الملف

الملف

28/05/2014

من أدعية الأئمّة، للإمام المهديّ صلوات الله عليه

من أدعية الأئمّة، للإمام المهديّ صلوات الله عليه

أَدْعِيَةُ الصّادِق، وَالكاظِم، والرِّضا عليهم السّلام

--- رواية السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه ---

يكشفُ التّدقيقُ في نُصوصِ المَعصومين، عليهم السّلام، حولَ الإمام المهديّ المنتظَر، عليه السّلام، عن بناءِ مَنْظومةِ التّوحيد في المَسارِ العمليّ على وجهِ الأرض على أساسِ إظهارِ الدِّين على الدّين كُلِّه، ولا يتحقّقُ ذلك إلّا على يَدِ «وَعْدِ اللهِ الّذِي ضَمِنَه»، الطّالبِ بثَارِ ثارِ اللهِ تعالى، بقيّةِ الله تَعالى في الأرَضين.

كما يكشفُ التّدقيقُ عظيمَ مَنزلةِ الإمام المَهديّ المُنتظَر عجّل الله تعالى فرجه الشّريف عندَ المعصومين أنفُسِهم ومَدى حبِّهم له، وتَشَوُّقِهم إليه قبلَ ولادتِه، بل وفَرْط اللّهفةِ والحنين.

ما يلي ثلاثة أدعية للأئمّة: الصّادق، والكاظم، والرّضا، عليهم السّلام، في الحَنين إلى المهديِّ المُنتظَر عليهم جميعاً صلواتُ الله تعالى.

 

قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:

«قدّمنا في جملةِ عملِ اليوم واللّيلة من اهتمامِ أهلِ القُدوة بالدّعاء للمهديّ صلواتُ الله عليه في ما مضى من الأزمان، ما يُنبِّهُ على أنّ الدّعاءَ له من مُهمّات أهل الإسلام والإيمان، حتّى رَوَيْنا في تعقيبِ الظّهر من عملِ اليوم واللّيلة دعاءَ الصّادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه، قد دعا به للمَهديّ عليه السّلام، أبلغَ من الدّعاء لنفسه سلامُ الله عليه، وقد ذكَرنا في ما رويناه في تعقيبِ صلاة العصر من عملِ اليوم واللّيلة أيضاً، فصلاً جميلاً قد دعا به الكاظمُ موسى بنُ جعفر للمهديّ عليهم السّلام، أبلغَ من الدّعاء لنفسِه صلواتُ الله عليهما، وفي الاقتداء بالصّادقِ والكاظمِ عليهما السّلام عذرٌ لمَن عرفَ محلَّهما في الإسلام.

وسنذكرُ أيضاً أمْرَ الرّضا عليّ بن موسى، صلوات الله عليهما، وأمْرَ غيره بالدّعاء للمهديّ صلوات الله عليه، ودعاءً كان يدعو به، صلوات الله عليه.

( 1 )

الدّعاءُ المَرْوِيُّ عَنِ الإِمامِ الصّادِقِ عليه السّلام

* قال السّيّد ابن طاوس في (فلاح السّائل: ص 171):

ومن المُهمّات عقيبَ صلاة الظّهر، الاقتداءُ بالصّادق عليه السّلام في الدّعاءِ للمهديّ عليه السّلام، الذي بشّرَ به مُحمّدٌ رسولُ الله، صلّى الله عليه وآله، أُمَّتَهُ في صحيحِ الرّوايات، ووَعدَهم أنّه يظهرُ في آخرِ الأوقات، كما رواه ".." عن عبّاد بن محمّد المداينيّ، قال:

«دخلتُ على أبي عبد الله [الصّادق] عليه السّلام بالمَدينةِ حين فرغَ من مكتوبةِ الظُّهر، وقد رفعَ يدَيه إلى السّماء، ويقول:

