مراقبات

مراقبات

08/05/2013

أعمال شهر رجب



من لوازم الإيمان اليقظة وعلامتها المراقبة، وهي «قرار بالتزام قانون الله تعالى: الشّرعة والمنهاج» تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقين به تعالى، وحبّه سبحانه.
في المناجاة الشعبانيّة: «وأن تجعلني ممّن يُديم ذكرك، ولا ينقض عهدك، ولا يغفل عن شكرك، ولا يستخفّ بأمرك. إلهي وألحقني بنور عزّك الأبهج، فأكون لك عارفاً، وعن سواك منحرفاً، ومنك خائفاً مراقباً، يا ذا الجلال والإكرام».
وأبرز كُتُب المراقبات: كتاب «إقبال الأعمال» لسيّد العلماء المراقبين، السّيّد ابن طاوس، و«المراقبات» للفقيه الكبير الشّيخ الملكي التبريزي، وفي هديهما: هذا الباب.
 

أعمالُ شهر رجب
يا مُرسِلَ الرّحمة من معادنِها
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ



 «من مهمّات الأعمال في شهر رجب من أوّله إلى آخره،

 تذكُّر حديث المَلَك الدّاعي على  ما رُوي عن النّبيّ صلَّى الله عليه وآله:

 أنّ الله تعالى نَصَبَ في السَّماءِ السَّابعة مَلَكاً  يُقالُ له الدّاعي، فإذا دَخَلَ شهرُ رجب  يُنادي ذلك المَلَك كلّ ليلةٍ منه إلى الصَّباح:

 طُوبى للذَّاكرين،  طُوبى للطَّائعين، يقول الله تعالى: 

أنا جليسُ مَن جالَسَني، ومُطيعُ مَن أَطاعَني، غافرُ مَن استَغفَرَني، الشَّهرُ شهري،  والعبدُ عبدي، والرّحمةُ رَحمتي، 

 فمَن دعاني في هذا الشَّهر أَجَبْتُه،  ومَن سَأَلَني أَعطَيْتُه، ومَن استَهدانِي هَدَيْتُه، وجعلتُ هذا الشَّهر

 حَبْلاً بيني وبينَ عِبادي ، فمَن اعتَصَم به وَصلَ إليّ».
(المراقبات، للملكي التّبريزيّ)

 من أهمّ مناسبات الشّهر:
1- المبعثُ النّبويُّ الشّريف في اليوم السّابع والعشرين.
2- ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرَّفة في اليوم الثّالث عشر.
3- ولادة الإمام الباقر عليه السلام، في اليوم الأوّل.
أبرزُ الأعمال:
1- إحياء اللّيلة الأولى، وليلة النّصف منه.
2- عمل ليلة الرّغائب
3- عمل الاستفتاح (أمّ داود).
4- أعمال ليلة المَبعث ويومها.
5- الصّوم.
6- صلاة سلمان.
7- الاستغفار، وقراءة التّوحيد، والذِّكرُ البديل.
 


تُقسَم أعمال شهر رجب الحرام إلى قسمَين: الأعمال الخاصّة بوقتٍ محدّدٍ من الشَّهر، وتلك العامّة التي يُمكن أن يُؤتَى بها في أيِّ وقتٍ من أوقاته، وهي أُمور :


أوّلاً: الأدعية نظراً إلى وفرة أدعية شهر رجب نكتفي بالإشارة إليها على أن تُطلَب بِتمامِها من كُتُب الأعمال، لا سيَّما (مفاتيح الجنان)، المُتضمِّن لمعظم الأدعية الواردة في هذا الشَّهر الفضيل.
1- الدُّعاء الَّذي رُوي أنّ الإمام زين العابدين، صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيه، دعا به في الحِجْر في غُرّة رَجَب: «يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ..».
2- دعاء الإمام الصَّادق عليه السلام في كلِّ يومٍ من رجب: «خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلَّا لَكَ..».
3- الدُّعاء المرويّ عن الإمام الصَّادق عليه السلام: «قُلْ في رجب: أللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ، وَعَمَلَ الخائِفِينَ مِنْكَ، وَيَقِينَ العابِدِينَ لَكَ ..». قال المُحدّث القمّيّ في (مفاتيح الجنان): «ويظهر أنّ هذا الدُّعاء هو أجمع الدَّعوات، ويَصلح لأن يُدعى به في كلِّ الأوقات» .
4- دعاء «أللّهُمَّ يا ذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاءِ الوازِعَةِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ وَالقُدْرَةِ الجامِعَةِ..».
5- مجموعة من الأدعية مرويّة عن الإمام صاحب العصر والزَّمان أرواحنا فداه. [انظر: باب «لولا دعاؤكم» من هذا العدد]
6- عن محمّد بن ذَكوان، قال: «قلتُ للصَّادق عليه السلام: جُعِلتُ فداكَ، هذا رجب، علِّمني فيه دعاءً يَنفعني اللهُ به، قال عليه السلام: اكتُب: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، قُلْ في كلِّ يومٍ من رجب صباحاً ومساءً، وفي أعقاب صلواتك في يومِك وليلتِك: يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الكَثيرَ بِالقَلِيلِ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً؛ أَعْطِنِي بِمَسأَلَتِي إِيّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخرةِ، واصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخرةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ .
قال الرّاوي : ثمّ مدّ عليه السلام يَدَه اليُسرى فقبضَ على لحيته ودعا بهذا الدُّعاء وهو يلوذُ بِسُبابته اليُمنى. ثمَّ قال بعد ذلك: «يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ، يا ذَا النَّعَماءِ وَالجُودِ، يا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلى النَّار» .


