تحقيق

تحقيق

09/04/2013

المسلمون في بورمابين التّهميش والإبادة الجماعيّة

 

المسلمون في بورمابين
 التّهميش والإبادة الجماعيّة
ـــــ إعداد: أحمد الحسيني ـــــ

 

يعاني المسلمون في بورما مأساةً حقيقيّة، تتجلّى بمحاولةِ إبادتهم إبادةً تامّة على أيدي الجماعات البوذيّة المتشدّدة، مع غضّ نظر الحكومة عمّا يجري بحقّهم، كما أنّ المجتمع الدُّوليّ لم يبادر -على نحوٍ جديّ- إلى وقف تلك المجازر الوحشيّة، أو إلى مساعدة اللّاجئين الذين فرّوا إلى الدّول المجاورة.في هذا التّحقيق نتوقّف عند جذور المسلمين في تلك الأصقاع، وإلى ما يتعرّضون له مِن قتلٍ وتعذيبٍ وتهجيرٍ.  

«بورما» إحدى دول جنوب شرق آسيا، كان اسمها الرّسميّ قبل 25 أيّار 1989م: «جمهوريّة اتّحاد بورما الاشتراكيّة»، ثمّ أضحى من ذلك التّاريخ: «اتّحاد ميانمار» (
Union de Myanmar)، وفي العام 2008م أصبح «جمهوريّة اتّحاد ميانمار»؛ وما زالت دول عديدة تُطلق على هذا الاتِّحاد اسم «بورما».في عام 1937م انفصلت بورما عن حكومة الهند البريطانيّة، لتُصبح مستعمرة بريطانيّة منفصلة، ثمّ نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1948م. تحدّها من الغرب بنغلادش والهند، ومن الشرق لاوس وتايلاند، ومن الشمال الصّين،  ومن الجنوب المحيط الهندي، ومن الجنوب الغربي خليج البنغال.تبلغ مساحتها قرابة 678 ألف كلم مربّع، عاصمتها الجديدة «ناي بي داو» Nay pyi daw، وكانت عاصمتها من قبل: «رانغون» Rangoon وهي أكبر مدنها.
 
الاقتصاد: بورما بلدٌ زراعيٌّ بالدّرجة الأولى، وفيها ثروات باطنيّة، أهمّها: النّفط، والأحجار الكريمة. وبدأت تظهر الصّناعات النّفطيّة منذ العام 1979م. عملة البلاد «كيات ميانمار» MMK.
اللّغات: اللّغة الرّسميّة هي البورميّة، يتكلّمها 80% من السّكّان، وهناك لغات الأقليّات الإثنيّة. وفي «ولاية أراكان» يتحدّث «المسلمون الرّوهينغا» اللّغةَ الرّوينغيّة Rohingya، وهي من اللّغات الهندو أوروبيّة، ومرتبطة بلغة شيتاغونغ  chittagongالمستخدَمة في الجزء البنغلادشيّ الجنوبيّ المحاذي لبورما. وقد تمكّن علماء الرّوهنغيا بنجاح من كتابة لغتِهم في نصوصٍ مختلفة مثل العربيّة والحنفيّ (هي أبجديّة وُضعت حديثاً، واستمدّت من اللّغة العربيّة حروفها مع إضافة أربعة أحرف من اللّغة اللّاتينيّة والبورميّة) والأرديّة واللّاتينيّة والبورميّة، وقد اعترفت بها المنظّمة الدّوليّة للمعايير (أيزو).
السّكّان والمعتقدات: يبلغ عدد السّكّان نحو 51 مليون نسمة، يتوزّع 75% منهم في الرّيف، و25% في الحَضَر، ويتشكّلون من ستّين أقليّة إثنيّة. من هذه الإثنيّات «البورم» أو «البورمانيّون»، وأصولهم، في الغالب، من وسط آسيا، وهم قبائل شَرِسة، وعقيدتهم هي البوذيّة، ويشكّلون 68% من مجموع السّكّان، وهم الطائفة الحاكمة، واسم «بورما» عائد إلى هذه الإثنيّة؛ وهناك الشّان 7%، والكارين 4%، والكاشين 3%، والهنود 3%، والصّينيّون 2%.وبخصوص معتقداتهم، ففيهم البوذيّون (85%) والمسيحيّون (10%) والمسلمون (4%)، وفق الأرقام الرسميّة المحليّة.

