حوارات

حوارات

23/03/2012

المحقّق السيّد محمد الحسيني القزويني


 
المحقّق السيّد محمد الحسيني القزويني:


  * الصدّيقة الكبرى عليها السلام في الحديث النبويّ معيارٌ للتّمييز بين الحقّ والباطل
* تأسّي المرأة بالزّهراء يعني الإقتداء بها عليها السلام في تعاملها مع زوجها، وفي رعاية أولادها
* لا يفوتني تحذير الرجال، فإنّ غضب الله تعالى شديدٌ لظلم النساء والصّغار
 


نَصُّ المقابلة التلفزيونية التي أجرتها فضائية (ولايت) الإيرانيّة مع المحقّق الدكتور السيّد محمّد الحسيني القزويني، بتاريخ الأوّل من جمادى الآخرة سنة 1432 للهجرة، في ذكرى شهادة الصدّيقة الكبرى عليها السلام.
السيّد القزويني من تلامذة آيات الله السيّد الكلبايكاني والشيخ الأراكي رضوان الله عليهما، والشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله، ومن كبار المحقّقين وأساتذة الحوزة العلميّة في قمّ المقدّسة.
يرأس «مؤسسه تحقيقاتى حضرت ولى عصر عليه السلام» وهو مركز أبحاث متخصّص في الردّ على الشّبهات المثارة ضدّ الإماميّة.
له عشرات المؤلّفات في العقيدة، والسيرة، والرّجال، ومعروفٌ بمناظراته العلميّة مع علماء المسلمين السنّة، كما يرأس «قسم الحديث» في «جامعة آل البيت العالميّة».
 
 

* هل ثمّة روايات حول مقام الزهراء عليها السلام عند الأئمّة المعصومين عليهم السلام؟
أُشير بدايةً إلى ما ورد في الزيارة الجامعة: «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه مُحْدِقين».
لقد خلق الله تعالى المعصومين الأربعة عشر من النور، وقبل خلق السماوات والأرضين، وكانوا صلوات الله عليهم مُحْدِقين بالعرش، يسبّحون الله تعالى ويقدّسونه. فحريٌّ بمن يريد الحديث عنهم أن يكون قد نهل من معين معارف الوحي الإلهي، فإنّه يصعب جدّاً بل يستحيل على من لم يرتوِ من هذا المعين أن يتكلّم في شأن المعصومين عليهم السلام.

أشير هنا إلى روايتين:

• الرواية الأولى عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: «نحن حُجج الله على خلقِه وفاطمة حجّةٌ علينا». 
أي أنَّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام اتّخذوا مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام أسوةً وقدوة لهم، مثلما اتّخذهم سائر الخلق أسوة وقدوةً في أقوالهم وأفعالهم.

• الرواية الثانية عن صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، وقد رواها شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله عليه (ت: 460 للهجرة) والذي يُعدّ من أساطين العلم عند الشيعة، رواها في كتابه (الغَيبة)، وكذلك رواها العلّامة المجلسي رضوان الله عليه في (بحار الأنوار): «وفي ابنةِ رسول الله صلّى الله عليه وآله لي أسوةٌ حسنة».
هذا يدلّ على جلالة منزلة الصّدِّيقة الكبرى عليها السلام عند الأئمّة المعصومين عليهم السلام. لا ريب أنّ مجال البحث هنا وافر، ولكنّ خير ما يُمكن أن يُقال بهذا الصدد هو كلام النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله والذي رواه الشيعة والسنّة على حدٍّ سواء: «فاطمة بضعةٌ منّي».
إتّخذ الأئمّة المعصومون عليهم السلام مولاتنا
 فاطمة الزهراء عليها السلام
أسوةً وقدوة، كما اتّخذهم سائرُ الخلق
 أسوةً وقدوة.

