مصطلحات

مصطلحات

منذ يوم

الخُلُق


الخُلُق

أصلُهُ غريزيّ، وكمالُه مُكتَسَب

----المحقّق السّيّد عليّ خان رحمه الله*----

الخُلُق: بضمّتَين، وقد يُسكَّن، مفردُ الأخلاق.

قال الرّاغب: «هو والمفتوح -في الأصل- بمعنًى واحد، لكن خُصّ المفتوح [خَلْق] بالهيئات والصُّور المدرَكة بالبصر، والمضموم [خُلُق] بالسّجايا والقوّة المدرَكة بالبصيرة».

وعرَّفوه بأنّه مَلَكةٌ للنّفس، يصدرُ عنها الفعل بسهولةٍ من غير رويّةٍ وفكرٍ، وهو قريبٌ من الغريزة، وهي مَلَكةٌ تصدرُ عنها صفاتٌ ذاتيّة، إلَّا أنّ للاعتياد مدخلاً في الخُلُق دون الغريزة.

واختُلف في الخُلُق:

1- فقيل: هو غريزيّ من جنس الخِلقة، ولا يُستطاع تغييرُه خيراً كان أو شرّاً، كما قال الشّاعر:

وما هذه الأخلاقُ إلّا غرائزٌ        فمنهنّ محمودٌ ومنها مذمَّمُ

ولن يستطيعَ الدّهرَ تغييرَ خُلْقِهِ     لئيمٌ ولن يَسْطِيعَها مُتَكَرِّمُ

ويدلّ عليه قوله صلَّى الله عليه وآله: «مَن آتاهُ اللهُ وجهاً حسناً وخُلُقاً حسناً، فَلْيَشْكُرِ اللهَ». ومحالٌ أن يمكنَ المخلوق تغييرَ فعل الخالق، فالتّكليفُ بتهذيب الأخلاق تكليفٌ بما لا يُطاق!

2- وقيل: بل هو كسبيّ، لقوله عليه السّلام: «حسِّنوا أخلاقكم»، فلو لم يكن كَسْبيّاً لَما أَمر به، ولأنّنا نرى كثيراً من النّاس يزاولون ويمارسون خُلُقاً من الأخلاق حتّى يصير ملَكَة.

3- وقال بعضهم: الحقّ أنّ أصلَه غريزيّ، وتمامَه مُكتسب. وبيانه: أنّ الله تعالى خلق الأشياء على ضربَين:

أحدهما: بالفعل، ولم يجعل للعبد فيه عملاً، كالسّماء والأرض والهَيئة.

والثّاني: بالقوّة، وهو ما خلقَه خَلقاً ما وجعل فيه قوّة، ورشّح الإنسانَ لإكماله وتغيير حالِه، وإن لم يرشّحه لتغيير ذاته، كالنّوى الّذي جعل فيه قوّةَ النّخل، وسهّل للإنسان سبيلاً أن يجعله بعون الله نَخْلاً، وأن يفسدَه إفساداً.

قال: والخُلُق من الإنسان يجري هذا المجرى، في أنّه لا سبيل للإنسان إلى تغيير القوّة الّتي هي السّجيّة والغريزة، وجعلَ له سبيلاً إلى إسلاسها، ولهذا قال تعالى: ﴿وقَد خابَ مَن دَسّاها﴾ الشّمس:10، ولو لم يكُن كذلك لبطلت فائدةُ المواعظ والوصايا، والوعد والوعيد، والأمر والنّهي، ولَمَا جوَّز العقلُ أن يُقال للعبد: لِمَ فعلتَ؟ ولِمَ تركتَ؟ وكيف يكون هذا في الإنسان ممتنعاً، وقد وجدناه في بعض البهائم ممكناً؟ فالوحشيّ قد يُنقل بالعادة إلى التّأنُّس، والجامحُ إلى السّلاسة. لكنّ النّاس في غرائزهم مختلفون، فبعضهم جُبِل جِبلَّةً سريعة القبول، وبعضهم بطيئةَ القبول، وبعضهم في الوَسط، وكلٌّ لا ينفكّ من أثرِ قبولٍ وإن قلّ. ومن هنا ما ورد في الأدعية من طلب التّوفيق لمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وفي الأحاديث من الأمر بها والحثّ عليها.

قال الرّاغب الأصفهانيّ: «وأرى أنّ مَن منع تغيير الخُلق فإنّه اعتبر القوّة نفسَها، وهذا صحيح، فإنّ النّوى محالٌ أن يُنبتَ الإنسانُ منه تفّاحاً، ومَن أجاز تغييره فإنّه اعتبر إظهار ما في القوّة إلى الوجود وإمكانَ إفساده بإهماله، نحو النّوى، فإنّه يمكن أن يُتَفقّد فيُجعل نخلاً، وأن يُتركَ مهملاً حتّى يفسد، وهذا صحيح أيضاً، فإذن اختلافهما بحسب اختلاف نظرَيهما».

__________________________

* من كتابه (رياض السّالكين في شرح صحيفة سيّد السّاجدين) - شرح دعاء مكارم الأخلاق.

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ يوم

دوريّات

نفحات