المسلمون في بورما
 
وفقاً لتقارير دوليّة متخصّصة، فإنّ الحكومة المحليّة تقلّل دائماً من أعداد غير البوذيّين في تعداد السّكّان. ويقدّر الزّعماء المسلمون أنّ نسبتهم تتراوح بين 15% و20% من مجمَل السّكّان (بخلاف التّقدير الرّسميّ: 4%).ومصادر مسلمي بورما ترجّح أنّ عددهم سبعة ملايين. ويتركّز انتشارهم في منطقة أراكان (مساحتها أكثر من 36 ألف كلم2) التي يقطنها أبناء طائفتَي الرّوهينغيا Rohingya المسلمة (يسكنها حوالي مليوني مسلم) وماغ Magh البوذيّة، وعاصمتها مدينة أكياب Akyab المطلّة على خليج البنغال.وبخصوص تسمية الرّوهنغيّين، فهناك رأيان: منهم مَن يَرى النّسبة إلى «أرض الرّهمة»، لأنّ العرب كانوا يسمّون الأراضي السّافلة عند البحر من مقاطعة أراكان أرض الرّهمة، بسبب المطر الخفيف دائماً. [الرِّهمة: المطر الخفيف، وهي من الدّيمة، أي المطر الذي لا رعد ولا برق فيه]، ومنهم مَن يَرى أنّه لمّا غرقت إحدى سفن تجّار العرب، كان ركّاب السّفينة يردّدون في صياحهم «الرّحمة» طالبين النّجدة، وقد قام أهالي جزيرة «راموري» بإنقاذهم، ولعدم معرفتِهم لغةَ هؤلاء، أطلقوا عليهم «الرّهمة» لعجزِهم عن التّلفُّظ بالحاء، ثمّ حرّفت لتصبح «روهانغ» والتي أُطلقت فيما بعد على مسلمي بورما. [المسلمون في بورما، لنور الإسلام بن جعفر علي آل فائز، في مجلّة دعوة الحقّ، عدد 115، 1991م، ص: 43]كذلك يَتواجد المسلمون في منطقة «جيو» في الجزء الشّماليّ من أراكان وقد كانت سابقاً تتبعها إداريّاً، ثمّ في منطقة «تينياسيريم» التي تقع في جنوب بورما وعاصمتها مدينة مولماين، ويُشكّل المسلمون 20% من سكّان هذه المنطقة، وكذلك يتواجد المسلمون في رانغون، العاصمة القديمة، وهم من أصول بورميّة، وفي منطقة سهل «أراوايادي»، وفي مدينة ماندلاي.وينتمي أبناء الجاليات الإسلاميّة إلى عدَّة سُلالاتٍ منها: «البورميّ» Burman و«كارين» Karen و«مون» Mon و«كاتشين» Kachin و«تشين» Chin و«شان» Shan. وهناك جاليات إسلاميّة أُخَرَ من أصلٍ صينيٍّ تعرف بـ «البانتيا» Panthya، و«الباشو» Pashu، كما توجد بها جالية إسلاميّة من البورميّين من أصل الملايو. وينقسم المسلمون في بورما إلى مجموعتين عرقيّتَين، الأولى: ذات أصول هنديّة - باكستانيّة، وأفرادها يتكلّمون بطلاقة اللّغة الأورديّة أو التّاميليّة؛ والثّانية: ذات أصول بورميّة. ولكنَّ جميع المسلمين في بورما يتكلّمون اللّغة البورميّة بشكلٍ أساسيّ، وهم يرفضون التّمييز العرقيّ بينهم لأنّهم يرون أنّ الإسلام هو هويّتهم الأساسيّة، وقد أفلحوا في إفشال محاولات السّلطات المتعاقبة في بورما الّتي حاولت استغلال هذا الجانب، من أجل إضعاف المسلمين وتشتيت جهودهم في المطالبة بحقوقهم ودفع الظّلم والقهر عنهم.




