الكتاب: «المسلم الأوّل» The First Muslim
المؤلِّف: ليزلي هازلتون
النّاشر: «Penguin Group»، نيويورك 2013
يتّصف هذا الكتاب بأنَّه مِن وَْضعِ مؤلِّفة لا تدين بعقيدة
الإسلام، ومن ثمّ فقد جاءت آراؤها، إلى حدٍّ لا يُستهان به، متميّزة بقدرٍ جليٍّ
من الموضوعيّة خاصّة وأنَّ المؤلّفة -الصّحافيّة الأميركيّة من أصلٍ إنجليزيٍّ-
ليزلي هازلتون اختارت أن تتابع سيرة المسلم الأوّل، وهو الرّسول محمّد صلّى الله
عليه وآله، من المنظور الإنسانيّ.
تتوقَّف المؤلِّفة عند اللّحظة
الأولى لنزول الوحي، تسرد بأسلوب التّأمّل كيف جاءت استجابة الرّسول الكريم
إنسانيّة بالدّرجة الأولى، كيف تصرّف الرجل الاستثنائيّ باعتباره بشراً سوياً -
تأخذه المفاجأة، وتروِّعه أعباء التّكليف: ﴿اقرأ باسم ربّك الّذي خلق﴾.
عبر فصول هذا الكتاب يتابع
القارئ، من خلال فيضٍ متشابك من التّفاصيل، ما تصفه المؤلفة بأنه عمليّة التّحوُّل
في شخصيّة «محمّد» صلّى الله عليه وآله، وفي سيرته واجتهاداته وعطائه، من
مُبَشِّرٍ متواضعٍ بعقيدةٍ جديدةٍ في مكّة، إلى زعيمٍ سياسيٍّ في المدينة
المنوّرة، بكلّ ما رافق هذه التّحوّلات من أحداث، دراميّة بكلّ معنى، ليس أقلّها
مثلاً حادث الهجرة تحت جنح اللّيل، بل تحت طائلة خطرٍ فادحٍ وجسيمٍ تعرّض له صاحب
الدّعوة.
وفيما مؤلّفة الكتاب عن رسول
الإسلام، صلوات الله عليه، لا تدين بداهة بعقيدة الإسلام، إلّا أنّها اتّبعت نهجاً
أقرب إلى موضوعيّة التّعامل مع عقيدة المسلمين بقدرٍ لا يخفي من الاحترام
والتّرفُّع عن التّهجُّم أو الإساءة، أو الخوض في ما لا ينبغي الخوض فيه.
واختارت بذكاءٍ بحثيٍّ أن تركّز
على حقيقة التّحوّلات الّتي حدثت بعد نزول الوحي في حياة محمّد صلّى الله عليه
وآله، ومن ثمَّ في حياة مَن آمنوا برسالته من جموع المسلمين.
وجاء تركيزها على الجوانب السّيكولوجيّة في
شخصيّة «محمّد» الإنسان؛ مواطناً، وزوجاً، وأباً، وداعيةً، وقائداً، وهي الجوانب
الّتي شكّلت شخصيّته الفائقة التّميُّز عن سائر الأنبياء والمرسلين، لأنّها كانت
الأقرب -كما توضح المؤلّفة أيضاً- إلى وجدان البشر بكلّ ما فيه من جوانب القوّة
والضّعف في آنٍ معاً.