أحسن الحديث

أحسن الحديث

28/05/2014

النّعمةُ والنّعيمُ، النّبيُّ الأعظم وعِترتُه عليهم السّلام


 

﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾

النّعمةُ والنّعيمُ، النّبيُّ الأعظم وعِترتُه عليهم السّلام

ـــــ الشّيخ فخر الدّين الطّريحيّ  ـــــ

 

تعدّدت الكتب التي تحمل في عناوينها كلمة «غريب»، مثل «غريب القرآن»، و«غريب الحديث»، وهي كتبٌ لُغويّةٌ تُعنى ببَيان ما غَمَضَ علمُه من الألفاظ القرآنيّة والحديثيّة.

وللشّيخ المُحدّث الفقيه اللّغويّ، فخر الدّين الطّريحيّ النّجفيّ (ت: 1085 للهجرة) إسهامٌ في هذا الخصوص، حيث ألّف كتاباً بعنوان «تفسير غريب القرآن»، ثمّ وضع مُعجماً لغريب القرآن والأحاديث المرويّة عن أهل البيت عليهم السّلام، مضيفاً إليه كثيراً من المفردات والمعاني المُستخدمة في الكلام، والواردة في أُمّهات مصادر اللّغة، وأَسْماهُ «مَجمع البحرين ومَطلع النّيّرين» ومنه هذه المقالة. 

 

1- قوله تعالى: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ القلم:2.

* قال المُفسّر: تقديرُه: ما أنت بمجنون، مُنْعَماً عليك بذلك، وهو جوابٌ لقولهم: ﴿..يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ الحجر:6، فيكون ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّك﴾ في محلّ النّصب على الحال.

2- قوله تعالى: ﴿.. وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ..﴾ البقرة:211.

* أي: الدّين والإسلام.

3 و4- قوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا..﴾ النحل:83. وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا..﴾ إبراهيم:28.

* قال الإمام الصّادق عليه السّلام: «نَحْنُ وَاللهِ نِعْمَةُ اللهِ الّتي أَنْعَمَ بِها عَلى عِبادِهِ، وَبِنا فازَ مَنْ فازَ».

5- قوله تعالى: ﴿.. لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ التكاثر:8.

* قيل: يعني كفّار مكّة، كانوا في الدّنيا في الخير والنّعمة، فيُسأَلون يومَ القيامة عن شُكر ما كانوا فيه، إذ لم يَشكروا ربَّ النّعيم، حيث عبدوا غيرَه.

* وقال الأكثرون: المعنى: لتُسألنّ، يا معاشرَ المُكلّفين، عن النّعيم.

* قال قتادة: إنّ اللهَ سائلُ كلِّ ذي نعمةٍ عمّا أنعمَ عليه. وقيل: [النّعيم في الآية هو] الصّحّة والفراغ. وقيل: هو الأمنُ والصّحّة. ورُوي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السّلام.

* وقيل: يُسأَلُ عن كلّ نعمة إلّا ما خصَّه الحديث، وهو: «ثَلاثَةٌ لا يُسْأَلُ عَنها العَبْدُ: خِرْقَةٌ تُواري عَوْرَتَهُ، وكِسْرَةٌ تَسُدُّ جَوْعَتَهُ، وَبَيْتٌ يُكُنُّهُ مِنَ الحَرِّ وَالبَرْدِ».

* وروى العيّاشيّ في حديثٍ طويلٍ، قال: «سأل أبو عبد الله [الإمام الصّادق]  عليه السّلام أبا حنيفة عن هذه الآية ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ التّكاثر:8، فقال له: ما النّعيمُ عِنْدَكَ يا نُعْمانُ؟

قال: القوتُ من الطّعام، والماءُ البارد.

فقال الإمام عليه السّلام: لَئِنْ أَوْقَفَكَ يَوْمَ القِيامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتّى يَسْأَلَكَ عَنْ كُلِّ أَكْلَةٍ أَكَلْتَها، وَشَرْبَةٍ شَرِبْتَها، لَيَطولَنَّ وُقوفُكَ بَيْنَ يَدَيْهِ!

قال: فما النّعيم جُعلِتُ فداك؟

قالَ: نَحْنُ -أَهْلَ البَيْتِ- النَّعيمُ الّذي أَنْعَمَ اللهُ بِنا عَلى العِبادِ، وَبِنا ائْتَلَفوا بَعْدَ أنْ كانوا مُخْتَلِفينَ، وَبِنا أَلَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلوبِهِمْ، وَجَعَلَهُمْ إِخْواناً بَعْدَ أنْ كانوا أَعْداءً، وَبِنا هَداهُمُ اللهُ لِلإسْلامِ، وَهُوَ النِّعْمَةُ التي لا تَنْقَطِعُ، وَاللهُ سائِلُهُمْ عَنْ حَقِّ النَّعيمِ الذي أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ النَّبِيُّ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَعِتْرَتُهُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ».