جذور الإسلام في بورما

وَصَل الإسلام إلى بورما في القرن السّابع الميلاديّ من خلال التّجّار العرب والمسلمين الّذين وفدوا من اليمن وشبه الجزيرة العربيّة وبعض بلاد الشّام، ومن بلاد فارس، قاصدين جنوب شرق آسيا، وعن طريق المسلمين البنغاليّين والماليزيّين والهنود خلال الحكم المغوليّ للهند. وكانت السّفن التّجاريّة العربيّة ترسو في موانئ مملكة «ويسالي»Wesali 788م-957م بأراكان وهي في طريقها إلى الصّين. ودخولُ الإسلام إلى هذه المنطقة كان قبل البوذيّة بنحو ثلاثة قرون، إذ بدأت هجرة البوذيّين إلى أراكان من البنغال ومن منطقة «ماغادها» Magadha بإقليم «بيهار» بالهند منذ القرن العاشر الميلاديّ.وقد جَلَب الإنجليز أثناء غزواتهم لبورما من 1824 إلى 1886م الكثير من الجنود الهنود، ومن بينهم جنود مسلمون تزوّجوا بنساء بورميّات، فنشأ جيلٌ جديدٌ من المسلمين البورميّين الهنود لغتهم الأمّ هي البورميّة، أمّا اللّغة الأرديّة، فهي مصدرهم للاطّلاع على تعاليم الدّين الإسلاميّ. ويُطلق على هؤلاء اسم «زربادي» Zerbadi وهم أكبر مجموعة إسلاميّة في بورما بعد مسلمي أراكان، وهم ويتواجدون في كلّ أنحاء البلاد، ولا يختلفون عن غيرهم من البورميّين إلّا في الدّين، وهم يحتفظون باسمَين معاً: اسم بورميّ وآخر إسلاميّ عربيّ، ورغم هذا يجري اضطهادُهم، وهم تجّار ناجحون، ولا يُقبَل أبناؤهم في المدارس الحكوميّة إلّا إذا كانوا يحملون أسماء بورميّة. 
 



 توطيدُ الإسلام في «أراكان»
كانت مملكة «ويسالي» تحكمها أسرة «شندرا» Chandra، لكنّها سقطت إثر غزو المغول عام 957م. ثمّ خضعت المنطقة لعدد من الأُسَر الحاكمة ما بين 957م-1430م، وعاش المسلمون في وئامٍ مع البوذيّين. وفي عام 1404م تربّع على عرش أراكان نارميخلا Narmeikhla، وبعد عامين شنّ مينغ خونغ Mingkone ملك بورما هجوماً على «أراكان» وهزم قوّات الملك نارميخلا الذي لجأ إلى مملكة بنغال الإسلاميّة، وبقي هناك لمدّة عشرين سنة درسَ خلالَها تعاليمَ الإسلام، واعتنقَه وتلقّب بـ «سليمان شاه». وساعدَه على العودة إلى أراكان عام 1430م السّلطان نصير الدّين شاه حاكم بنغال المسلم. وأصبحت الفارسيّة هي اللّغة الرّسميّة لهذه الدّولة، واستمرّ استخدامها لأربعة قرون تالية (حتّى عام 1845م).وأنشأ سليمان شاه دولة «ماراؤكو» Marauku ونقل العاصمة من مدينة لونغرات Longrat القديمة إلى بتري قلعة Pattri Quilla وباشر ببناء المساجد، وشجّع الدّعوة إلى الإسلام، لكنَّ وافته المنيّة في العام التّالي.وبدأ عهدٌ جديدٌ في أراكان في ظل الحكم الإسلاميّ، وترسّخت معتقدات الإسلام وتعاليمه في نفوس أبنائها خلال قرن من الزّمان. وظلّ حكّام أراكان المسلمون خلال هذه الفترة حريصين على توطيد علاقاتهم مع الدّول المجاورة وخاصّة مع المملكة الإسلاميّة في البنغال حتّى سنة 1530م.وتولَّى زابوك شاه Zabuk Shah، الذي يعرف أيضاً بـ «مين بين» Minbin، الحكم في أراكان عام1531م، ووسّع حدود مملكته حتى أصبحت تعرف بـ «إمبراطورية ماراؤكو»، أو الإمبراطوريّة الأراكانيّة. واهتمّ زابوك شاه بتحديث قوّاته البحريّة، وأنشأ أسطولاً بحريّاً كبيراً يديره بحّارة مسلمون أغلبهم من الرّوهينغيا.وقدمت إلى «أراكان» خلال حكمه، بعثة إسلاميّة من فارس، ووفود العلماء المسلمين من البنغال الّذين ساهموا في نشر تعاليم الإسلام. وتميّز عهدُه بالحريّات الدّينيّة والعدل والمساواة بين الجميع بغضِّ النَّظر عن العقيدة أو اللّون أو الجنس.  وتعاقب على مقاليد الحكم في أراكان 48 ملكاً وسلطاناً مسلماً إلى عام 1784م، حين احتلّها الملكُ البوذيّ «بودوبيه» وحكم 42 عاماً، وكان عهده مظلماً، إذ فَتَك بالمسلمين والبوذيّين المعارضين له على السّواء في أراكان، فأوقع فيهم المجازر، ولا سيّما بالمسلمين، وهدم المساجد والمكتبة الملكيّة والمآثر القديمة، وأنشأ المعابد البوذيّة، وقد لجأ آلاف من المسلمين والبوذيّين الوطنيّين في عهده إلى جنوب البنغال إنقاذاً لأنفسهم من الأذى، وكان «بودوبيه» يقبض على آلاف الرّجال والنّساء منهم، ويذهب بهم كأسرى حرب إلى بورما، حيث استخدمَهم في الحروب.

