مراقبات شهر ربيع
الأوّل
ميلادُ سيِّدِ
العالَمين صلّى الله
عليه وآله
ــــ إعداد:
«شعائر» ــــ
أبرز المناسبات
* ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
* الهجرة، ومبيتُ أمير المؤمنين عليه السلام على فراش الرّسول صلّى الله عليه وآله.
* ولادة الإمام جعفر الصّادق عليه السلام.
* شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، وبدء إمامة الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشّريف.
أبرز الأعمال
* زيارة رسول
الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام في اليومَين الأوّل والسّابع عشر.
* زيارة الإمام العسكريّ عليه السلام في اليوم الثّامن.
* صوم اليوم السّابع عشر، والتّصدّق، وصلاة
مخصوصة.
اللّيلة
الأولى
(إقبال الأعمال) للسّيّد ابن طاوس: «وفيه [ربيع الأوّل] كانت مهاجرة النّبيّ صلّى الله عليه وآله من مكّة إلى المدينة، وسلامتُه من كيد
الأعداء الكارهين لإرساله، ممّا أرادوه من ذهاب نفسه الشّريفة ومنعه من آماله ".." وقال جدّي أبو جعفر الطّوسيّ رضي الله
عنه في (المصباح): (إنَّ هجرته كانت ليلة الخميس أوّل شهر ربيع الأوّل).
والظّاهر أنّ توجّهه من مكّة إلى الغار كان ليلاً ولم يكن بالنّهار، لأنَّ الخائف
الّذي يريد سترَ حالِه لا يكون سفرُه نهاراً من بين أعدائه المطّلعين على أعماله،
ولأنَّ مبيت مولانا عليٍّ صلوات الله عليه على فراشه يفديه بمهجته، شاهدٌ أنّ التّوجّه
كان ليلاً بغير شكٍّ في صفتِه».
ورُويَ أنّ الدُّعاء الّذي قرأَهُ أميرُ
المؤمنين صلوات الله عليه عند مبيتِه، هو: أَصْبَحْتُ اللّهُمَّ مُعْتَصِماً بِذِمامِكَ
المَنِيعِ الَّذِي لا يُطاوَلُ وَلا يُحاوَلُ، مِنْ شَرِّ كُلِّ غاشِمٍ وَطارِقٍ مِنْ
سائرِ مَنْ خَلَقْتَ وَما خَلَقْتَ، مِنْ خَلْقِكَ الصَّامِتِ وَالنّاطِقِ، فِي جُنَّةٍ
مِنْ كُلِّ مَخُوْفٍ، بِلِباسٍ سابِغَةٍ وَلاء أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، مُحْتَجِباً
مِنْ كُلِّ قاصِدٍ لِي إِلى أَذَيِّةٍ بِجِدارٍ حَصِينٍ الإخْلاصِ فِي الاعْتِرافِ
بِحَقِّهِمْ وَالتَّمَسُّكِ بِحَبْلِهِمْ، مُوقِناً أَنَّ الحَقَّ لَهُمْ وَمَعَهُمْ
وَفِيهِمْ وَبِهِمْ، أَوالِي مَنْ وَالَوا وَأَجانِبُ مَنْ جانَبُوا، فَأَعِذْنِي اللّهُمَّ
بِهِمْ مِنْ شَرِّ كُلِّ ما أتَّقِيهِ. يا عَظِيمُ، حَجَزْتُ الأَعادِي عَنِّي بِبَدِيعِ
السَّماواتِ وَالأرْضِ، إِنّا (و) جَعَلْنا مِنْ بَيْن أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ
سَدّاً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.
وهذا من الأدعية الّتي وَرَد تأكيد
قراءتها للحفظ ودفع البلاء عند كلِّ صباحٍ ومساءٍ، وفي الأخير تُستبدَل عبارة «أصبحْتُ»
بـ «أمسَيْتُ».
اليوم الأوّل
(إقبال
الأعمال): «هو يومٌ، صومه منقولٌ وفضلُه مقبول، فصُمه على قدر الفوائد بالشّكر
على سلامة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وما فتح بالمهاجرة من سعادة الدّنيا والمعاد،
ويحسن أن تصلِّي صلاة الشّكر الّتي ليس لها أوقاتٌ معيّنات وتدعو بدعائها، فإنّه
يومٌ عظيمُ السّعادة، فما أحقّه بالشّكر والصّدقات والمبرّات».
