ثَارَ اللهِ*
_____ إعداد: «شعائر» _____
جاء في زيارة عاشوراء التسليمُ على الإمام الحسين عليه السلام: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ..».
في (الصِّحَاحِ) للجوهري، مادة (ثار) مهموز العين: «الثَأرُ والثُؤْرَة: الذَحْلُ»، وقال: «ثَأرْتُ القَتِيلَ وَبِالقَتِيْلِ ثَارَا وثُؤْرَةً، أيْ قَتَلْتُ قاتِلَهُ.
الثَّائرُ: الَّذي لا يَبْقَى عَلَى شَيْءٍ حتَّى يُدْرِكَ ثَارَهُ، ويُقَالُ أْيضَاً هُوَ ثَارُهُ، أيْ قَاتل حَمِيْمه.
وَيُقَال: ثَأرْتُكَ بِكَذَا أي أدْرَكْتُ بِهِ ثَارِي مِنْكَ.
وفي (القَامُوس المحيط) للفيروز آبادي في تلك المادّة أيضاً: «الثَّارُ: الدَّمُ والطَّلَبُ بِهِ».
في (الطُّرَازِ) للسيد علي خان في تلك المادّة أيضاً: «الثَّارُ كَفَلْسِ الذَحْل، وطَلَبُهُ وَطَالبُهُ والمَطَلُوب بِهِ، وهُو مَن عِنْدَهُ الذَحْل، قَالَ: قَتَلْتُ بِهِ ثَارِي، وَأدْرَكْتُ ثَارِي وَثَارْتُ حَمِيمِي ثَارَاً كَمنع قَتلْتُ قَاتِلَهُ فَهُو مَثْئُورٌ وَمَثْئُورٌ بِهِ، وزَيْدَاً بِحَمِيمِي قَتَلْتُهُ، فَهُو مَثْئُورٌ وَأنَا ثَائِرٌ، وثَارَ بِالهَمْزِ كَعَدَل - إلى أن قال - والثَّارَات جَمْعُ الثَّار بِمَعْنَى الذَحْل، وَمِنْهُ يَا لِثَارَاتِ الحُسَيْنِ عليه السلام، يَعْنِي تَعَالَيْنَ يَا ثَارَاتُهُ وَذُحُولُهُ، فَهَذَا أوَانُ طَلَبِكُنَّ، وَقَيلَ: وَهِي جَمْعُ ثَارَ بِمَعْنَى الطَّالِبُ للثَّارِ يُنَادِيهِم لِيُعِينُوهُ. وَقِيلَ بِمَعْنَى المَطْلُوب بِهِ. أي يَا قَتَلَتَه يُنَادِيهِم تَقْرِيعَاً لَهُمْ وَتَفْظِيَعَا لِلْأمْرِ عَلَيهِمِ، - ثُمّ قال في نقل الأثر - «أشْهَدُ أنَّكَ ثَار اللهِ وابْن ثَارِهِ»، الثَارُ هُنَا الذَحْلُ جَعَلَهُمَا ثَارَيْن لِلَّهِ، لِانَّهُ الطَّالِبُ لِدِمَائِهِمَا مِنْ قَتَلَتِهِمَا فِي الدُّنْيَا والْاخِرَة.
وفي الصَّلوات الطويلة المذكورة في (زَادِ المَعَاد) بعد دعاء النُّدبة عند الصَّلاة على الصدِّيقةِ الطَّاهرة «اللَّهُمَّ كُنِ الطَّالِبَ لَهَا مِمَّنْ ظَلَمَهَا وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّهَا، اللَّهُمَّ وَكُنِ الثَّائِرَ لَهَا بِدَمِ أوْلَادِهَا». وعند الصلاة على أبي عبد الله الحسين عليه السلام: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّهِ... وَأشْهَدُ أنَّ اللهَ تعالى الطَّالِبُ بِثَارِك».
وفي دعائه عليه السلام يوم عرفة: «وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَارْزُقْنِي فِيْهِ مَارِبِي وَثَارِي». كذا في (زَاد المَعاد)، وفي (الصَّحيفةِ الحُسَينية): «وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَأرِنِي فِيْهِ ثَارِيْ وَمَآرِبِي».
وَأيّاً ما كَان فالمُرادُ طَلب ثَاري، لكِن المُناسب على الاوَّلِ: «وَارْزُقْنِي فِيهِ انْ اطْلُبَ ثَارِي»، وعلى الثَّاني: «وَأرِنِي فِيهِ انْ تَطْلُبَ ثَارِي».
ثم إنَّ هَذا الاخْتصَاص المَدلول عَليهِ بالإضَافةِ، الموجب للتَنزيلِ المَزبور، أوجبَ طلَبهُ تعالى لهَذا الدَّم مِن القَاتلِ على انَّهُ تعالى وليُّ الدَّم وصاحِبه، فيكون طلبهُ طلبَ المُستحق حقَّهُ من خَصمِهِ، لا طَلَب الحاكِم لحقِّ احدِ المُتحاكمَينِ المُتخاصِمَين مِن الآخر، فَهذا الطَّلب طلبٌ مِن بَاب الولَاية، لا مِن بابِ الحُكومة..
* مختصر عن شرح زيارة عاشوراء للفاضل المازندراني