المجازرُ المتتالية في العصر الحديث
* حدثت أوّل مجزرة ضدّ المسلمين عام 1938م، وقد ذكرها المورّخ البريطانيّ جي. إي. هارفي (G.E.Harvey) في كتابه (الحكم البريطانيّ في بورما).* وفي العام 1942م قُتل 100 ألف مسلم، وخصوصاً في مقاطعة أراكان، حيث كانت الجماعات البوذيّة تحرّض أتباعها على العنف، وتوزّع عليهم السّلاح والذّخيرة. * وخلال الحرب العالميّة الثّانية، كان الجيش اليابانيّ يَفتك بالمسلمين في أراكان بصورة وحشيّة، ويَهتك الحُرُمات، فَفَرّ منهم أكثر من 20 ألف مسلم باتّجاه البنغال.

* وفي العام 1948م حدثت مجزرة جماعيّة أخرى، فهرب عدد كبير من المسلمين إلى بنغلادش، وعندما عادوا إلى مُدُنهم وقُراهم، كان البوذيّون قد صادروا ممتلكاتهم وأراضيهم، فاضطرّوا إلى الاستقرار في مناطق أُخَرَ من بورما.وأخذ المسلمون يطالبون بحكمٍ ذاتيٍّ في ولاية أراكان حيث الأغلبيّة الإسلاميّة. وفي أوائل السّتّينيّات وَعَدت حكومة «أونو» بإعطاء حكم ذاتيّ للأقليّات، لكن ومع تسلّم العسكر حكم البلاد عام 1962م، تدهور وضع المسلمين. ففي عام 1964م، قامت الحكومة بمصادرة ممتلكات المسلمين الأثرياء بحجّة التّأميم، وفَرَضت قيوداً على المسلمين في أراكان، ومَنَعتهم من السّفر. وكان من الصّعب على الرّاغبين في الذّهاب حتّى إلى «رانغون» العاصمة أن يحصلوا على موافقة الحكومة. وقد يَحصل عليها البعض ولكن بعد إجراء تحقيقٍ طويل، ولمدّة ثلاثة أشهر فقط.

* وفي عام 1978م قام الجنرال «ني ون» Ne Win (حكم بين عامي 1962م و1988م) بعمليّة «التّنين» وهدفت تلك الحملة رسميّاً إلى «التّدقيق على كلّ فرد يعيش في الدّولة، وتصنيف المواطنين والأجانب حسب القانون، واتّخاذ الإجراءات ضدّ الأجانب الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة».لكنَّ تلك الحملة استهدفت المسلمين بشكلٍ مباشر، وانتشر القتل على نطاقٍ واسع، وكذلك الاغتصاب والتّعذيب، وتدمير المساجد، وهدفت الخطّة إلى طرد مليون من المسلمين من الرّوهنغيين في منطقة أراكان، فبدأت القوّات البورميّة بحرق القرى والقتل الجماعيّ والخطف بصورةٍ أثارت الرّأي العام العالميّ. وعيّنت الحكومة العسكريّة موظّفين بوذيّين لإدارة شؤون أراكان، وحُرم المسلمون من المشاركة في إدارة المقاطعة، وطُرد قسم منهم من وظائفهم الحكوميّة، وحُرموا من حقوقهم السّياسيّة.* في عام 1984م وقعت اضطرابات طائفيّة ضدّ المسلمين في مدن تونغاب Tongap وغوا Gwa وشيتالي Chietali بأراكان قُتل خلالها عددٌ كبيرٌ منهم، وأُحرقت ستّة مساجد، ومدرستان إسلاميّتان.