ثانياً: الأذكار وفي طليعتِها الاستغفار، والتّهليل، وقراءة التّوحيد، والصّلاة على محمّد وآل محمّد، والذِّكر البديل لمّن يعجز عن الصّيام. [انظر: باب «يذكرون» من هذا العدد]


ثالثاً: الصَّوم قال العلّامة الحلّيّ في (تذكرة الفقهاء): «يُستحبّ صَوْمُ رجب بأسره عند علمائنا ".." ويتأكَّدُ استحبابُ أوَّلِه وثانيه وثالثِه»، وقال المحقّق البحرانيّ في (الحدائق النّاضرة): «ومنها [الصَّوم المندوب] صومُ شهر رجب كلّاً أو بعضاً ".." عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنَّ نوحاً ركبَ السّفينةَ في أوّلِ يومٍ من رجب، فأَمَر مَن مَعهُ أن يصوموا ذلك اليوم..»، وفي (غنائم الأيّام) للميرزا القمّيّ أنّ الأحاديث في استحبابِ صيامِ شهرَي رجب وشعبان كثيرةٌ جدّاً.
وجاء في الخبر أنَّ مَن صام أيّام الخميس والجمعة والسَّبت من الأشهرِ الحُرُم الأربعة -وشهرُ رجبٍ أحدُها- كَتَب اللهُ تعالى له عبادة تسعمائة سنة. [انظر: باب «وقال الرّسول» من هذا العدد]
رابعاً: الصَّلاة 1- ستُّون ركعة، يصلّي منها في كلِّ ليلةٍ ركعتين، يَقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، و(قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ) ثلاث مرّات، و(قُلْ هُوَ الله أَحَد) مرّة واحدة، فإذا سلّمَ رفع يدَيه إلى السَّماء وقال:
لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَإِلَيْهِ المَصِيرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ، أللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَآلِهِ. ويُمرِّر يدَيه على وجهه، وعن النّبيّ صلى الله عليه وآله: «مَن فَعَلَ ذلك استجابَ اللهُ دعاءَهُ، وأعطاهُ أجرَ ستِّين حجَّةٍ وعُمْرةٍ».
2- رُوي عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّ مَن قرأ في ليلةٍ من ليالي رجب مائة مرّة (قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) في ركعتَين، فكأنَّما قد صام مائة سنة في سبيل الله، ورَزَقَهُ اللهُ في الجنَّة مائة قصرٍ، كلُّ قصرٍ في جوارِ نبيٍّ من الأنبياء عليهم السلام .
3- انظر: باب «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد.
ملاحظة: لكلِّ ليلةٍ من ليالي شهر رجب صلاةٌ خاصّة ذَكَرَها السّيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال).
خامساً: العُمرة والزِّيارة * من المُستحبّات المؤكَّدة في شهر رجب زيارة سيّد الشّهداء عليه السلام، وزيارة الإمام الرِّضا عليه السلام، ولها في هذا الشَّهر مزيّة.
قال (صاحب الجواهر، الشّيخ محمّد حسن النّجفي): «يستحبُّ مؤكّداً خصوصاً في رجب زيارة الإمام الثّامن الرّضا أبي الحسن عليّ بن موسى عليهما السلام ... ومَن زاره عارفاً بحقّه غفرَ اللهُ له ما تقدّم من ذنبِه وما تأخّر ... ويخلّصُه الرّضا عليه السلام من أهوالٍ ثلاث: إذا تطايرتِ الكتبُ يميناً وشمالاً، وعند الصّراط، وعند الحساب، ويشفع فيه يومَ القيامة ... وقال الإمام الكاظم عليه السلام:..ألَا إنَّ أعلاهُم درجةً [زوّار مشاهد الأئمّة عليهم السلام] وأقربهُم حبْوَةً [يوم القيامة] زُوّارُ قبرِ ولدي عليّ..».
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ [الإمام الجواد عليه السلام]: ..فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ: هَذَا الَّذِي قَدْ حَجَّ حجَّةَ الإِسْلَامِ يَرْجِعُ أَيْضاً فَيَحُجُّ، أَوْ يَخْرُجُ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى أَبِيكَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عليه السلام فَيُسَلِّمُ عَلَيْه؟ قَالَ: لَا بَلْ يَأْتِي خُرَاسَانَ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام أَفْضَلُ، ولْيَكُنْ ذَلِكَ فِي رَجَبٍ..».
* ولِلعُمرة أيضاً في هذا الشَّهر فضل، ورُويَ: أنَّها تالِيَةُ الحَجِّ في الثّواب. [انظر: «حدود الله» من هذا العدد]


سادساً: الصَّدَقة عن أمير المؤمنين صلواتُ الله عليه: «..ومَن تَصَدَّقَ بِصَدَقةٍ في رجب ابتِغاءَ وجهِ الله، أَكْرَمَهُ اللهُ يومَ القِيامةِ في الجنَّة من الثَّوابِ ما لا عينٌ رَأتْ، ولا أُذنٌ سَمعَتْ، ولا خَطَرَ على قلبِ بَشَر».



