الهجرة إلى الله ورسوله مع الحسين
أعمال ومراقبات شهر محرّم الحرام
* محرّم شهرُ الهجرة إلى الله تعالى ورسوله مع الحسين: «حسينٌ مني وأنا من حسين».
* أبرز ركائز مراقبة النفس في شهر محرّم: حرمة الشهر، وهجرة النبيّ الأعظم، والهجرة إليه مع الحسين السبط والنّهج، ومواصلة الهجرة مع وارثِ وارث النبيّين الإمام السجّاد عليه السلام، للتأسيس معه وفي هديِه للثبات في خطّ الأئمّة من ذريّة الحسين المعوَّض بهم عن شهادته، أئمّةِ الزمان والمكان، والعقل والجَنان، وسلامة إنسانيّة الإنسان.
* غيرةُ المحمديّ الصادق على حدود الله تعالى وحُرماته، تجوهر حبّ الله تعالى في عقله والفؤاد، فيوقن أنّ صدق الهجرة رهن العمل بثقافة «محرّم الحسين»، فإذا الثورة عنده محرابٌ أكبر من الدنيا. إنّه باب الحياة الطيّبة بالعِلْم العِلْم، والعمل الصالح. والمنطلق والقاعدة والمَطلع والختام هو الصلاة.
«عن جبلّة المكية، قالت: سمعت ميثم التمار، يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيّها في المحرّم لعشرٍ يمضين منه، وليتّخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، وإنّ ذلك لكائنٌ قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين عليه السلام، ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلّ شيء، حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء، ويبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات والأرضين، ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دماً ورماداً.
ثمّ قال: وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليه السلام، كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع
الله إلها آخر..».
(علل الشرائع للصدوق: 1/228)
الليلة الأولى
* حول مراقبات الليلة الأولى، يقول السيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال): «وفي هذه العشر [الأولى من المحرّم] كان أكثر اجتماع الأعداء على قتل ذرِّيّة سيِّد الأنبياء صلوات الله عليه وآله، والتّهجُّم بذلك على كَسْر حُرمة الله جلَّ جلالُه، وكَسْر حُرمة رسوله عليه السلام، صاحبِ النِّعم الباطنة والظَّاهرة، وكسر حرمة الإسلام والمسلمين ".." فينبغي مِن أوَّل ليلة من هذا الشَّهر أن يظهر على الوجوه والحركات والسَّكَنات شعار آداب أهل المصائب المعظَّمات في كلِّ ما يتقلَّب الإنسان فيه، وأن يَقصد الإنسان بذلك إظهار المُوالاة لأولياء الله، والمُعاداة لأعاديه».
* صلوات الليلة الأولى: انظر باب: «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد.
ليلة عاشوراء: إحياؤها بالعبادة تأَسّياً بسيّد الشهداء عليه السلام
* هي ليلة المواساة لأهل البيت عليهم السلام، ومن آدابها ما أورده السيّد ابن طاوس في (الإقبال)، قال: «هذه اللّيلة أحياها مولانا الحسين صلوات الله عليه وأصحابه بالصّلوات والدّعوات، وقد أحاط بهم الزنادقة، ليَستبيحوا منهم النّفوسَ المُعظّمات، وينتهكوا منهم الحُرمات، ويسبوا نساءهم المصونات.
فينبغي لِمن أدرك هذه اللّيلة، أن يكون مواسياً لبقايا أهل آية المباهلة وآية التّطهير، في ما كانوا عليه في ذلك المقام الكبير، وعلى قدم الغضب لله جلَّ جلاله ورسوله صلوات الله عليه، والموافقة لهما في ما جرت الحال عليه، ويتقرّب إلى الله جلّ جلاله بالإخلاص، من موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه».
* ورُوي أيضاً أنّ مَن وُفِّق فيها لزيارة الحسين عليه السلام بكربَلاءِ والمبيت عنده حتّى يُصبِح، حشره الله يوم القيامة ملطّخاً بدم الحسين في جملة الشُّهداء معه عليه السلام.
اليوم العاشر: عاشوراء
قال الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة): «جاءت الرواية عن الصادقين عليهم السلام باجتناب الملاذّ، وإقامة سُنن المصائب، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس، والتغذّي بعد ذلك بما يتغذّى به أصحاب أهل المصائب، كالألبان وما أشبهها دون اللذيذ من الطعام والشراب.
ويستحبّ فيه زيارة المشاهد، والإكثار فيها من الصلاة على محمّد وآله عليهم السلام، والابتهال إلى الله تعالى باللعنة على أعدائهم.
وروي أنّ مَن زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء فكأنّما زار الله تعالى في عرشه. ".." وروي أنّ من زاره في هذا اليوم غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. وروي من أراد أن يقضي حقّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وحقّ أمير المؤمنين وفاطمة والحسن عليهم السلام، فليزر الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء».
اليوم الخامس والعشرون
كانت شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام سنة 95 للهجرة، ويستحب في هذا اليوم زيارته عليه السلام بقراءة الزّيارة الجامعة، أو زيارة أمين الله، أو غيرهما من زيارات المعصومين عليهم السلام.
* أيُّ سرٍّ في سيّد الساجدين المحمّديين، فإذا هو المُدّخر لوراثة وارثِ النبيّين. يتجلّى بعض الجواب في ما رواه أئمّة الحديث عن سرّ النبوّات والخلق أجمعين حول هذا المشهد من مشاهد القيامة: «إذا كان يوم القيامة، ينادَى: أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن أبي طالب، يَخْطُر بين الصُّفوف».
