أوّل يوم خميس من شهر رجب
وصلاة ليلة الرّغائب
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ
من أبرز أعمال
شهر رجب، عملُ الرّغائب [صوم وصلاة، وأذكار في عقبِها]، وقد اهتمّ العلّامة الحلّيّ بإيراد هذا العمل في إجازته لبَني زهرة، والشّيخ
الكفعميّ في (المصباح)، والشّيخ الحرّ العامليّ في (وسائل الشّيعة)، والسّيّد ابن
طاوس في (إقبال الأعمال)، والشّيخ الملَكي التّبريزيّ في (المراقبات)، وغيرهم، ويؤكّد
هؤلاء الأعلام على الإتيان بما لم يثبُت سندُه «برجاء المطلوبيّة»، حرصاً منهم على
أن لا يحرم المؤمنون أنفسهَم من بركات هذه الأعمال التي تُعطى للمؤمن، كما يصرّح
السّيّد القائد الخامنئيّ دام ظلّه.
ليلة الرّغائب هي «أوّل ليلة جمعة من الشّهور
المباركة الثّلاثة [رجب، وشعبان، وشهر رمضان]، ففي هذه اللّيلة تجري رغائبُ الله وفوائدُه
وعطاياه على العباد»، كما يؤكّد الفقهاء.
وردَ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «..ما
مِن أحدٍ:
1- صامَ يومَ الخميس، أوّلَ خميسٍ من رَجب.
2- ثمّ صلّى بين
العشاء والعتمة [بين
المغرب والعشاء] اثنتَي
عشرة ركعة.
3- يفصلُ بين
كلّ ركعتَين بتَسليمة.
4- يقرأ في كلّ
ركعة: (فاتحةَ الكتاب) مرّة، و(إنّا أنزلناه في ليلة القدر) ثلاثَ مرّات، و(قل هو الله
أحد) اثنتَي عشرة مرّة.
5- فإذا فَرغَ
من صلاتِه صلّى عليَّ سبعين مرّة، يقول: (أللَّهمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ
النَّبيِّ الأُمّيِّ وعلى آلِه).
6- ثمّ يَسجد
ويقول في سُجودِهِ، سبعين مرّة: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ
والرُّوح).
7- ثمّ يرفع رأسَه
ويقول: (رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ
أَنْتَ العَلِيُّ الأعْظَمُ).
8- ثمّ يَسجد
سجدةً أخرى ويقول في سجودِه مثلَ ما قال في السَّجدةِ الأولى.
9- ثمّ يسألُ
اللهَ حاجتَه في سجوده، فإنّه تُقضى إنْ شاءَ اللهُ تعالى..».
* توضيح: هل يُقال هذا الذّكر في السّجدتَين
اللّتين هما في آخر الصّلاة؟
الجواب: كلّا. بل يُؤتَى بهذا الذّكر، بعد
انتهاء الصّلاة، بعد تمام الإثنتَي عشرة ركعة.
ثوابُ
الصّلاة
حول ثوابِ
هذه الصّلاة، قالَ رسول الله صلّى الله عليه وآله: «والذِي نَفْسِي بِيدِهِ، لا يُصَلّي عَبْدٌ أو أمَةٌ
هذِهِ الصَّلاةَ إلّا غَفَر اللهُ لَهُ جَمِيعَ ذُنُوبِه، ولو
كانت ذنوبُه مثلَ زَبَدِ البَحر ".." وَيشْفَعُ يوْمَ القِيامَةِ في سَبْعمائة مِن أهْلِ
بَيتِهِ مِمَّنْ قَدِ اسْتَوْجَبَ النّارَ. فإذا كانَ أوّل لَيلةِ نُزولِه إلى
قَبْرِه بَعَثَ اللهُ إلَيهِ ثَوابَ هذِه الصَّلاةِ في أَحْسَنِ صُورَة...».
هل يُشترَط أن يكون الخميس من رجب؟
ليلةُ
الرّغائب، كما تقدّم، هي أوّلُ ليلةِ جُمُعة من شهر رجب. وفيها فضلٌ عظيم. قال فيه
رسول الله صلّى الله
عليه وآله: «لا
تَغْفَلوا عن أوّلِ لَيلَةِ جُمُعةٍ مِنهُ، فإنّها ليلةٌ تُسَمِّيها الملائكةُ
ليلةَ الرّغائب..».
وهنا سؤال: إذا كان يومُ الجمعة أوّلَ يومٍ من
الشّهر - والخميس هو آخر جُمادى الثّانية - فهل تكون ليلة الرّغائب أوّل ليلةٍ
منه، أي ليلة أوّل يوم من رجب؟
والجواب: نعم، فينبغي أن يُعمَل فيها بعمل ليلة
الرّغائب. ويُمكن أن يُؤتَى بعمل ليلة الرّغائب في ليلة الجمعة التّالية
ولو برجاء المطلوبيّة الاستحبابيّة، ويبدو من كلام آية الله الملَكيّ التّبريزيّ رضوان
الله عليه ترجيحُه الاكتفاء بعمل ليلة الرّغائب مرّة
واحدة إذا كانت أوّل ليلة من رجب ليلة جمعة، إمّا بأن يصوم الشّخصُ الخميسَ الذي
هو من جُمادى الثّانية، أو بدون الصّوم.