لقد استند كبار علماء أهل السنّة مثل الإمام القرطبي وآخرون على هذه الرواية في القول بأنّ السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هي من «معدن» النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله ومن «سِنخه»، ما خلا النبوّة والرّسالة.
يتّضح لدينا من حديثَي النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله: «فاطمة بضعة منّي، فمَن أغضبها أغضبني» و«إنّما فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها»، - يتّضح- أنّه صلّى الله عليه وآله كان يعلم بالذي سيجري من بعده، وأنّ السُّبل ستفرّق بأُمّته، وأنّها ستُبتلى بالإنحراف والتّشتت، والدليل على ذلك ما رواه الترمذي في (سُننِه) عنه صلّى الله عليه وآله: «تفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلّها في النار إلّا فرقةٌ واحدة».
ولأجل ذلك، قدّم رسول الله صلّى الله عليه وآله السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام للأمّة الإسلاميّة بصفتها أسوةً ومعياراً للتمييز بين الحقّ والباطل. ولكن للأسف، فإنّ الأمّة لم تتأسّ بهذه الأسوة، ولم تَنلْ خيراً من هذا المعيار الذي يَميز بين الحقّ والباطل.

* في الروايات أنَّ «المحدَّثة» من أسماء السيدة الزهراء عليها السلام، أي أنّ الملائكة كانت تحدّثها صلوات الله عليها. حبّذا لو فصّلتم لنا الحديث في ذلك.
ثمّة روايات عديدة عن المعصومين عليهم السلام في هذا الباب، وعلى ضوئها قال الإمام الخميني قدّس سرّه: إنّ إحدى أجلّ الفضائل التي جاءت بها الروايات عن الزهراء عليها السلام هي أنّ جبرئيل الأمين لم ينزل على أحدٍ غيرها بعد وفاة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله.
لم يهبط جبرئيل عليه السلام -بعد رسول الله- ليحدّث أحداً من المعصومين ويُطلعه على الحقائق من عند الله باستثناء الصدّيقة الكبرى عليها السلام.

وهنا أقف عند روايتين:

الأولى
: عن شيخ المحدّثين الكليني، بسندٍ صحيحٍ في (الكافي) عن محمّد بن يحيي عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «..إنّ فاطمة مَكَثَتْ بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله خمسةً وسبعين يوماً، وكان دخلَها حزنٌ شديدٌ علي أبيها، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها، فيُحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويُخبرها عن أبيها ومكانه، ويُخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها، وكان عليٌّ عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحفُ فاطمة عليها السلام».
هذه الرواية عن محمّد بن يحيى العطّار (وهو من شيوخ الكليني رضوان الله عليهما، ومن أكابر علماء الشيعة ومن أساطين المحدّثين في زمن الغيبة الصغرى)، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (شيخ القمّيّين وزعيم حوزة قم العلميّة في زمانه ومن أوثق ثقاة الرواية)، عن حسن بن محبوب (من أصحاب الإجماع)، عن عليّ بن رئاب (ثقة متّفق على وثاقته عند الإمامية)، عن زياد بن عيسى، أبي عبيدة الحذّاء (ثقة)، عن الإمام الصادق عليه السلام.
جميع رواة هذا الحديث على درجة رفيعة من الوَثاقة، ولا نبالغ إذا وصفناها بالصحيحة الأَعلائية [أي في أعلى درجات الصِّحة] كانت الصدّيقة الكبرى في الخامسة من عمرها بعد وفاة أم المؤمنين خديجة عليها السلام، وفي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: «لمّا تُوفّيت خديجة رضي الله عنها، جعلت فاطمة  صلوت الله عليها تلوذُ برسول الله صلّى الله عليه وآله وتدورُ حوله، وتقول: يا أَبَه، أين أمّي؟ فنزل جبرئيل عليه السلام فقال له: ربُّك يأمرك أن تُقرئ فاطمةَ السّلام، وتقول لها: إنّ أمّك في بيتٍ من قصب، كعابُه من ذهب، وعمدُه ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمة عليها السلام: إنّ الله هو السّلام، ومنه السّلام، وإليه السّلام».
نزول جبرئيل عليه السلام هنا كان على رسول الله صلّى الله عليه وآله لتسلية قلب الزهراء عليها السلام. وعندما فُُجعت صلوات الله عليها برسول الله صلّى الله عليه وآله، هبط عليها جبرئيل من غير واسطة لتسليتها وتعزيتها.
ما يزعمه الوهّابيّون من اعتقاد الشيعة بـ «قرآن» غير القرآن الذي في أيدي المسلمين باطلٌ من أساسه. و«مصحف فاطمة عليها السلام» المذكور في الرّواية هو الحاوي لإخبارات جبرئيل الأمين لها، وهو ما أَمْلَتْهُ الصدّيقة الكبرى على أمير المؤمنين عليهما السلام، فدوّنه في صحيفةٍ كانت عنده، وعند أبي محمد الحسن المجتبى من بعده، وعند سيّد الشهداء من بعدهما، وهي الآن عند مولانا صاحب الزمان أرواحنا لتراب مَقْدَمه الفداء.

