الجهاد الأكبر. -4- أجر المجاهد والنية الخالصة

الجهاد الأكبر. -4- أجر المجاهد والنية الخالصة

14/06/2005

أيها العزيز: كل هذه الأمور التي تواجه عظيمة ومهمة بشرط الإخلاص، وبشرط عمق الإخلاص، فلا ترض مقابل هذه المعاناة، إلا حب الله عز وجل، أن يرزقك الله سبحانه وتعالى حبه، وأسألكم أيها الأعزاء الدعاء، فالكلام سهل.

أيها العزيز: كل هذه الأمور التي تواجه عظيمة ومهمة بشرط الإخلاص، وبشرط عمق الإخلاص، فلا ترض مقابل هذه المعاناة، إلا حب الله عز وجل، أن يرزقك الله سبحانه وتعالى حبه، وأسألكم أيها الأعزاء الدعاء، فالكلام سهل.


السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

تناول الحديث السابق ضرورة الحذر من تسويلات الشيطان خصوصاً بالنسبة للمجاهد، كما تناول أيضاً الحديث عن أن التثبيت من قبل الله عز وجل للإنسان مرتبط بحجم طاعاته،

أيها المجاهدون الأعزاء:

طاعاتكم لا يكاد أحد يتصور عظمتها، لست هنا بصدد الحديث عن الصلاة والصوم، وإن كانت هذه العبادات بعد الولاية أساس الطاعات، إلا أني بصدد الحديث عن الثواب العظيم الذي يحصل عليه المجاهد من خلال حمله هم التواجد في الجبهة، في مواقع الجهاد، ومرابطته فيها، وما يترتب على هذه المرابطة من مهام يقوم بها.

من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.[i]

أصل أن الإنسان يحمل هم الدفاع عن الإسلام العزيز والأمة الإسلامية، أمة المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، من الطبيعي أنه يترتب عليه ثواب كبير.

أصل أن الإنسان يترك الجو الذي يرتاح فيه ويتوجه إلى أجواء لا تؤمّن له معشار ما يمكن أن يؤمَّن له في مستقره من الراحة المادية، أيضاً هذا أمر يحتاج إلى الوقوف عنده ونحن نتحدث عن الطاعات.

من الطبيعي جداً أن يحصل المجاهد على ثواب كبير بإزائه.

ثم إذا لاحظنا أن مجرد مشي المجاهد في مواقع الجهاد باعتبار أنه يطأ موطئاً يغيظ الكفار يحصل منه على ثواب، أصل تواجد المجاهد في هذه المواقع يجعل الثواب الإلهي متواصلاً له، لا يصعد جبلاً ولا ينزل وادياً ولا يظمأ ولا يتعب، لا يصيبه نصب ولا مخمصة إلا كتب الله تعالى له بذلك ثواباً، وثواب الله عز وجل على كل عمل بمقدار حب الله تعالى لهذا العمل، وبمقدار اهتمامه عز وجل بهذا العمل، فكم سيكون ثوابه لخاصة أوليائه، المجاهدين؟

إن طاعاتك - أيها العزيز، أيها المجاهد- كثيرة جداً وعظيمة.

من المهم جرياً على ما تقدمت الإشارة إليه أي أن لا نكتفي بالتركيز على الجانب الإيجابي في حركة الجهاد وإنما نقف أيضاً عند الجانب السلبي، من المهم أن نعرف كيف يمكن للمجاهد أن يستثمر هذه الطاعات الكبيرة، قد يذهب شخص إلى الجبهة ويعيش أجواءها ثم يرجع بمردود ضئيل، وقد يذهب شخص آخر ويبقى في الجبهة أقل مما بقي الأول إلا أنه يرجع بمردود كبير، هذا هو بيت القصيد الذي أريد أن أركز عليه، كيف يستثمر المجاهد تواجده في الجبهة في تعميق هذا الثواب العظيم ليشكل هذا الثواب المادة التي يستحق بها التثبيت من الله عز وجل؟

و في الجواب: عليك أن تستحضر - أيها العزيز- باستمرار أن ما يصيبك من أذى من مشقات الطريق ووعورته، وأجواء الخوف التي تعيشها، والبرد - أو الحر- الذي تتعرض له وأنت تدافع عنا ونحن في بيوتنا، وما تواجهه من نقص في وسائل الراحة إلى سائر ألوان معاناة الجهاد في الحراسة أو الإستطلاع، أو المهمة الجهادية، وكل عمل يتطلب جلداً ومعاناةً، أن تستحضر أن هذه الأمور كلها بعين الله عز وجل، فتتوجه إلى الله سبحانه وتعالى مستحضراً ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي.[ii]

وما قاله سيد الشهداء عليه السلام: هوَّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله.[iii]

وماقالته مولاتنا زينب عليها السلام: ما رأيت إلا جميلا![iv]


***

تركت الخلق طرّاً في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطّعتني بالحب إرْباً لما مال الفؤاد إلى سواكا

***

إلهي علمت أن رضاك في موقعي هذا وموقفي.

إلهي ترى ما يصيبني من برد وما أكابده من معاناة، وهو يا إلهي قليل في جنبك، في سبيلك.

أنا المحدود هذا ما أستطيع أن أقدمه، قد وضعت روحي على طبق الإخلاص أريد أن أقدمها إليك وأنا بذلك كناقل التمر إلى هجر.

عندما يقدم الإنسان روحه إلى الله عز وجل فماذا فعل؟

الروح منك سبحانك وتعاليت، عطيّتك، فإذا أرجعتُ الروح إلى صاحبها فهل أكون قد عملت شيئاً عظيماً أستحق أن أُجزى عليه؟ ولكن إلهي هذا ما عندي، أنا المحدود هذه طاقتي وقد قدمت كل شيء، أستسهل البرد والحر لأن فيه رضاك، وأحتمل السهر والتعب لأن فيه رضاك، وأرتاد أجواء المخاطر لأن في ذلك رضاك.

إلهي خذ بيدي، أعنّي على نفسي، إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً.

أن تعيش أيها العزيز مع الله سبحانه وتعالى، وأنت تواجه مفردات المعاناة هذه، أمرٌ في غاية الأهمية، والله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين، يعطي من سأله ويعطي من لم يسأله تحنناً منه ورحمة فكيف عندما يرى عزيزه المجاهد في مواقع الجهاد يقول: إلهي أعنّي على نفسي خلّصني من الحسد، خلصني من الحقد، خلصني، خلصني من سيئات الأخلاق، إلهي ارزقني حبك.

أيها العزيز: كل هذه الأمور التي تواجه عظيمة ومهمة بشرط الإخلاص، وبشرط عمق الإخلاص، فلا ترض مقابل هذه المعاناة، إلا حب الله عز وجل، أن يرزقك الله سبحانه وتعالى حبه، وأسألكم أيها الأعزاء الدعاء، فالكلام سهل.

أللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا منك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

والحمد لله رب العالمين.

***

--------------------------------------------------------------------------------
[i] الحر العاملي، وسائل الشيعة16/336
[ii] الطبري، تاريخه2/81
[iii] البحار45/46
[iv] المصدر 116.

اخبار مرتبطة

نفحات