من توجيهات شيخ الفُقهاء العارفين
ثباتُ الإيمان، أعلى من الشّهادة
_____إعداد: مازن حمّودي_____
تواصل «شعائر» تقديم توجيهات شيخ الفقهاء العارفين المقدّس الشيخ بهجت رضوان الله عليه، واختارت لهذا العدد إجاباتٍ ثلاث، لمسائل تستحقّ التأمّل:
* كيف نستفيد من القرآن والصّلاة؟
* هل يوجد صراط في الدُّنيا؟
* ما هو الأهمّ من الدّعاء لتعجيل الفرج؟ |
التّدبُّر في الصّلاة
يمكن الاستفادة من آية ﴿والّذينَ جاهدوا فينا لنهدِيَنَّهُم سُبُلَنا..﴾ العنكبوت:69 -بحسب الظّاهر- أنَّ لكلٍّ من الهداية الإلهيّة وجهاد العبد مراتبَ ودرجات، وأنَّ كلَّ درجةٍ من درجات جهاد العباد وسَعْيِهم، تعقُبُها درجةٌ من درجات الهداية الإلهيّة.
قوله تعالى: ﴿..لنهدِيَنَّهُم..﴾ معناه: أي لنُعلِّمنَّهم الحقائق التي في القرآن والسُّنَّة، لا تلك التي في غيرهما، والدّليل على ذلك أنّكم تفطنون إلى معنىً جديد كلّما قرأتم القرآن وتدبّرتم فيه.
كذلك هي الصلاة؛ فإنّكم تفهمون منها في كلّ مرّة شيئاً غير الذي كنتم فهمتُموه من قبل، وإلّا فإنَّ الصّلوات التّالية لا تعدو كونها تكراراً للصّلاة الأولى.
هل ترانا أُمرنا بأداء الصّلاة من دون أن نعرف لماذا أُمرنا بذلك؟ وهل المطلوب فقط أن نردِّد ونقرأ في صلاتنا ما عهدناه من قراءة، لا بل أن نعيد قراءته خمس مرّات في اليوم واللّيلة؟! إنّه لأمرٌ عجيب!
إنّ الله تعالى يريد منكم أن تَتنّبهوا عند كلّ صلاة تأتون بها لكي تظفروا بعطاءٍ منه جديد، ولكي تفهموا شيئاً جديداً. أي إحصَل في كلّ مرّة على شيءٍ غير الذي كنتَ قد حصلت عليه في المرّة السّابقة.
***
الصِّراطُ في الدّنيا والآخرة
يجب على الإنسان أن يسعى في دُنياه لكي تكون جميعُ حركاته وأفعالِه وأقواله وفقاً للصّراط المستقيم، وأن لا ينحرف عنه. والكَوْنُ على الصّراط المستقيم يعني أن نجعلَ النّبيّ صلّى الله عليه وآله، والوصيَّ عليه السلام أمامَنا، ثمّ نَتَّبِعهما.
ثمّ إنّ الصّراط المستقيم صراطان يجبُ سلوكُهما: الأوّل في الدّنيا، والثّاني في الآخرة، وإذا ما استطعنا اليوم السّير بصورة صحيحة على الصّراط في الدّنيا، فإنّنا سنَتمكّنُ غداً من العبور أيضاً على صراط الآخرة المنصوب فوق جهنّم.
عبارة «كتاب الله وعِترتي» الواردة في حديث الثَّقلين هي نفسها عبارة «كتاب الله وسنّتي»؛ لأنَّ سُنّةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله الصّحيحة، هي عند العِترة.
وعلى هذا الأساس ينبغي أن نعتبر العِترة واسطةَ الفَيض في جميع النِّعم، وأن نتوسَّل بهم، وأن نعملَ بما نعلم -سواءً حصلنا عليه من طريق الاجتهاد أم التّقليد- وإلّا فإنّنا سوف نندم، وعلينا أن نُحجِمَ حيث لا نعلم، وإلّا فإنّنا سوف نندم أيضاً. يجب الاحتياط والتّوقّف في مواطن الشّكِّ والشُّبهة، حتّى نَسأل أهلَ العلم عنها، والعملُ بالاحتياط لن يَجرَّ ندَماً.
***
الأهمّ من الدّعاء لتعجيل الفرج
إنَّ الأهمّ من الدّعاء لتعجيلِ فرج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف هو الدّعاءُ لبقاء الإيمان وثبات القَدم في ميدان العقيدة، وعدمُ إنكاره عليه السلام إلى أوان ظهوره.
ليس الموت إلّا انقطاعاً للحياة الدّنيويّة الفانية، بينما الخروج من العقيدة الصّحيحة يستوجب الهلاك الأبديّ في الحياة الأُخرويّة الدّائمة، ويُفضي إلى الخلود في نار جهنّم. ولهذا سأل أميرُ المؤمنين عليه السلام رسولَ الله صلّى الله عليه وآله في ليلة المبيت: «أَفِي سلامةٍ من دِيني؟»
أي أنّه سأل النّبيَّ الأكرم عن الاستقامة في الدِّين وثبات الإيمان والعقيدة حتّى الفوز بالشّهادة، وهو -ثبات الإيمان إلى حين الشّهادة- أعلى من الشّهادة.
ومن الأدعية التي أَمر المعصومون عليهم السلام بقراءتها في زَمن الغَيبة دعاءٌ غاية في الأهميّة، وهو: «يا اللهُ يا رحمنُ يا رحيم، يا مقلِّبَ القلوبِ، ثبِّت قلبي على دينِك».