أجزاء الفصل الأول (1) (2) (3)

 

الإختراق الأمني لعرين الثورة

 

تقدم أن العمل الأمني أسهم إسهاماً كبيراً في انقلاب موازين القوى في الكوفة لصالح يزيد وابن زياد .

ويشكل العمل الأمني مفصلاً أساسياً لابدّ من إدراك آثاره خصوصاً في هذه الظروف التي تشتد فيها المحاولات لمعرفة خصوصيات الحالة الإسلامية، وبشكل خاص المقاومة الإسلامية وكيف وفق الله تعالى لإنجاز العمليات الإستشهادية، وسائر العمليات النوعية من قبيل اقتحام مواقع العدو وعملائه، فإن أسرار هذه الألطاف الغيبية، في طليعة اهتمام جهات أمنية عديدة .

فكيف يمكن أن نتعلم من عاشوراء الدقة والكتمان وحفظ أسرار الإسلام ؟

لابد وأن يكون للمسلم موقف خاص شديد الحساسية من الثرثرة وكشف الأسرار والإطمئنان إلى كل أحد أو الإسترسال في الحديث في حالات الإطمئنان الإجمالي للجوّ الذي يتحدّث فيه .

* معقل: جاسوس الجهاد بالمال!
حذار من المتظاهرين بالتديّن، والجهاد بالمال. هذا هو الدرس البليغ الذي يجب أن نقف عنده طويلاً ونحن نتابع فصول اختراق أمني قام به فرد، فأدى إلى محاصرة الثورة في الكوفة، وتفجيرها وقتل قائديها.

" دعا ابن زياد مولى يقال له معقل فقال له: خذ ثلاثة آلاف درهم ثم اطلب مسلم بن عقيل، واطلب لنا أصحابه ثم أعطهم هذه الثلاثة آلاف فقل لهم : إستعينوا بها (على) حرب عدوكم، وأعلمهم أنك منهم، فإنك لو قد أعطيتها إياهم اطمأنوا إليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئاً من أخبارهم، ثم اغد عليهم ورح .

ففعل ذلك، فجاء حتى أتى مسلم بن عوسجة الأسدي ".." في المسجد الأعظم وهو يصلي وسمع الناس يقولون: إن هذا يبايع للحسين، فجاء فجلس حتى فرغ من صلاته .

فقال : يا عبد الله، إني امرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع، أنعم الله عليّ بحب أهل هذا البيت وحب من أحبهم، فهذه ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم، بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت أريد لقاءه، فلم أجد أحداً يدلني عليه ولا يعرف مكانه، فإني لجالس آنفاً في المسجد إذ سمعت نفراً من المسلمين يقولون: هذا الرجل له علم بأهل هذا البيت وإني أتيتك لتقبض هذا المال، وتدخلني على صاحبكم فأبايعه، وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه".(1)

وينبغي أن يلاحظ هنا ما يلي:
أولاً: أن ابن زياد اختار للمهمة شامياً، والسبب أن من السهل التعرف على حقيقة شخص من أهل الكوفة يدعي الولاء.
ثانياً: تستَّر الجاسوس معقل - كما يدل النص - بساترين أمنيين، أخطرهما أنه من بيئة في الشام موالية لأهل البيت عليهم السلام كما يأتي:
الأول: أنه "مولى لذي الكلاع أنعم الله عليّ بحب أهل هذا البيت".
الثاني: المال، ويدل على استعماله ساتراً قول ابن زياد: "فإنك لو قد أعطيتها إياهم اطمأنوا إليك".

وبحسب رواية الشيخ المفيد، فقد اعتمد ساتراً ثالثاً هو "التباكي" فقد أضاف الشيخ إلى ما تقدم "وتباكى له" (2) فإن في التباكي في مثل هذه الحال أثره البالغ عند الإسترسال.

أما قول معقل: "سمعت نفراً من المسلمين يقولون هذا الرجل له علم بأهل هذا البيت" فيحتمل أنه اختلق ذلك كي لا يشك الشهيد ابن عوسجة به لإختياره له من بين الناس وقد تقدمت الإشارة إلى احتمال أن يكون عوسجة أو ابن عوسجة هو صاحب المنزل الذي نزله مسلم بن عقيل أول دخوله الكوفة، وعليه فيكون هذا هو السبب في اختيار معقل للشهيد الجليل مسلم بن عوسجة، مستنداً في ذلك إلى معطيات أمنية أحيط علماً بها للإستعانة بها في تنفيذ مهمته، كما يحتمل أن يكون سمع بعض المثرثرين يتحدثون أن مسلم بن عوسجة يبايع لابن عقيل.

وإذا كان معقل كان قد اختلق ذلك، فنحن أمام درس "تجنب الإيقاع بنا " من قبل الجواسيس، لنفشي لهم ما عندنا من أسرار.

