ضيافة الله تعالى.. بلوغ «معدن العظمة»
_____ الإمام الخميني قدّس سرّه _____
إنّ الذي يجزي على الصوم هو الله تبارك وتعالى، كما قال عنه جلّ وعلا: «الصَّوم لي وأنا أجزي به». فليس بمقدور شيء آخر أن يكون ثمناً لمثل هذا الصوم؛ حتى جنات النعيم لا تعني شيئاً أمام صومه ولا يمكن أن تكون ثمناً له.
أمّا إذا أراد الإنسان أن يكون صيامه حبس الفم عن الطعام، وإطلاقه في اغتياب الناس، وفي قضاء ليالي شهر رمضان المبارك حيث تكون المجالس الليلية عامرة وتوافر فرصة أكبر لتمضية الوقت إلى الأسحار في اغتياب المسلمين، وتوجيه التهم والإهانة لهم، فإنّه لن يجني من صومه شيئاً؛ بل يكون بهذا الصوم قد أساء آداب الضيافة وأضاع حقّ وليّ نعمته الذي خلق له كل وسائل الحياة والراحة، ووفّر له أسباب التكامل، حيث أرسل الأنبياء لهدايته وأنزل الكتب السماوية، ومنح الإنسان القدرة للوصول إلى معدن العظمة والنور الأبهج، وأعطاه العقل والإدراك وكرّمه بأنواع الكرامات.
وها هو قد عاد إلى ضيافته، والجلوس إلى مائدة نعمته، وحمده، وثنائه، بكل ما تقدر على أدائه الأيدي والألسن. فهل يصح أن يتمرّد العباد الذين نهلوا من نعمته واستفادوا من وسائل وأسباب الراحة التي وضعها تحت تصرفهم، يتمرّدوا على مولاهم ومضيفهم وينهضوا لمعارضته ويطغوا؟
أليس هذا كفراناً للنعمة؛ بأن يجلس الإنسان إلى مائدة مولاه، ثم يتجرّأ عليه بأفعاله القبيحة وتصرفاته المشينة، ويسيء أدبه مع مضيفه ووليّ نعمته، ويرتكب أعمالاً قبيحة لدى مضيفه؟
ينبغي -على الأقل- للضيف أن يكون عارفاً بالمضيف مدركاً لمقامه؛ ويحرص من خلال اطّلاعه على عادات المجلس وتقاليده أن لا يصدر عنه ما يسيء إليه وينافي الأخلاق.. فلا بدّ لضيف الله سبحانه، أن يكون عارفاً بمقامه العظيم ذي العزّة والجلال.. المقام الذي كان الأنبياء العظام والأئمّة الكرام يسعون دوماً للاستزادة من معرفته والإحاطة به إحاطة كاملة، وكانوا يتمنّون أن يصلوا إلى معدن العظمة هذا: «وأنِر أبصارَ قلوبِنا بِضياءِ نظرِها إليكَ، حتّى تخرَق أبصارُ القلوبِ حُجُبَ النّور فَتصِلَ إلى معدِنِ العظمة»، وإنّ ضيافة الله هي «معدن العظمة» هذه. وقد دعا الله سبحانه عباده واستضافهم ليمكّنهم من بلوغ معدن النور والعظمة. ولكن إذا لم يكن العبد لائقاً، فلن يتمكّن من بلوغ مثل هذا المقام السامي والعظيم.".."
فكيف يمكن الحضور في حضرة الحقّ تعالى، والدخول في ضيافة رب الأرباب التي هي «معدن العظمة»، مع كل هذه التلوّثات الروحية والرذائل الأخلاقية والمعاصي القلبية والظاهرية؟
دعاء اليوم السادس والعشرين
«اللّهُمّ اجعلْ سَعيي فيه مشكوراً، وذَنْبي فيه مغفوراً، وعملي فيه مقبولاً، وعَيبي فيه مستوراً، يا سامعَ أصواتِ المبتَهِلين».
المعنى الإجمالي: «اللّهُمّ اجعَلْني ممّن يبتغي في ما آتيتَه الدارَ الآخرةَ ولا ينسى نصيبَه من الدنيا، ليكون سعيي مشكوراً، واجعلني ممّن يجتنب الشِّركَ وغيره من الذنوب التي لا تُغتفر، وممّن يُتْبِعُ اللّمَمَ والذنبَ الذي يقع فيه دون سابق عمدٍ وإصرار، بالتوبة والاستغفار، ليكون ذنبي مغفوراً، واجعلني من المتّقين ليكون عملي مقبولاً، واجعلني في سِترك وكَنَفِك وتحت ظلّك، لِيكونَ عيبي مستوراً. أبتهِلُ إليك يا ربّي بذلك، فاستجِبْ لي يا سامعَ أصوات المبتهِلين».