وأمّا الأعمال الخاصّة المؤقّتة بوقتٍ محدَّدٍ من شهر رجب، فَهي كما يلي بحسب
التَّرتيب الزَّمنيّ:


اللّيلةُ الأُولى
1- الدُّعاء عند رؤية الهلال:
أ- رُويَ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان إذا رأى الهلال: كبَّر ثلاث مرّاتٍ، وهَلَّلَ ثلاثاً (لا إلهَ إلّا اللهُ)، ثمّ قال: «الحمدُ للهِ الذي أَذهبَ شهر كذا [ويذكر الشّهر الماضي] وجاء بِشَهرِ كذا [ويذكر الشّهر الّذي حلَّ]».
ب- ومن المُستحبّات أن يقرأ عند رؤية الهلال فاتحة الكتاب سبع مرّات.
ج- رُويَ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه كان يقول: «أللّهمَّ أَهِلَّه علينا بالأمْنِ والإيمانِ والسّلامةِ والإسلامِ، ربّي وربُّك الله عزَّ وجلَّ». ونفهم من رواياتٍ أُخَر أنّ المخاطَب بالعبارة الأخيرة هو الهلال.
د- ورُويَ أنّه صلّى الله عليه وآله كان إذا رَأى هلالَ شهرِ رجبٍ، قال: «أللّهُمَّ بارِك لنا في رَجَب وشعبان وبلِّغنا شهرَ رمضان، وأَعِنَّا على الصّيامِ والقيامِ، وحفظِ اللّسان، وغضِّ البَصَر، ولا تَجْعل حظَّنا منه [من شهر رمضان] الجُوع والعَطش».


2- إحياؤها بالعبادة. عن أمير المؤمنين عليه السلام: «..ومن أحيا ليلةً من لَيالي رجب، أعتقَه اللهُ من النّار، وَقَبِلَ شفاعتَه في سبعينَ ألفَ رَجُلٍ من المُذنبين..».


3- الاغتسال: ومن المستحبّات في هذه اللّيلة الغُسل، فقد وَرَد عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن أَدْرَك شهر رجب فاغتَسَلَ في أوّله وأوسطه وآخره، خرج من ذنوبه كَيومِ وَلدتْهُ أمُّه».


4- زيارة سيّد الشّهداء الإمام الحسين صلوات الله عليه.


5- الصَّلاة في اللّيلة الأولى: هناك صلاتان لِأوّل ليلةٍ من رجب.


أ- الصَّلاة الأولى: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن صلَّى المغرب أوّل ليلةٍ من رجب، ثمّ يُصلِّي بعدها عشرين ركعة، يقرأُ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و(قل هو الله أحد) مرّة، ويُسلِّم بعد كلّ ركعتَين، حُفِظ والله في نفسِه وأهلِه ومالِه وولدِه، وأُجيرَ من عذابِ القبر، وجَازَ على الصِّراطِ كالبَرْق الخاطف من غيرِ حساب».
ب- صلاة أخرى: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن صلّى ركعتَين في أوّل ليلةٍ من رجب بعد العشاء، يقرأ في أوّل ركعة الحمد، و(ألم نشرح) مرّة، و(قل هو الله أحد) ثلاث مرّات، وفي الرّكعة الثّانية الحمد مرّة، و(ألم نشرح) مرةّ، والمعوِّذتين
[قل أعوذ بربِّ الفلق، وقل أعوذ بربِّ النّاس] كلّ واحدة مرّة، ثمَّ ّيتشهّد ويُسلِّم، وبعدها يقول: «لا إله إلَّا الله» ثلاثين مرّة، و«أللّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّدٍ» ثلاثين مرّة، فإذا صلّى هذه الصَّلاة فإنّه يُغفر له ما سَلَف من ذنوبه، ويَخرج من الخطايا كَيَومِ وَلَدَتْهُ أمُّه». (وهناك صلوات أُخَر تجدها في كتاب الإقبال).
  


6- عن الإمام الجواد عليه السلام: «تدعو في أوّل ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة بهذا الدّعاء: أللّهمّ إنّي أسألك بأنّك مليكٌ، وأنّك على كلِّ شيءٍ مُقتدِر، وأنّك ما تشاءُ من أمرٍ يكون، أللّهمَّ إنّي أتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمّدٍ نبيِّ الرَّحمة صلواتُك عليه وآله، يا محمّدُ يا رسولَ الله، إنِّي أتوجَّهُ إلى الله ربّي وربِّك لِيُنجِحَ بك طلِبَتي، أللّهمّ بِنبيِّك محمّدٍ، وبالأئمّةِ من أهلِ بيته أَنجِح طَلِبتي، ثمّ تَسأل حاجتك».


* ومن أبرز أعمال اللّيلة الأولى، وكلّ ليلة من شهر رجب: لا إله إلَّا الله، ألف مرّة.


اليوم الأوَّل في مثل هذا اليوم من سنة 57 للهجرة كان مولدُ الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام في المدينة المنوّرة، وقيل إنّ مولده الشَّريف كان في الثَّالث من صفر من السّنة نفسها. والدتُه هي السّيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن صلوات الله عليه.


