..من المهدِ إلى اللَّحد
نُقِلَ من خطِّ الشّهيد الأوّل رضوان الله
عليه: بإسنادِ المعافا إلى نضرِ بن كثير، قال: دخلتُ على جعفرِ بن محمّدٍ
عليهما السلام أنا وسفيان الثَّوري منذ ستِّين سنة أو سبعين سنة، فقلتُ له:
إنِّي أريدُ البيتَ الحرام، فعلِّمني شيئاً أدعو به. قال عليه السلام:
«إذا بلغتَ البيتَ الحرامَ، فَضَعْ يَدَكَ على حائطِ البيتِ ثمّ قُل: يا
سابقَ الفَوت، ويا سامعَ الصّوت، ويا كاسِيَ العِظامِ لحماً بعد الموت، ثمّ
ادعُ بعدَه بما شئت».
فقال له سفيانُ شيئاً لم أَفْهَمه [أي قال سفيان
شيئاً للإمام عليه السلام لم يفهمه ابنُ كثير]، فقالَ عليه السلام: «يا
سفيان، أو يا أبا عبد الله، إذا جاءَك ما تُحِبُّ فَأَكْثِر من "الحمدُ
لله"، وإذا جاءَك ما تكرَه فَأَكْثِر من "لا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله"،
وإذا استبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِر من الاستغفار».
قال المعافا:
حُكِيَ لي عن أبي جعفر الطّبري [الإمامي] أنَّه ذُكِرَ له هذا الدُّعاء عن
جعفرِ بن محمّدٍ عليهما السلام، فاستدعى محبرةً وصحيفةً فكَتَبَه، وكان
قبلَ مَوْتِه بساعة، فَقيل له: أَفي هذه الحال؟ فقال: ينبغي للإنسان أنْ لا
يَدَع اقتباسَ العلم حتّى يموت.
(بحار الأنوار، المجلسي)
|
يقنعُ الظّمآنُ بيَسيرِ الماء
نُقل عن قثم الزاهد أنَّه قال: «رأيتُ
راهباً على بابِ بيتِ المَقْدِس كَالوالِه، فقلتُ له: أَوْصِني، فقال: كُنْ
كَرَجُلٍ احتَوَشَتْهُ السّباعُ فهو خائفٌ مذعورٌ، يخافُ أنْ يَسهو
فتَفْتَرِسَهُ، ويَلْهو فَتَنْهشهُ، فلَيْلُهُ ليلُ مخافةٍ إذا أَمِن فيه
المغترُّون، ونهارُه نهارُ حزنٍ إذا فَرِحَ البطَّالون. ثمَّ إنَّه ولَّى
وتَرَكني، فقلتُ له: زِدني، فقال: إنَّ الظَّمآن يَقنع بيَسير الماء».
(منازل الآخرة، المحدّث القمّي)
|
مَن كان أستاذُه عليُّ بن أبي طالب عليه السلام
في سياقِ كلامِه على
قتالِ مالكِ الأشتر رضي الله عنه يومَ الهَرير، قال ابنُ أبي الحديد: «للهِ
أُمٌّ قامت عن الأشتر، لو أنَّ إنساناً يُقْسِمُ أنَّ اللهَ تعالى ما
خَلَق في العرب ولا في العَجم أشجعَ منه، إلَّا أستاذَه عليَّ بنَ أبي
طالبٍ عليه السلام، لَمَا خَشِيْتُ عليه الإثم. وللهِ دُرُّ القائلِ وقد
سُئلَ عن الأشتر: ما أقولُ في رجلٍ هَزَمَت حياتُه أهلَ الشّام، وهَزَم
مَوْتُه أهلَ العراق.
وبحقّ ما قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام: كان الأشترُ لي كما كنتُ لرسولِ الله صلّى الله عليه وآله».
(شرح نهج البلاغة)
|
تَخلُّقُ العارف، بأخلاقِ الله تعالى
«العارفُ إذا انقَطَع عن نفسِه
واتّصلَ بالحقّ، رأى كلَّ قدرةٍ مستغرقةٍ في قدرتِه المتعلِّقة بجميع
المقدورات، وكلَّ علمٍ مستغرقاً في علمه الذي لا يَعْزُب عنه شيءٌ من
الموجودات، وكلَّ إرادةٍ مستغرقةً في إرادتِه التي لا يأبى عليها (يأتي
عليها) شيءٌ من المُمكنات، بل كلُّ وجودٍ وكلُّ كمالِ وجودٍ فهو صادرٌ عنه،
فائضٌ من لَدُنْه، فصار الحقُّ حينئذٍ بصرَه الذي به يُبصر، وسَمْعَه الذي
به يسمع، وقدرتَه التي بها يفعل، وعلمَه الذي به يعلم، ووجودَه الذي به
يُوجِد، فصارَ العارفُ حينئذٍ متخلِّقاً بأخلاق الله في الحقيقة».
(شرح الإشارات والتّنبيهات، المحقّق الطّوسي)
|