مصطلحات

مصطلحات

منذ يومين

عِلمُ التّراجم

عِلمُ التّراجم
وتمايزُه عن عِلم الرِّجال*
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

يُعَدُّ عِلم التّراجم قرينَ علم الرّجال وليس نفسَه، فَعِلمُ الرّجال [تقدّم التّعريف به مفصّلاً في العدد السابق] يبحثُ عن أحوال رجالٍ وَقعوا في سندِ الأحاديث من حيث الوَثاقة وغيرها. وأمّا علم التّراجم، فهو بحثٌ عن أحوال الشخصيّات من العلماء وغيرهم، سواء كانوا رواةً أم لا.  

يتّضح من هذه المقدّمة أنّ بين العِلمين بوناً شاسعاً. لكنّهما قد يجتمعان في مورد، كما إذا كان الرّاوي عالماً مثلاً؛ كالكليني والصّدوق، ولكن حيثيّة البحث فيهما مختلفة، فالبحثُ عن أحوالهما من حيث وقوعِهما في رجالِ الحديث واتّصافهما بما يشترَط في قبول الرواية، غيرُ البحث عن أحوالهما وبلوغهما شأواً عظيماً من العِلم، وأنّهما، مثلاً، قد ألّفا كتباً كثيرة في مختلف العلوم.

أوجهُ التمييز بين العِلمين

الغرض من هذا البحث هو وقوف القارئ على التمييز بين العِلمين، لاختلاف الأغراض الباعثة إلى تدوينهما بصورةِ عِلمين متمايزَين، والحيثيّات الرّاجعة إلى الموضوع، المبيّنةِ لاختلاف الأهداف، فنقول: إنّ الفرق بين العِلمين يمكن بأحدِ وجوه على سبيل مانعة الخلوّ:
1- العلمان يتّحدان موضوعاً، ولكن الموضوع في كلّ واحدٍ يختلف بالحيثيّة، فالشخص بما هو راوٍ وواقعٌ في سند الحديث، فهو ضمن موضوع علم الرّجال، وبما أنّ له دوراً في حقل العلم والإجتماع والأدب والسياسة والفن والصّناعة، فهو ضمن موضوع علم التّراجم، نظير الكلمة العربيّة التي من حيث الصحّة والاعتلال: موضوع علم الصرف، ومن حيث الإعراب والبناء: موضوع علم النّحو. ولأجل ذلك يكون الموضوع في علم الرّجال هو شخص الرّاوي، وإن لم تكن له شخصيّة اجتماعيّة، بخلاف التّراجم فإنّ الموضوع فيه، هو الشخصيّات البارزة في الاجتماع لجهةٍ من الجهات.
2- العلمان يتّحدان موضوعاً ويختلفان محمولاً، فالمحمول في علم الرّجال وثاقة الشّخص وضعفُه، وأمّا التعرّف إلى طبقتِه، وإلى مشايخه وتلاميذِه، ومقدار رواياته -كثرةً وقِلّةً- فمطلوبٌ بالعرَض، والبحث عنها لأجل الوقوف على المطلوب بالذّات، وهو تمييزُ الثّقة الضّابط عن غيره، إذ الوقوف على طبقة الشّخص والوقوف على مشايخِه والرّاوين عنه، خير وسيلة لتمييز المشتركين في الإسم، ولا يتحقّق التعرّف إلى الثّقة إلّا به. كما أنّ الوقوف على مقدار روايات الرّاوي، ومقايسة ما يرويه مع ما يرويه غيره، من حيث اللّفظ والمعنى، سببٌ للتعرّف إلى مكانة الرّاوي من حيث الضّبط.
3- أمّا المطلوب في علم التّراجم، فهو التعرّف على أحوال الأشخاص لا من حيث الوَثاقة والضّعف، بل من حيث دورِهم في حقل العلم والأدب والفنّ والصّناعة، أو في مجال السياسة والاجتماع، وتأثيره في الأحداث والوقائع، إلى غير ذلك ممّا يطلَب من علم التّراجم.

الخلاصة

إنّ علم الرّجال من العلوم التي أسَّسها المسلمون للتعرّف إلى رواة آثار الرسول صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من بعده، حتى يصحّ الركون إليها في مجال العمل والعقيدة، ولولا لزوم التعرّف إليهم في ذاك المجال لم يؤسَّس ولم يدّون.
وأمّا علم التّراجم فهو بما أنّه نوع من علم التاريخ، وهدفُه معرفة الأحداث والوقائع الجارية في المجتمع، فهو عِلمٌ عريق متقدّم على الإسلام، موجودٌ في الحضارات السّابقة عليه. وبهذه الوجوه الثلاثة نميّز أحد العِلمين عن الآخر.

* نقل مختَصر عن كتاب (كليّات في علم الرّجال) للشيخ جعفر السبحاني

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

  كتب أجنبيّة

كتب أجنبيّة

منذ يومين

كتب أجنبيّة

نفحات