صومُ الجوانح والجوارح
أصنافُ الصّائمين ونيّاتهم
_____إعداد: مازن حمّودي_____
بصائر في أحوال وأصناف الصّائمين، وما ينبغي الإلتفات إليه في مجال عقد نيّة الصّوم، مقتطفة -بتصرّف واختصار- من كتاب (إقبال الأعمال) لسيّد الفقهاء المراقبين السيّد إبن طاوس قدّس سرّه. |
إنَّ الداخلين في الصّيام على عدّة أصنافٍ وأقسام:
1- فصِنفٌ دخلوا في الصَّوم بمجرَّد ترك الأكل والشّرب بالنّهار، وما يقتضي الإفطار في ظاهر الأخبار، وما صامت جارحةٌ من جوارحهم عن سوء آدابهم وفضائحهم، فهؤلاء يكون صومهم صومَ أهلِ الاهمال.
2- وصنف دخلوا في الصَّوم وحفظوا بعضَ جوارحهم عن سوء الأدب مع مالك يوم الحساب، فكانوا في ذلك النّهار متردِّدين بين الصَّوم بما حفظوه، والإفطار بما ضيَّعوه.
3- وصنف دخلوا في الصَّوم بزيادة النّوافل التي يعملونها بمقتضى العادات، وهي سقيمة لِسُقم النيّات، فحالُ أعمالهم على قدر إهمالِهم.
4- وصنف دخلوا دار ضيافة الله جلَّ جلاله في شهر الصّيام، والقلوب غافلة، والهِمَم متكاسِلة، والجوارح متثاقلة، فحالهم كَحال مَن حمل هدايا إلى ملِك ليعرضها عليه، وهو كارهٌ لحملها إليه، وفيها عيوب تمنع من قبولها والإقبال عليه.
5- وصنف دخلوا في الصَّوم وأصلحوا ما يتعلّقُ بالجوارح، ولكن لم يحفظوا القلب من الخطرات الشّاغلة عن العمل الصّالح.
6- وصنف دخلوا في الصِّيام بطهارة العقول والقلوب على أقدام المراقبة، حافظين ما استحفظهم إيّاه علَّام الغيوب، فحالُهم حالُ عبدٍ تشرَّف برضا مولاه.
7- وصنف ما قنعوا لله جلَّ جلاله بحفظ العقول والقلوب والجوارح عن الذّنوب والعيوب القبائح، حتّى شغلوها بما وفَّقهم له من عملٍ راجحٍ صالح، فهؤلاء أصحابُ التّجارة المربِحة.
..في نيّة الصّوم
وقد يدخل في نيّات أهل الصّيام خطرات، بعضها يُفسد حال الصّيام، وبعضها يُنقصه عن التّمام، وبعضها يُدنيه من باب القبول، وبعضها يكمِّل له الشَّرف المأمول.
وأصحاب النيّات أصناف:
1- صنفٌ منهم الذين يقصدون بالصَّوم طَلَب الثّواب، ولولاه ما صاموا ولا عاملوا به ربَّ الأرباب، وكأنّهم إنّما يعبدون الثّواب المطلوب، وليسوا في الحقيقة عابدين لعلَّام الغيوب.
2- وصنف قصدوا بالصَّوم السّلامة من العقاب، ولولا التّهديد والوعيد بالنّار ما صاموا، فكأنّهم في الحقيقة عابدون لذاتهم ليخلِّصوها من العقوبات.
3- وصنفٌ صاموا خوفاً من الكفّارات وما يقتضيه الإفطار من الغرامات، ولولا ذلك ما رأوا مولاهم أهلاً للطّاعات، فهؤلاء متعرِّضون لردِّ صومهم عليهم، ومفارقون في ذلك مرادَ الله ومرادَ المُرسَل إليهم.
4- وصنفٌ صاموا عادةً لا عبادة، وهم كالمسافرين في صومهم عمّا يُراد الصَّوم لأجله، فحالهم كحال السّاهي واللّاهي.
5- وصنفٌ صاموا خوفاً من أهل الإسلام، وجزَعاً من العار بترك الصّيام، إمّا للشكّ أو الجحود، أو طلب الرّاحة في خدمة المعبود، فهؤلاء أموات المعنى أحياء الصُّورة، وكالعميان الذين لا يرون أنّ نفوسهم بيد مولاهم ذليلة مأسورة.
6- وصنفٌ صاموا لأجل أنّهم سمعوا أنَّ الصَّوم واجب في الشّريعة المحمّدية صلّى الله عليه وآله، فكانّ صومهم بمجرّد هذه النّيّة من غير معرفةٍ بسبب الإيجاب، ولا ما لله جلَّ جلالُه عليهم من المِنَّة.
7- وصنفٌ صاموا وقصدوا بصومهم أن يعبدوا الله لأنّه أهلٌ للعبادة، فحالُهم حال أهل السّعادة.
8- وصنفٌ صاموا معتقدين أنَّ المنَّة لله جلَّ جلاله عليهم في صيامِهم وثبوتِ أقدامهم، عارفين بما في طاعتِه من إكرامِهم وبلوغ مرامِهم، فهؤلاء أهلُ الظَّفر بكمال العناياتِ وجلال السّعادات.