الرواية الثانية: في (علل الشرائع) للشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّما سُمّيت فاطمة عليها السلام محدَّثة، لأنّ الملائكة كانت تهبطُ من السماء فتناديها كما تُنادي مريمَ بنت عمران فتقول: يا فاطمة! (إنّ) الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين. يا فاطمة! أُقنُتي لربّك واسجُدي واركعي مع الرّاكعين، فتحدّثُهم ويحدّثونها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلّة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها وإنّ الله عزّ وجلّ جعلَك سيّدةَ نساء عالمك وعالمها، وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين».

* أشرتم في كلامكم إلى علم الزهراء عليها السلام بما سيكون إلى يوم القيامة. كيف نُجيب على الشبهة التي تثيرها الوهّابية في أنّنا نغالي في أهل البيت عليهم السلام حينما ننسب لهم العلم بالمغيّبات؟

مبحث الغلوّ في المعصومين عليهم السلام هو من الشُّبهات الأساسيّة التي يُثيرها هؤلاء. قبل ثلاث أو أربع سنوات تشرّفت بزيارة مكّة المكرّمة، وكان لي لقاء -مدّته ساعة- مع جناب الشيخ الغامدي رئيس «جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وهو منصب يعيّن صاحبه الملك عبد الله شخصيّاً. فأصرّ عليّ الشيخ الغامدي أن أجيب على عددٍ من القضايا والشبهات المثارة عندهم، والتي يرموننا بالشِّرك بموجبها. قلت له: «أيّ القضايا تعني؟»، قال: «أنتم تنسبون لأئمّتكم العِلم بالغيب والإخبار عنه».
أجبتُه بجملة من الأمور منها قولي له: «العلم بالغيب من القضايا التي يعتقدها صراحة إمامكم ابن تيميّة حيث يقول: وفي أتباع أبي بكر وعمر وعثمان مَن يخبر بأضعاف ذلك».
يعتقد إبن تيميّة بإمكان العلم
 بالغيب فهو يقول:
«وفي أتباع أبي بكر وعمر وعثمان
 مَن يخبر بأضعاف ذلك».

سألني: «أين ورد هذا الكلام؟»، فأحلتُه إلى المصدر فبُهت وحار.
ليس جديداً زعمُ الوهابية أنّ نسبة العلم بالغيب إلى أحدٍ من الخلق هو من الغلوّ. يقول محمد بن عبد الوهاب، مؤسّس هذا المذهب: «من ادّعى شيئاً من علم الغيب فهو طاغوت». ويقول الدهلوي الوهابي في (تحفة الإثنا عشرية): «اعتقاد الشيعة بأنّ الإمام لا بدّ أن يعلم الغيب مأخوذٌ من النصارى». ونظير هذا قول إحسان إلهي ظهير.

العلم بالغيب في القرآن الكريم


لقد تعلّم الوهّابيّون بضع آيات وما انفكّوا يردّدونها:
الأية الأولى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُو..﴾ الأنعام:59.
الآية الثانية: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ الله..﴾ النمل:65.
هؤلاء يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض. تراهم يستندون إلى ما يعضد حُجَجَهم من الآيات، ويغضّون الطرف عن تلك التي تدحضُ رأيَهم.
والحقّ، أنّ من الآيات القرآنية المباركة ما يؤكّد إمكانية أن يُطلع الله تعالى بعضَ عباده على الغيب.