أيْ سامِعَ كلِّ صَوْت، أيْ جَامِعَ كُلِّ فَوْت، أيْ بارِئَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ المَوْتِ، أيْ باعِثُ، أَيْ وَارِثُ، أيْ سَيِّدَ السَّادةِ، أيْ إلَهَ الآلِهَةِ، أيْ جَبَّارَ الجَبَابِرَةِ، أيْ مَلِكَ الدُّنْيا والآخِرَةِ، أيْ رَبَّ الأرْبَابِ، أيْ مَلِكَ المُلوكِ، أيْ بَطَّاشُ، أيْ ذا البَطْشِ الشَّدِيدِ، أيْ فَعّالاً لِمَا يُريدُ، أيْ مُحْصِيَ عَدَدِ الأَنْفاسِ وَنَقْلِ الأقْدامِ، أيْ مَنِ السِّرُّ عِنْدَهُ عَلانِيَة، أيْ مُبدِي، أيْ مُعيدُ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى خِيَرَتِكَ مِن خَلْقِكَ، وَبِحَقِّهِم الّذي أَوْجَبْتَ لَهُم على نَفْسِكَ، أنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ وأنْ تَمُنَّ عليَّ، السّاعَةَ، بِفَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ وابْنِ نَبِيِّكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ، وَأَمِينِكَ فِي خَلْقِكَ وَعَيْنِكَ فِي عِبادِكَ وَحُجَّتِكَ على خَلْقِكَ، عَليهِ صَلواتُكَ وَبَرَكاتُكُ، وَعْدَهُ. أللَّهُمَّ أيِّدْهُ بِنَصْرِكَ وانْصُرْ عَبْدَكَ وَقَوِّ أصْحابَهُ وَصَبِّرْهُم وافْتَحْ لَهُم مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وأَمْكِنْهُ مِنْ أعدائِكَ وأَعْداءِ رَسُولِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

قلتُ: أليسَ قد دعوتَ لنَفسِكَ، جُعِلتُ فِدَاكَ؟

 قال: دَعَوْتُ لِنُورِ آلِ مُحَمَّدٍ، وسائِقِهِمْ (سابقِهم)، والمُنتَقِمِ بِأَمْرِ اللهِ مِنْ أَعْدائِهِمْ.

 قلت: مَتى يكونُ خروجُه، جعلَني اللهُ فِداك؟

قال: إِذا شاءَ مَنْ لَه الخَلْقُ والأَمْرُ.

 قلت: فلَه علامةٌ قبلَ ذلك؟

 قال: نَعَمْ، عَلاماتٌ شَتّى.

 قلت: مثل ماذا؟

 قال: خُروجُ رايَةٍ مِنَ المَشْرِقِ، وَرايَةٍ مِنَ المَغْرِبِ، وَفِتْنَةٌ تُظِلُّ (تُضِلُّ) أَهْلَ الزَّوْراءِ، وَخُروجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ عَمّي زَيْدٍ بِاليَمَنِ، وَانْتِهابُ سِتارَةِ البَيْتِ.

 

* توضيح: أَوْرَدَ الشّيخُ الطّوسيّ في (مصباح المُتهجّد)، والكفعميّ في (المصباح) هذا الدّعاء كتَعقيبٍ لصلاة الظّهر، ولم يَنسباه إلى الإمام الصّادق، عليه السّلام، وذَكرا بدل «أي»، في جميع الموارد: «يا».

 

( 2 )

الدُّعاءُ المَرْوِيُّ عَن الإمام الكاظِم عليه السّلام

 قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:

ومن المُهمّات بعد صلاة العصر، الاقتداءُ بمولانا موسى بن جعفر الكاظم، عليه السّلام، في الدّعاء لمولانا المهديّ، صلواتُ الله وسلامُه وبَركاتُه على محمّدٍ جدِّه، وبلّغَ ذلك إليه، كما رواه محمّد بن بشير الأزْدِيّ، قال: حدّثنا أحمد بن عمر بن موسى الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور القمّيّ، عن أبيه محمّد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النّوفليّ، قال:

دخلتُ على أبى الحسن موسى بن جعفر، عليه السّلام، بِبَغداد، حين فرغَ من صلاة العصر، فرفع يدَيه إلى السّماء، وسمعتُه يقول:

«أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، الأوّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ، وأَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، إليكَ زِيادَةُ الأشْياءِ ونُقْصَانُها، وأَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَ الخَلْقَ بِغَيْرِ مَعُونَةٍ مِنْ غَيْرِكَ، وَلَا حَاجةٍ إلَيْهم.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، مِنْكَ المَشِيَّةُ وإلَيْكَ البَدْءُ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ قَبْلَ القَبْلِ وخَالقُ القَبْلِ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ بَعْدَ البَعْدِ، وخَالِقُ البَعْدِ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ تَمْحُو مَا تَشاءُ وتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أمُّ الكِتابِ.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ غايةُ كلِّ شيءٍ وَوارِثُه. أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ لا يَعْزُبُ عنك الدَّقيقُ ولا الجَليلُ.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ لا يَخْفَى عَلَيْكَ اللُّغاتُ، ولا تَتَشابَهُ عَلَيْكَ الأصْواتُ. كلَّ يَوْمٍ أَنْتَ فِي شَأنٍ. لا يَشْغَلُكَ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ. عَالِمُ الغَيْبِ وأَخْفَى. دَيّانُ الدِّينِ، مُدَبِّرُ الأمُورِ، بَاعِثُ مَن في القُبورِ، مُحْيِي العِظامَ وهيَ رَمِيم.

أسألُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخْزُونِ الحَيِّ القَيُّومِ، الَّذِي لا يَخِيبُ مَنْ سَأَلَكَ بِهِ، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ المُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ، وأَنْجِزْ لَهُ مَا وَعَدْتَهُ يَا ذَا الجَلالِ والإكْرامِ».

* قال [الرّاوي]: قلتُ: مَنِ المَدْعُوُّ لَه؟

قال: [الإمام الكاظم عليه السّلام]: ذَلِكَ المَهدِيُّ من آلِ مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ عليه وآله. [ثمّ] قال: بِأَبي، (المُنتدَحُ) البَطنِ، المَقْرونُ الحَاجِبَيْنِ، أَحْمَشُ السَّاقَين، بَعيدُ ما بَيْنَ المَنكِبَيْن، أَسْمَرُ اللّونِ يَعتادُه (يَعتَوِرُه) مَعَ سُمرَتِه صُفْرَةٌ من سَهَرِ اللّيل. بأبي، مَن لَيلُهُ يَرعَى النّجومَ سَاجِداً ورَاكِعاً. بِأَبي، مَنْ لا يَأْخُذُهُ في اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، مِصْباحُ الدُّجى، بِأَبي، القائِمُ بِأَمْرِ اللهِ.

قلت: مَتى خروجُه؟

قال: إِذا رَأَيْتَ العَساكِرَ بِالأَنْبارِ على شَاطِئِ الفُراتِ وَالصَّراةِ وَدِجْلَةَ، وهَدْمَ قَنْطَرةِ الكوفَة، وَإِحْراقَ بَعْضِ بُيوتاتِ الكوفَة، فَإِذا رَأَيْتَ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، لا غالِبَ لِأَمْرِ الله، وَلا مُعَقِّبَ لحُكْمِه.

(السّيّد ابن طاوس، فلاح السّائل: ص 200)

توضيحات

1- المُنتَدَح البَطن: وقعَ تصحيفٌ متعدّدٌ في لفظ المنتَدَح، والرّاجح أنّه كما أُثبتَ هنا. وفي (البحار: 83/82):

«(والمنتدح) المتّسع»، و(في لسان العرب: 2/434): «المُنْتَدَح أَيضاً: الأَرضُ الواسعة، ومنه قولُهم: لي عَن هذا الأَمرِ مَنْدوحة ومُنْتَدَحٌ أَي سَعَة».

* ولا ينحصر معنى «البَطن» بالمتبادر، وهو بَطنُ الإنسان، بل يُستَعمل بمعنى الباطن، كما في الحديث: «إنّ القُرآنَ لَه ظَهْرٌ وبَطْنٌ». ولا يكفي سياقُ الرّواية هنا لتَعيينِ أنّ المُرادَ هو هذا المعنى المُتعارَف من «البطن»، لأنّ مَعنى «المُتَّسِع البَطن» يُذكِّر بمَعنى «البَطين الأنْزَع» في وصفِ جَدِّه أميرِ المؤمنين، عليه السّلام، وهو البَطينُ بلا بِطْنَة، والبَطينُ من العِلم. عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يَا عَلِيُّ، إنّ اللهَ تَعالى قَد غَفَرَ لكَ، ولأَهلِكَ، ولِشيعَتِكَ، ومُحِبِّي شِيعتِكَ، ومُحِبّي مُحِبّي شِيعَتِك، فَأَبْشِر فإنّكَ الأنزَعُ البَطينُ، مَنْزُوعٌ من الشِّرْكِ، بَطينٌ من العِلْمِ». (الشّيخ الصّدوق، عيون أخبار الرّضا عليه السّلام: ج 2، ص 52)