من أبرز أعمال هذا اليوم:
1- الغُسل.
2- زيارة الإمام الحسين عليه السلام. رُوي عن الإمام الصّادق عليه السلام: مَن زار الحسين بن عليّ عليهما السلام في أوّل يومٍ من رجب، غَفَر اللهُ له البتّة». [انظر: مفاتيح الجنان، باب الزّيارات، زيارته عليه السلام في الأوّل من رجب وفي النّصف منه ومن شعبان]
3- الصَّوم: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن صامَ أوّلَ يومٍ من رجب وَجَبَت له الجنّة». وعن الإمام الصَّادق عليه السلام: «مَن صامَ ذلك اليوم [أوّل يوم من رجب] تبَاعدَت عنه النَّارُ مسيرةَ سنة..».
وفي (جواهر الكلام) أنّ «صَوْمَ رجب، كلَّه أو بعضَه أوَّلاً أو آخراً أو وَسَطاً (و) كذا (شعبان) بالضَّرورة من المذهب أو الدِّين..».


4- الصّلاة: يُؤتى في هذا اليوم بِصلاتَين؛ كلتاهما تُعرفان بإسم «صلاة سلمان»:
أ- انظر: «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد تحت عنوان: «صلاة سلمان، رضي الله عنه، في أوّل رجب وأوسطه وآخره». قال المحدّث القمّيّ عن هذه الصّلاة إنّها ذات فوائد جمّة ولا ينبغي التَّغاضي عنها.
ب- صلاة سلمان الثّانية: «قال سلمان: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله: يا سلمان، ألَا أُعلِّمك شيئاً من غرائبِ الكنز، قلت: بلى يا رسول الله، قال: إذا كان أوّل يومٍ من رجب، تصلّي عشر ركعات [كلّ ركعتَين بتسليمة] تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، و(قل هو الله أحد) ثلاث مرّات، غَفَرَ اللهُ لك ذنوبَك كلَّها من اليوم الّذي جَرى عليك القلمُ إلى هذه اللّيلة، ووَقاك اللهُ فتنةَ القبر، وعذابَ يوم القيامة، وصَرفَ عنك الجُذامَ والمرضَ وذات الجَنب».


5- قراءة الدُّعاء الذي رواه السّيّد ابنُ طاووس في (الإقبال) وأوّله: «أللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ، أنتَ اللهُ القديمُ الأزليُّ الملكُ العظيمُ..».


ليلة الرّغائب ليلة الرّغائب هي أوّل ليلة جمعة من شهر رجب، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لا تغفلوا عن أوّل ليلة جمعة منه [شهر رجب]، فإنّها ليلةٌ تسمِّيها الملائكة ليلة الرّغائب..». [انظر: «يزكّيهم من هذا العدد]


اللَّيلة الثّالثة عشرة - اللّيالي البِيض


1- الصَّلاة: رُوي عن الإمام الصَّادق عليه السلام: «أُعطِيت هذه الأمّة ثلاثةَ أشهرٍ لم يُعطَها أحدٌ من الأُمم: رجب، وشعبان، وشهر رمضان، وثلاثَ ليالٍ لم يُعطَ أحدٌ مثلها: ليلة ثلاث عشرة، وليلة أربع عشرة، وليلة خمس عشرة من كلِّ شهرٍ، وأُعطيت هذه الأمّة ثلاث سُوَرٍ لم يُعطَها أحدٌ من الأُمم: (يس)، و(تبارك المُلك)، و(قل هو الله أحد)، فمَن جمع بين هذه الثّلاث، فقد جَمع بين أفضل ما أُعطيت هذه الأمّة.
فقيل: كيف يَجمع بين هذه الثَّلاث؟ فقال عليه السلام: يُصلّي كلَّ ليلةٍ من ليالي البِيض من هذه الثّلاثة الأشهر، في اللّيلة الثّالثة عشرة ركعتَين، يقرأ في كلِّ ركعةٍ فاتحة الكتاب، وهذه الثّلاث سُوَر، وفي اللّيلة الرابعة عشرة أربع ركعات، يقرأ في كلِّ ركعةٍ فاتحة الكتاب، وهذه الثّلاث سُوَر، وفي اللّيلة الخامسة عشرة ستّ ركعات، يقرأ في كلِّ ركعةٍ فاتحة الكتاب، وهذه الثّلاث سُوَر، فيَحُوز فضل هذه الأشهر الثّلاثة، ويُغفَرُ له كلُّ ذنبٍ سوى الشِّرك».


2- الصَّوْم: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال لأمير المؤمنين عليه السلام: «مَن صامَ الأيّامَ البِيض؛ الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر، كَتب اللهُ له بِصَوْم أوّل يومٍ صَوْمَ عشرة آلاف سنة، وبثاني يومٍ صَوْمَ ثلاثين ألف سنة، وبثالثِ يومٍ صَوْمَ مائة ألف سنة، ثمّ قال: هذا لك ولِمَن عمل ذلك».


اليوم الثَّالث عشر هو أوَّلُ الأيّام البِيض، وقد وَرَد للصِّيام في هذا اليوم واليومَين بعدَهُ أجرٌ جزيل، ومَن أرادَ أنْ يدعو بـ «دعاء أمّ داود» الآتي ذِكرُه فليَبدأ بصيام هذا اليوم. وكان في هذا اليوم على المشهور ولادةُ أمير المؤمنين، صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيه، في الكعبة بعدَ ثلاثين سنةٍ من عام الفيل.