الشاهد الأوّل: يقول عزّ من قائل: ﴿عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلي‏ غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ..﴾ الجن:26-27
هاتان الآيتان ليستا من المتشابهات حتّى يُقال بقصورنا عن الإحاطة بمعناهما. تصرّح الآيتان بأنّ العلم بالغيب مختصٌّ بالله وحده، ولا أحد غيره تعالى يعلم الغيب على نحو الإستقلال. فإذا ما اعتقد أحدٌ بأنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، أو المعصوم عليه السلام،  يعلم الغيب من تلقاء نفسه وبنحو الإستقلال عن الله تعالى، فإنّنا نعتبره كافراً مرتدّاً منكراً للقرآن الكريم. أي أنّ الأنبياء والأئمّة عليهم جميعاً سلام الله تعالى، يطّلعون على الغيب بإذن الباري عزّ وجلّ.

الشاهد الثاني: قوله تعالى عن لسان نبي الله عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام: ﴿..وَأُنَبِّئُكمْ بِما تَأْكلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ في‏ بُيُوتِكمْ..﴾ آل عمران:49. أي أنّ نبي الله عيسى عليه السلام يعلم الغيب بإذن الله تبارك وتعالى ويُخبر عن المغيّبات.

الشاهد الثالث: قوله تعالى: ﴿..وَما كانَ الله لِيُطْلِعَكمْ عَلَي الْغَيْبِ وَلكنَّ الله يَجْتَبي‏ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ..﴾ آل عمران:179.

اعتقاد إبن تيميه بالعلم بالغيب


يقول إبن تيمية إمامُ الوهّابية الذي تعتقد به أشدّ من اعتقادها بالنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، يقول في (منهاج السنّة، ج 8: ص 135، تحقيق محمد رشاد سالم، ط المملكة العربية السعودية): «وفي أتباع أبي بكر وعمر وعثمان مَن يخبر

عن الصّحابي حذيفة بن اليمان:
«أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
 بما هو كائنٌ إلى أن تقوم الساعة».
بأضعاف ذلك». جاء كلامه هذا ردّاً على قول العلّامة الحلّي بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يعلم الغيب.
ثمّ يُضيف ابن تيمية: «..وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وغيرهما من الصحابة كانوا يحدّثون الناس بأضعاف ذلك».

هؤلاء يُسارعون إلى رمينا نحن الشيعة بالشِّرك، وإلى القول بوجوب قتلنا عندما ننقل رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام، أو عن الصدّيقة الكبرى صلوات الله عليها، أو عن أحدٍ من الأئمّة المعصومين عليهم السلام فيها إخبارٌ ببعض ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة. لكنّني أشير إلى رواية قلّ مَن سمعها، وردت في  (صحيح مسلم، ج 8: ص 173، الحديث 7159، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إخبار النبي في ما يكون إلى قيام الساعة) وهي عن الصّحابي حذيفة بن اليمان حيث يقول: «أخبرني رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بما هو كائنٌ إلى أن تقوم الساعة».
فإذا كان شركاً قولُنا إنّ الزهراء عليها السلام تلقّت عن جبرئيل عليه السلام أموراً، وأنّها أو أمير المؤمنين أو الإمام الصادق عليهم السلام أخبروا عن بعض ما هو كائن إلى يوم القيامة، إذا كان ذلك شركاً، فهل تجرؤ الوهّابيّة على رمي الصّحابي حذيفة بن اليمان بالشّرك أيضاً؟ وهل يسعهم أن يتّهموا مسلم بن الحجّاج النيسابوري الذي أورد هذه الرواية، مثلما فعلوا مع الشيخ الكليني رضوان الله عليه؟
لقد أسهب إبن حجر العسقلاني في (فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج 4: ص 79) في الحديث عن هذا الموضوع، وكذلك فعل الخزرجي الأنصاري في (خلاصة تذهيب تهذيب الكمال، ص 74) حيث يقول: «حذيفة بن اليمان ... صحابي جليل من السابقين، أعلَمه رسول الله بما كان وما يكون إلي يوم القيامة من الفتن والحوادث».
بدوره الألوسي الوهّابي يُصحّح في (روح المعاني، ج 14: ص 150) هذه الرواية عن حذيفة ويصرّح بأنه قال إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخبره بجميع ما سيكون إلى يوم القيامة.
هؤلاء الوهّابيّة ينظرون بعينٍ واحدة، ويتصيّدون «عثرات» الشيعة، لكنّهم لا يقرأون ما هو مدوّن في كُتُبهم.

