الموقع ما يزال قيد التجربة
حَرَمٌ آمنٌ في بلدٍ آمن، وأوّلُ بيتٍ وُضع للنّاس، باركَه الله تعالى منذ هبطَ آدم عليه السلام إلى الأرض، ثمّ أضحى محجَّةً للعالَمين بعد الأذان الإبراهيميّ فيهم، لِيُعظِّموا حُرُمات الله تعالى، ولِيَشهَدوا منافعَ لهم، ويذكروا اسمَ الله في أيّامٍ معلومات. ميقاتُ النُّجَباء، والأبدال، والأخيار في اليوم الموعود مع بقيّة الله في العالَمين. قرنَ اللهُ تعالى الإعراضَ عنها بالكفر: ﴿..وللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ آل عمران:97. |
».
2- الحَجر الأسود: يقع في الرُّكن الجنوبي الشّرقي للكعبة، على ارتفاع مترٍ ونصفِ المتر من أرض المطاف، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه أوّلُ حجرٍ وُضِع على وجه الأرض. قال الشيخ الصَّدوق في (المقنع) في سياق حديثه على آداب زيارة بيت الله الحرام: «..ثمّ انظُر إلى الحَجر الأسود وارفعْ يدَيك، واحمد اللهَ وأثنِ عليه، وصلِّ على النبيّ وآله ".." ثمّ استلِم الحجرَ وقبِّله، فإنْ لم تقدر عليه فامسَحه بيدِك اليُمنى وقبِّلها، فإنْ لم تقدر فأَشِر إليه بيدِك، وقل: أللّهمَّ أمانتي أدّيتُها، وميثاقي تعاهدتُه، لتشهدَ (ليشهدَ) لي بالموافاة، آمنتُ بالله، وكفرتُ بالجِبْتِ والطّاغوت واللّاتِ والعزّى، وعبادةِ الشّياطين، وعبادةِ الأوثان، وعبادةِ كلِّ ندٍّ يُدعى من دون الله، فإنْ لم تستطِع أن تقولَ هذا كلَّه، فبَعضه».
5- الملتَزَم: ويُقال له «المُتَعَوّذ» أيضاً، وربّما قِيل له «المُستَجار» وهو غيرُ الآتي ذِكره، والملتزَم جزءٌ من جدار الكعبة بين الحجر الأسود والباب. سُمِّي بذلك لأنّ الطّائفَ يلتزمُه في دعائه واستغاثتِه. وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «أقِرُّوا عند الملتَزم بما حفظتُم من ذنوبكم وما لم تحفَظوا، فقولوا: وما حَفِظَتْه علينا حَفَظَتُك ونسيناه فاغفِره لنا، فإنَّه مَن أقرَّ بذنبه في ذلك الموضع وعدَّه وذَكَره واستغفر الله منه كان حقّاً على الله عزَّ وجلَّ أن يغفرَه له».
6- الباب: موضعُه في الجدار الشرقي للكعبة المعظّمة، يرتفع نحو مترين عن الأرض، ويُصعَد إليه بسلالم خشبيّة.
7- الحَطيم: هو جزءٌ من المسجد الحرام، وهو أفضلُ مواضِعه كما في الرّواية عن الإمام الباقر عليه السلام. و حدودُ الحطيم هي: ركنُ الحَجر الأسود، وبابُ الكعبة، ومقامُ إبراهيم عليه السلام. وعن الإمام الصادق عليه السلام في سبب تسميته بالحَطيم: «..لأنَّ الناس يَحطِمُ بعضُهم بعضاً هنالك».
8- المستجَار: موضعُه في الجدار الغربي من الكعبة، قريباً من الرّكن اليماني. في الرّواية عن الإمام الصّادق عليه السلام: «بَنى إبراهيمُ البَيتَ ".." وجَعَلَ لَهُ بابَينِ: بابٌ إلَى المَشرِقِ
وبابٌ إلَى المَغرِبِ، والبابُ الَّذي إلَى المَغرِبِ يُسَمَّى المُستَجار». لكنّ هذا الباب أُلغِي عندما أعادت قريش بناء البيت قبل الإسلام.
9- الشّاذرَوان: وهو بناءٌ لطيف ملصَقٌ بأَسافلِ جدران الكعبة -ممّا يلي أرضَ المطاف- من جهاتها الثّلاث، عدا جهة حِجر إسماعيل. والشّاذروان من القواعد التي رفعها إبراهيمُ الخليل عليه السلام.
10- باطنُ الكعبة: أرضُ الكعبة مفروشةٌ بالرّخام، وفي وسطها ثلاثةُ أعمدةٍ من الخشب المتين، وجدرانها مكسوّةٌ بالرّخام وعليها ستائر، وقد تدلّت من سقفِها مجموعةٌ من القناديل الأثَريّة.
11- كُسوَة الكعبة: أوّلُ مَنْ كسا الكعبة المعظّمة هي امرأة إسماعيل عليه السلام وكانت بعثَتْ إلى قومها بصوفٍ كثير تستغزلهم، قال أبوعبد الله الصّادق عليه السلام: «وإنّما وقع استغزال النّساء بعضهنّ من بعض لذاك..». وقد كساها رسول الله صلّى الله عليه وآله الثياب اليمانيّة، وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام «..كان يبعث بكسوة البيت في كلّ سنةٍ من العراق».