[عن الإمام الصّادق عليه السلام: إذَا
أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِنِعْمَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فِي الأُولَى بِفَاتِحَةِ
الْكِتَابِ وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وتَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وتَقُولُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى فِي رُكُوعِكَ
وسُجُودِكَ: الْحَمْدُ للهِ شُكْراً شُكْراً وحَمْداً. وتَقُولُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ
فِي رُكُوعِكَ وسُجُودِكَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَجَابَ دُعَائِي وأَعْطَانِي
مَسْأَلَتِي]
ومن المناسب زيارة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام في هذا اليوم. وقد روى السّيِّد ابن
طاوس في (إقبال الأعمال) دعاءً لهذا اليوم، أوّلُه: (أللّهمَّ لا إلهَ إلَّا أنتَ،
يا ذا الطَّوْل والقوَّة، والحَوْل والعزّة، سبحانَك ما أعظمَ وحدانيّتك..). [أنظر: باب «لولا دعاؤكم» من هذا
العدد]
وفي مثل هذا اليوم من سنة 260 للهجرة كانت
شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام على قول الشّيخ الطّوسيّ والشّيخ الكفعميّ،
والمشهور على أنّها في اليوم الثّامن. ولعلَّ بدء مرضِه عليه السّلام كان في اليوم
الأوّل.
اليوم الثّامن
(المراقبات)
للميرزا ملَكي التّبريزي: «رُوي أنّه وَقَع فيه وفاة الإمام أبي محمّد الحسن
الزّكيّ العسكريّ عليه السّلام، فَلِلمُراقِب أن يحزنَ فيه، لا سيّما بِلِحاظ
أنّ صاحبَ المصيبة فيه حُجَّةُ عصره وإمامُ زمانِه، أرواح العالمين فداه، عليه وعلى
آبائه صلوات الله، يَزوره بما يَبدو له، ويعزّي الإمام عليه السّلام بما يُناسبه. ثمّ يَشكر اللهَ لخلافة إمامه
عليه
السّلام، ويَتَأثَّر من غَيْبته وفَقْدِه، ويَتذكَّر زمنَ ظهوره وفوائد أنواره،
وخيرَه وبركتَه».
(مفاتيح الجنان) للمحدّث القمّي: «ومن المناسب زيارتهما [الإمام العسكريّ والإمام المهديّ] عليهما السّلام في هذا اليوم. فهذا اليوم يكون أوَّل يومٍ
من عصر إمامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا ممَّا يزيد اليوم شرفاً وفضلاً».
اليوم العاشر
(إقبال
الأعمال) عن (الحدائق) للشّيخ المفيد: «..اليوم العاشر منه، تزوّج النّبيّ صلّى الله عليه وآله خديجة بنت خويلد أمّ المؤمنين رضي
الله عنها ".." ويُستحبُّ صيامه شكراً لله تعالى على توفيقه بين
رسوله والصّالحة الرَّضيّة المَرْضيّة».
اليوم الثّاني
عشر
(مفاتيح الجنان): «ميلاد النّبيّ صلّى الله عليه وآله على رأي الكُلينيّ والمسعوديّ، وهو المشهور
لدى العامّة. ويُستحبّ فيه الصّلاة ركعتان، في الأولى بعد (الحمد) (قل يا أيُّها الكافرون)
ثلاثاً، وفي الثّانية [بعد الحمد] (التّوحيد) ثلاثاً. وفي هذا اليوم دَخَل
صلّى الله عليه وآله المدينة مهاجراً من مكّة».
اليوم الرّابع
عشر
(إقبال الأعمال): «كان شيخنا المفيد رضي الله عنه قد جعلَ هلاكَ بعض أعداء الله جلَّ جلالُه
في يومٍ من الأيّام يقتضي استحبابَ الصّيام شكراً لله جلَّ جلالُه على ذلك الإنعام
والانتقام، وقد ذَكَر رحمه الله في اليوم الرّابع عشر ما هذا لفظه: (الرّابع
عشر منه سنة أربع وستّين كان هلاك المُلحد الملعون يزيد بن معاوية لعنَه الله،
ولعنَ مَن طَرق له ما أتاه إلى عترة رسوله، ومهَّد له، ورضِيَه، ومالَأَه عليه).
أقول: فهذا اليوم الرّابع عشر حقيقٌ بالصّيام،
شكراً على هلاكِ إمامِ الظُّلم والغدر، وهو يومُ الصَّدقات، والمبالغةِ في الحَمد والشُّكر».
ليلة السَّابع
عشر
(مفاتيح الجنان): «ليلةُ ميلاد خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وعلى
آله، وهي ليلةٌ شريفةٌ جدّاً. وحكى السّيّد في (إقبال الأعمال) قولاً بأنَّ في مثل
هذه اللّيلة أيضاً كان معراجُه قبل الهجرة بسنة واحدة».
(إقبال الأعمال): «فإنْ صحَّ ما قد ذُكِر من الإسراء في اللّيلة
المذكورة، فينبغي تعظيمُها ومراعاةُ حقوقها بالأعمال المشكورة».
اليوم السّابع عشر
قال الشّيخ المفيد في كتاب (حدائق الرّياض)
ما هذا لفظُه: «السّابع عشر منه مولد سيّدنا رسول الله صلوات الله عليه عند طلوع
الفجر من يوم الجمعة عام الفيل، وهو يومٌ شريفٌ عظيمُ البركة، ولم تزل الشّيعة على
قديم الأوقات تعظِّمه وتعرف حقَّه وترعى حُرْمتَه وتتطوَّع بصيامه، وقد رُوي عن
أئمّة الهدى من آل محمّد عليهم السّلام أنَّهم قالوا: مَن صام يوم السّابع عشر
من ربيع الأوّل، وهو يوم مولد سيِّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله، كَتَبَ اللهُ له صيامَ سنة،
ويُستحبُّ فيه الصّدقة والإلمام بمشاهد الأئمّة عليهم السّلام والتّطوّع بالخيرات وإدخال السُّرور
على أهل الإيمان».