6- قوله تعالى: ﴿..خَوَّلَهُ نِعْمَةً..﴾ الزمر:8.

* يعني العافية. والنَّعمة بالفتح: اسمٌ من التّنعُّم. ومنه قوله: ﴿..أُولِي النَّعْمَةِ..﴾ المزمل:11، أي التّنعّم في الدّنيا، وهم صناديدُ قريش، كانوا أهل ثروةٍ وتَرَفُّه.

* والنَّعماء بالفتح والمدّ هي: النِّعَمُ الباطنة. والآلاء هي: النِّعَمُ الظّاهرة.

7- قوله تعالى: ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ﴾ الدخان:27.

* أي: تَنعُّم، وسَعة في العيش.

8- قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ الغاشية:8.

* أي مُنعَّمةٌ في أنواع اللّذات، ظاهرٌ عليها آثارُ النِّعَمِ والسّرور، مضيئةٌ مشرِقةٌ ﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ الغاشية:9، حين أُعطيت الجنّةَ بعملِها. والمعنى: لثوابِ سَعْيِها وعملِها من الطّاعات راضيةٌ. قال الشّيخ أبو عليّ [الطّبرسيّ صاحب تفسير مجمع البيان]: كما يُقال: «عندَ الصّباح يَحمَدُ القومُ السُّرى». [السُّرى: السَّيرُ باللّيل. يضرَب للرّجل يحتمل المَشَّقةَ رَجَاءَ الرّاحة]

* وفي حديث الميّت مع ملائكة القبر «نَمْ نَوْمَةَ الشّابِّ النّاعِمِ».

قال بعض الشّارحين في النّاعم: هو من النِّعمة، بالكَسر، وهو ما يَتنَعّم به الإنسان من المال ونحوه. أو [من النَّعمة]، بالفتح، وهي النّفسُ المُتنَعِّمة، قال: ولعلّ الثّاني أولَى، فقد قيل: «كم ذي نَعْمَةٍ لا نِعْمَةَ له».

9- قوله تعالى: ﴿.. نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ..﴾ النساء:58.

* أي نِعْمَ شيئاً يعظُكم به، فتكون «ما» نَكِرَةً منصوبة، موصوفةً بـ «يَعِظُكُم».

أو نِعْمَ الشّيءُ الذي يعِظُكم به، فتكون «ما» مرفوعةً موصولة، والمخصوصُ بالمدح محذوف، * أي: نِعْمَ ما يعظُكم به ذاك، وهو المأمورُ به من أداء الأمانات، والحكم بالعدل.

10- قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ..﴾ البقرة:271.

* أي نِعْمَ شيئاً هي، ﴿..وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..﴾ البقرة:271.

* قال بعض المُفسّرين: دلّت الآية على أنّ إظهار الصّدقة حَسَنٌ في نفسه، وأنّ إخفاءَها أفضل، لأنّه لا معنى للخيريّة إلّا الأفضليّة عند الله.

قيل: «هي» للعموم، لكلّ صدقة، لأنّه جمعٌ معرَّفٌ باللّام، وهي للعموم بلا خلاف، وبذلك جاء الحديث: «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ كَما يُطْفِئُ الماءُ النّارَ»، و«تَدْفَعُ الخَطيئَةَ»، و«تَدْفَعُ سَبْعينَ باباً مِنَ البَلاءِ»، ونحو ذلك.

* والنَّعَم: بقرٌ وغنمٌ وإبل، وهو جمعٌ لا واحدَ له من لفظِه، وجمع النَّعَم أنعام، يذكَّر ويؤنَّث، قال تعالى في موضع ﴿..مِمَّا فِي بُطُونِهِ..﴾ النحل:66، وفي موضع ﴿..مِمَّا فِي بُطُونِهَا..﴾ المؤمنون:21.

* والنِّعمة: اليدُ والصّنيعةُ والمِنّة. وما أنعمَ اللهُ به عليك. وكذلك النُّعمى، فإن فتحتَ النّونَ مددْتَ، وقلتَ: النَّعماء.

وجمعُ النِّعمة: نِعَمٌ، كسِدْرَةٍ وسِدَر. وأنعُم أيضاً كأَفلُس، وجمع النَّعماء، أنعُم أيضاً. وفلانٌ واسعُ النِّعمة أي واسع المال.

* قال الجوهريّ: وقولهم: «إنْ فعلتَ ذاك فَبِها، ونِعْمَتْ»، يريدون نِعْمَت الخَصلة، والتّاءُ ثابتةٌ للوقف.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

29/05/2014

دوريّات

نفحات