أما إذا كان قد سمع نفراً من المسلمين يتحدثون عن مسلم بن عوسجة، وأنه يبايع لابن عقيل، فنحن أمام درس "اجتناب الثرثرة " التي قد تقع في أذن جاسوس يبحث عنها ليركبها فيصل بها إلى مآربه.

والساتر الأخطر من بين ذلك هو ادعاء الجاسوس أنه مولى لذي الكلاع.

ولكي تتضح صورة الموقف جيداً لابد من تسليط الضوء على شخصية "ذي الكلاع " الذي ادعى معقل أنه مولى له، الأمر الذي يقتضينا الرجوع إلى صفين حيث برز اسم ذي الكلاع في حركة تشكيك بمعاوية وجيش الشام الذي كان ذو الكلاع من قادته، إلا أنه كان الوحيد الذي يحاول أن يفكر بموضوعية ومسكة من دين، ولم يوفق.

كان ذو الكلاع الحميري قائد ميمنة معاوية بصفين(3) وكانت الميمنة تتميز بكثرة مقاتليها وشدة بأسهم(4) وكان ذو الكلاع قد سمع أيام عمر بن الخطاب حديثاً من عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حول عمار "يلتقي أهل الشام وأهل العراق وفي إحدى الكتيبتين الحق وإمام الهدى ومعه عمار بن ياسر"(5) وعندما علم بوجود عمار في صفين مع علي عليه السلام هاله ذلك وأثاره مع معاوية وعمرو بن العاص وكبار قادة جيش الشام في تفاصيل ومساجلات وافية(6) هددت بنقض عرى جيش الشام من داخله، ولم يتنفس معاوية الصعداء إلا بعد مقتل ذي الكلاع على ضلاله المشوب بميله للحق وإمام الهدى، وقد عبّر معاوية عن فرحه بهلاكه فقال : لأنا أشد فرحاً بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو فتحتها"(7) قال نصر بن مزاحم : لأن ذا الكلاع كان يحجز على معاوية في أشياء كان يأمر بها"(8) فقد بلغت شوكة ذي الكلاع إذاً إلى حد تقييد حرية حركة معاوية، كما عبر ابن العاص عن فرحه بمقتله فقال حين قتل ، ثم قتل عمار : والله يا معاوية ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحاً ، والله لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة قومه إلى علي ولأفسد علينا جندنا. (9)

وكان ذو الكلاع يفضل علياً عليه السلام على معاوية فقد خاطبه - ومن معه - أحد الموالين قائلاً : أترون معاوية خيراً من علي ".." ثم أنت يا ذا الكلاع فوالله إن كنا نرى أن لك نية في الدين . فقال ذو الكلاع : " والله فاعلمن ما معاوية بأفضل من علي، ولكن إنما أقاتل على دم عثمان"(10)

كان ذو الكلاع أقرب أهل الشام على الإطلاق إلى علي عليه السلام وأهل البيت، رغم شبهة دم عثمان، وقد التقط ابن زياد هذه النقطة بالذات لوضوحها عند أهل العراق، فأوصى معقلاً أن يتستر بها أمام الشهيد ابن عوسجة ليغطي بها شاميّته، وكوفيته.

كيف واجه مسلم بن عوسجة الموقف ؟
يدل النص الذي يحدثنا عن ذلك، على وضع الكوفة في تلك المرحلة، يقول مسلم لمعقل : " لقد سرّني لقاؤك إياي، لتنال الذي تحب، وينصر الله بك أهل بيت نبيّه، وقد ساءني معرفة الناس هذا الأمر مني قبل أن يتم، مخافة هذا الطاغية وسطوته".
(11)

إذاً، حتى تلك اللحظة وهي - في ما يبدو - قبل اعتقال هانيء بأقل من عشرة أيام، لم يكن أمر ما يجري في الكوفة قد انكشف، وكانت حركة المعارضة تحظى بدرجة عالية من الكتمان تتناسب مع الطبيعي في مثل هذا الحراك الإجتماعي العريض.

