الجهاد الأكبر. -26- الجهاد، حركة قلب

الجهاد الأكبر. -26- الجهاد، حركة قلب

14/06/2005

تكشف عناية الإسلام بالقلب، نظرته إلى الإنسان، واحترامه له، لا بالمطلق، وإنما حينما ينسجم هذا الإنسان مع الواقع فيكون موضوعياً منطقياً خاضعاً لخالقه، مطيعاً لأوامره، مدركاً للأمور كما هي، لا يصغِّر الآخرة، ويكبر الدنيا...

تكشف عناية الإسلام بالقلب، نظرته إلى الإنسان، واحترامه له، لا بالمطلق، وإنما حينما ينسجم هذا الإنسان مع الواقع فيكون موضوعياً منطقياً خاضعاً لخالقه، مطيعاً لأوامره، مدركاً للأمور كما هي، لا يصغِّر الآخرة، ويكبر الدنيا لتصبح كل حياته، بل تظل عنده جزءً من حياته عزيزاً عليه بمقدار ما هو جزء الحياة عزيز.


المجاهدين الأعزّاء:

سلام عليكم في مواقعكم الجهادية الكربلائية بالجهادين، ورحمة الله وبركاته،

تقدم الحديث عن العلاقة بين ذكر الله تعالى والثبات في المعركة "إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون".

ويمكن أن نستنتج من هذه الآية - وحدها- أن الله تعالى يريدنا أن نعتبر الأصل في المعركة هو الإنسان لا الآلة، وأن العدة والعتاد مهما كانا، فليسا أكثر من وسيلة، يستخدمها صاحبها إن قوِيَ قلبه على الثبات.

فالجهاد حركة قلب تترجمها الجوارح، وأنّى للقلب الهلوع أن يقوى على تحدي الموت الزؤام غير هيّاب ولا مكترث.

إنما ذلكم الذي يمكنه أن يصمد في هبوب أعاصير الخوف، هو القلب المطمئن،

ولا اطمئنان إلا بذكر الله تعالى:ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

* تكشف لنا الآية الكريمة خطأ الذين يبحثون عن التوازن الإستراتيجي مع العدو، في التوازن بين ترساناتهم، وعتادهم وعددهم، وترسانات العدو وعتاده وعدده، بمعزل عن محتوى القلوب، والعقيدة التي عقدت عليها.

وقد شاء الله تعالى أن تكتب كل انتصارات التوحيد على الشرك عبر تاريخ البشرية بالفئة القليلة ذات القلوب الكبيرة والعظيمة بحب الله والتوكل عليه، ولم يكتب تاريخنا نحن المسلمين في بدر إلا بسيفين، وسعف النخيل، وثلاثمائة وثلاثة عشر مجاهداً مقابل جبال حديد قريش وكثرتها.

تكشف عناية الإسلام بالقلب، نظرته إلى الإنسان، واحترامه له، لا بالمطلق، وإنما حينما ينسجم هذا الإنسان مع الواقع فيكون موضوعياً منطقياً خاضعاً لخالقه، مطيعاً لأوامره، مدركاً للأمور كما هي، لا يصغِّر الآخرة، ويكبر الدنيا لتصبح كل حياته، بل تظل عنده جزءً من حياته عزيزاً عليه بمقدار ما هو جزء الحياة عزيز.

ولا يصغر الحقيقة و منها كل من هو غيره، فيكبر نفسه حتى يصبح هو الفرد كل القضية، ويقدم مصلحته الخاصة على مصالح الأمة، وصون القيم، ومحاربة التزييف، الذي هو دأب الطواغيت في كل عصر.

ألقلب العامر بذكر الله يهزأ بجبروت أمريكا، والغدّة السرطانية، يتحدى بطشهم ويدعوهم إلى المنازلة، واثقاً أنه المنتصر، وما شهيد مقر المارينز منا ببعيد.

القلب العامر بذكر الله يرى أنه تعاظم بالله تعالى، وباتصاله به حتى أصبح يمتلك التفوق الإستراتيجي على الشيطان الأكبر، وكل الأبالسة.

كل أسلحتمهم لا تستطيع أن تفعل شيئاً أكثر من قتله، وهو قد أنِس بذكر الله تعالى حتى أصبح لقاؤه عنده أحلى من العسل، فهل - بعد ذلك - يمكن أن يجد الخوف إليه سبيلاً.

وقد أثبتت مواقفكم أيها الأعزّاء في عمليات عاشوراء المجيدة، أنكم الماضون كحد السيف مطمئنة قلوبكم بذكر الله، تتحدون غطرسة الشياطين الذين يريدون أن يرعبوا كل الشعوب، تقولون لهم:

قل موتوا بغيظكم.

لا نخافكم، ولن تأخذنا في الله لومة لائم.

سيروا على اسم الله في الدرب المحمدي الحسيني، درب المجاهدين الذاكرين. والله تعالى ناصركم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اخبار مرتبطة

  العتبة العسكريّة المقدّسة في سامراء

العتبة العسكريّة المقدّسة في سامراء

نفحات