أضاف السّيّد ابن طاوس في (إقبال
الأعمال): «إنَّ الّذي ذكره شيخنا المفيد على سبيل الجملة دون التّفصيل، والذي
أقوله إنّه ينبغي أن يكون تعظيم هذا اليوم الجميل على قدر تعظيم الرّسول الجليل
المقدَّم على كلِّ موجودٍ من الخلائق ".." فمهما عملتَ فيه من الخيرات وعرفتَ فيه
من المبرّات والمسرّات، فالأمرُ أعظمُ منه، وهيهات أن تعرف قدرَ هذا اليوم، وإنَّ
الظّاهرَ العجزُ عنه».
أعمال
اليوم السّابع عشر:
(مفاتيح الجنان): وفي هذا اليوم الشّريف أيضاً في سنة ثلاث
وثمانين وُلِد الإمام جعفر الصّادق عليه السلام فزادَهُ فضلاً وشرفاً. وفيه عدّةُ أعمال:
الأوَّل: الغسل.
الثَّاني: الصَّوم وله فضلٌ كثير، ورُويَ أنَّ مَن
صامه كُتِبَ له صيام سنة.
الثّالث: زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وآله عن قُربٍ أو عن بُعد. روى العلّامة المجلسيّ في (زاد المعاد)
عن الشّيخ المفيد والشّهيد الأوّل والسّيّد ابن طاوس: «إذا أردْتَ زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وآله في ما عدا المدينة الطّيِّبة من البلاد،
فاغتسل ومثِّل بين يديك شبهَ القبر، واكتُب عليه اسمَه الشّريف، ثمَّ قِف وتوجَّه بقلبك
إليه، وقُل: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ،
وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ. أللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى
أَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَيِّبِينَ. ثمَّ قُل: السَّلامُ عَلَيْكَ يا
رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ الله..». [أنظر: (مفاتيح الجنان)، باب الزّيارات]
الرَّابع: زيارة أمير المؤمنين عليه السلام. روى الشّهيد الأوّل والشّيخ المفيد والسّيّد
ابن طاوس أنَّ الإمام الصّادق عليه السلام زارَ أمير المؤمنين صلوات الله عليه في
اليوم السّابع عشر من ربيع الأوّل بهذه الزّيارة، وعلَّمها الثّقة الجليل محمّد بن
مسلم الثّقَفيّ، فقال: «إذا أتيتَ مشهدَ أمير المؤمنين عليه السّلام فاغتسِل للزِّيارة،
والبسْ أنظفَ ثيابك، واستعملْ شيئاً من الطِّيب، وسِرْ وعليك السَّكينةُ والوقار، فإذا
وصلتَ إلى باب السَّلام [أي بابَ الحرم الطّاهر] فاستقبِل القبلة، وقُل: أللهُ أكبر (ثلاث
مرّات)، ثمّ قُل: السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى خِيَرَةِ اللهِ، السَّلامُ
عَلى البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ المُنِيرِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ... [تتمّة الزّيارة: (مفاتيح الجنان)؛ و(إقبال
الأعمال) للسّيّد ابن طاوس]
ثمّ صلِّ ستّ ركعات للزّيارة؛ ركعتَين للأمير عليه السلام، وركعتَين لآدمَ عليه السلام، وركعتَين لِنُوحٍ عليه السلام، وَادْعُ الله كَثِيراً تُجَبْ إن شاء
الله تعالى».
قال المحدِّث القمِّيّ: إنّ الأمير صلوات الله
عليه يُزار بهذه الزّيارة في اليوم السَّابع عشر عند طلوع الشّمس، وأنّها مِن أحسن
الزِّيارات، وهي مرويّة بالأسناد المعتبرة في الكُتُب المعتبَرة، وظاهرُ بعض رواياتها
أنّها لا تخصُّ هذا اليوم، فمِن المُستحسن زيارتُه عليه السلام بهذه الزّيارة في جميع الأوقات.
الخامس: أن يصلّي عند ارتفاع النّهار ركعتَين،
يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد سورة (إنّا أنزلناه) عشر مرّات، والتّوحيد عشر مرّات، ثمّ
يجلس في مصلّاه ويدعو بالدُّعاء: (أللّهُمَّ أَنْتَ حَيٌّ لا تَمُوتُ..). [إقبال الأعمال: أعمال ربيع الأوّل]
السَّادس: أن يعظِّم المسلمون هذا اليوم، ويتصدَّقوا
فيه، ويَعملوا الخير، ويُسِرّوا المؤمنين، ويزوروا المشاهد الشّريفة.