* ما بين عامَي 1991-1992 جرت موجة جديدة من الهروب، حيث فرّ أكثر من ربع مليون روهينغيّ إلى بنغلادش، لأنّ الجيش البورميّ استخدمهم عمّال سخرة في مشاريع البنية التّحتيّة والاقتصاديّة، وأعدم الكثير منهم من دون محاكمة، كما تعرّضوا للتّعذيب والاغتصاب. وبقيت موجات الهروب قائمة إلى بنغلادش وغيرها من الدُّول المجاورة طوال العقدَين التّاليَين، كما أنّ الذين فرّوا إلى حدود تايلاند طُردوا من مخيّماتهم، وتُركوا في عرض البحر، فغرقت الزّوارق. ورَوَت مجموعة من اللّاجئين أنقذتها السّلطات الأندونيسيّة في شباط 2009 قصصاً مروّعة عن إلقاء الجيش التّايلانديّ القبض عليهم، وضربهم ثمَّ رَمْيِهم في عرض البحر.  وقد باءت جهود حكومة بنغلادش بالفشل خلال السّنوات الماضية في إقناع السّلطات البورميّة بالسّماح لهؤلاء بالعودة إلى ديارهم. فمن مجموع 250 ألف نزحوا إلى بنغلادش عام 1992م، كان لا يزال بمعسكراتها 210 آلاف نازحاً قبل بدء موجة النّزوح الجديدة عام 2012م. ولا يعني هذا أنّ 40 ألف نازح عادوا إلى بورما، بل تناقصَ العددُ لذوبانِ البعض في المجتمع البنغلادشيّ، وإلى نزوح الألوف إلى الهند، وإلى باكستان حيث توجد لهم حتّى الآن مخيّمات في ضواحي كراتشي، وعددهم حوالي 20 ألف شخص.
* في العام 1997م، نَشَبت اضطرابات معادية للمسلمين في مدينتَي رانغون وماندلاي، فأُحرقت عشرات المساجد والمساكن. وجرى كلّ هذا الظّلم والاضطهاد والتّهجير ومنظمّات حقوق الإنسان وهيئات العالم الإسلاميّ تلوذ بالصّمت الرّهيب.
* وفي ربيع وصيف 2012م، اشتدّ التوتّر بين البوذيّين والمسلمين أعقبه هجوم جماعة بوذيّة على حافلة تقلّ عدداً من المسلمين، ثمّ حدثت المجازر الرّهيبة، ما أجبر آلافاً من المسلمين إلى الفرار بدِينهم وأرواحهم إلى بنغلادش. واتّهمت منظمات حقوق الإنسان قوّات الأمن البورميّة وسكّان أراكان البوذيّين من طائفة «ماغ» بشنّ هجمات شرِسة على المسلمين العُزَّل، وقتلِهم وتدمير ممتلكاتهم.هذا، وقد وصل عدد اللَّاجئين المسلمين من جرّاء التّعسُّف إلى حوالي مليوني شخص، معظمهم في بنغلادش التي تعاني أساساً من الفقر وقلّة المصادر، ويعيش اللَّاجئون إلى بنغلادش في مخيّماتٍ مصنوعة من أوراق الأشجار في منطقة «تكناف» الموبوءة بالملاريا والكوليرا والإسهال.