الخروج من شهر محرّم
قال الشيخ الملكي التبريزي في (المراقبات): «إنَّ لخروج شهر محرّم الحرام تغيُّراً وتأثُّراً عند أهل المراقبة، فإنّ الخروج من حِمَى مَلِكِ الملوك تعالى يُرتِّبُ حقّاً على العبيد. ومنه: أن يناجيه تعالى بواسطة خفير يومه من المعصومين، ويعترف أوّلاً بأنّه لم يكن مُستحقّاً لهذا الأمان، بل كان مُستحقّاً بأعماله وحالاته كلِّها الخزي والهوان، بل العذاب الأليم.
ولْيُناجِه تعالى قائلاً: فبفضلك الذي ابتدأتَ به ذلك الأمان، وتفضَّلْتَ على عبيدك بالشّهر الحرام، لا تُخرجنا بخروجه من أمانك وحِماك، حتّى توصلَنا إلى دار السّلام، ولا تؤاخذنا بتقصيرنا في أداء حقّ شكرك، ورعاية أدب حُرمة الشّهر الحرام، بل عامِلنا بِكَرم عفوك الَّذي به تُبدّل السيّئات بأضعافها من الحسنات».
زيارة عاشوراء: الإمام الباقر عليه السلام يُوصي بقراءتها يوميّاً
* قال المُحدّث النوري صاحب (المستدرك) في كتابه (النجم الثاقب) حول زيارة عاشوراء: «وأمّا زيارة عاشوراء: فيكفي في فضلها ومقامها أنّها لا تسانخها سائر الزيارات التي هي بحسب الظاهر من إنشاء المعصوم وإملائه، ولو أنّه لا يظهر من قلوبهم المطهّرة شيء إلّا ما وصل إلى ذلك العالم الأرفع؛ بل هي من سنخ الأحاديث القدسيّة، نزلت بهذا الترتيب من الزيارة واللّعن والسلام والدعاء من الحضرة الأحديّة جلّت عظمته إلى جبرئيل الأمين، ومنه إلى خاتم النبيّين صلّى الله عليه وآله.
وبحسب التجربة فإنّ المداومة عليها أربعين يوماً، أو أقلّ، لا نظير لها في قضاء الحاجات، ونيل المقاصد، ودفع الأعداء».
* وقال الشيخ عبد الرسول المازندراني (ت: 1325 للهجرة) المشهور بالفاضل المازندراني في كتابه (شرح زيارة عاشوراء: ص 9): «هذه الزيارة التي ما فتئ علماؤنا، رضوان الله عليهم، يترنّمون بها، وجعلوها ورداً خاصّاً يلتزمون به في أيّام حياتهم، ولم يكن ذلك الالتزام منهم إلّا تمسّكاً بكلام الأئمّة عليهم السلام، فإنّ هذا عينه ما نصّ عليه الامام الباقر عليه السلام لعلقمة بن محمّد، حيث قال له: (وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَزورَهُ في كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيارَةِ من دَهرِكَ فَافْعَلْ، فَلَكَ ثَوابُ ذَلِكَ..)».
أعمال يوم عاشوراء
1- زيارة الحسين عليه السّلام: «..عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السّلام، قال: مَنْ زَارَ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنَ المُحَرَّمِ حَتَّى يَظَلَّ عِنْدَهُ بَاكِياً، لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ يَلْقَاهُ بِثَوَابِ ألْفَيْ حِجَّةٍ وألفَيْ عُمَرْةٍ وَأَلْفَيْ غَزْوَةٍ..».
2- زيارة عاشوراء: قال الإمام الباقر عليه السّلام: «إنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِهَذِهِ الزِّيارَةِ مِنْ دارِكَ فَافْعَلْ..». [في (كامل الزيارات]: من دهرك]
3- قراءة التَّوحيد ألف مرّة في هذا اليوم، ورُوي أنَّ الله تعالى ينظر إلى مَن قَرَأها نَظَر الرّحمة.
4- أن يقول ألف مرّة: اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ عليه السّلام.
5- قراءة زيارة وارث [انظر: مفاتيح الجنان، أعمال اليوم العاشر من محرّم]
6- صلاة بكيفيّةٍ خاصّة، أوردها الشّيخ الطّوسيّ في (مصباح المتهجّد) برواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصّادق عليه السلام، وهي صلاة من أربع ركعات بصفةٍ خاصّة يليها دعاءٌ جليل، ذاكراً في آخرها جزيلَ ثوابها.
أعمال اليوم الأوّل
اعلم أنّ غرّة محرّم هو أوّل يوم السّنة، وفيه عملان:
الأوّل: الصّيام. عن الإمام الرّضا عليه السّلام أنّه قال: «مَنْ صامَ هَذا اليَوْمَ وَدَعا اللهَ اسْتَجابَ اللهُ دُعاءَهُ كَما اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا».
الثّاني: كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله يصلّي أوّل يوم من محرّم ركعتَين، فإذا فرغ رفع يدَيه ودعا بهذا الدّعاء ثلاث مرّات: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الإِلَهُ القَدِيمُ وَهذِهِ سَنَةٌ جَدِيدَةٌ..». [مفاتيح الجنان، أعمال شهر محرّم].