* وفي (مصباح الكفعميّ: ص 135)، في دعاء السّاعة الثّانية من أدعية النّهار: «وأتَوسَّلُ إليكَ بالأَنْزَعِ البطينِ عِلماً، وبالإمامِ الزَّكيِّ الحَسَنِ المَقتولِ سمّاً، فَقدِ استَشفعتُ بِهم إليكَ، وقَدّمتُهم أَمامي، وبينَ يدَي حَوائجِي، فأَسألُكَ أن تزيدَني من لَدُنْكَ عِلْماً، وَتَهَبَ لي حُكماً».

2- «الصَّراة» بفتح الصّاد. في (لسان العرب): «كلُّ ماءٍ مُجْتَمِعٍ صَرىً ، ومنه الصَّراة ".." والصَّراة : نهرٌ معروف، وقِيل: هو نَهرٌ بالعراق، وهي العُظمى والصُّغرى». ويَظهرُ من المصادر أنّ «الصَّراة» قناةٌ عريضةٌ، كالنَّهر، تربطُ بين الفرات ودِجلَة، تبدأُ عند «المحوّل» على فرسَخٍ من بغداد. قال الحَمْوِيّ في (مُعجم البلدان): «الصَّراة: بالفَتح، قال الفَرّاء: يُقال هو الصّرى، والصّرى للماءِ يطولُ استنقاعُه، وقال أبو عمرو: إذا طال مَكْثُه وتَغيّر، وقد صَرِيَ الماءُ، بالكَسر، وهذه نطفةٌ صَراة، وهما نَهرانِ ببَغداد: الصّراةُ الكُبرى والصّراةُ الصُّغرى، ولا أعرفُ أنا إلّا واحدة، وهو نَهرٌ يأخذُ من نهر عيسى من عند بلدةٍ يُقال لها المُحَوَّل، بينها وبين بغداد فرسَخ، ويَسقي ضياعَ بادوريا، ويتفرّعُ منه أنهارٌ إلى أن يصلَ إلى بغدادَ فيمرّ بقنطرةِ العبّاس، ثمّ قنطرة الصّبيبات، ثمّ قنطرة رَحا البطريق، ثمّ القنطرة العَتيقة، ثمّ القَنطرة الجديدة، ويصبّ في دجلة، ولم يبقَ عليه الآن إلّا القنطرة العَتيقة والجَديدة».

* وعليه فيبدو أنّ المعنى المُراد في الرّواية هو نزولُ العساكر بالأنبار، وعلى شَواطئ مَجاري الماء في العراق، وهي دجلة والفرات، والتّحويلة التي تربطُ بينَهما، وهي الصَّراة.

3- الأنبار: فارسيّة معناها «المَخزن». قال البلاذريّ في (فتوح البلدان: ص 301): «وإنّما سُمّيتِ الأنبار لأنّ أهراءَ العجَم [أي مخازنهم] كانت بها. وكان أصحابُ النّعمان وصنائعه يُعْطون أرزاقهم منها.

 

( 3 )

الدّعاءُ لِصاحبِ الأَمْرِ المَرْوِيُّ عَنِ الرِّضا عليهما أفضلُ السّلام

أوردَ السّيدُ ابن طاوس لهذا الدّعاء رِوايَتَيْن، وهذه الواردة هنا هي الثّانية، وَلْيُلاحَظ أنّ الشّيخ الطّوسيّ قد أوردَ في (المصباح) غيرَ هذه الرّواية.

