﴿..إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾ الإسراء:78
كيف نستيقظ لصلاةِ الصّبح؟
ـــــ الشَّيخ حبيب الكاظمِيّ ـــــ
ما يلي، موعظةٌ لسماحة الشّيخ حبيب الكاظميّ يوجّهُها لـ «أصحاب الصّلوات الأربع»، الباحثين عن حلولٍ ليصبحوا من أهل الصّلوات الخمس، وهي تتضمّنُ توصياتٍ عمليّةٍ في هذا المجال.
هناك مشكلةٌ يعانيها عددٌ كبيرُ من النّاس، وهي مشكلةُ الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر، ولعلَّ مَنْ يُوفَّق لأداء هذه الفريضة -طوال السَّنة، لا سيّما في وقت فضيلتِها- هم أقلُّ القليل. وهناك مَن يَستيقظ بعدَ طلوع الشَّمس، فتفوتُه الصّلاة، ومع ذلك، لا يَجِد في نفسِه حسرةً على الفوات، بل تراه يبرِّر ذلك بالقول: «إنّ النّائمَ لا تكليف عليه»، في حين أنّ مِن أدنى واجباتِ المؤمن أنْ يعيشَ حالةً من حالاتِ الهمِّ والغمِّ، عندما تَفوتُه فريضةُ الصُّبح.فلنَفرض أنّ أحدَهم ضرب موعداً لعقد صفقة تجاريّةٍ في بلدٍ غير بلدِه، وهذه الصّفقة بمنزلة صفقة العمر، فوصلَ إلى المطار متأخّراً، وإذا بالطّائرة قد أقلعت، فهل يَرجع هذا الإنسان إلى منزلِه وهو غير مكتَرث؟ أم يَرجع وهو حزين، وقد يَبكي، ويَلطم رأسَه أسفَاً على تضييع فرصة العمر؟
فما له لا يحزن عندما تفوته الصّلاة، والحالُ أنّها صفقةٌ مع ربِّ العالمين، فكلُّ فريضةٍ هي صَفْقة، وكلُّ ركعةٍ صَفْقة، لذا وجبَ على المؤمن أن يكون متيقّظاً في تعاملِه مع هذه القضيّة.
توصياتٌ تُعينُ على الاستيقاظ
هناك توصياتٌ عدّة تُعينُ على الاستيقاظ في الوقت المطلوب، منها:
أوَّلاً:النّوم باكراً، فمَن ينام قُبيل الفجر بساعة أو ساعتَين، وهو في قِمَّة الإرهاق، مِنَ الطَّبيعيّ أن تفوتَه الفريضة.
ثانياً:تخفيفُ طعام العشاء.
ثالثاً:قراءة تسبيحات الزّهراء عليها السلام قبيل النَّوم.
رابعاً:قراءة آخر سورة الكهف، ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ الكهف:110.
خامساً:استعمالُ الأدوات المنبِّهة، كأنْ يَضع بجانبه إناءً من الماء، فإذا استَيقظَ غسل وجهَه لئلَّا يَغلبه الشّيطانُ مرّةً أخرى.وأمّا إذا فاتته صلاةُ الصّبح في وقتٍ من الأوقات، فَلْيَكن قضاؤه مُتقَناً: بأذانٍ وإقامةٍ، وتوجُّهٍ وتركيزٍ، وإطالةٍ في القنوت والسُّجود مع اكتناف صلاتهِ بجوٍّ من النَّدامة، والإنابة إلى الله عزَّ وجلَّ، وعليه أن يُبادر إلى القضاء من ساعتِه، فلا يؤجّله إلى وقتٍ لاحق.(مختصَر بتصرّف)
..فلا يَبيتنَّ إلَّا بِوتْر
ٍالأخبار في فضل صلاة اللَّيل والتَّأكيد على فعلِها أكثر من غيرها، فالقولُ بأفضليَّتها بالنّسبة إلى غيرِها غيرُ بعيد، وهو جيِّد، بل جَزَم به [السّيّد العامليّ]في (المدارك)، ثمَّ جَعَل بعدها نافلة الزَّوال للوصيّة بها ثلاثاً أيضاً، ثمَّ نافلة المغرب للنَّهي عن تَرْكِها سَفَراً وحَضَراً، ثمَّ ركعتَي الفجر، لأنَّه يشهدُها ملائكةُ اللَّيل والنَّهار ".." نعم قد يُقال بمرجوحيّة الوتيرة بالنَّسبة إلى الجميع، وبعدها نافلة العصر، مع أنَّه لا يَخلو من نظر، لِتظافُرِ النُّصوص بالنَّهي عن المبيت على غير وِتْر، [ولِما رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله]:«مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَبيتنَّ إلَّا على وِتْر، أو إلّا بِوِتر»، وأنَّ المراد به الوتيرة كما يدلُّ عليه غير واحدٍ من النُّصوص، منها خبر المُفَضَّل عن الإمام الصّادق عليه السلام، قلت: أصلِّي العشاء الآخرة، فإذا صلَّيتُ صلَّيتُ ركعتَين من جلوس، فقال: «أما إنَّها واحدة، ولو بِتَّ بِتَّ على وتْر». [وفي رواية: ولو متَّ متَّ على وِتْر](جواهر الكلام، الشّيخ الجواهريّ)