ليلة النّصف من رجب * فضيلة ليلة النّصف من رجب: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إذا كان ليلة النّصف من رجب، أمرَ اللهُ خازنَ ديوانِ الخلائق وكَتَبَة أعمالِهم، فيقولُ لهم اللهُ عزَّ وجلَّ: انظُروا في ديوانِ عبادي، وكلَّ سيّئةٍ وجدتْموها فامْحوها وبدِّلوها حسنات».
* من مستحبّات هذه اللّيلة:
1- الغُسل.
2- إحياؤها بالعبادة حتّى الصّباح.
3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
4- صلاة اللّيلة الخامسة عشرة: عن الإمام الصَّادق عليه السلام: «تُصلّي ليلة النّصف من رجب اثنتَي عشرة ركعة، تقرأ في كلّ ركعةٍ الحمد مرّة وسورة، فإذا فرغْتَ من الصّلاة قرأْتَ بعد ذلك الحمد، والمعوّذتين، وسورة الإخلاص [قل هو الله أحد]، وآية الكرسيّ أربع مرّات (سيأتي غير ذلك من رواية أخرى، فلاحظ).
وتقول بعد ذلك: سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكبر، أربع مرّات.
ثمّ تقول: اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشرِكُ به شيئاً، وما شاءَ اللهُ، لا قوّةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيم.
وتقول في ليلة سبع وعشرين مثله
».
وفي روايةٍ أخرى: «تقرأ بعد الاثنتي عشرة ركعة الحمد، والمعوّذتين، وسورة الإخلاص، وسورة الجُحد [قل يا أيّها الكافرون] سبعاً سبعاً. وبعد ذلك تقول:
الحمدُ للهِ الذي لم يتَّخِذ ولداً، ولم يَكنْ له شريكٌ في المُلك، ولم يكن له وليٌّ من الذلِّ، وكبِّره تكبيراً.

ثمّ تقول بعد ذلك: أللّهمَّ إنّي أَسألُك بِعَقْدِ عزِّك على أركانِ عرشِكَ، ومُنتهى رحمتِكَ مِن كتابِكَ، واسمِك الأعظمِ الأعظمِ الأعظمِ، وذكرِكَ الأعلى الأعلى الأعلى، وكلماتِكَ التَّامات كلِّها، أن تُصلّيَ على محمّدٍ وآلِه، وأسألُك ما كان أوْفى بِعهدِك، وأقْضى لِحقِّك، وأرْضى لِنفسك، وخيراً لي في المَعاد عندك والمَعاد إليك، أنْ تعطيَني السّاعةَ السّاعةَ كذا وكذا. وتدعو بعد ذلك بما أَحبَبْت».
وقد أتى على ذكرِ هذه الصّلاة كلٌّ من العلّامة الحلّيّ في (قواعد الأحكام)، والشّيخ كاشف الغطاء و(صاحب الجواهر)، وفيها أنّ السورة التي تُقرَأ بعد الفاتحة هي سورة (يس)، «ولا يبعدُ الاكتفاء بأيّ سورة»، كما في الأخير.
5- الصَّلاة ثلاثون ركعة؛ يقرأ في كلِّ ركعة الفاتحة مرّة والتَّوحيد عشر مرّات. وقد روى السّيّد في (الإقبال) هذه الصَّلاة عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وروى لها فضلاً كَثِيراً.
6- الصَّلاة -ستّ ركعات- الّتي مرَّت عند ذكرِ اللّيلة الثّالثة عشرة.


يومُ النّصف من رجب وهو يومٌ مباركٌ، وفيه -مضافاً إلى الغُسل وزيارة سيّد الشُّهداء عليه السلام- عدّة أعمال:
1- الصَّوم: قال المحقّق البحرانيّ في (الحدائق النّاضرة): «ومنها [الصَّوم المندوب] صومُ يوم النّصف من رجب أيضاً. ويدلُّ عليه ما رواه الشّيخ الطّوسيّ في (المصباح) عن الرَّيّان بن الصَّلت، قال: صام أبو جعفر الثّاني عليه السلام [الإمام الجواد] لمَّا كان ببغداد، صامَ يوم النّصف من رجب ويوم السّابع والعشرين منه، وصامَ معهُ جميعُ حَشْمه..».
2- صَلاتان:
أ- عن الإمام الصَّادق عليه السلام: «دَخَل عديّ بن ثابت الأنصاريّ على أمير المؤمنين عليه السلام في يوم النِّصف من رجبٍ وهو يصلّي، فلمّا سمعَ حسَّه أوْمى بيده إلى خلفِه أن قِفْ.
قال عديّ: فوقفْتُ، فصلّى أربع ركعات لم أرَ أحداً صلّاها قبلَه ولا بعده، فلمّا سَلَّم بَسَطَ يَدَه، وقال:
أللّهُمَّ يا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَيا مُعِزَّ المُؤْمِنِينَ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي المَذاهِبُ، وَأَنْتَ بارِئُ خَلْقِي رَحْمَةً بِي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي، وَلَوْلا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَفْضُوحِينَ، يا مُرْسِلَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَعادِنِها، وَمُنْشِىءَ البَرَكَةِ مِنْ مَوَاضِعها، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالشّمُوخِ وَالرِّفْعَةِ، فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزُونَ، وَيا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ المُلُوكُ نِيرَ المَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ، أَسْأَلُكَ بِكَيْنُونِيَّتِك الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ كِبْرِيائِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِكِبْرِيائِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ عِزَّتِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي اسْتَوَيْتَ بِها عَلى عَرْشِكَ، فَخَلَقْتَ بِها جَمِيعَ خَلْقِكَ فَهُمْ لَكَ مُذْعِنُونَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ.
قال: ثمّ تكلّم بشيءٍ خَفِيَ عنّي، ثمّ التَفتَ إليّ، فقال: يا عديّ أَسمِعت؟ قلت: نعم، قال: أَحَفظت؟ قلت: نعم، قال: ويحَك احفَظْهُ واعرِبْهُ، فَوَالّذي فلقَ الحبّة، ونصبَ الكعبة، وبرَأَ النّسَمَة، ما هو عند أحدٍ من أهل الأرض، ولا دعا به مكروبٌ إلّا نفّسَ اللهُ كُربتَه
».
ب- صلاة عشر ركعات في نصف رجب من «صلاة سلمان الفارسيّ» الّتي تقدَّم ذكرُها في اليوم الأوَّل، وتجدها في باب «كتاباً موقوتا» من هذا العدد.