قال السّيّد ابنُ طاوس عليه الرّحمة:

عن مولانا أبي الحسن عليِّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام، أنّه كانَ يأمرُ بالدّعاء للحجّة صاحب الزّمان عليه السّلام، فكانَ من دُعائه له صلواتُ الله عليهما:

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ محَمَّدٍ، وادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَلِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإذنِكَ، النّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ وَعَيْنِكَ النّاظِرَةِ في بَرِيَّتِكَ، وَشاهِدِاً عَلى عِبادِكَ، الْجَحْجاحِ (الكريم، المعظَّم) المجاهِدِ المُجْتَهِد، عَبْدِكَ الْعائِذِ بِكَ.

أللَّهُمَّ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسوُلَكَ ووَصِيَّ رَسوُلِكَ، وَآباءَهُ، أئِمَّتَكَ وَدَعائِمَ دينِكَ، صلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِين، وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ الَّتي لا تَضيعُ، وَفي جَوارِكَ الَّذي لا يُخْفَرُ، وَفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذي لا يُقْهَرُ.

أللَّهُمَّ وَآمِنْهُ بِأمانِكَ الْوَثيقِ الَّذي لا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ الَّذي لا يُضامُ مَنْ كانَ فيهِ، وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، وَأيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأرْدِفْهُ بِملائِكَتِكَ.

أللَّهُمَّ وَالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَألْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ حَفّاً.

أللَّهُمَّ وبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما بلَّغْتَ القائِلينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْباعِ النَّبِيّين. أللَّهُمَّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الأرْضَ، وَأيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وافْتَحْ لهُ فتحاً يَسيراً، واجْعَلْ لهُ مِنْ لَدُنْكَ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ سُلْطاناً نَصيراً. أللَّهُمَّ اجْعَلْهُ القائِمَ المُنْتَظَر، والإمامَ الّذي به تَنتَصِر، وأيِّدهُ بِنَصْرٍ عَزيزٍ وَفَتْحٍ قَريبٍ، وَوَرِّثْهُ مَشارِقَ الأرضِ ومغارِبَها اللّاتي باركْتَ فيها، وأحيِ بِهِ سُنَّةَ نبيِّكَ، صلواتُكَ عليه وآله، حتّى لا يَسْتَخْفِيَ بشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ، وَقَوِّ ناصِرَهُ، وَاخْذُلْ خاذِلَهُ، وَدَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ على مَنْ غَشَّهُ.

أللَّهُمَّ وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ وَعُمُدَهُ وَدَعائِمَهُ والقُوَّامَ به، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ وَشارِعَةَ الْبِدَعَةِ، وَمُميتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَأذْلِلْ بِهِ الْجَبّارينَ، وَأَبْرِ بِهِ الكافرينَ والمُنافقينَ وَجميعَ الْمُلْحِدينَ حيثُ كانوا وأينَ كانوا مِنْ مَشارِقِ الأرْضِ وَمَغارِبِها وَبَرِّها وَبَحْرِها وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتّى لا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيّاراً وَلا تُبْقِىَ لَهُمْ آثاراً.

أللّـهُمَّ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنينَ وَأحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلينَ وَدارِسَ حُكْمِ النَّبِيّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دينِكَ وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتّى تُعيدَ دينَكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً صَحيحاً مَحْضاً لا عِوَجَ فيهِ وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتّى تُنيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ، وَتُطْفِئَ بِهِ نيرانَ الْكُفْرِ، وَتُظهِرَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ، وتوضِحَ به مُشْكلاتِ الحُكمِ.

أللّـهُمَّ وإنَّهُ عَبْدُكَ الَّذي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ من خَلقِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ على عِبادِكَ، وائتمَنْتَهُ على غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأتَهُ مِنَ الْعُيوُبِ، وَطَهَّرْتَهُ (مِنَ الرِّجْسِ) وَصَرَفْتَهُ عَنِ الدَّنَسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِن الرَّيبِ.

أللَّهُمَّ فَإنّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَة،ِ وَيَوْمَ حُلُولِ الطّامَّةِ، أنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ولم يَأْتِ حُوباً [إثْمَاً]، وَلَمْ يَرْتَكِبْ لَكَ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَريضَةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَريعَةً، وَأنَّهُ الإمامُ التّقيُّ الْهادي، المَهديُّ الطّاهِرُ، النَّقِيُّ الوَفِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.

أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ، وَأعْطِهِ في نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ وَجَميعِ رَعِيَّتِهِ ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتُسِرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمَمْلَكاتِ كُلِّها، قَريبِها وَبَعيدِها وَعَزيزِها وَذَليلِها، حَتّى يجْرِيَ حُكْمُهُ عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَيَغْلِبَ بِحَقِّهِ على كُلِّ باطِلٍ.

أللَّهُمَّ واسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى وَالمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطَى الَّتى يَرْجِعُ إلَيْهَا الْغالي، وَيَلْحَقُ بِهَا التّالي.

أللَّهُمَّ وَقَوِّنا عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ الْقَوّامينَ بِأمْرِهِ الصّابِرينَ مَعَهُ، الطّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أنْصارِهِ وَأعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ. أللّهُمّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ مِنّا لَكَ خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتّى لا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إلّا وَجْهَكَ، وَحَتّى تُحِلَّنا مَحَلَّهُ وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، ولا تَبْتَلِنا في أَمْرِهِ بِالسَّأْمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ وَالفَشَلِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ وَهُوَ عَلَيْنا كَبيرٌ، إنّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.

أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وُلاةِ عُهُودِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ وَانْصُرْهُمْ وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ [مِنْ] أَمْرِ دِيْنِكَ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، وَصَلِّ عَلَى آبَائهِ الطّاهِرِيْنَ الأئمّةِ الرّاشِدينَ، أللّهُمّ  فَإنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَخُزّانُ عِلْمِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأوْلِياؤُكَ وَسَلائِلُ أوْلِيائِكَ، وَصَفْوَتُكَ، وأوْلادُ أَصْفيائِكَ، صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ عَلَيهِم أَجمَعين.

أللَّهُمَّ وشُركاؤهُ في أمْرِهِ، ومُعاوِنُوه على طاعَتِكَ الّذينَ جَعَلْتَهُم حِصْنَهُ وسِلَاحَهُ ومَفْزَعَهُ، الَّذينَ سَلَوْا عَنِ الأَهْلِ وَالأَوْلادِ وتَجافَـوا الوَطَن، وعَطَّلُوا الوَثيرَ مِنَ المِهَاد، قد رَفَضُوا تِجاراتِهم، وأَضَرُّوا بِمعايِشِهِم، وفُقِدوا في أَنْدِيَتِهِم بِغَيرِ غَيْبَةٍ عن مِصْرِهِم، وحالَفوا البَعيدَ مِمَّن عاضَدَهُم على أَمْرِهِم، وخَالَفوا القَريبَ ممَّنْ صَدَّ عن وُجهَتِهِم، وَائتلَفوا بَعْدَ التَّدابُرِ والتّقاطُعِ في دَهْرِهِم، وقَطعوا الأَسْبابَ المُتَّصِلةَ بعَاجِلِ حُطامٍ مِنَ الدُّنيا، فاجْعَلْهُم اللَّهُمَّ في حِرْزِكَ وفي ظِلِّ كنَفِكَ، ورُدَّ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِمْ بِالعَداوَةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَجْزِلْ لَهُمْ مِنْ دَعْوَتِكَ، مِنْ كِفايَتِكَ ومَعونَتِكَ لهم، وَتَأْييدِكَ وَنَصْرِكَ إِيَّاهُم، ما تُعِينُهُمْ بِهِ عَلى طاعَتِكَ، وأَزْهِقْ بحقِّهِمْ باطِلَ مَنْ أرادَ إِطْفاءَ نُورِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وآلِهِ، وَامْلأْ بِهِم كلَّ أُفُقٍ مِنَ الآفاق، وقُطْرٍ مِنَ الأَقْطارِ قِسْطاً وَعَدْلاً وَرَحْمَةً وَفَضْلاً،  وَاشْكُرْ على حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَما مَنَنْتَ بِهِ عَلى القائِمينَ بِالقِسْطِ مِنْ عِبَادِكَ، واذخَرْ (وادَّخِر) لهُم مِن ثَوابِكَ ما تَرْفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجات، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَتَحْكمُ ما تُريدُ. آمينَ رَبَّ العالَمين.

 

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

نفحات