وينبغي التّنبّهُ لأمور:
1- في مثل هذه الحالة، أي حين ينفصلُ أوّلُ
خميسٍ عن أوّل ليلةِ جمعة، فتكون هي أوّل ليلة من رجب، ويكون أوّل خميس من رَجب بعد
أسبوع، ينبغي التّنبّه إلى فضيلة كلّ خميس من رجب، فليس الاهتمامُ بالخميس من رجب
منحَصراً بأن يكون مع ليلةِ الرّغائب من شَهر رجب.
2- وفي مثل هذه الحالة يجتمعُ ثوابُ أوّل ليلة
من رَجب مع ثواب ليلة الرّغائب، فيصبح فضلُ اللّيلة الأُولى مضاعفاً، لأنّ اللّيلة
الأولى لها فضلٌ في حدّ ذاتها، وليلة الرّغائب لها فضلٌ آخر، وقد اجتمعَتا.
دعاءُ الملائكة لصُوّام رجب
رُوي
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: «لا تَغفلوا عن أوّلِ ليلةِ جُمُعةٍ منه، فإنّها ليلةٌ تُسمِّيها
الملائكةُ ليلةَ الرَّغائب، وذلك أنّه إذا مضى ثُلُثُ اللّيل لم يَبْقَ مَلَكٌ في السَّماواتِ
والأرضِ إلّا يَجتمعون في الكعبة وحَولَها، ويَطّلعُ اللهُ عليهم اطّلاعةً فيقولُ:
(يا ملائكَتي، سَلوني ما شِئتُم)، فيقولون: (ربّنا، حاجتُنا أنْ تَغفر لِصُوّام رجب)،
فيقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: (قد فعلتُ ذلك)».
* بعد أن ذكر آية الله الملَكيّ التّبريزيّ
رضوان الله تعالى عليه، هذه الرّواية قال: «والأنسبُ لمَن سمعَ هذا الخبرَ أن يُكثِرَ
في هذه اللّيلة من الصّلوات على الملائكة أداءً لتكليف آية التّحيّة بقدر المقدور
والمستَطاع».
يومُ الجُمعة من شهر رجب
ينبغي التّنبّهُ إلى أنّ يوم
الجمعة من رجب، أو شعبان، أو شهر رمضان، فرصةٌ فريدة، لا بدّ لمَن يحمل همَّ
بناء نفسِه والاستعداد لآخرته، من برمَجةِ وقتِه بحيث لا يفوته اغتنامُها
بأفضل وجهٍ ممكن.
*
إذا كان أوّل يوم من شهر رجب هو يوم الجمعة: فينبغي الجَمعُ بينَ الأعمال الخاصّة
بأوّلِ يومٍ من شهر رجب، وبين الأعمال الخاصّة بيوم الجمعة منه.
أ)
صلاةٌ ليوم الجمعة من رجب
قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله: «مَن صلّى يوم الجمعة في شهر رجب ما بين الظّهر والعصر
أربعَ ركعات، يقرأُ في كلّ ركعة (الحمد) مرّة، و(آية الكرسيّ) سبع مرّات، و(قل
هو الله أحد) خمس مرّات، ثمّ قال: (أستغفرُ اللهَ الّذي لا إلهَ إلّا هُوَ
وأسألُه التَّوبة)؛ عشر مرّات، كتبَ اللهُ تبارك وتعالى له من يومِ يصلّيها
إلى يوم يموتُ كلّ يومٍ ألفَ حسنة، وأعطاه اللهُ تعالى بكلّ آيةٍ قَرَأها
مدينةً في الجنّة من
ياقوتةٍ حَمراء، وبكلّ حرفٍ قصراً في الجنّة من درّةٍ بَيضاء، وزوّجَه اللهُ تَعالى
من الحُور العين، وَرَضِيَ عنه رضًى لا سخطَ بعدَه، وَكُتِبَ من العابدين،
وختمَ اللهُ تعالى له بالسّعادةِ والمَغفرة، وكتبَ اللهُ له بكلّ ركعةٍ صلّاها
خمسينَ ألف صلاة، وتَوَّجَه بأَلْفِ تاج، ويسكنُ الجنّةَ مع الصّدّيقين، ولا يَخرج
من الدّنيا حتّى يَرى مقعدَه من الجنّة».
ب)
قراءة (التّوحيد) 100 مرّة، كلّ يوم جمعة نورٌ يوصِلُ إلى الجنّة
قال السّيّد ابن طاوس عليه الرحمة: «رأيتُ في حديثٍ بأسناد أنّ مَن قرأَ في يوم الجُمعة في
رجب (قل هو الله أحد) مائة مرّة، كان له نوراً يومَ القيامة يَسعى به إلى الجنّة». أي يكونُ بهذا العمل ممّن قال
فيهم عزّ وجلّ ﴿..نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ..﴾ التحريم:8، ولا يكون ممّن قيل فيهم: ﴿..ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ..﴾
النور:40.
|
كيفَ نردُّ تحيّة الملائكة؟
من المفيد لتَحقيق ذلك أن نقرأَ دعاء الإمام زين
العابدين عليه السلام، في الصّحيفة السّجّادية، في الصّلاة على حمَلَة
العرش وكلّ ملَكٍ مقرَّب:
«أللَّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِينَ لا
يَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِيحِكَ، وَلا يَسْأَمُونَ مِنْ تَقْدِيْسِكَ، وَلا
يَسْتَحسِرُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ، وَلَا يُؤْثِرُونَ التَّقْصِيرَ عَلَى الْجِدِّ
فِي أَمْرِكَ، وَلا يَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إلَيْكَ...». (انظر: الصّحيفة السّجّادية، الدعاء
الثالث: الصَّلاَةُ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ)