أَسْمَاُؤنَا الصَّحراءُ واسْمُكَ أخْضَرُ |
أرِني جِراحَك كلّ جرحٍ بَيْدرُ |
يا حِنطةَ الفقراءِ يا نَبْعَ الرِّضا |
يا صوتَنا والصَّمتُ ذئبٌ أحمرُ |
يا ذبحَ هاجرَ يا انْتِحابةََ مَرْيَمٍ |
يا دمعَ فاطمةَ الذي يَتحَدّرُ |
إيٍهٍ أبا الشّهداءِ وابنَ شهيدِهم |
وأخا الشّهيدِ كأنَّ يومَك أعْصُرُ |
جَسَدٌ من الذِّكْرِ الحكيمِ أَديمُهُ |
درعٌ على الدِّينِ القويمِ ومِغْفَرُ |
عارٍ وتَكسُوه الدِّماءُ مهابةً |
لا غِمْدَ يحوي السَّيفَ ساعةَ يُشْهَرُ |
الأنبياءُ المرسلونَ إزاءَهُ |
«والرّوحُ والملأُ الملائِكُ» حُضَّرُ |
ومحمدٌ يُرخِي عليهِ رداءَهُ |
ويقول: يا وَلَدَاه فُزْتَ وأُخْسِروا |
يا أظْمَأ الأنْهارِ قَبلَكَ لمْ تكُنْ |
تَروي ظَما الدّنيا وتظمأُ أنْهُرُ |
لولا قضاءُ الله أنْ تظْما له |
لَسَعى إليكَ من الجنانِ الكوثرُ |
يا عاريَ الأنوارِ مسلوبَ الرِّدا |
بالنُّورِ لا بالثَّوبِ طُهْرُكَ يُسْتَرُ |
يا داميَ الأوصالِ لا قَبْرٌ لهُ |
أَفْدِيكَ إِنَّ الشَّمْسَ ليستْ تُقْبَرُ |
طُلّابُ مَوْتِك يا اَبْنَ بِنْتِ محمّدٍ |
خَرَجوا من الصّحراءِ ثمّ تَصَحّروا |
وكأنَّ خَيْلَ اللهِ لم تَرْكُضْ بِهِمْ |
والسّامرين بمكَّةٍ لم يَسْمَروا |
وكأنَّ برقَاً ما أضاءَ ظلامَهُم |
فمشَوا تجاه النُّور ثمّ اسْتَدْبَروا |
وكأنَّما ارْتَدُّوا على أعقابِهم |
فأبوك أنت وهم جميعاً خيبرُ |
أوَلم يَشُمُّوا فيك عِطْرَ المُصطفى |
كَذِبوا فعطرُ المُصطفى لا يُنكَرُ |
كلُّ القصائدِ فيك أمٌّ ثاكلٌ |
في حِجْرِها طفلُ النّبوّةِ يُنحَرُ |
عُريانةٌ حتّى الفؤادِ قصيدتي |
والشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ |
قلْ ليْ بمن ذا يَعْدِلونك؟ -والّذي |
فطرَ الخلائقَ- شِسْعُ نَعلِك أطهرُ |
شَتّانَ ما بين الثُّريّا والثَّرى |
بُعْدًا، ويختصرُ المسافةَ خَنْجَرُ |
لولا قضاءُ اللهِ لارْتدَّ الرَّدى |
عن حُرِّ وجهِك باكيًا يستغفرُ |
وَلَرَدَّ ذؤبانَ الفلاةِ ليوثُها |
واحْتزَّ حمزةُ في الرؤوسِ وجعفرُ |
ولَذادَ عنك أخوك أشجعُ من مَشى |
-إلا أبوك وجدُّك المدَّثِّرُ- |
ولكان أوّلَ مَن يردُّ رؤوسَهُم |
للشّام يعسوبُ الحقائقِ حيدرُ |
واللهِ لو لَمحوا اللّواءَ بكفِّهِ |
لَرَأَوا وطيسَ الحربِ كيف يُسعِّرُ |
هو مَنْ علمتَ ويعلمونَ بلاءَهُ |
وهو الفتى النبويُّ لا يتغيّرُ |
تمشي الملاحمُ تحتَ مَضْربِ سيفهِ |
ووراءَ ضربتهِ يلوحُ المَحشَرُ |
لو حاربَ الدّنيا بكلِّ جيوشِها |
تتقهقرُ الدّنيا ولا يتقهقَرُ |
يأتي زمانٌ لا نجومَ ليهتدوا
|
يأتي زمانٌ لا غيومَ ليُمطَروا |
يأتي زمانٌ ليس يعلمُ تائهٌ |
هل فيكَ أم في قاتليكَ سيُحشَرُ؟ |
يأتي زمانٌ والمودَّةُ غربةٌ |
والكُرْهُ بلدتُنا التي نستعمرُ |
يأتي زمانٌ كلُّ شيء ٍزائفٌ |
حتّى اللِّحى العمياءُ وهي تُبصِّرُ |
يأتي زمانٌ وابنُ آدمَ خُبزُهُ |
دينٌ يدينُ به وفيه يُكفَّرُ |
يأتي زمانٌ والكرامةُ سُبَّةٌ |
والعارُ «فِرْعونُ» الذي يَتَجَبَّرُ |
يأتي زمانٌ والسُّقوطُ وَجاهةٌ |
والناسُ مرعىً والرُّعاة الشُّمّرُ |
يأتي زمانٌ كلّ شيء ضِدُّهُ |
أَلليلُ يُشْمِسُ والظّهيرةُ تُقْمِرُ |
يأتي زمانٌ لا زمانَ لأهلهِ |
إلّا رجالُ الله وهي تبشِّرُ |
يأتي زمانٌ فالسَّلام على الذي |
ذبحوه في الصّحراء وهو يكبِّرُ |
هذا ولائي يا ابنَ بنتِ محمَّدٍ |
أنت الشَّهادةُ والشَّهيدُ الأكبرُ |
يدُ أُخْتِكَ الحَوراءِِ مَسَّت (عَزْمَتي) |
فَدِمايَ تكبيرٌ وصَوْتِي «المنبرُ» |
كَفِّي على جَمْرِ «المَوَدَّةِ» قابضٌ |
ودمي بِحُبِّكُمُ الطَّهورِ مطهَّرُ |
بايعتُ عن نجباءِ مصرَ جميعِهم |
وأنا ابنُ وادي النيل واسْمي «الأزهرُ» |