قال معقل: " لا يكون إلا خيراً، خذ البيعة عليَّ، فأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحن وليكتمن، فأعطاه من ذلك ما رضي به ". (12)

أخذ الشهيد الجليل مسلم بن عوسجة، على معقل الأيمان المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ، ومع ذلك ظلّ حذراً، فلم يدخله مباشرة على الشهيد مسلم بن عقيل بل أراد أن يختبره فتركه يتردد عليه بضعة أيام ليخالطه ويدرس شخصيته " ثم قال له اختلف إليّ أياماً في منزلي فأنا طالب لك الإذن على صاحبك ".(13)

* معقل يخترق عرين الثورة
وقد استطاع معقل بعد أيام أن يقنع الشهيد مسلم بن عوسجة بمزيد من الإطمئنان إليه، فأدخله إلى عرين "الثورة" ومركز الإعداد للمواجهة في بيت الشهيد هانيء، يقول الشيخ المفيد:
" فأخذ يختلف مع الناس، فطلب له الإذن فأذن له، فأخذ مسلم بن عقيل رضي الله عنه بيعته، وأمر أبا ثمامة الصائدي فقبض المال منه ".
(14)

ويقول الطبري:
" ثم أن معقلاً مولى ابن زياد الذى دسه بالمال إلى ابن عقيل وأصحابه، اختلف إلى مسلم بن عوسجة أياماً ليدخله على ابن عقيل، فأقبل به حتى أدخله عليه بعد موت شريك بن الأعور، فأخبره خبره كله فأخذ ابن عقيل بيعته وأمر أبا ثمامة الصائدي فقبض ماله الذى جاء به ".
(15)

وينبغي التنبه هنا بامتياز إلى أن معقلاً لم يستطع اكتشاف مكان مسلم بن عقيل إلا في وقت متأخر عن قدوم ابن زياد لعيادة شريك في بيت هانيء، الذي كان قد حلّ ضيفاً عنده كما سيأتي ، إذ لو كان معقل قد اكتشف من قبل أن مسلم بن عقيل في بيت هانيء، لرفض ابن زياد الذهاب إلى بيت هانيء قطعاً، ويترتب على ذلك أن رغبة الشهيد مسلم بن عقيل بالمبادرة إلى السيطرة على الكوفة عندما انتقل إلى بيت الشهيد هانيء كانت في وقت مايزال فيه ابن زياد جاهلاً بجمع السلاح والرجال في الدور تمهيداً لإعلان الثورة، وكل ما حصل في ما بعد رهن عدم اغتنام هذه الفرصة كما تقدم، ويأتي مزيد تأكيد.

وبعد أن عرف معقل بمكان مسلم ظلّ يلازم ذلك المكان يومياً من الصباح حتى المساء.

قال الشيخ المفيد:
" وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم، وهو أول داخل وآخر خارج، حتى فهم ما احتاج إليه ابن زياد من أمرهم، وكان يخبره به وقتاً فوقتاً".
(16)

وقال الطبري:
" وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم فهو أول داخل وآخر خارج يسمع أخبارهم ويعلم أسرارهم، ثم ينطلق بها حتى يقرها في أذن ابن زياد"
(17)

وبذلك اكتملت دورة الأسلوب الأول بشقه المعلوماتي، ليتم تفعيل الشق الثاني منه "الأمن السياسي" لتشهد "الكواليس" بين ابن زياد وبين شيوخ العشائر الطامحين والخائفين فصول حبك مؤامرة إفراغ رصيد هانيء بن عروة من محتواه. (18)

ولمعرفة الخطة التي اعتمدها ابن زياد إثر انكشاف حقيقة ما يجري، يجب استحضار ما تقدم عما كان يمثله بيت الشهيد هانيء بن عروة والدور التي حوله في مثل ذلك الظرف، وما يعنيه وجود الشهيد مسلم بن عقيل في ذلك الحرز الحصين.
 