تنقسمُ الرّوايات والأقوال في هذا المجال إلى مجموعتَين رئيسيّتين:
تقول المجموعة الأُولى: إنّ إبراهيم عليه السلام هو الذي أُمِر ببناء الكعبة، بينما تذهب المجموعة الثانية إلى أنّ الكعبة كانت موجودةً قبل إبراهيم وأنّه عليه السلام جدّد بناءَها فقط.
وأكثرُ الذّاهبين إلى الرّأي الثاني يقولون: إنّ آدم عليه السلام هو باني البيت. ولا تنافِي بين الرَّأيَين، حيثُ إنّ التّدبُّر في الرّوايات يُفضي إلى إنّ البيت بُنِي من قِبل آدم عليه السلام في موضعٍ عيّنَه له الله تعالى، ولكن البيت دَثَر -بعد آدم ونوح عليهما السلام- زمناً طويلاً، ثمّ جَدّده ورفع قواعدَه إبراهيم الخليل عليه السلام، وأذّنَ في النّاس بالحجِّ إليه، بعد أن بَوّأَ اللهُ له مكانَه، وعلّمه مناسكَ الحجِّ وشعائرَه العظيمة. وبعبارةٍ أُخرى: إنّ دور إبراهيم عليه السلام يوازي في حياة الكعبة الدّورَ الذي نهضَ به أبونا آدم عليه السلام.
وفي الرّوايات أنّ البيتَ الحرام بُنِيَ في الأرض بموازاة «البيت المعمور» في السماء. عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما سُئِل عن «البيت المعمور والسّقف المرفوع» المذكورَين في سورة (الطّور)، قال: «..ذلك الضُّرَاح [من المُضارَحة وهي المقابلة] بيتٌ في السّماء الرّابعة حيالَ الكعبة من لؤلؤةٍ واحدة، يدخلُه كلَّ يومٍ سبعون ألفَ ملَك..».
وفي روايةٍ عن أبي عبد الله الصّادق عليه السلام أنّ العرب كانت تحجُّ إلى البيت قبل أن يُجدّد النبيُّ إبراهيم بناءَه: «..وكانت العرب تحجّ إليه، وإنَّما كان رَدْماً إلَّا أنَّ قواعده معروفة ".." فلمّا أَذِنَ اللهُ له في البناء قَدِم إبراهيمُ عليه السلام، فقال: يا بنيّ، قد أمرَنا الله ببناء الكعبة. وكشَفا عنها، فإذا هو [الرَّدم] حجرٌ واحدٌ أحمر، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه: ضعْ بناءَها عليه، وأنزل الله عزَّ وجلَّ أربعةَ أملاكٍ يجمعون إليه الحجارة، فكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يَضعان الحجارة والملائكة تناوِلُهما..».
عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنَّ قريشاً في الجاهليّة هدموا البيت، فلمّا أرادوا بناءه حِيل بينهم وبينه، وأُلقي في رَوْعهم الرُّعب، حتى قالَ قائلٌ منهم: ليأتي كلُّ رجل منكم بأطيبِ مالِه، ولا تأتوا بمالٍ اكتسبتموه من قطيعةِ رَحِمٍ أو حرام. ففعلوا، فخُلِّي بينهم وبين بنائه، فبنوه حتى انتَهوا إلى موضع الحجر الأسود، فتشاجروا فيه: أيُّهم يضع الحجر الأسود في موضعه، حتى كاد أن يكون بينهم شرّ، فحكّموا أوّلَ مَنْ يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلمّا أتاهم أمر بثوبٍ فبُسِط، ثمَّ وضع الحَجر في وسطه، ثمّ أخذت القبائل بجوانب الثَّوب فرفعوه، ثمّ تناوله صلّى الله عليه وآله فوضَعه في موضِعه، فخصَّه الله عزّ وجلّ به».
عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال: «..ولمّا نزلت هذه الآية [﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ الإسراء:81] يوم الفتح [فتح مكّة سنة 8 للهجرة] قال جبرئيل لرسول الله صلّى اللَّه عليه وآله: خُذْ مِخصرَتك [المخصرة: هي السّوط أو ما يُتَّكَأ عليه كالعصا] ثمَّ أَلْقِ بها الأصنام. فجعلَ ينكتُ بِمخصرتِه في عينِ واحدٍ واحدٍ منها ويقول: جاءَ الحقُّ وزهقَ الباطل، فينكبُّ لوجهِه، حتّى ألقى جميعَها. وبَقِيَ صنمُ خزاعة فوقَ الكعبة، وكان من قواريرَ صُفر، فقال: يا عليُّ ارْمِ به. فحملَه رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى صعدَ فرمى به فكسرَه، فجعلََ أهلُ مكّةَ يتعجّبون ويقولون: ما رأينا رجلاً أسحرَ من محمّد!».
