هذا الملف
ألم يكن جهاد أنصار الإمام الحسين عليه السلام محمّديّاً؟ وهل كان إقدامهم على الشهادة بين يدَي سيّد الشهداء إلّا بعض الوفاء لرسول الله صلّى الله عليه وآله؟
وبالتالي: فهل الصحابيّ الذي رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثم وقف مع يزيد ضدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله المتجلّي بالحسين عليه السلام، أوفى منهم وأبرّ؟!
معاذ الله أن تعمى البصيرة فتعجز عن التعامل مع حقيقة الأمور، محجوبةً بظاهر لا يُقيم الله تعالى له وزناً.
ولا يشكّ موحّدٌ في عظيم منزلة الأبرار من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وليس السياق لطمس ذرّة من عظيم منزلتهم، بل هو لوضع الحديث عن أصحاب الإمام الحسين، روحِ رسول الله، في موقعه الطبيعي.
وقف الصحابة الأبرار مع المصطفى صلّى الله عليه وآله، في الضرّاء والسرّاء، ووقف أصحاب الحسين عليه السلام، مع رسول الله صلّى الله عليه وآله -عبر موقفهم مع ثاني سبطَيه- في ضرّاء لا تجارى.
كان لأكثر الصحابة إقدام ونكوص، و﴿..زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ..﴾ الأحزاب:10، ﴿..وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ الأحزاب:11، ﴿..وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ..﴾ التوبة:25، إلى غير ذلك ممّا سجله القرآن الكريم، أو أثبتته السيرة، فإذا فيه الحديث عمّن ذهب في الفرار عريضاً!
ولم يكن للصحابة المحمّديّين الحسينيّين أدنى نكوص ولا زُلزلوا، فضلاً عن أن يكون الزلزال شديداً! ولم يسجَّل عن أحدهم أنه حدّث نفسه بفرار، فضلاً عن أن يذهب فيه عريضاً!
هكذا يمكننا أن نقارب فهم الوسام المحمّديّ الذي قلّده الإمام الحسين عليه السلام لأصحابه حين قال: «اللهمّ إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ، ولا أزكى، ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي».
ولعلّ في طليعة المعاني التي أراد سيّد الشهداء عليه السلام، إيصالها إلى الأمّة عبر هذا الوسام، أنّ أهل بيته ملحَقون بأهل البيت الذين أوصى بهم التنزيل والرسول، وأصحابه مُلحقون بالأبرار من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله، الذين اتّفق المسلمون على أن سموّ منزلتهم يأتي بعد أهل البيت عليهم السلام.
يؤكّد ما تقدّم عظيم حقّ أصحاب سيّد الشهداء على المسلمين جميعاً، وهو الحقّ الذي تصبّ روافد عديدة في تشكّل موجه الكربلائي المتلاطم، وفي ما يلي وقفة مع أبرز هذه الروافد مقتطفة من الكتاب المخطوط (في محراب كربلاء – الأصحاب) لسماحة الشيخ حسين كوراني.