الفهارس


(1) الطبري4/ 270وأبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين64.والدينوري، الأخبار الطوال236. والبلاذري، أنساب الأشراف79-80.
(2) الشيخ المفيد، الإرشاد2/46.
(3) نصر بن مزاحم المنقري، وقعة صفين 206 و213.
(4) المصدر327و347.
(5) المصدر333.
(6) المصدر333-339.
(7) المصدر303.
(8) نفس المصدر.
(9) المصدر 341.
(10) المصدر 302.
(11) الشيخ المفيد، الإرشاد2/ 46 والمحدث القمي،نفس المهموم 95 نقلاً عن الإرشاد والكامل ومقاتل الطالبيين وفي مقتل ابي مخنف 32 والطبري 4/270 " قبل أن ينمى" وهو بعيد.
(12) الشيخ المفيد، الإرشاد2/46 وهو من موارد نص اختلاف الشيخ المفيد عن الطبري.
(13) الشيخ المفيد،الإرشاد2/46 والطبري4/270.
(14) الشيخ المفيد، الإرشاد2/46.
(15) الطبري4/271.
(16) الشيخ المفيد، الإرشاد2/46.
(17) الطبري4/271-272. ومن المفيد هنا ذكر ما أورده الدينوري في حول معقل، فقد قال:
" وخفي على عبيد الله بن زياد موضع مسلم بن عقيل، فقال لمولى له من أهل الشام يسمى معقلاً، وناوله ثلاثة آلاف درهم في كيس، وقال : خذ هذا المال، وانطلق  فالتمس مسلم بن عقيل، وتأتَّ له بغاية التأتي. فانطلق الرجل حتى دخل المسجد الأعظم، وجعل لا يدري كيف يتأتى الأمر ثم إنه نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سواري المسجد، فقال في نفسه: إن هؤلاء الشيعة يكثرون الصلاة، وأحسب هذا منهم. فجلس الرجل حتى إذا انفتل من صلاته قام فدنا منه، وجلس ، فقال : جعلت فداك، إني رجل من أهل الشام، مولى لذي الكلاع، وقد أنعم الله على بحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب من أحبهم، ومعي هذه الثلاثة آلاف درهم، أحب إيصالها إلى رجل منهم، بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين بن علي عليه السلام، فهل تدلني عليه لأوصل هذا المال إليه ؟ ليستعين به على بعض أموره، ويضعه حيث أحب من شيعته. قال له الرجل : وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد؟
قال :لأني رأيت عليك سيما الخير، فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم. قال له الرجل:ويحك، قد وقعت على (بُغيتك) أنا رجل من إخوانك، واسمي مسلم بن عوسجة، وقد سررت بك، وساءني ما كان من حسي قبلك ، فإني رجل من شيعة أهل هذا البيت، خوفاً من هذاالطاغية ابن زياد، فأعطني ذمة الله وعهده أن تكتم هذا عن جميع الناس. فأعطاه من ذلك ما أراد. فقال له مسلم بن عوسجة : إنصرف يومك هذا، فإن كان غد فائتني في منزلي حتى أنطلق معك إلى صاحبنا - يعني مسلم بن عقيل - فأوصلك إليه. فمضى الشامي، فبات ليلته، فلما أصبح غدا إلى مسلم بن عوسجة في منزله، فانطلق به حتى أدخله إلى مسلم بن عقيل، فأخبره بأمره، ودفع إليه الشامي ذلك المال، وبايعه. فكان الشامي يغدو إلى مسلم بن عقيل، فلا يحجب عنه، فيكون نهاره كله عند(ه) فيتعرف جميع أخبارهم، فإذاأمسى وأظلم عليه الليل دخل على عبيد الله ابن زياد، فأخبره بجميع قصصهم، وما قالوا وفعلوا في ذلك، وأعلمه نزول مسلم في دار هانئ بن عروة". الأخبار الطوال235-236.

(18) ومن المناسب هنا التذكير بالحذر الأمني، وبموقع التقية من الدين، فليست التقية شأناً شيعياً مبتدعاً! وإنما هي مفهوم إسلامي، قرآني {الا أن تتقوا منهم تقاة } آل عمران 28
إنها حكم العقل بحفظ النفس وأسرار المعتقد، لتفويت الفرصة على العدو، ومن لا يلتزم بالتقية، فهو يفتقر إلى الحس الأمني الذي هو من مقومات الشخصية الإسلامية.إننا الآن بأمس الحاجة لحفظ أسرار الإسلام فالجهات المختلفة تبذل قصارى جهدها، لمعرفة خصوصيات العمل الإسلامي.
وفي ما يلي بعض الروايات التي تؤكد على ضرورة رعاية البعد الأمني :
* عن أمير المؤمنين عليه السلام: الإطمئنان إلى كل أحد قبل الإختبار من قصور العقل. الشهيد دستغيب، القلب السليم600 عن غرر الحكم
*وعن الإمام الصادق عليه السلام : إذا كان الزمان زمان جور وأهله أهل غدر، فالطمأنينة إلى كل أحد عجز. إبن شعبة الحراني، تحف العقول357.
وعنه عليه السلام أيضا : امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها، وإلى أسرارنا كيف حفظهم لها عند عدونا، وإلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها. المجلسي، البحار71/391.

وينبغي أن يتميز المسلم بكتمان أسرار العمل الإسلامي، حتى بالنسبة للصديق. يقول الإمام الصادق عليه السلام : لا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوك لم يضرّك، فإن الصديق قد يكون عدواً يوماً.الشيخ الصدوق، الأمالي767.
لا يستطيع الموالي للإمام الحسين عليه السلام : إلاّ أن يكون حذراً تجاه أي اظهار للمعلومات التي يعرفها عن شؤون المسلمين، حتى لا يكون من الذين يطعنون العمل الإسلامي، ويتسببون بتوجيه الضربات القاسية له في الوقت الذي يعتبر فيه نفسه من العاملين المخلصين، وطبيعي لمن يتألم لما جرى على مسلم بن عقيل أن يستفيد من درس الجاسوس معقل ولا يسمح لنفسه أن يكون في خدمة أعداء الإسلام بسبب البساطة والسذاجة والتساهل، وعدم الحذر ممن يتظاهرون بالجهاد بالمال..