فسوق يزيد وعمَّاله
وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقُرُود وفهود ومنادمة على الشَّراب، وجلس ذات يومٍ على شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقِيه فقال:
اسْقِنِي شَرْبَةً تُرَوِّي مًشَاشِي ثم مِلْ فاسق مثلها ابن زيادِ
صاحب السرّ والأمانة عِنْدِي ولتسديد مغنمي وجهادي
ثمَّ أمر المغنِّين فغنُّوا به. وغلب على أصحاب يزيد وعمَّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيّامه ظهر الغناء بمكَّة والمدينة، واستُعملت الملاهي، وأَظهر النَّاس شرب الشَّراب. ".."
وليزيد وغيره أخبار عجيبة، ومَثَالبَ كثيرة: من شرب الخمر، وقتل ابن بنت الرسول، ولَعْن الوصِيَ، وهدم البيت وإحراقه، وسفك الدِّماء، والفسق والفجور، وغير ذلك ممَّا قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه، كوروده في مَن جحد توحيده وخالف رسله، وقد أتينا على الغرر من ذلك فيما تقدَّم وسلف من كتبنا..".
(مروج الذهب، المسعودي)
بحيرة طبريّة
قال الأزهري: هي نحو من عشرة أميال في ستَّة أميال، وغَوْر مائها علامة لخروج الدّجَّال، ورُوي أنَّ عيسى عليه السلام إذا نزل بالبيت المقدس ليقتل الدجَّال عندها يظهر يأجوج ومأجوج، وهم أربع وعشرون أمّة لا يجتازون بحيٍّ ولا ميتٍ من إنسان إلَّا أكلوه، ولا ماءٍ إلَّا شربوه، فيجتاز أوَّلهم ببحيرة طبريّة فيشربون جميع ما فيها، ثمَّ يجتاز بها الأخير منهم، وهي ناشفة، فيقول: أظنُّ أنَّه قد كان ههنا ماء، ثمَّ يجتمعون بالبيت المقدس ".." فيعلو عيسى على الصَّخرة ويقوم فيهم خطيباً فيحمد الله ويثني عليه ثمَّ يقول: أللّهمَّ انصُر القليل في طاعتك على الكثير في معصيتك، فهل من منتدب؟ فينتدب رجل من جرهم ورجل من غسّان لقتالهم، ومع كلِّ واحدٍ خَلْقٌ من عشيرته، فينصرهم الله عليهم حتّى يُبيدوهم.
وأمَّا بحيرة طبريّة فقد رأيتُها مراراً وهي كالبركة، تحيط بها الجبال ويصبّ فيها فضلات أنهر كثيرة، تجيء من جهة بانياس والسَّاحل والأردن الأكبر، وينفصل منها نهر عظيم فيسقي أرض الأردن الأصغر، وهو بلاد الغور، ويصبّ في البحيرة المنتنة قرب أريحا. ومدينة طبريّة في لحف الجبل مشرفة على البحيرة، ماؤها عذب شروب ليس بصادق الحلاوة ثقيل، وفي وسط هذه البحيرة حجر ناتئ يزعمون أنَّه قبر سليمان بن داود عليه السلام، وبين البحيرة والبيت المقدس نحو من خمسين ميلاً.
(معجم البلدان، الحموي)