* ما هو السبيل الأمثل لتأسّي النّساء بالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟
يجدر بالنساء والفتيات اللّواتي عَقَدْنَ القلب على حبّ الزهراء عليها السلام أن يقتدِين بها، لا سيّما في هذا الزمن الذي يضجّ بالشرّ والفسّاد والتّهتّك، وحيث أصبحت العناوين الإقتصاديّة والماديّة هي المحور والمِلاك.
عندما يتقدّم أحدهم لخطبة فتاة، يُرمى من فوره بالسؤال عن الوظيفة والبيت والمدخول والسيارة. هنا يجدر بهنّ التنبّه كي لا يكون انتسابهنّ إلى الزهراء عليها السلام انتساباً لفظيّاً وحسب.
رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام قولُه: «تزوّجتُ فاطمه بنت محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وما لي ولها فراشٌ غير جلد كبش ننام عليه باللّيل، ونعلف عليه ناضحنا بالنّهار، وما لي (ولها) خادمٌ غيرها».
فَلْتَعلم الأخوات العزيزات أنّ «التّوقَ والشوق إلى فاطمة» ليس بالكلام والشعارات. فالتّأسّي بها صلوات الله عليها يعني أن يَحيَين حياتها، وأن يتأسّين بها في زواجها، وفي تعاملها مع زوجها، وفي رعاية أولادها.
يُروى عن الزّهراء قولها لأمير المؤمنين عليهما السلام: «.. يا أبا الحسن إنّي لأستحيي من إلهي أن أكلّفك ما لا تقدرُ عليه».
فَلْتَعْلَم النّسوة اللّواتي يُجبِرن -من باب الغيرة والحسد- أزواجهنّ على تحمّل أعباء الدَّين لكي يشتروا لهنّ بعض ما رأين في بيوت الجيران أو الأقرباء، فَلْتَعلمنّ أنّهنّ غيرُ متأسّياتٍ بالزهراء عليها السلام، وأنّهنّ في غد القيامة سيحضرن والزّهراء في صعيدٍ واحدٍ للحساب.
إنّهنّ يُحلن الحياة الزوجيّة -التي يجب أن تكون روضةً من رياض الجنة- إلى جحيمٍ حارق، ومع ذلك يدّعين أنّهنّ يَقتدِين بفاطمة الزهراء عليها السلام!
ولا يفوتني هنا تحذير الرجال من ألّا يتعدّوا حدودهم. رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ الله عزّ وجلّ ليس يغضب لشيءٍ كَغَضبِه للنّساء والصِّبيان». ثمّة من الرجال من هو عالة على النساء، فتراه يفتّش على موظّفة يتزوّجها ليفيد من راتبها ويعيش في بحبوحة. أنا أرى أن حظّ هؤلاء من الرجولة الشارب واللّحية، لا غير. من واجب الرّجل أن يُهيّىء أسباب العيش. قال الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَي النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِم..﴾‏  النساء:34.
يجدر بالرجال أن يتعلّموا من أمير المؤمنين عليه السلام كيف يحيون برجولة وكيف يكونون أزواجاً صالحين، ويجدر بنسائنا وفتياتنا أن يتعلّمن من الصدّيقة الطاهرة عليها السلام حُسن التبعُّل وحُسن رعاية الأولاد.


 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

24/03/2012

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

نفحات