3- عمل «أمّ داود»، وَصِفَته هكذا:
عمل «أمّ داود»، ودعاء الاستفتاح هو أهمُّ أعمال هذا اليوم، ومن آثارِهِ قضاءُ الحوائج وكَشْفُ الكروبِ ودَفْعُ ظُلم الظَّالمين. ذَكَرَهُ الفقهاء في مجاميعِهم، كما في (صراط النّجاة) للشّيخ الأنصاريّ، و(كشف الغطاء) للشّيخ كاشف الغطاء وغيرهما، ومن المتأخِّرين ذَكَرَهُ السّيّد محسن الأمين في (أعيان الشّيعة) عند ترجمته لـ «أمّ داود» وابنها «داود بن الحسن بن الحسن المثنّى»، مشيراً إلى أنّه جدّ السّادة بني طاوس الحسنيّين، ومنهم السّيّد ابن طاوس، (صاحب الإقبال).
قال السّيّد الأمين مُتحدّثاً عن حبيبة البربريّة المُكَنّاة بـ «أمّ داود»: «..وأقوى دليلٍ على صلاحِها، ائتمانُ الصَّادق عليه السلام لها على الدُّعاء الَّذي في العمل المذكور..».
وخبرُ هذا العمل، أنّ داود الحسنيّ كان محبوساً عند المنصور الدّوانيقيّ، فطالت غيبتُه وانقَطَع خبرُه، فَشَكَت أمُّه ذلك إلى الإمام الصَّادق عليه السلام، فقال لها صلوات الله عليه:
«وأينَ أنتِ عن دعاء الاستفتاح، وهو الدُّعاء الذي تُفتَح له أبواب السّماء ويَلقى صاحبُه الإجابةَ من ساعتِه، وليس لِصاحبِه عند الله تعالى جزاءٌ إلَّا الجنّة».
قالت أمّ داود: كيف ذلك يا ابنَ الصّادقين؟
قال الإمام الصّادق عليه السلام: «يا أمَّ داود، قد دنا الشّهرُ الحرامُ العظيمُ شهرُ رجب، وهو شهرٌ مسموعٌ فيه الدّعاء، شهرُ اللهِ الأصمّ، فصُومي الثّلاثةَ، الأيّامَ البِيض، وهو يوم الثّالث عشر والرّابع عشر، والخامس عشر، واغتسلي في يوم الخامس عشر وقتَ الزّوال، وصلِّي الزّوال ثماني ركعات [نافلة الظّهر]. وفي إحدى الرّوايات: تُحسِني قنوتَهنّ وركوعَهُنّ وسجودَهنّ.
ثمّ صلِّي الظّهر، وتركعين بعد الظّهر، وتقولين بعد الرّكعتَين: يا قاضيَ حوائجِ السّائلين، مائة مرّة، ثمّ تُصلّين بعد ذلك ثماني ركعات. وفي رواية أخرى: تقرئين في كلّ ركعة، يعني من نوافل العصر، بعد الفاتحة ثلاث مرّات قل هو الله أحد، وسورة الكوثر مرّة.
ثمَّ صلِّي العصر. وَلْتَكُن صلاتُك في ثوبٍ نظيفٍ، واجتهدي أن لا يدخلَ عليك أحدٌ يُكلِّمك
.

وفي رواية: وإذا فرغتَ من العصر فالبِسي أطهرَ ثيابك، واجلسي في بيتٍ نظيفٍ على حصيرٍ نظيف، واجتهدي أن لا يَدخل عليكِ أحدٌ يَشغلك. ثمّ استقبلي القبلة واقرئي الحمد مائة مرّة، و(قل هو الله أحد) مائة مرّة، وآية الكرسيّ عشر مرّات، ثمّ اقرئي سورة الأنعام وبني إسرائيل (الإسراء)، وسورة الكهف ولقمان ويس والصّافات، وحم السّجدة وحم عسق (الشُّورى) وحم الدّخان، والفتح والواقعة وسورة المُلك و(ن) والقلم، و(إذا السّماء انشقّت) وما بعدها إلى آخر القرآن، وإن لم تُحسني ذلك ولم تُحسني قراءَته من المصحف، كرَّرتِ (قل هو الله أحد) ألفَ مرة. فإذا فرغتِ من ذلك وأنت مستقبلة القبلة، فقولي:


بسم اللهِ الرّحمن الرّحيم، صَدَقَ اللهُ العَظِيمُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ذُو الجَلالِ وَالاِكْرامِ، الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ البَصِيرُ الخَبِيرُ..»، إلى آخر الدُّعاء وهو طويل، وتَجده في (مفاتيح الجنان)، وغيره من كُتُب الأدعية.
تتابع الرِّواية كلامَ الإمام الصادق عليه السلام، حول ما يُعمَل بعد الدّعاء:
«ثمّ اسجدي على الأرض وعفِّري خدَّيكِ، وقولي: أللَّهمَّ لك سجدتُ وبك آمنتُ، فارحم ذُلّي وفاقتي واجتهادي وتضرُّعي ومَسْكَنتي وفقري إليك يا ربّ. واجتهدي أن تسحَّ عيناكِ ولو بقدر رأسِ الذّبابة دموعاً، فإنّ ذلك علامة الإجابة».
ولا يَنحصر وقتُ عمل الاستفتاح بمنتصف رجب، وإن كان ذلك موسمُه الأساس، الّذي وَرَد فيه.
تقول أمّ داود: سألتُ الإمام الصادق عليه السلام: يا سيّدي، أيُدعى بهذا الدّعاء في غير رجب؟ قال: «نعم، يوم عرفة، وإنْ وافقَ ذلك يومَ الجمعة لم يفرغ صاحبُه منه حتّى يَغفر اللهُ له، وفي كلِّ شهرٍ إذا أراد ذلك صام الأيّام البيض، ودعا به في آخرها كما وَصَفْتُ».
وفي روايةٍ أخرى أنّه عليه السلام قال: «نعم في يوم عرفة، وفي كلّ يومٍ دعا، فإنّ الله يُجيب إن شاء الله تعالى».
ملاحظة: قال السّيّد ابن طاوس: «قال شيخُنا المفيد: إذا لم تُحسن قراءة السُّوَر المخصوصة في يوم النّصف من رجب، أو لم تُطق قراءة ذلك، فَلْتقرأ الحمد مائة مرّة، وآية الكرسيّ عشر مرّات، ثمّ تقرأ الإخلاص ألف مرّة».
أضاف السّيّد: «وأقول: ورأيتُ في بعض الرّوايات، ويحتمل أن يكون ذلك لأهل الضّرورات أو مَن يكون على حالِ سفرٍ أو في شيءٍ من المهمّات، فيُجزيه قراءة قل هو الله أحد، مائة مرّة».



اللّيلة السَّابعة والعشرون - ليلة المبعث
1- الصّلاة المرويّة عن الإمام الجواد، قال عليه السلام: «في رجب ليلةٌ هي خيرٌ للنّاس ممّا طَلعَت عليه الشّمس، وهي ليلةُ سبع وعشرين منه، بُعث النّبيّ في صبيحتِها، وإنّ للعاملِ فيها -أصلَحَك الله- من شيعتِنا مثل أجر عمل ستّين سنة.
قِيل: وما العمل فيها؟ قال: إذ صلّيتَ العشاء الآخرة، وأخذْتَ مضجعك، ثمّ استيقَظْتَ أيّ ساعةٍ من ساعات اللّيل كانت قبلَ زوالِه أو بعدَه، صلّيتَ اثنتَي عشرة ركعة، باثنتَي عشرة سورةً من خفاف المفصّل من بعد (يس) إلى (الجُحد [قل يا أيّها الكافرون])، فإذا فرغْتَ من كلّ شفعٍ جلسْتَ بعد التّسليم، وقرأْتَ الحمد سبعاً، والمعوّذتين سبعاً، و(قل هو الله أحد) سبعاً، و(قل يا أيّها الكافرون) سبعاً، و(إنّا أنزلناه) سبعاً، وآية الكرسيّ سبعاً، وقلتَ بعد ذلك من الدُّعاء:
الحمدُ للهِ الذي لَم يَتّخِذ صاحِبةً ولا وَلَداً، ولم يكن له شريكٌ في المُلك، ولم يكن له وليٌّ من الذُّلِّ وكبِّره تكبيراً. أللّهمّ إنّي أسألُك بمعاقِد عزِّكَ على أركانِ عرشِك، ومُنتَهى الرّحمة من كتابِك، وباسمِك الأعظَمِ الأعظَمِ الأعظَمِ، وذِكرِكَ الأعلى الأعلى الأعلى، وبكلماتك التّامّات، أن تصلِّيَ على محمّدٍ وآله، وأن تفعل بي ما أنت أهلُه. وادعُ بما أَحببت، فإنّك لا تدعو بشيءٍ إلّا أُجبت، ما لم تدعُ بمأَثَم، أو قَطيعةِ رحِم، أو هلاكِ قومٍ مؤمنين..».


2- يُستحبُّ الغسل في هذه اللّيلة أيضاً، وقد مرّت عند ذكر ليلة النّصف من رجب صلاة من اثنتَي عشرة ركعة، تُصلّى أيضاً في هذه اللّيلة.


3- زيارة أمير المؤمنين عليه السلام: وهي أفضلُ أعمال هذه اللّيلة، وله عليه السلام


فيها زياراتٌ ثلاث:


 الأولى: الزّيارة الرّجبيّة، وأوّلها: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ..». [انظر: «لولا دعاؤكم» من هذا العدد]


الثّانية: زيارة: «السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ وَمَعْدِنِ النُّبُوَّةِ..».