 

قوانين جائرة

وإلى جانب عمليات القتل المتواصلة بحقّ المسلمين في بورما، عملت الحكومات المتعاقبة على استصدار جملة قوانين «غريبة» تحرم المسلمين من أدنى حقوقِهم، منها:

* قانون الجنسيّة: صدر هذا القانون في العام 1982م، وجرى بموجبه تسجيل أغلب أبناء الأقليّة الإسلاميّة كـ «أجانب»! فقد حدّد القانون -اعتباطاً- سنة 1824م كآخر موعد لاستقرار المجموعات العرقيّة والدّينيّة في بورما.وتتّهم حكومة بورما مسلمي الرّوهينغيا، بصفةٍ خاصّة، بأنّهم ليسوا من أهالي منطقة أراكان، وأنّهم نزحوا إليها من منطقة شيتاغونغ ببنغلادش، وهو افتراءٌ يهدف إلى تهجير المسلمين بالقوّة وتوطين البوذيّين في مناطقهم.

* قانون الزّواج: أصدرت الحكومة البوذيّة قراراً بمنع المسلمين من الزّواج في ما بينهم، وبقي هذا القرار سارياً مدّة ثلاث سنوات حتّى يقلََّ نسلُ المسلمين وتتفشَّى الفواحش بينهم، وكانت الحكومة قد فرضت شروطاً قاسيةً على زواج المسلمين منذ عشر سنوات، ما اضطرّهم لدفع رشاوى كبيرة للسّماح لهم بالزّواج، وفي الآونة الأخيرة تكثَّفت برامجُ تحديدِ النّسل بين المسلمين، حيث صدرت قراراتٌ تنصّ على أنّ المرأة المسلمة لا يُمكنها أن تتزوّج إلَّا بعد أن تبلغ الخامسة والعشرين، بينما لا يُسمح للرَّجل بالزّواج إلَّا إذا بلغ الثّلاثين من العمر، ولا يُمكن إتمام الزّواج إلَّا بعد الحصول على تصريحٍ خطيٍّ من إدارة قوّات الأمن الحدوديّة «ناساكا»، والّذي لا يُمنح إلَّا بتوفُّر الشَّروط، وهي: تقديم الطّلب مع الهويّة والصّورة الفوتوغرافيّة لكلٍّ من العريس والعروس للتّثبّت من عمرهما، وهل هما مـؤهّلان للزّواج أم لا؟! وبعد الانتهاء من جميع هذه الإجراءات، فإنّ «ناساكا» لا تسمح بالزّواج إلَّا بعد تلقّي موظّفيها وضبّاطها الرّشوة بمبلغ كبير، والذي لا يَقْدر الجميع على تسديده، كما أنّها لا تسمح في السّنة الواحدة لأكثر من عشرين أسرة بالزَّواج في القرية التي تتكوّن من ألفَي أسرة على أقلّ التّقدير، وإذا خالف أحدٌ هذا القرار المرير فعقوبتُه تفكيكُ الزّواج، والاعتقال لمدّة ستّة أشهر، وغرامة 50 ألف كيات بورمي.ومن القوانين الجائرة الأخرى، إلزامُ تلامذة المدارس المسلمين بتعلّم الدّيانة البوذيّة، ومنع المسلمين من أداء فريضة الحجّ، وإقامة الشعائر الدّينيّة، وسَوْقُ النساء المسلمات عنوةً إلى مخيّمات «التّدرّب على العمل».

الجمعيّات الإسلاميّة في بورما
وبالرّغم من كلّ هذه المعوِّقات وعمليّات الاضطهاد، ما زال المسلمون في بورما متمسّكين بدِينهم، فهناك العديد من المساجد في ولاية أراكان، وفي العاصمة السّابقة رانغون، وأُلحقت بعددٍ منها مدارسُ ابتدائيّة إسلاميّة خاصّة. وهناك عدّة منظمّات إسلاميّة تدير شؤون المسلمين في بورما، منها:- «مجلس الشّؤون الدّينيّة الإسلاميّة»، ويُعدّ الأكبر والأكثر تنظيماً، تأسّس عام 1954م.- «منظّمة أنجمن عبّاسيّة»، تأسّست عام 1921، لتكون بذلك إحدى أقدم المنظمّات الإسلاميّة في بورما.- «رابطة الطلّاب المسلمين الرّوهينغيّين»، تأسّست سنة 1977م في أراكان، ولها فروع في بنغلادش والهند وباكستان.- «منظّمة المسلمين الشّيعة في بورما».
 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 3 أيام

إصدارات عربية

نفحات