قصص منبِّهة مُوقظة!
الفصل الرابع: القيامة - ما يُنجي
من أهوالها والفزعِ الأكبر!
الفصل الخامس: البعث من القبر -
ما ينجي من هول ذلك اليوم!
الفصل السادس: الميزان - حكايات
حول حسن الخُلُق، وقصص أخرى مُرشِدة.
الفصل السابع: الحساب - وما
أدرانا ما الحساب!
الفصل الثامن: صحائف الأعمال - وتلك
نتائج الامتحانات!
الفصل التاسع: الصراط - وما
يُسهّل الجواز على الصراط!
ثمّ الخاتمة: حول عذاب جهنّم - وقصص
الخائفين.
ثمّ أمثالٌ من تنبّه المؤمنين - حكايات
تُفهم مَن أراد الفهم، وتُبصّر مَن فتح بصيرة العقل.
ثم خاتمة أخيرة.. فيها لجوء إلى
الدعاء، مع انتباهة.