الثّالثة: الزّيارة التي أوْرَدَها الشّيخ المفيد، والسّيّد ابن طاوس والشّهيد الأوّل، بكيفيّةٍ خاصّة [انظر: مفاتيح الجنان، زيارة ليلة المبعث ويومه، تحت عنوان زيارات الأمير عليه السلام المخصوصة]


4- قراءة الدُّعاء الذي رواه السّيّد في (الإقبال) والشّيخ الكفعميّ في (البلد الأمين)، وأوّله:
«أللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالتَّجَلِّي الأَعْظَمِ فِي هذِهِ اللَيْلَةِ مِنَ الشَّهْرِ المُعَظَّمِ وَالمُرْسَلِ المُكَرَّمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَغْفِرْ لَنا ما أَنْتَ بِهِ مِنَّا أَعْلَمُ يا مَنْ يَعْلَمُ وَلا نَعْلَمُ ..»، ويُقرأ هذا الدَّعاء في يوم المبعث الشّريف أيضاً.


اليوم السّابع والعشرون - يوم المبعث اليوم السّابع والعشرون عيدٌ من الأعياد العظيمة، وفيه كانت بعثةُ النّبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، وهبوط جبرئيل عليه صلّى الله عليه وآله بالرِّسالة، ومن الأعمال الواردة فيه:
1- الغُسل.
2- الصِّيام، وهذا اليوم أحدُ الأيّام الأَربعة الّتي خُصَّت بالصِّيام من بين أيّام السَّنة، ويعدلُ صومُه صيامَ سبعين سنة.
3- الإكثار من الصَّلاة على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ.
4- زيارة النّبيّ وزيارة أمير المؤمنين عليهما وآلهما السّلام.
5- الصَّلاة المرويّة في (الكافي) عن الإمام الصَّادق عليه السلام، حيث قال: «يوْمُ سَبْعَةٍ وعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ نُبِّئَ فِيه رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله، مَنْ صَلَّى فِيه أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وسُورَةٍ مَا تَيَسَّرَ، فَإِذَا فَرَغَ وسَلَّمَ جَلَسَ مَكَانَه ثُمَّ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، والْمُعَوّذَاتِ الثَّلَاثَ [المعوّذتَين والتّوحيد] كُلَّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا فَرَغَ وهُوَ فِي مَكَانِه قَالَ:
لَا إِلَه إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ، والْحَمْدُ للهِ وسُبْحَانَ الله، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله،
(أَرْبَعَ مَرَّاتٍ)، ثُمَّ يَقُولُ: اللهُ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِه شَيْئاً، (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ)، ثُمَّ يَدْعُو، فَلَا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَه فِي كُلِّ حَاجَةٍ، إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ فِي جَائِحَةِ [الجَوح: الهلاك والاستئصال] قَوْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِم».
وفي روايةٍ أخرى أنّ الإمام الجواد عليه السلام، صامَ يوم المَبعث وصامَ معه حَشْمُه، ثمّ أمَرَهُم بأداء هذه الصَّلاة.
6- صلاة اثنتَي عشرة ركعة قبل الزّوال، تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السُّوَر، وتقول بين كلِّ ركعتين:
«الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. يا عُدَّتِي فِي مُدَّتِي، يا صاحِبي فِي شِدَّتِي، يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي، يا غِياثِي فِي رَغْبَتِي، يا نَجاحِي فِي حاجَتِي، يا حافِظِي فِي غَيْبَتِي، يا كافِئي (كالئي) فِي وَحْدَتِي، يا أُنْسِي فِي وَحْشَتِي، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي فَلَكَ الحَمْدُ، وَأَنْتَ المُقِيلُ عَثَرتِي فَلَكَ الحَمْدُ، وَأَنْتَ المُنْعِشُ صَرْعَتِي فَلَكَ الحَمْدُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتُرْ عَوْرَتِي، وَآمِنْ رَوْعَتِي، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمِي، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي فِي أَصْحابِ الجَنَّةِ، وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ».
فإذا فَرغتَ من الصّلاة والدّعاء قرأتَ الحمد، و(قل هو الله أحد)، و(قل يا أيّها الكافرون)، والمعوّذتين، و(إنّا أنزلناه في ليلة القدر)، وآية الكرسيّ، سبعاً سبعاً، ثمّ تقول: «لا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكبرُ، وسبحانَ اللهِ ولا حَولَ ولا قوّة إلّا بالله» سبع مرّات، وتقول: «اللهُ اللهُ ربّي لا أُشركُ به شيئاً» سبع مرّات، ثمّ ادعُ بما أحبَبْتَ.
7- قراءة الدًّعاء الذي أوّله: «يا مَنْ أَمَرَ بِالعَفْوِ وَالتَّجاوُزِ، وَضَمَّنَ نَفْسَهُ العَفْوَ وَالتَّجاوُزَ، يا مَنْ عَفا وَتَجاوَزَ، اعْفُ عَنِّي وَتَجاوَزْ يا كَرِيمُ..»، وهو دعاء الإمام الكاظم صلوات الله عليه، دَعا به يومَ انطَلَق به جلاوزةُ العباسيّين من المدينة المنوّرة إلى بغداد، وهو أيضاً من مَذْخور أدعية شهر رجب، كما يؤكِّد المحدِّث القمّيّ في (مفاتيح الجنان).
ا

ليوم الأخير من الشَّهر وَرَد فيه الغُسل، وصيامُه يوجبُ غفرانَ الذُّنوب، ما تقدّمَ منها وما تأخَّر، كما في الرّواية عن الإمام الرِّضا عليه السلام، ويصلّي فيه الرّكعات العشر الأخيرة من صلاة سلمان الّتي مرَّت في اليوم الأوّل.

اخبار مرتبطة

نفحات