وعن أمير المؤمنين عليه السّلام: «كان على الكعبة أصنام ".." فحملَني [رسول الله صلّى الله عليه وآله] فجعلتُ أقطعُها، ولو شئتُ لَنِلتُ السّماء».
لم يَرعَ بنو أُميّة حرمةً لمكّة ولا لبيتِ الله الحرام، فقد تعرّضت الكعبةُ أيّامَ حُكمِهم لحملتَين عسكريّتين ألحقتا ببناء الكعبة خسائر فادحة.
الأولى: حملة يزيد بن معاوية، نفّذها -ولم يُفلِح- الحُصينُ بن نُمير عام 63 للهجرة لقمعِ حركة عبد الله بن الزّبير، وعلى إثرِها تداعى أهلُ مكّة لإصلاح الأضرار التي لحِقت ببناء الكعبة.
الثّانية: حملة عبد الملك بن مروان، نفّذها الحجّاج الثقَفيّ عام 73 للهجرة لقمع حركة ابن الزبير إيّاه، وهي التي انتَهت بقتلِه ومَن معه. وفي خلال هذه الحملة قصف الحجّاج الكعبة بالمنجنيق، فاحترَق بناؤها ولحِق به خرابٌ كبير.
وروى الفيض الكاشاني رضوان الله عليه في (الوافي): «لَمّا هَدَمَ الحَجّاجُ الْكَعْبَةَ فَرَّقَ النَّاسُ تُرَابَهَا، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى بِنَائِهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَبْنُوهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَيَّةٌ فَمَنَعَتِ النَّاسَ الْبِنَاءَ حَتَّى هَرَبُوا، فَأَتَوُا الْحَجَّاجَ فَأَخْبَرُوه فَخَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مُنِعَ بِنَاءَهَا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ نَشَدَ النَّاسَ [فأشار عليه بعضهم باستشارة الإمام السجّاد عليه السلام، فاستَشارَه] فَقَالَ لَه عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام: يَا حَجَّاج، عَمَدْتَ إِلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وإِسْمَاعِيلَ فَأَلْقَيْتَه فِي الطَّرِيقِ وانْتَهَبْتَه كَأَنَّكَ تَرَى أَنَّه تُرَاثٌ لَكَ، اصْعَدِ الْمِنْبَرَ وانْشُدِ النَّاسَ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ مِنْه شَيْئاً إِلَّا رَدَّه ".." فَرَدُّوه، فَلَمَّا رَأَى جَمْعَ التُّرَابِ أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمَا فَوَضَعَ الأَسَاسَ وأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْفِرُوا، فَتَغَيَّبَتْ عَنْهُمُ الْحَيَّةُ وحَفَرُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْقَوَاعِدِ. قَالَ لَهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما السلام: تَنَحَّوْا، فَتَنَحَّوْا فَدَنَا مِنْهَا فَغَطَّاهَا بِثَوْبِه ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ غَطَّاهَا بِالتُّرَابِ بِيَدِ نَفْسِه، ثُمَّ دَعَا الْفَعَلَةَ فَقَال: ضَعُوا بِنَاءَكُمْ، فَوَضَعُوا الْبِنَاءَ..».
ولمّا أرادوا أن ينصبوا الحجرَ الأسود، عمدوا إلى علمائهم، وقُضاتهم، وزهّادهم، وكلّما نصبَه واحدٌ من هؤلاء تزلزَل الحَجرُ واضطرب ووقع، فجاء الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليه السلام وأخذه من أيديهم وسمَّى الله، ثمّ نصبَه فاستقرّ في مكانه وكبّرَ الناس، وذلك سنة 74 هجريّة. ولأجل ذلك قال الفرزدق قي قصيدته «هذا الذي تعرفُ البَطحاءُ وطأَتَه..»:
يُريد بذلك أن الحجر الأسود يعرف راحةَ الإمام، فيكاد يُصافحُه عندما يستلمُه عليه السلام.
- وفي فترة لاحقة، وتحديداً في سنة 317 هجريّة، تعرّضت الكعبة لحملة ثالثة -غير الأولَيين في زمن الأمويّين- من قِبل «القرامطة»، سرقوا خلالَها الحَجر الأسود وحملوه إلى منطقة «هجَر» بالجزيرة، وبقِي عندهم أكثر من عشرين عاماً. ولمّا رُدّ إليها سنة 339 نصبَه في موضعه الإمام المهديّ المنتظَر صلوات الله عليه، وخبرُ ذلك في كتاب (الخرائج والجرائح) للقطب الرّاوندي، بروايته عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.
وكان سبقَ هذه المحاولات كلِّها، هجومُ أبرهة الأَشرم بجيشه على مكّة قُبيل ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله، في محاولةٍ منه لهدمِ الكعبة، وتحويل الحجّ إليها إلى كنيسةٍ بناها في اليمن، وقصّةُ هلاكه وجيشه على مشارف مكّة بالطّير الأبابيل مشهورة، أخبر اللهُ تعالى عنها في سورة (الفيل).
وقعت على مرّ التاريخ -وستقع لاحقاً إنْ شاء الله تعالى- أحداث مهمّة على صلةٍ مباشرة بالكعبة المعظّمة، نشير إلى أهمّها:
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.